Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قيود فيتنام تخنق حرية التعبير على "فيسبوك" والأرباح كلمة السر

حذف الموقع نحو 200 صفحة تناهض الحكومة والعفو الدولية: صار منصة للرقابة والحملات الرقمية العسكرية

تتهم منظمات حقوقية فيتنامية "فيسبوك" بالتواطؤ مع السلطات الشيوعية لقمع المعارضة عبر الإنترنت (أ ف ب)

تعدّ فيتنام سوقاً مهمة لشركة "فيسبوك"، إذ وصل عدد مستخدميها من الفيتناميين إلى نحو 60 مليون مستخدم، بينما تهدد حكومة هانوي الشركة بإغلاق منصتها لعدم استجابتها للمطالبات الحكومية والتصدي لـ"الأخبار الكاذبة" و"المنشورات التي تنتهك العادات الفيتنامية التقليدية". واشتد الصدام بين "فيسبوك" والحكومة في ما يخص تشديد الرقابة على المنشورات المطروحة على المنصة، مما يوحي بخروجها من سوق التواصل الاجتماعي في البلاد.

سوق كبرى

تحتل فيتنام المرتبة السابعة عالمياً ضمن أكثر الدول استخداماً لـ"فيسبوك"، كما تحقق الشركة أرباحاً تقترب من مليار دولار فيها. ووفقاً لشركة الإعلانات "وي آر سوشيال"، فإن 60 مليون فيتنامي يستخدمون المنصة أو حوالى 80 في المئة من سكان البلاد فوق عمر 13 سنة. وتذكر الإحصاءات أن معظم مستخدمي الموقع من الفئة العمرية التي تتراوح بين 18 و34 سنة، و52 في المئة منهم ذكور.

كما يعدّ "فيسبوك" منصة رائجة في فيتنام لبيع السلع والخدمات، إذ يقبل كثير من المستخدمين على الشراء وإجراء الصفقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويُظهر استطلاع أجرته شركة لأبحاث السوق أن 55 في المئة من الفيتناميين المتسوقين على الإنترنت يفضّلون شراء منتجات الأزياء عن طريق المنصات، وأوردت صحيفة "فيتنام إكسبريس" أن 70 في المئة من المواطنين ممن يستخدمون تطبيقات المحادثة في التسوق يفضّلون "فيسبوك ماسنجر" في التواصل مع أصحاب الأعمال.

وتشير بيانات لشركة "أنتس"، وهي فيتنامية متخصصة في أبحاث السوق، إلى أن عائدات الإعلانات الرقمية وحدها في البلاد تتجاوز 550 مليون دولار، كما أن ثلثي أرباح الإعلانات يذهب إلى عملاقي الإعلام الأميركيين "فيسبوك" و"غوغل".

اتهامات متكررة

ومع إقرار فيتنام قانون الحماية الرقمية في بداية العام الماضي، صارت الرقابة على "فيسبوك" من قبل السلطات أكثر صرامة، إذ يمنع القانون مستخدمي الإنترنت من إجراء الأنشطة المناهضة الحكومة، ويسمح للأخيرة بإجبار مالكي الشركات الأجنبية على ممارسة الرقابة على المعلومات وتسليم البيانات عند الحاجة، كما يفرض القانون على الشركات استضافة خوادمها داخل البلاد.

وبالتزامن مع إقرار القانون، أكدت وزارة الاتصالات والمعلومات عدم استجابة "فيسبوك" لمطالبات الحكومة بحذف صفحات تروّج أنشطة مناهضة لها ومحتويات على المنصة، مخالفة قانون فيتنام عن الحماية الرقمية. وجاء ردّ الشركة على الاتهامات بوجود عملية واضحة للحكومات للإبلاغ عن المحتويات غير القانونية، وأنها تعيد النظر في كل الطلبات التي تقدّم.

وطالبت الحكومة "فيسبوك" بتعريف المستخدمين من أصحاب الحسابات في مدينتي هانوي وهو تشي منه، وإزالة الإعلانات الكاذبة والأخبار المزيفة التي تنشر على الشبكة في ما يخص القضايا السياسية. ورفعت الحكومة تقريراً إلى مجلس النواب أوردت فيه أن المنصة تجني أرباحاً كبيرة من فيتنام وأن جزءاً كبيراً منها يأتي من الإعلانات غير الشرعية على مقاطع الفيديو.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما أمر وزير المعلومات والإعلام نجوين مانه هونغ، الوكالات الحكومية في فبراير (شباط) الماضي بالتواصل مع شركتَي "فيسبوك" و"غوغل"، لمنع نشر المعلومات الكاذبة عن كورونا الذي كان جديداً في هذا الوقت. وأرجع السبب في هذا الطلب إلى إمكانية إثارة هذه المعلومات القلق في صفوف المواطنين والتأثير سلباً في الجهود التي تبذلها الدولة للسيطرة على الوباء.

وأوردت تقارير في وسائل إعلام حكومية أن الشرطة ألقت القبض على أشخاص يروّجون أخباراً كاذبة عن كورونا على "فيسبوك"، وأوقعت غرامات على عدد من الأشخاص الذين وصفتهم الحكومة بـ"مروّجي الأخبار الكاذبة" عن الفيروس.

وتتهم السلطات الفيتنامية المنصة بكونها تسمح بالاحتيال التجاري الرقمي، إذ جاء على لسان نائب مكتب إدارة رقابة السوق نجوين كي مينه في يوليو (تموز) الماضي أن "فيسبوك" لم تستجِب لشكوى قدّمها مكتبه إلى الشركة لإيقاف أحد الحسابات التي تبيع منتجات مزوّرة. كما أعلن في إقليم متاخم للحدود الصينية عن العثور على منتجات تستخدم في البث المباشر على "فيسبوك" من دون أن يكون هناك دليل على أصالتها.

"فيسبوك" ترضخ للحكومة

وأورد تقرير لسلطة البث والمعلومات الإلكترونية الفيتنامية في يونيو (حزيران) العام الماضي أن "فيسبوك" حذف ما يقرب من 200 موقع ذات محتوى مناهض للحكومة، وما يزيد على 200 حساب زائف، وحوالى 2500 موقع تروّج منتجات وخدمات غير قانونية.

ومع استخدام معظم الفيتناميين "فيسبوك" وتنامي التجارة الإلكترونية والتسويق الرقمي الضخم للمنصات، تحاول هانوي التحكّم في المحتوى الرقمي للمنصة وفرض قيود عليها والإملاء على الشركة بما يتناسب مع قوانين البلاد،  فرضخت "فيسبوك" للمطالبات الحكومية جزئياً في محاولة لإبقاء المنصة في فيتنام.

وبحسب تصريح وزير المعلومات والاتصالات الفيتنامي في أغسطس (آب) من العام الماضي، فإن المنصة حققت ما يقرب من 70 إلى 75 في المئة من طلبات الحكومة للقيود على المنشورات مقارنة بـ30 في المئة في السابق. وأشارت "فيسبوك" في تقريرها النصف السنوي إلى أنها شددت الرقابة على ما يقرب من 850 منشوراً بناء على طلب السلطة الفيتنامية بين يناير (كانون الثاني) ويونيو (حزيران) من هذا العام.

حرية التعبير

في غضون ذلك، قضت محكمة في فيتنام بالسجن ست سنوات على رجل بتهمة نشر دعاية مناهضة للحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي، وجاء في وصف تهمته أنه استخدم صفحته في "فيسبوك" لنشر فيديوهات تفتري على سياسات الحزب الشيوعي الحاكم، وتلفّق معلومات تنتقص من مصداقيته بين الشعب.

وتنظر منظمة العفو الدولية إلى الرقابة على منصات شركة "فيسبوك" باعتبارها قمعاً تتعرّض له المنصات الصناعية، متّهمةً إياها بالتجاوب مع رغبات الأنظمة القمعية. وتقول مينغ يو ها من المنظمة، إن "فيسبوك" صار منصة للرقابة والحملات الرقمية العسكرية والدعاية الممولة حكومياً في فيتنام.

كما يؤكد نجوين فان ترانغ، الذي هرب من مذكرة توقيف بحقه في فيتنام، أن "فيسبوك" منذ مايو (أيار) الماضي يشدد الرقابة على كل قطعة من المحتوى تُنشر بحق الحزب الشيوعي. ومنذ عامين، أرسل نحو 50 من الأفراد والجماعات الحقوقية في البلاد خطاباً إلى مارك زوكربيرغ يعبّرون فيه عن مخاوفهم من الطريقة التي تعمل بها المنصة في فيتنام.

كما تذكر جماعة مشروع 88 الحقوقية الفيتنامية أن هناك ارتفاعاً لحالات الاعتقالات والسجن لمستخدمي "فيسبوك" من المواطنين، الذين يعرفون باسم "مستخدمي فيسبوك" بسبب منشوراتهم المناهضة للحكومة خلال العام الماضي.

غير أن ممثلي المنصة أكدوا أكثر من مرة أهمية قاعدة "حرية التعبير" بالنسبة إلى "فيسبوك". وأعرب متحدث الشركة عن تعرّضها لعدد من الضغوط من جانب الحكومة في فيتنام لتقييد المحتوى في موقعهم، وعن محاولة الشركة ضمان استمرار وجودها وإتاحتها لمستخدميها كي يعبّروا عن أنفسهم.

إغلاق وتوتر وحذر

وكان التوتر بين فيتنام والمنصة الرقمية بلغ أشدّه في فبراير (شباط) الماضي، إذ أُغلقت "فيسبوك" في مطلع هذا العام بسبب طلب الحكومة من الشركة تشديد الرقابة على المنشورات المناهضة لهانوي. ووفقاً لمصادر "رويترز"، فإن خدمة المنصة توقفت منذ منتصف فبراير الماضي وحتى أوائل أبريل (نيسان)، وصار الدخول إلى الموقع بطيئاً.

وفي هذا الوقت، أوقعت وسائل الإعلام المحلية والتابعة للدولة اللوم على إصلاح الكابلات البحرية، واعتذرت شركات الاتصالات الحكومية عن الخدمة غير المستقرة لـ"فيسبوك" بسبب هذا العطل. وادّعت المنصة في ما بعد التوصل إلى اتفاق مع السلطات الفيتنامية للرقابة على المنشورات والحسابات في الموقع.

لكن، وكالة "رويترز" ذكرت الشهر الحالي على لسان أحد المسؤولين في الشركة، من دون ذكر اسمه، أن فيتنام هددت "فيسبوك" بغلقها في البلاد، إذا لم تخضع لضغوط الحكومة بوضع مزيد من الرقابة على المحتوى السياسي المحلي الذي ينشر على المنصة.

ووفقاً للمسؤول، فإن "فيسبوك" امتثل لتوجيهات فيتنام في أبريل (نيسان)، وزاد الرقابة على المنشورات المناهضة للحكومة، التي يكتبها المستخدمون المحليون، لكن السلطات عاودت الطلب من المنصة في أغسطس (آب) الماضي زيادة القيود على المنشورات الحرجة.

كما تسعى هانوي منذ عام 2018، إلى تحويل مستخدمي منصات وسائل التواصل الاجتماعي إلى موقع محلّي النشأة، في محاولة وصفتها الحكومة بـ"منع نشر المعلومات السامة" الموجودة على "فيسبوك" و"يوتيوب". لكن المكانة التي تحظى بها الأولى لدى الفيتناميين جعلت محاولات الحكومة حتى الآن غير ناجحة.

وتؤكد صحيفة "آسيا تايمز" أن إجراءات الجانب الفيتنامي التي تجبر منصات التواصل الاجتماعي على الرقابة وتسليم بيانات المستخدمين المحليين للسلطات وقوانين الحماية الرقمية التي أقرتها العام الماضي، من شأنها أن تجعل المستثمرين في مجال التقنية يتمهلون وينظرون بعين حذرة إلى الاستثمار في فيتنام.

وتذكر أن هذه الإجراءات قد تقلق المستثمرين من خصوصية وحماية البيانات، مع تزايد القوانين الرقمية التي تمنح الحكومة الحق في الوصول إلى المعلومات التي تعدّ جزءًا من البنية الرقمية الوطنية المهمة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير