أثار الفيلم البريطاني "ليمبو" أو "التيه"، الذي عُرض بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الحالية، ردود أفعال قوية، إذ نال إعجاب المشاهدين، وهو ما برز في تصفيق الجمهور الحاد عقب نهاية العرض، إذ حظيت شخصية البطل المصري أمير بإشادة المتابعين، فضلاً عن القضية التي يطرحها العمل.
وحصل فيلم "ليمبو"، للمخرج بن شاروك، على جائزة لجنة تحكيم الشباب في الدورة الأخيرة لمهرجان "سان سيباستيان"، كما كان أبرز الاختيارات الرسمية لـ"كان" السينمائي، وشهد مهرجان "تورنتو" عرضه الأول.
معاناة لاجئ
وفجر العمل قضية عدّها بعضهم قنبلة موقوتة، وهي أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا، إذ يحكي الفيلم قصة شاب سوري يدعى "عمر" يعمل عازفاً، ولديه جمهور كبير في بلده، لكن أجبرته الظروف على الرحيل وترك أسرته، والسفر إلى قرية على الحدود الاسكتلندية مع مجموعة من الشباب اللاجئين من جنسيات مختلفة، آملاً الموافقة على طلب اللجوء السياسي الذي قدّمه.
ويسرد الفيلم رحلة المعاناة القاسية التي يعيشها الشباب الذين يرغبون في اللجوء، وسط أجواء باردة من حيث المشاعر ومليئة بالاغتراب والندم والحنين إلى الوطن، والعيش وسط أحبائهم وذويهم. كما يرصد كيف يتعامل الغرب مع اللاجئين، وهل يتعرّضون للاضطهاد والقسوة، وكذلك معاناتهم في تلك البلاد حتى يبتّ قرار حصولهم على حق اللجوء، حيث يعزلون في قرى بعيدة لحين حسم أمرهم.
رسالة إلى الغرب
يقول بطل الفيلم أمير المصري، في حديث خاص، إن العمل يوجه رسالة مهمة للغرب، وهي أن اللاجئ "لا يريد أن يأخذ مكان أي من مواطنيهم. بالعكس، الظروف هي التي تجبره على ذلك، وهو يقاسي كثيراً حتى يقبل أن يعيش بعيداً من وطنه، وكل لاجئ بالتأكيد يريد العودة إلى بلاده، لأن لديه حياة أفضل وأكرم من حياة ومعاملة مجرد لاجئ ينتظر كلمة الرحمة، وهي قبول لجوئه السياسي".
وعن تمكّنه من إتقان اللهجة السورية حينما جسّد شخصية شاب سوري، أوضح، "عشتُ عاماً كاملاً في سوريا، وهناك تعلمت كيف أتقن اللهجة، وأبرز الكلمات السورية ومخارج الألفاظ". مضيفاً، "عندما عرض عليّ المخرج دور اللاجئ طلب مني أن أؤدي الدور بكل إحساسي لا أن أُمثل، وحثّني على أن أخرج مشاعر حقيقة في حال كنت لاجئاً ومعرضاً لمثل هذه الظروف، لذلك ذهبت إلى قرية بها لاجئون حقيقيون وعشت معهم فترة، ورأيت تفاصيل حياتهم وكيف يتعاملون مع بعضهم، وتقمصت روحهم وفرحهم وحزنهم"، مشيراً إلى أن أُسرة الفيلم عانت كثيراً أثناء التصوير الذي أنجزناه في الصحراء بوضع أشبه بالعزلة الكاملة.
تصحيح صورة العرب
وتابع، "في البداية ترددت في قبول الدور خوفاً من أن يكون تكريساً ضد الشخص العربي ويظهره بصورة سلبية، لكن عندما قرأت السيناريو وجدت أنه يقدم وجهاً مغايراً لما هو معتاد عليه في ما يتعلق باللاجئين السوريين، ورأيته رسالة إيجابية تخص العرب جميعاً وموجهة إلى الغرب، فنحن لا نريد اللجوء، ولا نسعى إلى أخذ أماكنكم أو بلادكم".
واعترف أمير أنه كان محصوراً في بريطانيا بأدوار معينة بحكم أنه عربي، "نظراً لأن أصولي عربية كان المخرجون يضعونني في أدوار الإرهابي أو العربي ذي الميول التخريبية وهو ما يزعجني، لكن أعتقد أن دوري في فيلم (التيه) سيضعني بشكل أفضل بين الممثلين، فهو منحني شهرة في أوساط المخرجين العالميين، خصوصاً أن عدداً من كبار النقاد والمجلات الفنية أشادت بأدائي".
العمل في "هوليوود"
وحول رحلته إلى العالمية وكيف بدأت، أجاب بأن "المخرج جون ستيورات أول من منحني الفرصة، فالعمل في هوليوود صعب للغاية بالنسبة لأي شخص عربي أو غير عربي، وكل ممثل لا بد أن يمر بخطوات عدة قبل الوصول إلى أي دور، ثم التحضير له وتنفيذه، والأمور هناك شديدة الدقة والتعقيد والنظام".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف، "في المرحلة السابقة خضعت لتجارب عدة، وكان لا بد من أن أتحلى بالصبر والثقة والاجتهاد حتى أحصل على دور جيد. لا أنكر أني تعرضت لبعض المضايقات، ولكن مع مرور الوقت والخبرة اختلفت الأمور كثيراً". لافتاً إلى أن "كثيراً من المعايير تغيرت بالنسبة إليّ، ومن الممكن أن أرفض دوراً جريئاً إذا وجدته قد يجرح مشاعر جمهوري، كما أني قررت ألا أكرر أي تجارب غير هادفة أو مهمة بهدف الانتشار".
واختتم أمير المصري حديثه، "مسلسل The Night Manager هو الخطوة الحقيقة في مشواري الفني العالمي، فالعمل حقق نجاحاً كبيراً، وفاز بكثير من الجوائز، وشارك في بطولته نجوم عالميون على رأسهم أوليفيا كولمان وهيو لاري، ولا أبالغ إذا قلت إنه السبب في أن يراني صناع السينما العالمية ويدركون موهبتي".
يذكر أن الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (البافتا) أعلنت قائمة الجيل الجديد للمواهب الصاعدة لعام 2020، والتي تضمنت اسم أمير المصري، ليصبح أول نجم من أصول مصرية ينضم إلى هذه القائمة، بعد أن قدم عدداً كبيراً من الأعمال الأجنبية وصل إلى 24 عملاً منذ العام 2013.
وأمير ممثل مصري - بريطاني، شارك في أعمال مصرية، منها فيلما "رمضان مبروك أبو العلمين حمودة" و"الثلاثة يشتغلونها" ومسلسل "البرنسيسة بيسة"، وانطلق إلى العالمية منذ العام 2013، وتعاون مع أكبر نجوم السينما العالميين مثل توم هيدلستون وهيو لوري وأوليفيا كولمان ووودي هارلسون.