Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هو دور الأحزاب الإسلامية في كردستان العراق وتأثيرها على الاحتجاجات؟

"ليست فاعلة في تحريك الشارع الكردي بسبب سطوة نظيرتها التقليدية وهيمنتها على المؤسسات"

حرق مقار حزبية خلال الاحتجاجات في مدينة السليمانية (رويترز)

على الرغم من الحديث عن دور كبير للأحزاب والتوجهات الإسلامية في الحراك الاحتجاجي الذي تشهده مدينة السليمانية ومناطق "حلبجة" و"كفري" و"سيد صادق"، إلا أن الواقع يشير إلى مواقف واضحة لهذه الجهات، بضرورة إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية في إقليم كردستان، وعدم ربط قضية الرواتب بشكل مباشر ببغداد، والحفاظ على كيان الإقليم الحالي تحت إدارة الحزبين.

وفي الواقع، فإن نفوذ الجهات والأحزاب الإسلامية واضح جداً في مدن أربيل ودهوك، كونها مدن محافظة دينية، وليست ذات توجهات علمانية مثل مدينة السليمانية، لكن القبضة الحديدية الأمنية لإدارة المدينتين ودور عشائرهما في العمل الأمني والسياسي، سواء ضمن الأجهزة الأمنية أو المؤسسات والدوائر الخدمية والمدنية، مثّل عائقاً أمام أي حراك احتجاجي فيهما.

وعلى الرغم من دعوات الاحتجاجات في أربيل ودهوك المعروفة بوجود مئات الجوامع و"التكيات" الصوفية، ووجود نفوذ كبير لجهات دينية سواء حزبية أو اجتماعية، إلا أنها لم تستطع إقناع إدارة أربيل قبل يومين بالحصول على موافقة للخروج بتظاهرة محدودة للتضامن مع محتجي السليمانية، وحل أزمة الرواتب.

لكن الواقع يختلف في السليمانية ومناطق "كلار" و"كفري" و"سيد صادق" من ناحية تعدد الجهات الحزبية والأمنية التي تسيطر على هذه المناطق، فالنفوذ متقاسم بين الاتحاد الوطني الكردستاني والتغيير، وليس هناك أي دور للحزب الديمقراطي الكردستاني، وأدى هذا الأمر إلى حرية أكبر للاحتجاجات والتحركات الجماهيرية بالتزامن مع تحمل هذه المناطق القدّر الأكبر من الأزمة الاقتصادية، كونها لا تخص إدارة أربيل المتمثلة بالحزب الديمقراطي الكردستاني، وتمثل دليلاً واضحاً على وجود إدارتين للحكم داخل الإقليم، بحسب مطلعين.

هذه الأجواء ربما ساعدت الجهات والأحزاب الإسلامية في التحرك ضمن الاحتجاجات، ولكن بشكل محدود ومدروس ضمن الإطار العام لها، فلم تبرز شعارات إسلامية أو طائفية محددة، بل كانت غالبيتها شعارات عامة تطالب بالقضاء على الفساد، وإيجاد حلول للازمة الاقتصادية وتوفير الرواتب للموظفين، واستغلال وسائل إعلامها للترويج ودعم الاحتجاجات.

عامل مساعد للحوار

وسيساعد وجود هذه الحركات والجهات ضمن الاحتجاجات في إيجاد طرف يمكن لحكومة الإقليم وأحزابها الرئيسة الحوار معه، وتخفيف حدة الاحتجاجات.

ويرى الكاتب والصحافي الكردي ياسين طه أن الحركة الإسلامية حاضرة ضمن الاحتجاجات الحالية في السليمانية من دون معرفة حجم مشاركتها، لأن قاعدتها الشعبية تعاني مثل بقية الأحزاب، سواء من اليمين واليسار، العوز الناجم من سوء الإدارة، مضافاً إليه تداعيات كورونا.

ويضيف طه أن "الأحزاب الإسلامية جزء من المشهد السياسي والاجتماعي في كردستان، وهي موجودة في مفاصل مجتمعية نادراً ما تصل إليها الأحزاب القومية والعلمانية واليسارية وغيرها، مثل الجمعيات الخيرية ورعاية الأيتام والجوامع وغيرها".

ومن المؤكد أن تشارك الأحزاب الإسلامية البارزة وهي الاتحاد الإسلامي والجماعة الإسلامية والحركة الإسلامية في الحراك الاحتجاجي بشكل أو آخر بحسب طه، الذي يتحدث عن عدم مشاركة هذه الأحزاب في الكابينة الوزارية للإقليم، واثنان منها، الاتحاد والجماعة الإسلامية، يتبنى خطاب المعارضة، ويشارك نوابها في النشاطات المدنية، وسخّرت قنواتها الفضائية لدعم مطالب المحتجين المتمثلة في تحسين ظروف المعيشة.

ويقدر عدد سكان إقليم كردستان العراق بـ 5 ملايين نسمة، منهم 1.2 مليون يتقاضون رواتب من الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح طه أن الإسلاميين يتميزون بالتنظيم بالسمع والطاعة للقيادة، وهذه الميزة مفقودة في القاعدة العفوية للمحتجين الذين يتكون غالبيتهم من الشباب المتحمسين وحديثي التجربة، معتبراً وجودهم في الحراك الاحتجاجي الحالي عامل قوة لمصلحة السلطة، لأنه سيكون بإمكانها مخاطبتهم أو الحوار معهم من أجل تفادي عمليات التخريب والإضرار بالمال العام، وتنظيم الاحتجاجات وفق أطر معقولة.

تعدد الجهات وأيدي خفية

يعزو مراقبون في إقليم كردستان أسباب الاحتجاجات إلى تعدد الجهات السياسية المسيطرة في مناطق السليمانية ومحيطها، وأيدٍ خفية مدعومة من جهات عراقية وإقليمية.

ويرى الصحافي والكاتب الكردي نوزاد بولص، أن الوضع في السليمانية غير مسيطر عليه بسبب تعدد الاتجاهات والآراء والسلطات، وبذلك تتكرر الاضطرابات والمطالب تختلف على مطالب مواطني أربيل ودهوك، لعدم سيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب الأخرى على الجماهير.

وينتقد بولص الأسلوب الذي اتبعه المحتجون بحرق مؤسسات الدولة والمقار الحزبية ودوائر التربية، وقتل الناس بدلاً من الاحتجاج السلمي، متهماً من سماها بالأيدي الخفية التي تحركها إيران وجهات عراقية بتحريك الشارع، وهي معششة في السليمانية.

ويضيف بولص أن الوضع يختلف في كل من أربيل ودهوك، كون هناك حزب واحد متمكن أمنياً وسياسياً، وبذلك الإسلام السياسي ليس له مجال للتحرك في زعزعة الشارع كونه إسلام معتدل، فضلاً عن عدم وجود أيد خفية تتحكم بهذه التيارات.

تأثيرهم محدود وأحرقوا مقارهم

لكن رأي بولص لا يتفق معه متابعون للشأن الكردي، سواء من داخل الإقليم أو خارجه، ويعتقدون أن دور الجهات والأحزاب الإسلامية هامشي وغير مؤثر بشكل كبير على الأوضاع السياسية والاجتماعية. 

وترى النائب الكردية السابقة في البرلمان العراقي سروة عبدالواحد، أن الأحزاب الإسلامية ليس لها تأثير في المجتمع الكردي، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي.

وتضيف عبدالواحد، "هذه الأحزاب ما زالت محتفظة بحجمها، وليس لديها سوى عشرة مقاعد في برلمان الإقليم"، مشيرة إلى أن المجتمع الكردي على الرغم من تدينه إلا أنه لا يرغب بتلك الأحزاب، وينضم أفراده غالباً إلى أحزاب قومية ومدنية".

وتستبعد عبدالواحد أن يكون للأحزاب الإسلامية دور أو علاقة بما يحدث من احتجاجات شعبية في السليمانية، مبينة أن الاحتجاجات سببها الأوضاع الاقتصادية، والدليل على ذلك أن المحتجين حرقوا مقار الحركات الإسلامية، وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل تسعة أشخاص بينهم منتسب أمني، وإصابة 56 آخرين إثر الأحداث التي رافقت أحداث السليمانية بإقليم كردستان، حتى يوم أمس.
 
الأحزاب التقليدية قوية

ويرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن الأحزاب الإسلامية ليست فاعلة في تحريك الشارع الكردي، بسبب سطوة الأحزاب التقليدية وهيمنتها على مقدرات الأمور والمؤسسات.

وعلى الرغم من أن الأيديولوجية الإسلامية موجودة في العراق، ومن ضمنها إقليم كردستان، ولها مقبولية إلى حد ما في العراق والإقليم، ولها تمثيل في برلمان الإقليم، إلا أنها ليست بمستوى الأحزاب التقليدية مثل الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني بحسب الشمري، الذي بيّن أن تلك الأحزاب نشأت إلى حد كبير في التاريخ نفسه الذي تشكلت فيه الأحزاب التقليدية، إلا أنها لم تكن بالضد من الحزبين الكبيرين، على الرغم من وجود تقاطعات بينهما.

ويضيف، "الحركة القومية التي يتبناها الديمقراطي الكردستاني، وإلى حد ما الاتحاد الوطني، الذي يميل إلى الاشتراكية والماركسية، جعلت نفوذ الحركات الإسلامية يتراجع، وقد تكون الأحزاب الإسلامية في الإقليم لها موقف في الأحداث الأخيرة، إلا أنه ليس كمحرك وقائد، كون الحركة الاحتجاجية لها أسباب تتعلق بسوء الإدارة والفساد، وعدم إدارة الموارد بالشكل الصحيح.

وكان أول وجود للإسلام الحركي في المناطق الكردية على يد جماعة الإخوان المسلمين العام 1952، قبل أن يتم حله على يد حزب البعث العام 1971.

ومنذ تأسيس الحركة الإسلامية ظهرت تيارات عدة منها من يدعو إلى الاعتدال وأخرى إلى التطرف، فيما دخلت الحركة في نزاع مسلح مع الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني العام 1993، لتتجدد أكثر في الأعوام من 2001 إلى 2003، وعلى فترات متقطعة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير