Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الكاتبة الإنجليزية رولينغ متهمة بسرقة الفتى هاري بوتر من كاتب بولندي

قصة طويلة نشرت بالاسم نفسه عام 1972 لكن بطلها يبيع اللحوم في محل بريطاني

الكاتبة البريطانية  جي. كي. رولينغ التي جعلها "هاري بوتر" بيليونيرة (غيتي)

هل سرقت الكاتبة جي. كي. رولينغ اسم بطلها هاري بوتر من الكاتب البولندي شبه المجهول يان روستوروسكي؟ هذا السؤال يطرحه القارئ عندما يبصر نسخة مصورة قديمة وباهتة، من قصة طويلة منشورة في مجلة أدبية بولندية اسمها "زيتشي ليتيراتشكي" وعنوانها "هاري بوتر" ترافقها رسمة بالأسود والابيض  لهذا "البطل" ويرجع تاريخ نشر القصة إلى 19 مارس (آذار) 1972.

هذا السؤال أو هذه الوقيعة تروج في بعض المواقع الأدبية البولندية والبريطانية والفرنسية المفتوحة أمام ، مع أن أول ظهور لها كان في عام 2011 على الإنترنت البولندي وتداولها كتاب وقراء، ولكن في ما يشبه التندر أو التنمر، لكنها الآن نشرت رسمياً في المكتبة الرقمية البولندية المعروفة "مالو بولسكا" ومنها أخذتها المواقع العالمية.

قد يكون في ترويج مثل هذا الخبر محاولة للنيل من مجد الكاتبة التي أثارت وتثير حفيظة الحاسدين من الكتاب والكاتبات الذين لم تتسن لهم فرصة النجاح الهائل الذي تتمتع به الكاتبة البريطانية. ومعروف ان رولينغ تتعرض بين آونة وأخرى لسيل من الإشاعات والحملات، وقد اعتادتها وترد أحياناً عليها وأحياناً تغض الطرف عنها.ولعلها ضريبة النجاح والثراء يسعى بعض الكتاب الى جعلها تدفعها هي التي خطفت بريق النجومية بسرعة لم تكن تتصورها.علماً أن رولينغ لا تعد روائية كبيرة، ولا يمكن إدراج إسمها في خانة الروائيين الكبار في تاريخ الرواية البريطانية والعالمية.فهي كاتبة للأطفال والفتيان لا أكثر ولا اقل.

عنوان القصة القصيرة البولندية هو نفسه والبطل اسمه نفسه وهو فتى في السابعة عشرة من عمره، لكنه ليس ساحراً كما في الرواية، بل يعمل في محل لبيع النقانق والمخللات الكراكوفية الصنع. فتى عادي، يعيش حياة عادية، لا يتلقى رسائل ولا يثرثر على غرار "سميه" البريطاني بل يكتفي بقول "أوه نعم"، و"أوه كلا". وفي نهاية القصة يختفي نهائياً. أما هاري الساحر المراهق فظل يخوض المغامرات جزءاً تلو جزء في السلسة الشهيرة، متوغلاً في عالم السحر الخارق بدءاً من الحادية عشرة من عمره.

الكاتب البولندي غير المعروف كثيراً لا سيما خارج بولندا، شاعر وقاص ولد عام 1919 وتوفي عام 1975. لكن ما يلفت في سيرته هو قضاؤه 28 عاماً في بريطانيا خلال الحرب الثانية عندما التحق بالجيش البولندي عام 1940، ما يعني أنه تعلم اللغة الإنجليزية، أياً كان مستوى تعلمه إياها، واطلع على ظروف الحياة البريطانية وعاداتها وتقاليدها. ويقال إن اسم عائلة بوتر كان معروفاً في تلك الحقبة. ويقول ابن الكاتب ويدعى بوغوشلاو روستوروسكي، إن تفاصيل القصة كانت تمثل في ذاكرة والده الكاتب، وتعود إلى الأيام التي كان يعمل هو فيها في محل إنجليزي، موزعاً للحوم على الزبائن، ما يعني أن القصة واقعية ومستلة من حياته الشخصية.

سرقة ام مصادفة؟

لكن السؤال يظل مطروحاً: هل مرت القصة بعنوانها أمام عيني رولينغ أم أنها مجرد مصادفة بريئة؟ الجواب مستحيل. والاختلاف التام بين القصة والرواية يؤكد أنه لا علاقة بينهما إلا في نقطتين عابرتين. الأولى، تتمثل في أن "الهاتف في منزل هاري لا يرن بتاتاً لكنه يزقزق مثل عصفور"، وهذه الزقزقة تذكر بصوت ألبوم الناقل فعل السحر في الرواية. أما الثانية، فهي لجوء هاري في القصة إلى رمي اللعنة التعزيمية على إحدى الشخصيات، والتعزيم فعل حاضر في الرواية.

أصلاً عندما نشرت القصة البولندية عام 1972 كانت رولينغ في السابعة من عمرها وتعيش في إحدى القرى في مقاطعة بريستول. وفي القرية كانت إحدى العائلات تحمل كنية بوتروكانت تقطن بالقرب من بيت عائلة رولينغ، كما أوضحت مرة الكاتبة البريطانية نفسها، ذاكرةً أيضاً، أن اسم هاري هو أقرب الأسماء وأحبها إلى قلبها. ترى هل أخذ الكاتب البولندي هذا الاسم والكنية من بريطانيا أيام عاش فيها مثلما أخذتهما رولينغ أيضاً في ما يشبه توارد الخواطر؟

لن تعكر هذه الوقيعة التي يسميها بعض المعلقين المتنمرين "فضيحة"، حياة جي. كي. رولينغ، ولن تؤثر في النجاح الهائل الذي حققته سلسلة هاري بوتر التي انطلقت في 26 يونيو (حزيران) 1997، مع الجزء الأول الذي حمل عنوان "حجر الفلاسفة". وكانت الرواية الأولى فاتحة خير في مسار هذه الروائية جاعلة منها الكاتبة الأكثر مبيعاً في العالم وقلبت واقعها من امرأة مطلقة وأم عاجزة عن توفير دخل يكفي عائلتها وشابة طموحة لكنها متعثرة مادياً وعاطفياً واجتماعياً، إلى سيدة تملك ثروة هائلة لا يمكن حصرها، مع تزايد طبعات سلسلة هاري بوتر في ترجماته العالمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومعروف أن جي. كي. رولينغ لم تتمكن من تخطي ظاهرة "هاري بوتر" التي أضحت بمثابة سجن أسرت نفسها وراء قضبانه. صحيح أن روايات هاري بوتر صنعت مجدها في حقل أدب الأطفال والفتيان وفتحت أمامها أبواب الشهرة العالمية والثراء الهائل، لكنها أوقعتها كروائية ضحية لها، وحاصرتها ووسمت اسمها بها. وكان السؤال الذي طرحته على نفسها وطرحها عليها القراء والنقاد: ماذا بعد هاري بوتر؟ حاولت رولينغ الخروج من أسر الفتى الساحر ومن عالم الأدب الفانتاستيكي والغرائبي إلى أدب يخاطب القراء جميعاً. وكانت روايتها "منصب شاغر" التي صدرت في أبريل (نيسان) 2012 الجواب الأول على السؤال المحرج. لكنها طبعاً لم تكن في حجم انتظار القراء "الكبار" لها. وبدت في هذه الرواية كأنها تتهرب قصداً من عالم الخيال والتخييل، ساعية إلى معالجة موضوعات نفسية واجتماعية وسياسية راهنة، مع أن أحداث الرواية تقع في مدينة متوهمة وغير موجودة .

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة