Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر تحيي ذكرى تظاهرات 11 ديسمبر وسط توتر مع فرنسا

الصحافة الدولية وبخاصة البريطانية لعبت دوراً فعالاً في إيصال صوت المواطنين إلى العالم بتغطيات مهنية واحترافية وموضوعية

صورة من الأرشيف لتظاهرات 11 ديسمبر 1960 المطالبة باستقلال الجزائر عن فرنسا (أ ف ب)

تحيي الجزائر ذكرى تظاهرات 11 ديسمبر (كانون الأول) 1960 المطالبة بالاستقلال عن فرنسا في ظروف "متوترة" بين البلدين، تطبعها الضغوط والاتهامات والتصريحات المتبادلة. وعلى الرغم من أهمية الحدث في تاريخ الجزائريين، إلا أن البرودة تطبع الاحتفالات على غير العادة.

إحياء الذكرى في جو "مشحون"

وتأتي الذكرى الـ 60 للحدث الجزائري هذه السنة تحت ضغط "التوتر" مع مستعمر الأمس فرنسا، وآخرها إقدام باريس على دفع فدية بين عشرة ملايين دولار و30 مليون دولار للجماعات الإرهابية، وإطلاق أكثر من 200 إرهابي، من أجل تحرير ثلاث رهائن غربيين، وهي الصفقة التي لا تزال تواجه كثيراً من الانتقادات اللاذعة، إذ أعربت الجزائر على لسان وزيرها الأول عبدالعزيز جراد، خلال مداخلته في قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأفريقي حول مبادرة "إسكات البنادق"، التي عقدت عن بُعد منذ أيام، عن قلقها من حصول الجماعات الإرهابية النشطة في القارة الأفريقية على مبالغ مالية مهمة في مقابل تحرير الرهائن، ووصفت ذلك بالعمل الذي يقوّض جهود مكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله والتصدي للتطرف العنيف.

كما اتهمت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان رسمي، فرنسا بعرقلة مكافحة الإرهاب، ووصفت مفاوضاتها مع التنظيم الإرهابي "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" المتمركز شمال مالي، ودفعها فدية لمصلحته، والإفراج عن عدد من عناصره في مقابل تحرير ثلاث رهائن غربيين، بـ "التصرفات غير المقبولة والمنافية للقرارات الأممية، التي تجرّم دفع الفدية لتلك الجماعات، بما يعرقل الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله".

 

تظاهرات غيّرت مجرى التاريخ

وتعتبر تظاهرات 11 ديسمبر 1960 بالنسبة للجزائريين حدثاً تاريخياً بارزاً في مسيرة ثورتهم التحريرية، لأنها كانت سبباً مباشراً في إصدار القرار العالمي الخاص بحق الشعوب في تقرير مصيرها، خلال الدورة الـ 15 لهيئة الأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1960، كما أنها إحدى أهم الوقائع التي أجبرت فرنسا على الدخول في مفاوضات مباشرة مع الجزائر ومن دون شروط مسبقة، وهي التظاهرات التي قال عنها المؤرخ محمد أمين بلغيث، إنها كشفت عن مستوى وعي الشعب الجزائري في تلك الفترة، ووصفها بآخر مسمار يدق في نعش الوجود الفرنسي في الجزائر، مستشهداً بتصريح أحد المعمرين لجريدة فرنسية، بأنه "لم يبق لنا في الجزائر إلا أن نحافظ على الأمن، ريثما نحزم أمتعتنا ونركب الباخرة"، وهي الفكرة نفسها التي سادت في صفوف الجيش الفرنسي.

وتفاجأ الفرنسيون بالتظاهرات ليأتي رد فعل "السلطات الاستعمارية" قوياً، حين قابل الجيش الفرنسي الجموع الجزائرية بالدبابات والمدافع والرشاشات والرصاص، كما قامت الشرطة بعمليات دهم ليلية اعتقلت خلالها عدداً من الجزائريين.

ويرى أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر كريم بوداوي، أن تلك التحركات غيرت مجرى التاريخ ومسيرة الثورة الجزائرية، مشيراً إلى أن الصحافة الدولية وبخاصة البريطانية، لعبت دوراً فعالاً في إيصال صوت الجزائريين إلى العالم، عبر تغطيات مهنية واحترافية وموضوعية، وأضاف أن الحدث كان بمثابة "خيبة أمل كبيرة للفرنسيين"، وأن مثل هذه المنعرجات التاريخية لا تزال تقلق فرنسا الديمقراطية بسبب التجاوزات والانتهاكات التي تم تسجيلها في حق الجزائريين من فرنسا الاستعمارية.

قدماء المحاربين "يثورون"

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سياق التصادم الذي تشهده العلاقات بين البلدين، اعتبرت منظمة قدماء المحاربين الجزائريين أن المواقف الفرنسية الأخيرة جزء من التحديات الخارجية التي تواجه البلاد في الظرف العصيب الذي تمر به، وانتقدت السلطات الفرنسية وعلى رأسها الرئيس مانويل ماكرون قائلة، "تناقلت في الآونة الأخيرة وسائل الإعلام والاتصال الفرنسية وجهة نظر رئيس هذه الدولة، حول ما يفسّر على أنه تصور لما يمكن أن يتحدد في إطاره مجرى الحوار المتوقع بين الطرفين الجزائري والفرنسي حول الذاكرة المشتركة، ولسنا ندري كيف يمكن تصور هذه الشراكة بين المعتدي والضحية".

وأضافت المنظمة، "ندرك تماماً أن من شأن هذه المقاربة الغريبة أن تمكن حفيد غلاة المحتلين الفرنسيين من إعفاء بلده من تحمل ما ترتب على أكثر من 130 سنة من الاحتلال، وما رافقه من ممارسات وحشية بحق الشعب الجزائري"، وشددت على أنه "لا مفر من اعتذار فرنسا الرسمي عن جرائمها في الجزائر".

تذبذب بين تراجع وتحسن

كانت تظاهرات 11 ديسمبر حدثاً مهماً فعلاً، ورداً مباشراً من الشعب الجزائري على سياسات الرئيس الفرنسي خلال تلك الفترة، شارل ديغول، وتأكيداً على تمسك الشعب بثورته التحريرية.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مومن عوير، فإن إحياء الذكرى هذه المرة يأتي في فترة تشهد فيها العلاقات الجزائرية - الفرنسية تذبذباً بين تراجع وتحسن. وقال إنه بعد تصريحات الرئيس تبون وثنائه على نظيره الفرنسي، واستقبال وزير داخليته وتكريمه، خرج ماكرون بتصريحات أعتبرها "تدخلاً سافراً في شؤوننا الداخلية"، وختم أنه يتطلب من السلطة استغلال إحياء هذه الذكرى بالشكل المناسب كرد فعل على تدخلات الرئيس الفرنسي، وتأكيداً على ضرورة احترام السيادة الجزائرية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير