Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعاون الثنائي والإقليمي يطغى على اهتمامات السيسي وماكرون

جدل في شأن "حرية التعبير" والرئيس الفرنسي: شراكتنا مع مصر غير مشروطة

بعد أكثر من ساعة من المحادثات بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي بقصر الإليزيه في باريس، شملت مجمل العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، قال ماكرون، الذي دعته منظمات حقوقية إلى الضغط على القاهرة في ملف حقوق الإنسان، إنه "مدافع دائم عن الانفتاح الديمقراطي" و"مجتمع مدني ديناميكي ونشط" في مصر، موضحاً، "سنحت لي الفرصة، كما هي الحال بين الأصدقاء الذين تجمع بينهم الثقة والصراحة، للتطرق إلى مسألة حقوق الإنسان"، من دون ربطها بملفات التعاون الثنائي بين البلدين.

القضايا الحقوقية وحرية التعبير

ورحب ماكرون خلال مؤتمرهما الصحافي المشترك، بإفراج القاهرة، الخميس، عن ثلاثة أعضاء في منظمة غير حكومية، وأوضح أنه تطرق أيضاً إلى "ملفات أفراد آخرين" بينهم رامي شعث المدافع المصري - الفلسطيني عن حقوق الإنسان، المتزوج من فرنسية، وتدين منظمات غير حكومية عدة اعتقاله منذ أكثر من عام. لكن ماكرون في الوقت ذاته قال، "لن أربط تعاوننا في المجالين الدفاعي والاقتصادي بهذه الخلافات" مشدداً على "سيادة الشعوب"، معتبراً أن "سياسة تقوم على الحوار أكثر فاعلية من سياسة المقاطعة التي ستفضي إلى خفض فعالية أحد شركائنا في مكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي"، وأنه "لا يرغب في إضعاف قدرة القاهرة على مكافحة الإرهاب في المنطقة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب ماكرون، فإن فرنسا ومصر متحدتان لبناء "حيّز لا مكان فيه لأحكام الموت وخطابات الكراهية، عندما يتم ببساطة التعبير عن الحريات". في ضوء حملة المقاطعة الأخيرة التي تعرضت لها باريس خلال الفترة الأخيرة في العالم الإسلامي، بعدما دافع الرئيس الفرنسي عن حرية نشر رسوم كاريكاتورية بعد قتل مدرس فرنسي بقطع رأسه في أكتوبر (تشرين الأول)، لعرضه رسوماً للنبي محمد خلال حصة مدرسية حول حرية التعبير.

ورداً على سؤال في شأن هذه المسألة، دافع ماكرون عن الحريات، وبينها حق انتقاد الديانات، فيما شدد نظيره المصري على الطابع "المقدس" للدين، الذي رأى أنه "يسمو على القيم الإنسانية". وذكّر السيسي بأن مصر دانت قتل المدرس الفرنسي على يد لاجئ شيشاني، مشدداً على أن بلاده تقف "بمنتهى الحزم والشدة ضد أي عمل إرهابي وتدينه".

وقال السيسي، إن "من حق الإنسان أن يعتنق ما يعتنق ويرفض ما يرفض"، لكنه رأى أنه "يجب ألا يكون التعبير عن الرأي سبباً في جرح مشاعر مئات الملايين". مشدداً على ضرورة عدم ربط الإرهاب بأي دين، وعدم الإساءة إلى الرموز والمعتقدات المقدسة، وأهمية التمييز الكامل بين الإسلام كديانة سماوية عظيمة، وبين ممارسات بعض العناصر المتطرفة.

من جانبه، رد ماكرون بالتأكيد أنه في فرنسا "لا نعتبر أن هناك ما يسمو على الإنسان وعلى احترام كرامة الشخص"، مشيراً إلى أن "هذا إرث فلسفة التنوير". لكنه أقرّ بأنه يمكن أن يكون هناك "نقاش في شأن اللياقة، وحول ما يمكن أن يصدم الآخر في العلاقات الإنسانية". وشدد في الوقت ذاته على "ألا ديانة لها الحق بإعلان الحرب عندما تتعرض للتهكم"، مذكراً بالفصل بين السياسة والدين في فرنسا. ورأى أن "هذا النقاش الذي نجريه هنا مهم جداً"، مشيراً إلى أن رؤية الدول الغربية تقوم على أن ما هو ديني "لا يحل محل ما هو سياسي، هذه قاعدة ومبدأ ديمقراطي، وإلا تحولنا إلى حكم ديني".

وذكر الرئيس المصري أن المحادثات تضمنت "حواراً معمقاً حول حقوق الإنسان والعنصرية والإسلاموفوبيا، فى ضوء ما تشهده القارة الأوروبية ومنطقة الشرق الأوسط من تحديات متصاعدة واضطرابات ونزاعات مسلحة، بما يضع على عاتقنا مسؤولية كبيرة للموازنة بين حفظ الأمن والسلام والاستقرار الداخلى من جهة، وبين الحفاظ على قيم حقوق الإنسان بمفهومها الشامل من جهة ثانية". على حد تعبيره.

نحو تعزيز التعاون الثنائي

وحول أبرز القضايا الثنائية التى تم تناولها خلال محادثات الجانبين، ذكر الرئيس المصري، الذي بدأ زيارته إلى العاصمة الفرنسية أمس الأحد وتستمر ثلاثة أيام، أن البلدين تجمعهما علاقات ذات طبيعة استراتيجية وصداقة ممتدة على الصعد كافة، مشيراً إلى أن السنوات الماضية شهدت تعاوناً ثنائياً في جميع المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية.

وأضاف الرئيس المصري أن المحادثات مع نظيره الفرنسي اتسمت بالصراحة والشفافية، وعكست مدى تقارب وجهات النظر حول كثير من الملفات والقضايا الثنائية والإقليمية، موضحاً أنه تم الاتفاق على أهمية العمل المشترك نحو زيادة قيمة الاستثمارات الفرنسية في مصر، والاستفادة من الفرص الكبيرة التى توفرها المشاريع القومية العملاقة في مصر حالياً، إضافة إلى ضرورة الدفع قدماً لزيادة التبادل التجاري بين البلدين، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق خلال اللقاء على تعزيز التعاون في القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية، بخاصة في مجال التعليم ما قبل الجامعي والتعليم العالي والاتصالات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والتحول الرقمي والصحة والبنية الأساسية.

وذكر الرئيس المصري أن المحادثات شهدت استعراض أوجه التعاون العسكري، وسبل تعزيز العلاقات الثقافية والعلمية بما يعكس الميراث الثقافي والحضاري الكبير للبلدين. وقال، "ناقشنا أهمية زيادة تدفقات السياحة الفرنسية إلى المقاصد السياحية المصرية، في ضوء التدابير الاحترازية المشددة التى تطبقها مصر"، مشيداً بقرار ماكرون استئناف الرحلات السياحية بين البلدين اعتباراً من 4 أكتوبر (تشرين الأول) الماضى.

فلسطين والأزمة الليبية وسد النهضة على الطاولة

ووفق حديث الرئيس المصري خلال المؤتمر الصحافي، فقد ناقش الطرفان عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، قائلاً، "أكدنا ضرورة استمرار المساعي النشطة لتسوية النزاعات الإقليمية بصورة سلمية استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية، وتوافقنا على أهمية تهيئة المناخ الملائم لاستئناف عملية السلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بما يتفق مع المرجعيات المتفق عليها، ومبدأ حل الدولتين بما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".

وتابع، "شددنا على أن الحل السياسي الشامل في ليبيا، الذي يعالج جميع جوانب الأزمة، هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار لهذا البلد الشقيق، والحفاظ على وحدته الإقليمية، مع ضرورة التأكيد على تفكيك الميليشيات المسلحة وخروج جميع القوى الأجنبية من ليبيا، تنفيذاً لما تم الاتفاق عليه خلال اجتماعات اللجنة العسكرية (5+5)، فضلاً عن تناول آخر تطورات مفاوضات سد النهضة والمساعي المصرية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ومتوازن للملء والتشغيل، يراعي مصالح مصر والسودان وإثيوبيا".

وأمس الأحد، استهل الرئيس المصري زيارته للعاصمة الفرنسية بلقاء كل من وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، ووزير الدفاع الفرنسية، فلورانس بارلي، لبحث جوانب التعاون السياسي والأمني والعسكرى بين البلدين، وتطويره خلال المرحلة المقبلة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية بسام راضي، أن الرئيس المصري حرص على التأكيد خلال لقائه وزيرة الدفاع على ضرورة تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية، وبرامج ونظم التسليح مع فرنسا، في إطار علاقة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، بخاصة في ضوء التحديات المتصاعدة في منطقتي الشرق الأوسط وشرق المتوسط، الأمر الذى يتطلب تكثيف التنسيق والتشاور بين البلدين لمواجهه هذه التحديات.

المزيد من الأخبار