Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تكفي المواجهة الدبلوماسية مع طهران لتحقق واشنطن أهدافا استراتيجية؟

الصواريخ الباليستية التي تصنعها إيران أخطر من السلاح النووي الذي لا مجال لاستعماله عملياً

طهران تستخدم الصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط لزعزعة استقرار المنطقة (أ ف ب)

خيارات أميركا وإيران ليست بسيطة كما تبدو، ولا شيء اسمه عودة أوتوماتيكية إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس دونالد ترمب، وتحدث نظيره المنتخب جو بايدن عن العودة إليه بشروط، وسارع حسن روحاني إلى التلويح بشروط مضادة. فما كشف عنه النقاش بعد الانسحاب الأميركي مسألتان: "النواقص" في صلب الاتفاق، التي لم يتوقف عندها الرئيس باراك أوباما المستعجل، و"الزوائد" الخطيرة التي رفضت طهران التفاوض حولها مع وعد بالبحث فيها بعد تنفيذ الاتفاق ورفع العقوبات بقي في الهواء. وما أعلنه أخيراً وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بالتفاهم بين برلين وباريس ولندن، سكب ماء بارداً على الرهانات المتسرعة، من حيث أكد اقتراب الموقف الأوروبي من الموقف الأميركي. فضلاً عن أن الغامض لا يزال أكثر من الواضح في عملية اغتيال العالم النووي محسن فخري زادة الذي يوصف بأنه "المسؤول عن المشروع النووي العسكري السرّي".

من طريقة الاغتيال إلى الهدف، مروراً بالردّ الايراني المفترض، هل الهدف هو فقط كبح المشروع الإيراني السرّي أم أيضاً "إعاقة الدبلوماسية" التي سيعود إليها بايدن؟ هل كان الاغتيال، كما رأته طهران، "فخّاً" لكي تردّ عسكرياً بما يعطي ترمب ونتنياهو المبرر لتوجيه ضربة عسكرية قاسية لها؟ هل كان سبب اللاردّ إدراك هشاشة الوضع خلف مبالغات القوة والاقتدار و"سحق الأعداء" أم أنه مجرّد "صبر استراتيجي" انطلاقاً من تفريق المرشد الأعلى علي خامنئي بين "المواجهة الانفعالية" التي يتوقعها العدو و"المواجهة الإبداعية" لضربه حيث لا يتوقع؟

الواقع أن المشروع النووي الإيراني بدأ سلمياً أيام الشاه، لكنه صار من أوراق القوة لدى "الجمهورية الإسلامية" في مشروعها "الإمبراطوري" تحت العنوان الأيديولوجي الديني. الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور أهدى طهران في الخمسينيات بعض المعرفة عبر برنامج "الذرّة من أجل السلام". والرئيس ليندون جونسون قدّم إليها أول مفاعل نووي. والرؤساء جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترمب عملوا على كبح ما رأوه جانباً عسكرياً سرّياً في المشروع الذي أنفقت عليه "جمهورية الملالي" عشرات مليارات الدولارات وتحمّلت العقوبات من دون أن تتوقف عن تطويره. كان منطقهم أن حصول دولة "راعية للإرهاب" على سلاح نووي أمر خطير جداً يزعزع أمن المنطقة ويضطر الدول العربية إلى الحصول على سلاح نووي، صار منذ عقود في ترسانة إسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حين انسحب ترمب من الاتفاق، مارس سياسة "الضغط الأقصى" بالعقوبات على إيران للعودة إلى التفاوض على اتفاق جديد. والهدف هو تعديل "بند الغروب" الذي يسمح لطهران بتخصيب اليورانيوم بنسب مرتفعة بعد سنوات بحيث يصبح المنع دائماً أو لعقود. فضلاً عن التفاوض على التوقف عن تطوير الصواريخ الباليستية، وكبح النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن ووقف "الأنشطة الخبيثة التي تزعزع الاستقرار" في الشرق الأوسط. لكن فرنسا وبريطانيا وألمانيا الشريكة في الاتفاق، اختلفت مع ترمب على الأسلوب وممارسة "الضغط الأقصى"، كما أصرّت على مبدأ التصحيح والتعديل والتفاوض من موقع التمسك بالاتفاق لا من خارجه. بايدن أراد العودة إلى الاتفاق ثم بدء التفاوض على تعديله كما على الصواريخ والنفوذ ورعاية الإرهاب، واشترط للعودة التزام إيران بموجب الاتفاق. وهكذا صارت أميركا وأوروبا في موقف موحّد بما يجعل الموقف أقوى. ثم تحدث بايدن عن الحاجة الى إشراك السعودية والإمارات في المفاوضات لأن الجيران معنيون أكثر من سواهم بالخطر الإيراني.

وفي رأي الخبراء، فإن الصواريخ الباليستية الذكية التي تصنعها طهران أخطر من السلاح النووي الذي لا مجال عملياً لاستعماله. ويقول كريم سادجادبور من "كارنيغي"، "رأينا في العقدين الماضيين كيف انشغلنا بالسعي لكبح برنامج إيران النووي، لكن آلاف الأسلحة الصغيرة الذكية التي تملكها إيران وتوزّعها على ميليشياتها صارت التهديد الحقيقي لجيرانها". والسؤال هو، إلى أي حدّ يصح في الواقع رأي المسؤول السابق في الخارجية الأميركية نيكولاس بيرنز حول "قدرة الدبلوماسية الذكية على إبطاء البرنامج النووي الإيراني لعقود"؟ وأي حظ لتحقيق أهداف استراتيجية بخوض معركة دبلوماسية؟

الموقف المعلن في طهران هو "لا إعادة تفاوض على الاتفاق. لا مجال للتخلي عن تطوير الصواريخ الباليستية التي هي ضامنة للأمن القومي. ولا للتوقف عن تصدير الثورة لأن مشروع الجمهورية الإسلامية ليس لإيران وحدها بل للمنطقة والعالم". والتمسك بهذه "اللاءات" يعني، لا مفاوضات ولا عودة أميركية إلى الاتفاق. لكن التجارب أكدت أن ملالي إيران متشددون، لا انتحاريون. ومن الوهم تصوّر اللعبة مغلقة من الجانبين.

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة