Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر... الحراك الشعبي يغيِّر الخريطة الحزبية

أحزاب كثيرة تشهد تصدعات ومراجعات ذاتية واستقالات ومطالب بمراجعة الماضي

التظاهرات المطالبة بالتغيير وصلت الى فرنسا (أ.ف.ب)

هز الحراك الشعبي الطبقة السياسية في الجزائر، بقوة، وعلى الرغم من انه انطلق من أجل التعبير عن رفض استمرار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في الحكم لعهدة خامسة، غير ان ارتداداته على الاحزاب والتشكيلات تمهد لخريطة سياسية تنتقل اليها الجزائر قريباً.

لا تزال أحزاب الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة تتجرع مرارة ولائها بعدما خرجت فئات من داخلها تطالب بتصحيح المسار عقب "طرد المنبطحين". خصوصاً أن هذه الاحزاب المتمثلة في جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطي، وتجمع أمل الجزائر، والحركة الشعبية، كانت تريد من خلال مواقفها المؤيدة للعهدة الخامسة، التموضع في الخريطة السياسية لما بعد الرئاسيات، لكنها اصطدمت بهتافات الشعب في المسيرات المطالبة بالرحيل.

أويحيى خارج الحزب

بدأت ملامح التغيير تظهر في الساحة الجزائرية بعد مطالبة حليف الحزب الحاكم التجمع الوطني الديمقراطي، أمينه العام، أحمد اويحيى، بالرحيل من الحزب فوراً، معتبراً ان الحراك الشعبي أفرز معطيات جديدة لا بد من أخذها في الحسبان وإعطائها أهمية خاصة، مشيراً الى "ان الحزب غابت عنه البصيرة والشجاعة عندما أعلن ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة"، وبيّن ان المناضلات والمناضلين يتبرؤون من تصرفات الأمين العام وقراراته.
وقال كمال بورنين، قيادي بالتجمع الوطني الديمقراطي، لـ "اندبندنت عربية"، إن "خروج الشعب في 22 فبراير أربك الحزب وأحدث انشقاقاً يصعب ترميمه"، وتابع انه من المنتظر الاعلان عن "حركة تصحيحية لتقويم مسار الحزب بعد خروجه عن السكة"، معلناً ان ظهور تشكيلة سياسية من رحم حزب التجمع الوطني الديمقراطي ممكن جداً، بعد الصورة السوداوية التي الصقها الأمين العام، أويحيى، بالحزب الذي تراجع الى ادنى مستوياته، وهذا ما يستلزم انقاذه والعودة بقوة الى جانب الشعب وفق المبادئ التي أُسس من اجلها.

الداخلية تدخل على الخط
حزب جبهة التحرير الوطني نال حصة الأسد من انتقادات الشارع الغاضب، فإلى جانب المطالب الشعبية بضرورة رحيل منسقه معاذ بوشارب، توسعت دائرة الرفض الى قواعد الحزب التي اعتبرته رئيساً غير شرعي للحزب الحاكم، وهذا ما دفع 110 نواب الى المطالبة برحيله، ودعوة 150 عضواً في اللجنة  المركزية  لإعادة الحزب الى السكة الصحيحة، وذلك بعقد دورة لجنة مركزية بالسرعة الممكنة، وقد راسلوا الداخلية وحملوها مسؤولية أي فوضى داخل الحزب، إذا مُنح رخصة لعقد المؤتمر الاستثنائي، الذي يدعو اليه المغضوب عليه معاذ بوشارب. وقد استجابت وزارة الداخلية طلب الغاضبين ورفضت منح بوشارب رخصة تنظيم المؤتمر الاستثنائي.
وقال حسين خلدون، الناطق الرسمي لحزب جبهة التحرير الوطني، إن كل الذين أيدوا العهدة الخامسة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مطالبون بالاستقالة الفورية، لأن الشعب يرفضهم ويدعو لتنحيتهم من مناصبهم. وتابع ان المتشبثين بمناصبهم على الرغم من المطالب المتعاظمة برحيلهم، يضيِّعون الوقت، لأن الشعب يواصل التظاهر حتى رحيلهم، موضحاً أن حزب جبهة التحرير يؤيد مطالب الشعب المشروعة والتي يجب تلبيتها كلها.
كذلك شمل الأمر حزب تجمع أمل الجزائر، بعد اعلان المكلف بالإعلام للحزب، نبيل يحياوي، استقالته قائلاً "بعد تفكير طويل واستشارة الكثير من الأصدقاء واستخارة المولى عز وجل، قررت الاستقالة بصفة نهائية من الحزب"، في حين فضل حزب الحركة الشعبية التزام الصمت، بعد بيانين متتاليين، ثمَّن الأول قرار استقالة الرئيس، ووصفه بالقرار الحكيم، ونفى البيان الثاني المشاركة في اجتماع 28 مارس (اذار)، ووصفه نائب وزير الدفاع بالمشبوه.

التيار الاسلامي في مواجهة اعصار "صامت"
وتبرأ حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض من الدعوة التي أطلقها اثنان من أعضاء هيئته الرئاسية، لاجتماع استثنائي، واعتبر الدعوة إثارة للفوضى، متسائلاً: "كيف يتم استدعاء مجلس وطني لموعد غير رسمي. وشدد أن هذا الفعل غير قانوني وغير مسؤول، ويهدف إلى تحييد الحزب في هذه اللحظات التاريخية للشعب".
وتعيش أحزاب التيار الاسلامي على وقع التخوف من الانشقاقات، بخاصة الاحزاب التي عبَّرت عن دعمها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأيدت ترشحه، مثل حركة الاصلاح الوطني، بقيادة زعيمها فيلالي غويني، الذي توارى عن الانظار منذ بداية الحراك الشعبي، في حين تشهد احزاب الاخوان تصدعات خفية بسبب استمرار الرأي الواحد في التسيير، وهو حال العديد من الاحزاب الاسلامية، وهذا ما ينبئ بحركات تصحيحية في الايام المقبلة.
ومع استمرار الحراك الشعبي، يزداد الضغط على الطبقة السياسية، وهذا ما يبشر بمرحلة جديدة من العمل السياسي، وبخريطة حزبية جديدة، بالتوازي مع التغيرات التي تشهدها البلاد، وفي حين تعمل تشكيلات سياسية على مواكبة تحرك الشارع في محاولة للتموضع، تحاول تشكيلات اخرى ممارسة الهدوء والحذر تجنباً لصدمات داخلية تؤثر في اهدافها المستقبلية.
 

المزيد من العالم العربي