Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سكان أغنى مدن إيطاليا يلجأون إلى بنوك الطعام ومكاتب الرهن

أكثر من 5 ملايين شخص يعيشون خطر الفقر في ميلانو وبينما يعاني كثيرون في سبيل الحصول على الإعانة الحكومية، يلجأ المجتمع أكثر من أي وقت مضى إلى الإعانة الحكومية

تصارع أغنى المدن الإيطالية كي تظلّ صامدة فيما تتعامل مع موجة ثانية للفيروس (غيتي)

تدهورت حياة روبرتو نتيجة التبعات الاقتصادية الناجمة عن الإغلاق في إيطاليا بغية احتواء فيروس كورونا. كان صاحب شركة الحماية والأمن البالغ من العمر 57 سنة يخالط أشهر الشخصيات العالمية أثناء الاستعراضات والحفلات في نوادي ميلانو الليلية الراقية وقاعات الحفلات.

في فبراير (شباط)، مع وقوع المنطقة الشمالية من لومباردي في قبضة الجائحة وتوقف العمل كلياً، فقد شريكته جراء السرطان وخسر حق السكن في شقتها. ويقول روبرتو الذي طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأول فقط، "نمت عدة ليالٍ داخل المحطة المركزية، لم أشأ البقاء وحيداً".

تُعتبر ميلانو، عاصمة المال والموضة في إيطاليا، من أغنى مناطق الكرة الأرضية. ومع ذلك انهارت المدينة أمام الموجة الأولى للجائحة، فأرسلت تحذيراً قوياً ومبكراً للحكومات الأوروبية الأخرى، وهي تعاني الآن من انتشار الفقر الذي يكتسحها.

وقع ما يقدر بـ5.5 مليون شخص في كل أنحاء البلاد تحت عتبة خطر الفقر هذا العام، لتصبح حصيلة الذين يعانون من الحرمان المادي 14 مليون شخص- ما يعادل شخصاً من بين كل أربعة تقريباً.  

وفيما تتعامل مع موجة ثانية للفيروس، تصارع أغنى المدن الإيطالية كي تظلّ صامدة. يرتدي فاليريو فيراندي قبعة وسترة بدلة فيما ينسّق توزيع الطرود الغذائية على يد فرق التضامن، وهي مجموعة من 1200 متطوّع ينتشرون في أرجاء المدينة. وتحمل كل فرقة من فرقها الإثنتي عشرة اسم أحد المقاومين الذين قضوا نحبهم في محاربة ديكتاتورية بينيتو موسوليني الفاشية.

روبرتو أحد متلقّي الطرود كما أنه متطوع يوصل علب المواد الغذائية غير القابلة للتلف ومنتجات النظافة الشخصية. وهو مستقرّ حالياً داخل دير على أطراف المدينة. وقال "عملت على تأمين الحماية لآلاف الشباب الذين كانوا يستمتعون بالحياة الليلية، لكن أين الدولة حين تحتاجها؟". استنفد طلاقه وابنه العاطل من العمل والبالغ من العمر 26 سنة كل مدخراته، فيما قضت الجائحة على مؤسسته. ومع ذلك، لم يحصل على أي إعانة مالية من الحكومة.

من مقر فرق التضامن - وهي غرفة خلفية قدّمتها المنظمة الخيرية الطبية إيميرجنسي (Emergency) - شرح السيد فيراندي أن المجموعة تأسست بتاريخ 8 مارس (آذار) مع دخول إيطاليا فترة الإغلاق الأولى، على يده ويد مجموعة من الأصدقاء الذين توقعوا الانهيار الاقتصادي وعزموا على التصرّف. وقال السيد فيراندي "إن التعاون المتبادل هو الترياق الوحيد لهذا الفيروس. فالدولة ضعيفة وتنهار تحت عبء الجائحة. نحن لا نوزع الطعام فحسب بل نعيد بناء المجتمعات المحلية".

خصّصت إدارة المساعدة الاجتماعية في بلدية ميلانو الشهر الماضي 700 ألف يورو للمعونات الغذائية والسكنية كجزء من إجراءات الطوارئ لمكافحة الأزمة. في وقت سابق من العام، فيما كان الإغلاق الأول ساري المفعول، تلقّت البلدية 36 ألف طلب للمساعدات الغذائية. استجابت لـ15800 طلب أضافت إليها لاحقاً 5400 طلباً بينما لم يلبّ ما تبقى منها الشروط المطلوبة.

وقالت غابرييلي رابايوتي، رئيسة الإدارة، إن العديد من الطلبات لا تحصل على دعم حكومي. وأضافت "يحتاج القطاع العام إلى تتبع الحالات. يقلقني أننا لم نرَ بعد حجم الجائحة كاملاً، لأن كثيراً من الأشخاص غير مرئيين بالنسبة للمساعدات الحكومية أو أنهم يستنفدون مدّخراتهم ببطء".

ومع أن الحكومة تعهّدت بتخفيف البيروقراطية وتسريع عملية توزيع حزم المساعدات، ما زال الإيطاليون الذين يعانون متخوفين من وعودها. ويشتكي العمال من تقطّع مساعدات البطالة في حال توافرها أساساً. وقد نزل أصحاب المؤسسات التجارية الغاضبون الذين اعتبروا الإغلاق قبلاً شراً لا بد منه، إلى شوارع المدينة مرات عدة في أكتوبر (تشرين الأول) للاحتجاج على الإجراءات الحكومية التي تقطع مسار العمل كل حين وطالبوا بحقهم الدستوري في العمل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيطالي بنسبة 13 في المئة تقريباً هذا العام. وعلى الرغم من إصدار قرار حكومي بمنع الصرف من العمل حتى مارس 2021، ارتفع معدل البطالة بالفعل من 5.9 في المئة العام الماضي إلى 7.2 في المئة مع الامتناع عن تجديد العقود المنتهية الصلاحية. لكل 10 عمال تحت سن 34، أربعة عاطلون من العمل.

ويزداد عدد الإيطاليين المحتاجين للسيولة الذين يتجهون نحو قطاع الرهن الموازي من أجل تلبية حاجاتهم الأساسية. قدّر جوسيبي جنتيلي، مدير شبكة مكاتب الرهن برونتو بيغنو، زيادة نسبة رهن المقتنيات في ميلانو 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي. وقال جنتيلي "إن الأغراض التي تصلنا أثمن من بقية المناطق- ساعات روليكس وعقود كارتييه. وهذا مؤشر على أن أصحاب الأعمال الأثرياء يعانون بدورهم من أجل تسديد نفقاتهم".

ويشكّل العمال الوافدون ثاني أكبر طبقة من عملاء برونتو بيغنو. والعديد منهم عاملون في المنازل فقدوا وظائفهم خلال الجائحة ويحتاجون للمال من أجل الاستمرار قبل إيجاد عمل جديد.

وأعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوسيبي كونتي يوم الأربعاء عن إعادة النظر في برنامج جدليّ لدخل المواطنين كان يقصي الأشخاص الذين ليست لديهم مدخرات أو لديهم مدخرات قليلة وعاشوا في البلاد لمدة عشر سنوات على الأقل.

وتلعب المنظمات الشعبية دوراً حيوياً في توفير المساعدات لمن لا يستوفون الشروط الكافية من أجل تلقّي المساعدات الحكومية. وقد قلب تدخّلهم المدينة رأساً على عقب. فوسط المدينة، المشهور بمركز تسوّق الألبسة والمعارض الفنية والشركات التجارية أصبح خالياً بشكل مخيف، فيما تضجّ الأحياء التي كانت يوماً مهملة بالحياة.

في كورفيتو، وهو حيّ متدني الدخل تقطنه مجموعات مختلفة من المهاجرين، وفّر مركز  International Neighbourhood Centre شبكة أمان للعائلات التي تتعامل مع فقدان مصدر دخلها والتعليم المنزلي وكل غموض الجائحة.

قدمت ماريا تيريزا هوفالار، وهي أم عازبة تبلغ من العمر 47 سنة وأصلها من الفيليبين، لاصطحاب ابنها محمد ذو الثماني السنوات بعد انتهاء حصة تدريس خصوصي توفّرها المنظمة الخيرية داري Dare. مع تقلّص عدد ساعات عملها في خدمة المنازل، اضطرت بسبب إغلاق المدارس إلى أن تدفع المال لجليسة أطفال كي تعتني بابنها أثناء غيابها هي. وقد ارتفعت المصاريف بشكل هائل وأصبح توفير الطعام للمرة الأولى مصدر قلق لها.  

قدمت كنيسة الحي بعض الوجبات فيما دعمت Dare محمد في شؤون التعليم ووفرت له منفذاً ضرورياً للاختلاط الاجتماعي. لكن خلال 27 عاماً من العيش في إيطاليا، لم تحتج السيدة هوفالار يوماً بنوك الطعام، وقد أربكتها هذه التجربة. وسألت "كيف أقول لابني أنه لا يستطيع شراء البيتزا لأننا غير قادرين على تحمّل كلفتها"؟

يقع المركز في حظيرة حوّلها الممثل السنغالي مودو غويي الذي قدم إلى إيطاليا في عام 1990 إلى مركز مجتمعي عام 2016. وقال السيد غويي "ضربت الجائحة حين كنا في ذروتنا لكننا تمكّنا من إعادة صياغة أنفسنا". تحوّلت غرفة الفعاليات إلى نقطة لتوزيع الطرود الغذائية فيما باتت الأماكن المتوافرة الأخرى صفوفاً.  

وأصبح موقع مهجور موازٍ للحظيرة "حديقة للعجائب" حيث يتعلم السكان المحليون عن المحاصيل ويمكنهم زرع الخضروات الخاصة بهم. وقال السيد غويي "هذا مكان تمتزج فيه المعرفة بالنكهة ويلتقي فيه الناس". ربما فرضت الجائحة تباعداً اجتماعياً لكن الروابط المجتمعية الآن أوثق مما كانت عليه منذ سنوات.

© The Independent

المزيد من تقارير