Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اضطرابات منطقة شمال أفريقيا تقلق المؤسسة العسكرية الجزائرية

الجماعات الإرهابية على الحدود الجنوبية والشرقية والخلاف القديم مع المغرب من الجهة الغربية يشكلان أبرز التهديدات

يغيّر الجيش الجزائري سياسته وفق مقتضيات المرحلة والأوضاع الإقليمية (موقع الإذاعة الجزائرية)

خرجت المؤسسة العسكرية الجزائرية عن صمتها إزاء الأحداث الجارية في دول الجوار، فأطلقت تحذيراً من أطراف تهدد أمن المنطقة، وقالت إن "الوضع الإقليمي المتردي على طول شريط حدودنا يعنينا وعلينا الاستعداد لمواجهته". وإذ لم تحدد مصادر التهديد، تبقى الأوضاع في ليبيا ومالي والصحراء الغربية مبعث قلق للسلطات الجزائرية.

تحذيرات من تهديد ووعيد

وجاء في افتتاحية مجلة "الجيش"، لسان حال وزارة الدفاع الجزائرية لهذا الشهر، أن الوضع الإقليمي على طول حدود البلاد متردٍّ، ما يملي على الجزائر واجب الاستعداد لمواجهته، نظراً إلى الالتزامات الإقليمية التي يفرضها دورها المحوري في المنطقة، إضافة إلى مبادئها التي ترتكز على نصرة كل القضايا العادلة. وشددت الافتتاحية على أن "بعض الأطراف يهدد أمن المنطقة، وإن كان بشكل غير مباشر"، مؤكدة أن "مواجهة هذه المخططات العدائية التي تستهدف بلادنا تستدعي بالضرورة أن يدرك شعبنا حقيقة الأهداف الخفية التي تحاول الجهات المعادية لبلادنا تحقيقها، وهو ما يستدعي الالتفاف حول قيادة البلاد لإحباطها، وعلى هذا النحو سيكون بوسع شعبنا إفشالها كما كان عليه الأمر في كل مرة حاولت فيها هذه الدوائر المعادية النيل من بلادنا".
ودعت وزارة الدفاع الجزائرية إلى "رصّ الجبهة الداخلية وتعزيزها بما يمكّن من إحباط كل المخططات العدائية المفضوحة والحملات الإعلامية المغرضة التي تحركها دوائر معادية ومعروفة، تريد عبثاً استهداف وحدة الشعب، ومن وراء ذلك التوجه الصادق السلس والشجاع الذي تبنّته السلطات العليا للبلاد"، مشيرةً إلى أهمية "الحفاظ على جاهزية الجيش العملياتية وتأهبه الدائم تنفيذاً لمهماته الجوهرية المتمثلة في التأمين الشامل لحدودنا وصون حرمة البلاد والدفاع عنها ضد كل مَن تسوّل له نفسه الأمّارة بالسوء المساس بها".

أسوأ السيناريوهات

وتعليقاً على ما جاء في افتتاحية مجلة "الجيش"، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بشير بودلال إن "الجزائر تقيّم على الدوام المخاطر والتهديدات التي تمسّ أمنها، وحالياً هناك تهديدات عدة متمثلة في جماعات إرهابية تنشط على الحدود الجنوبية، تحاول إعادة تنظيم صفوفها والاستفادة من عدم الاستقرار في ليبيا ومالي، وهو التهديد الذي يملك الجيش الجزائري خبرات هائلة للتعامل معه. أما الخطر المستجد الثاني، فهو كلاسيكي ويتعلق بمحاولة المغرب تشكيل تحالف هدفه ضرب القيم والمصالح الجزائرية في الإقليم، وذلك من خلال تنصّله من التزاماته الدولية في ما يتعلق بالنزاع في الصحراء الغربية".
ورأى بودلال أن "المناخ الحالي في الصحراء الغربية يشهد عودة أجواء الحرب، ويهدد بجرّ المنطقة برمّتها إلى مواجهة شاملة". وأضاف أن "التطورات الأخيرة في الصحراء الغربية مع استمرار السلوكيات المغربية الخطيرة، تهدد الأمن والعمق الاستراتيجي للجزائر، وعليه فإن البلاد تستعد لاسوأ السيناريوهات"، مبرزاً أن "الجيش يدرك أن فرصة المغرب الوحيدة وفق موازين القوى العسكرية الحالية هي في تشكيله تحالف لمحاولة الإضرار بسيادة البلاد وأمنها ومصالحها، غير أن الجزائر بلد كبير ومحوري ومَن يحاول استهدافه وترتيب المنطقة وهيكلتها متجاوزاً مصالحه وقيمه سيدفع الثمن باهظاً". وحذّر من "الدفع بالمغرب إلى الانتحار والتدمير الكلي لجيشه وبنيته التحتية بلعبه دور رأس الحربة في تحالف عدواني يستهدف الجزائر". وختم أن "الأسابيع والأشهر المقبلة تنبئ بتطورات خطيرة على الأمن الإقليمي في شمال أفريقيا وغرب المتوسط".

الرسالة واضحة ومفهومة

في المقابل، اعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إدريس عطية أن "الجيش الجزائري يؤكد جاهزيته الكاملة ويثني على الروح المعنوية العالية لأفراده ويبرز القدرات العملياتية الكبيرة التي يتمتع بها، في ظل التهديدات والمخاطر التي تخيّم على حدودنا، مثل الإرهاب والوجود العسكري الأجنبي الذي يرغب في إزعاج الجزائر أو الضغط عليها"، موضحاً أن "الأطراف التي أشارت إليها المؤسسة العسكرية قد تكون جماعات إرهابية أو عناصر عسكرية أجنبية أو طرفاً يريد زعزعة أمن الجزائر واستقرارها الإقليمي". وشدد على أن "أمن واستقرار البلاد أولوية مطلقة بالنسبة إلى المؤسسة العسكرية، ولا يمكن التهاون أو المماطلة في الدفاع والذود عن الوطن ضد أي كان، فالرسالة واضحة ومفهومة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تصعيد وختم "المؤامرة"

من جهة أخرى، اعتبرت جهات سياسية وإعلامية في الداخل والخارج أن الجزائر صعّدت لهجتها تجاه الأطراف المحرّكة للتجاذبات الأمنية المسجّلة على حدودها الإقليمية، في تطور غير معهود يكشف عن حقيقة حالة "اللاأمن" التي باتت تتسيّد المنطقة. ويعزز الكلام عن "المؤامرة" الذي أثارته السلطات في مناسبات عدة، الأمر الذي يفتح الأبواب أمام مستقبل إقليمي غير معروف العواقب.
وأضفى عدم ذكر الأطراف المعادية المقصودة، الغموض والضبابية على نوايا المؤسسة العسكرية الجزائرية، على الرغم من أن تسلسل الأحداث وتزامنها يجعل حديث وزارة الدفاع معلوم القصد والمقصود، بدءًا بصفقة فرنسا مع الإرهابيين التي أدت إلى تحرير 3 رهائن غربيين مقابل إطلاق سراح أكثر من 200 إرهابي، ودفع فدية بين 10 مليون دولار و30 مليون دولار، إضافة إلى استمرار الوضع الهش في ليبيا، ثم التطورات الحاصلة في منطقة الكركرات بالصحراء الغربية بين جبهة الـبوليساريو والمغرب، وأخيراً الضغط الأوروبي سياسياً وإعلامياً بقيادة فرنسا.

تصريح باتجاهين

في السياق، أعربت عضو "تحالف الإعلاميين والحقوقيين الأفارقة" لطيفة ديب عن اعتقادها بأن "الجزائر تعي جيداً المخاطر الأمنية المحدقة بها على الحدود مع المغرب وليبيا ومالي، وتشكّل الجماعات الإرهابية أهمها، في ظل تناميها في المنطقة، أضف إلى ذلك شبكات تهريب المخدرات التي تتخذ من الأراضي المغربية ملجأً لها وحاضنة لكل نشاطاتها، وأخيراً محاولات المغرب جرّ الجزائر إلى مستنقع الفوضى الخلّاقة من خلال إثارة التوتر في المنطقة عسكرياً وفرض حالة الحرب عبر خرق وقف إطلاق النار الموقّع مع جمهورية الصحراء الغربية عام 1991". وقالت ديب إن "تصريح المؤسسة العسكرية ذهب باتجاهين، الأول هو تنبيه لكل القوى المتدخلة في الأزمة الليبية، وتلك الساعية لجرّ الجزائر إلى مستنقع الفوضى الذي تحرّكه المغرب في الصحراء الغربية، وما تفعله فرنسا في مالي. أما المعنى الثاني، فهو تأكيد جاهزية الجيش والشعب لمواجهة كل المحاولات البائسة التي تُحاك في المنطقة عبر التشويش بواسطة عنوان حقوق الإنسان كما فعل البرلمان الأوروبي الذي أثار مزاعم وهمية تؤكد وجود مؤامرة خبيثة تستهدف الجزائر".

المزيد من العالم العربي