Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رئيس الدولة الموقت الجزائري يترجم وعود "الإرادة الشعبية" في "هيئة جماعية" لتنظيم الرئاسيات

"أسابيع رسخت وحدة الشعب وألفته وتجلت فيها الوطنية في أبدع صورها ففتحت لبلادنا أفقاً ديمقراطياً جديداً"

تعهد رئيس الدولة الجزائري الموقت عبد القادر بن صالح بإنشاء "هيئة وطنية جماعية" من باب الأولوية والاستعجال، مهمتها "توفير الشروط الضرورية لإجراء انتخابات وطنية شفافة ونزيهة والاضطلاع بالتحضير لها وإجرائها"، في سياق ما سماه "أليات المادتين السابعة واثامنة من دستور الدولة" في ترجمة، في ما بدا، لتوافق مع المؤسسة العسكرية حول هذه المخرجات للأزمة السياسية الراهنة، وألقى عبد القادر بن صالح أول خطاب عبر التلفزيون الحكومي من مقر رئاسة الجمهورية بقصر المرادية بأعالي العاصمة، وحمل خطاب بن صالح، ما يمكن وصفه، بأول تفسير سياسي لمقترحات المؤسسة العسكرية، حول تبعات المادة 102 من دستور البلاد.

دعوة للأحزاب السياسية

ووجه بن صالح في خطابه الأول، دعوة للأحزاب السياسية، إلى أن تدلي برأيها في موضوع الهيئة الجماعية، قائلاً "إنني عازم بالتشاور مع الطبقة السياسية والمدنية المواطنية" على إحداث الهيئة، مضيفاً "إنها يد صادقة الوعد، حسنة النية، أمدها للجميع لتجاوز الاختلافات والتوجسات، والتوجه نحو عمل جماعي تاريخي في مستوى رهانات المرحلة، قوامه التعاون والتكافل والتفاني للوصول إلى الهدف الأساس وهو وضع حجر الزاوية الأول لجزائر المرحلة المقبلة".

ومن ضمن تعهدات الرئيس الموقت "إعداد العدة القانونية ذات الصلة بهذه الهيئة الوطنية وصوغها في أقرب الآجال، ولكنني سأطلب من طبقتنا السياسية والمواطنية أن تتحلى بالإبداع والإسهام والثقة من أجل أن نبني معاً هذا الصرح القانوني الذي سيمهد لبناء نظام سياسي جديد كلياً يكون في مستوى تطلعات شعبنا". بن صالح، حرص في خطابه، على التذكير بالخيارات الدستورية، قائلاً "إن بلادنا مقبلة على خوض منعرج يتمثل في مرحلة حاسمة مآلها الدستوري تسليم السلطات إلى رئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطياً وذلك في ظرف زمني لا يمكن أن يتعدى 90 يوماً اعتباراً من تنصيبي بصفة رئيس الدولة".

ويتابع "كما تعلمون، فإن رئيس الدولة المعين لا يمكنه الترشح لرئاسة الجمهورية، ولذلك فإنني أؤكد جازماً، في هذا المقام، أن طموحي الوحيد هو القيام بالمهمة الملقاة على عاتقي بأمانة".

بن صالح يستعين بنص دستوري

استعان عبد القادر بن صالح، بمضمون المادتين السابعة والثامنة من الدستور، اللتين تعهدت المؤسسة العسكرية بتفعيل روحهما قبل أسبوع، لكن التفسير "الرئاسي" ورد كالآتي "لا بد لهذه المهمة، أن تتكفل، في السياق السياسي الراهن، بتفعيل هاتين المادتين من الدستور، وهو ما يتعين علينا الالتزام به والتوجه نحوه، مواطنين وطبقة سياسية ومؤسسات الدولة، حتى نستجمع الشروط، كل الشروط، لإجراء انتخاب رئاسي شفاف ونزيه نكون جميعا ًأمناء عليه، ويتيح لشعبنا تجسيد إرادته السيدة وتكريس خياره بكل حرية".

بن صالح يتجنب مطالب الشارع

وتفادى بن صالح الإشارة إلى الهتافات التي رفضت اسمه كمرشح لتولي المرحلة خلفاً للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، لافتاً في خطابه إلى أن "المجلس الدستوري اجتمع وجوباً وتثبت بالاجتماع من الشغور النهائي لمنصب رئيس الجمهورية، فبلّغ شهادة الشغور النهائي إلى البرلمان الذي اجتمع وجوباً الثلثاء التاسع من أبريل (نيسان) 2019".

وبمقتضى أحكام المادة 102 من الدستور، أضاف "يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوماً، ينظم أثناءها الانتخاب الرئاسي، وذلك هو التزامي أمامكم اليوم". وتحدث بن صالح الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الأمة (الغرفة الأولى للبرلمان) عن عزمه "القيام بمهمته بتفان ووفاء وحزم خدمة لمصلحة شعبنا الأبي وإسهاماً مني في تجسيد تطلعاته المشروعة والمسموعة".

الوطنية في أبدع صورها

أما عن المسيرات الشعبية فوردت في خطاب بن صالح على أساس أنها "أسابيع رسخت وحدة الشعب وألفته وتجلت فيها الوطنية في أبدع صورها ففتحت لبلادنا أفقاً ديمقراطياً جديداً بعثت في مشروعنا الوطني المبني على قيام بيان ثورة نوفمبر المجيدة روحاً متجددة حريّ بنا جميعاً الحفاظ على مكاسبها وتثمينها". وتابع "أرفع تحيتي إلى سائر الفئات الاجتماعية التي شاركت مشاركة سلمية رصينة ومسؤولة في المسيرات المتتالية التي شهدتها الساحة السياسية منذ يوم 22 فبراير (شباط) الماضي، ومثل هذه التحية "أسديها إلى سائر الشعب وبوجه خاص إلى شبابنا من ذكور وإناث، الذين أظهروا وأبهروا العالم بالوجه المشرق الحقيقي والواعد للجزائر".

ودافع بن صالح من جهة أخرى، عما سماه الشارع "بطء" تجاوب الجهات الرسمية مع مطالب الحراك، إذ اعتبرها "حكمة" من مسؤولي الدولة "لقد كنتم شاهدين خلال الأسابيع الماضية مثلي على ما تبذله مؤسساتنا العمومية من جهود من أجل أن تمارس وظائفها بصورة عادية في كنف الهدوء والرصانة والإصرار على الاضطلاع بمعالجة حكيمة ومتحكمة للأزمة السياسية الراهنة بما يخدم المصالح العليا للبلاد عاجلها وآجلها".

ثم وجه عبد القادر بن صالح تحية "إلى جميع قوات الأمن على ما تحلت به من احترافية والتزام في ظروف غالباً ما كانت عصيبة، كما أرفع تحية الإكبار إلى قوات جيشنا الوطني الشعبي التي لم تتوان قط عن ممارساتها الأساسية لمهمتها الدستورية ولقيادتها الحكيمة التي أصرت على الاحتكام للدستور كمرجعية وحيدة من أجل السماح لشعبنا من تحقيق تطلعاته وتجاوز الأزمة الراهنة".

خطوات بن صالح نحو الرئاسيات   

واختتم بن صالح خطابه، بإجراءات يقول إنها ستسير بالبلاد نحو الرئاسيات المقبلة في غضون ثلاثة أشهر الدستورية "إن أقبال الشعب على إرساء اختياره، بحرية وسيادة، على ما يريده، سيمكّننا من تنصيب رئيس جديد للجمهورية في الأجل الدستوري. والاختيار هذا سيكون اختياراً حراً بقدر ما تكون ظروف ممارسته ظروفاً يسودها الهدوء والرصانة والثقة في ما بيننا". والمهم، في ذلك وفق تعبيره "أن يختار شعبنا الشخص والبرنامج اللذين يتجاوبان مع تطلعاته إلى نظام سياسي جديد كفيل بمغالبة التحديات الجسام التي تواجه الجزائر التي ترتضي لنفسها اعتناق الحداثة والديمقراطية والعدالة والتنمية" آملاً في "أن ننصّب قريباً رئيساً جديداً للجمهورية يتولى ببرنامجه فتح المرحلة الأولى من بناء الجزائر الجديدة".

أما عن مؤسسات الدولة فقال "أنا على يقين أن مؤسسات البلاد جميعها ستلتزم إطلاق هذا المشروع الوطني المهم ومرافقته ووضع لبنتها فيه، خدمة لوطننا وشعبنا ووفاء لشهداء الأمة الأبرار"، مضيفاً في نهاية الخطاب "إنني أتوسم في الجميع تجنداً أكبر من ذلك الذي شهدناه حتى الآن من أجل مجابهة الرهانات العاجلة، التي لا مفر لبلادنا من مواجهتها، لا سيما تلك المرتبطة بأمننا القومي والجهوي، ورهان إصلاحاتنا الاقتصادية والمالية والمؤسساتية العميقة، ورهان تنميتنا الاجتماعية والبشرية المستدامة".

المزيد من العالم العربي