Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجديد الدماء في دبلوماسية عُمان خطوة عادية أم لها ما بعدها؟

برلماني في مسقط يؤكد أن لدى السلطنة "خطاً ثابتاً وعريضاً" في ما يتصل بعلاقاتها

السلطان هيثم بن طارق بدأ هيكلة الدولة فور توليه السلطة بتغيير نشيد وعلم بلاده الوطني (وكالة الأنباء العمانية)

لا تزال المراسيم السلطانية تضخ الدماء الشابة في شريان الدبلوماسية العمانية في العهد الجديد، عهد السلطان هيثم بن طارق الذي تتجه شمس عامه الرئاسي الأول نحو الأصيل، بعد أن جاء خلفاً لابن عمه السلطان قابوس بن سعيد الذي رحل في يناير (كانون الثاني) الماضي بعد عمر رئاسي قضاه كواحد من أقدم حكام منطقة الشرق الأوسط.

وكان السلطان العماني بدأ هيكلة الدولة فور توليه السلطة بتغيير "نشيد وعلم بلاده الوطني" لينهي آخر مراسيمه السلطانية قبل أيام حين أمر بإعادة تعيين وتدوير سفراء السلطنة، في عدد من الدول العربية والأجنبية والمنظمات الأممية.

وكانت وزارة الخارجية العمانية، قد نقلت عبر موقعها الرسمي قراراً سلطانياً يقضي، بتعيين ونقل عدد من السفراء في دول عدة؛ هي مصر والسعودية والولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات والأردن وكينيا وجنوب أفريقيا ومدغشقر وتنزانيا وأستراليا.

وهي تعيينات اعتبرها محللون تمضي في سياق تجديد السلطنة دماء دبلوماسييها على المستويين الداخلي والخارجي، لكن من دون مؤشرات لتغير في سياستها الخارجية نحو تلك الدول التي شملتها التعيينات الحديثة أو حتى تلك التي لا يزال سفراء السلطان الراحل يعملون فيها.

وجوه جديدة لا سياسة جديدة

لا يرى عضو مجلس الشورى العماني محمد بن سليمان الهنائي، أن القرارات التي اتخذها السلطان بالنسبة للسفراء "تشكل تغيراً في سياسة البلاد الخارجية، بل هي إعادة تدوير وتجديد لدماء الشباب لا أكثر، وليس ثمة سياسة جديدة وتوجه جديد تعتزمهما السلطنة".

ويؤكد البرلماني، أن سياسة بلاده تسير على نهج سلطانها الأول قابوس، وهي على حد وصفه، "سياسة الخط العريض، التي لا تتغير بتغير الأشخاص بل ثابتة في تعاطيها مع دول الجوار وكافة دول العالم"، وهي قائمة على النأي عن صراعات الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم.

وبهذا يعتبر الهنائي، أن موقف بلاده في العهد الجديد على خطى القديم، بخاصة حيال النزاع الملتهب في اليمن بين دول خليجية في مجلس التعاون الذي تعتبر عمان أحد أضلاعه إلى جانب السعودية قائدة التحالف العربي لاستعادة الشرعية اليمنية، ودولة الإمارات، وبقية دول المجلس الستة. لكنه يقول إن بلاده "لا تنظر للكيانات ولا الأشخاص بل تتعامل مع دولة جارة كاليمن التي تربطها بالسلطنة، روابط الدم والجيرة"، كما تنظر السلطنة بحسب البرلماني، إلى إيران بالمنطق نفسه كدولة "جارة عريقة" بغض النظر عن خلافات بعض دول الخليج الأخرى معها.

خطاب السلطان

سلطان الدولة الخليجية التي تعد الثانية في المساحة والثالثة بالنسبة لعدد السكان بعد السعودية، كان قد أكد في خطابه الأول في 11 يناير 2020 بعد توليه عرش الإمارة المطلة على مضيق هرمز، أنه لن يحيد عن سياسة سلفه السلطان قابوس "التي عرفت بالحياد والنأي عن التدخل في صراعات المنطقة"، لكنه من جهة أخرى لا يزال منذ يومه الأول يواصل حراكه الداخلي عبر مراسيم وتغيرات تشهدها البلاد في العهد الجديد، يصفها مراقبون بأنها تعزز ملامح جديدة، لفكرة "دولة المؤسسات".

دولة المؤسسات

كان السلطان تعهد قبل نحو أسبوعين في احتفالات عيد الدولة الخمسين، بالمضي في استكمال قواعد "دولة المؤسسات والقانون". وقال "سنواصل استلهام جوهر المبادئ والقيم ذاتها، في إرساء مرحلة جديدة، تسير فيها بلادنا العزيزة بخطى واثقة نحو المكانة المرموقة، التي نصبو إليها جميعاً مكرّسين كافة مواردنا، وإمكانياتنا للوصول إليها، وسنحافظ على مصالحنا الوطنية باعتبارها أهم ثوابت المرحلة المقبلة التي حددت مساراتها وأهدافها "رؤية عمان 2040"، سعياً إلى إحداث تحولات نوعية في كافة مجالات الحياة، مجسدة الإرادة الوطنية الجامعة".

بصمته بدأت تتضح

كان أحد أهم القرارات التي تجلت فيها ملامح بصمة السلطان الجديد، هو إلغاؤه حقائب وزارية لطالما كانت تحت مسؤولية السلطان، كالتخلي مثلاً عن حقيبتي وزارة المالية والخارجية، إضافة إلى الاستمرارية في ضخ دماء جديدة في هيكلة السلطة، بعضها من خارج العائلة الحاكمة، وهو أمر نادر الحدوث في تاريخ السلطنة.

ففي أغسطس (آب) الماضي، أصدر السلطان حزمة من 28 مرسوماً، تضمنت استحداث هيئات ودمج وزارات، وإعادة لتشكيل مجلس الوزراء، وإنشاء وزارة للثقافة والرياضة والشباب، إضافة إلى دمج وزارتي العدل والشؤون القانونية، وقلل عدد الوزراء في التشكيلات الحكومية من 26 إلى 19 وزيراً فقط.

سياسة الحياد

ظلت الدولة الخليجية التي تحتفظ بعلاقات تتسم بالودية مع جيرانها الخليجيين، وكذلك الإيرانيين والحوثيين اليمنيين، على نهج سلطانها الراحل السلطان قابوس، الذي قضى زهاء خمسة عقود كان فيها أكثر الأحيان صديق الجميع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا يبدو على رغم دماء الشباب والدبلوماسيين الجدد أن ثمة تغيراً عن "سياسة الحياد"، وهو أمر لم يخفه سلطانها الجديد في خطاب "توليه العرش"، حين قال، "السلطان قابوس أرسى مكانة دولية للسلطنة، ونحن على نهج السلطان، في الحفاظ على ثوابت بلادنا القائمة على التعايش السلمي وحسن الجوار واحترام سيادة الدول".

وأكد في خطابه الذي اُعتبر مساراً لملامح سياسته، أنه سيواصل مسيرة التعاون والتعاضد مع دول الخليج، وقال، "سنبني علاقاتنا مع دول العالم وفق نهج السلطان، كما سنحافظ على علاقاتنا الودية مع كل الدول، والنأي بالمنطقة العربية عن الصراعات والخلافات".

وظلت مسقط ملتزمة مبدأ الحياد بشأن الحرب في اليمن منذ عام 2015، حين أكد بيان العملية العسكرية استجابة دول الخليج الست لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بردع الميليشيات المتهمة بولائها لإيران، عدا سلطنة عمان.

ومنذ ذلك الوقت، اعتبرت عُمان نفسها وسيطاً بين أطراف النزاع، إذ دخلت على خط الأزمة لإقناع جماعة الحوثي بالدخول في حوار سياسي مع حكومة هادي المدعومة من السعودية، وأبلغت السلطنة حينها الحوثيين بضرورة تجنب التصعيد العسكري قبيل اقتحامهم مدينة عدن.

المزيد من سياسة