Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الصدام العسكري يطل برأسه على طاولة المفاوضات الليبية

شهد المسار السياسي تعثراً جديداً ومراقبون: الممارسات التركية تجعل احتمالات المواجهة قائمة 

التحركات العسكرية من طرفي النزاع في ليبيا تثير مخاوف نشوب الحرب مجدداً (أ ف ب)

لليوم الرابع، تشهد الأزمة الليبية توتراً ملحوظاً سياسياً وعسكرياً، في وقت كان يتوقع أن يسجل هذا الأسبوع تقدماً حاسماً في ملفات تفاوضية عدة، تقرب أطراف النزاع من كتابة الفصل النهائي فيه، والدخول إلى مرحلة انتقالية أخيرة، تنتهي أواخر العام المقبل.

وشهد المسار السياسي تعثراً جديداً، إذ أخفق أعضاء مجلس النواب المجتمعون بـ "غدامس" في عقد جلسة مكتملة النصاب، يُعلن خلالها توحيد البرلمان وإنهاء الانقسام التشريعي في البلاد، بينما واصلت الأطراف العسكرية المحلية تحركاتها وخطابها التصعيدي ضد بعضها بعضاً، وشكّلت قضية السفينة التركية المحتجزة لدى الجيش أزمة جديدة بين الطرفين، زادت العلاقة المتوترة بينهما تعقيداً.

طلعات جوية مكثفة

قالت مصادر ليبية متطابقة إن طائرات عسكرية من طرفي الصراع العسكري سُمعت بشكل مكثف في ساعات متأخرة من ليل الثلاثاء - الأربعاء، في مناطق عدة بوسط ليبيا وجنوبها، وهي المناطق التي كانت موقع المعارك بينهما، قبل أن يوقعا اتفاق وقف إطلاق النار في جنيف خلال سبتمبر (أيلول) الماضي.

وأفاد شهود عيان ومصادر صحافية، الثلاثاء، أن طائرات مسيّرة تركية جابت بشكل مكثف ولساعات معدودة مناطق الهيشة الجديدة وزمزم والوشكة، غرب سرت، بعد أن أقلعت من مطار مصراتة، بينما بدا أنها طلعات استطلاعية بعد غياب عن سماء المنطقة أشهراً عدة.

وفي الجنوب، كشفت مصادر محلية سماع تحليق مكثف لطائرات مقاتلة قرب مدينة الجفرة، مع سماع أصوات انفجارين على الأقل، في المناطق الصحراوية المحاذية لها.

وذكرت مصادر عسكرية مقربة من الجيش، إن "ما سمع من تحليق مكثف لطائرات مقاتلة وأصوات انفجارات ضخمة قرب الجفرة، ليس هو إلا طلعات استطلاعية لمقاتلات الجيش، مع ضربات تدريبية على أهداف وهمية في إطار رفع جاهزية سلاح الجو، استعداداً لأي طارئ".

أزمة السفينة مبروكة

وفي آخر تطورات الأزمة الجديدة التي تلوح في أفق العلاقة المتوترة بين الجيش وأنقرة على خلفية احتجاز الأول سفينة شحن تركية، دخلت من دون إذن مسبق المياه الإقليمية الليبية شرق بنغازي، دانت الخارجية التركية احتجاز سفينة الشحن التجارية "مبروكة" قبالة ميناء مدينة سوسة شرق بنغازي، من البحرية الليبية التابعة لقوات الجيش. موضحة، في بيان عبر موقعها الإلكتروني مساء الثلاثاء، أن "السفينة التي سمتها مبروكة الجامايكية، تديرها شركة تركية وطاقمها تركي".

وقالت الخارجية، "ندين بشدة هذه الممارسة، ويجب اتخاذ خطوات فورية لتمكين السفينة من استئناف رحلتها المخطط لها". متابعة، "يواصل حفتر وميليشياته موقفهم العدواني حتى في فترة تتقدم فيها العملية السياسية بين الليبيين تحت قيادة الأمم المتحدة". وهددت بالتصعيد ضد الجيش، "نذكّر مرة أخرى أنه إذا جرى استهداف المصالح التركية في ليبيا فسيكون لذلك عواقب وخيمة، وسنعتبر هذه العناصر أهدافاً مشروعة".

ورد المتحدث باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري على بيان الخارجية التركية واصفاً إياه بأنه "يحمل كثيراً من الغطرسة"، مشيراً إلى أن "بلاده في حال حرب مع تركيا، وهي مواجهة حقيقية فاقمها الرئيس أردوغان"، موضحاً أن "سبب احتجاز السفينة هو دخولها منطقة عسكرية محظورة في المياه الإقليمية الليبية".

وأضاف، "منذ 2016 منعنا حتى قوارب الصيد الليبية من دخول المنطقة العسكرية، وأعلنا حظر دخول أية قطع بحرية، لكننا فوجئنا بدخول السفينة التركية من دون تنسيق مع خفر السواحل الليبي". مبيناً أنه "وجّه نداء للسفينة ولم تستجب، كما أنها لم تتخذ الإجراءات الدولية المتبعة في هذا الموقف".

وهاجم المسماري الرئيس التركي أردوغان، قائلاً إنه "لم يتوقف يوماً عن نقل الأسلحة إلى بلادنا. نحن وتركيا في حال حرب لم تتوقف، بل أوقفنا إطلاق النار احتراماً للمساعي الدولية واحتراماً للرغبات الليبية بالتوصل إلى اتفاق، لكن ما نراه هو عكس ذلك تماماً من أنقرة". مشدداً على أن "أمر السيادة الليبية لا تفريط فيه بأي حال من الأحوال، أو تقديمه قرباناً لأي تقارب مع أي أحد".

وكان الجيش الوطني الليبي، أعلن الإثنين، احتجاز السفينة لعدم استجابتها للنداء الموجه إليها من البحرية الليبية، لمعرفة هويتها بعد دخولها المنطقة المحظورة للعمليات العسكرية، وعدم اتباع طريقة الاتصال والتنسيق لخط 34 درجة شمالاً، فجرى اعتراضها وجرها لميناء رأس الهلال غرب درنة.

كما أشار إلى أن السفينة كانت متجهة إلى ميناء مصراتة، وعلى متنها طاقم مكون من تسعة بحارة أتراك، وسبعة هنود وأذربيجاني، وهي قيد التحقيق لمخالفتها اللوائح والنظم والقوانين البحرية.

احتمالات المواجهة قائمة

وفي السياق، اعتبر المستشار السياسي السابق للحكومة المؤقتة ومجلس النواب فوزي نجم، أن "أخطار الدخول في مرحلة جديدة من الصدام العسكري بين الجيش من جهة وتركيا وقوات الوفاق من جهة أخرى ما زالت قائمة، وزادت احتمالاتها مع التطورات الأخيرة، وارتفاع مستويات التوتر بين الطرفين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال نجم، "تركيا لم تتنازل عن مشروعها الهادف إلى السيطرة على منابع النفط الليبية، وهو أمر لا يتحقق لها إلا بعمل عسكري ضد الجيش الذي يسيطر على أهم موانئ النفط، شرق سرت، ولذلك هي تعمل على استفزاز الجيش للدخول في معركة معه، وعرقلة مشروع الوفاق الليبي عبر المفاوضات الجارية منذ مدة، لتعارضها مع مصالح تركيا وأهدافها".

وتابع، "ما يمنع أنقرة من إشعال فتيل الحرب مجدداً ليس خوفها من الردع الدولي، فهي تدرك أنها تملك حصانة بعضويتها للناتو، ستمنع كل من يفكر في مواجهتها عسكرياً من الإقدام على ذلك، لكنها تخشى حقيقة المواجهة مع مصر التي جمّدت أعمالها العسكرية في ليبيا منذ مدة، ولن تتوانى عن مواجهتها عسكرياً إذا تجاوزت الخطوط الحمر باتجاه الشرق".

ويشدد العقيد المتقاعد في قوات الصاعقة الليبية ونيس العمامي، على أن "التحركات العسكرية من الجهتين توضح نية ما لديهما أو توقع لمواجهة مقبلة قد لا تحدث، لكن احتمال اندلاعها في أي لحظة يبقى قائماً وبشدة".

وأضاف، "لا يمكن أن تتكلف تركيا عناء وثمن نقل سبع شحنات عسكرية إلى غرب ليبيا خلال أسبوعين من دون هدف ما"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الطلعات الجوية الاستطلاعية التي قام بها السرب الجوي التابع لكل طرف، ليلة الأمس تفسّر عسكرياً بأنها عمل تمهيدي، لتمشيط مناطق عمليات عسكرية محتملة، تسبق تقدم القوات البرية، لكنها قد تكون أيضاً مجرد رسائل تشير إلى الجاهزية والاستعداد، وتحذير الخصم من مغبة التقدم، خلف الخطوط الحمراء في الجهتين". وتابع، "المعطيات الحالية تجعل كل الاحتمالات قائمة، ونذر الحرب موجودة وبقوة في الآونة الأخيرة". 

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير