Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اشتباك "افتراضي" بين أنقرة وواشنطن على خلفية الأزمة الليبية في اجتماع "الناتو"

التدخل التركي يهدد بإعادة الأمور إلى نقطة الصفر

غضب من التمدد التركي في ليبيا ومناطق ساخنة أخرى في العالم (أ ف ب)

في الوقت الذي تتواصل فيه المفاوضات بين أطراف النزاع الليبي، سعياً إلى حل نهائي، واتفاق شامل على خريطة طريق تخرج البلاد من دوامة الصراع السياسي والعسكري، التي دخلتها منذ عقد مضى، تبقى معضلة التدخل التركي، العقدة الأبرز التي بقيت من دون حل، مشكلةً تهديداً حقيقياً لمشروع السلام الليبي، الذي بدأت ملامحه تكتمل شيئاً فشيئاً.

المخاوف من نتائج تعنّت أنقرة ورفضها الخروج من المشهد الليبي، بل وتعزيز حضورها العسكري بشكل يومي غرب البلاد، تزايد في الأسابيع الماضية، بعدما رصدت مواقع المراقبة الجوية، ضخ تركيا شحنات عسكرية جديدة، إلى قاعدة الوطية جنوب طرابلس، بشكل متواتر في الأيام الأخيرة .

هذه الممارسات التركية، دفعت منظمات دولية عدة وقوى كبرى، إلى تصعيد اللهجة تجاه أنقرة، والتخطيط لمواجهة استفزازاتها في ليبيا، التي عدت انتهاكاً صريحاً للقرارات الدولية، والاتفاقات بين أطراف الحوار الليبي، التي شددت جميعها على وقف التدخلات الخارجية في البلاد، وخروج كل القوات الأجنبية، التي دخلتها خلال سنوات الصراع الدامية .

"انقسام في بيت الناتو"

الغضب من التمدد التركي في ليبيا ومناطق ساخنة أخرى في العالم، ورفضها المتواصل لكل القرارات والدعوات الدولية، للتراجع عن تدخلها العسكري في أكثر من صراع داخلي لدول كثيرة، وصل إلى البيت الداخلي لحلف الناتو، حين تبادل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ونظيره التركي مولود تشاويش أوغلو، الاتهامات الثلاثاء، خلال اجتماع افتراضي لوزراء خارجية حلف "الناتو"، بإشعال النار في ليبيا والبحر المتوسط.

ووفقاً لتقرير صحافية أميركية، اتهم بومبيو أنقرة بإذكاء التوترات داخل حلف "الناتو" بين الحلفاء، بممارساتها المستفزة في البحر الأبيض المتوسط.

في المقابل، اتهم أوغلو، الوزير الأميركي بالتواصل مع الحلفاء الأوروبيين لحثهم على التحالف ضد تركيا، والانحياز لليونان في النزاعات الإقليمية، ورفض بيع أنقرة أسلحة "باتريوت" الأميركية المضادة للطائرات.

وبحسب التقارير ذاتها، دعم العديد من وزراء خارجية "الناتو" حديث بومبيو ضد تركيا، على رأسهم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الذي ندد بسلوك أنقرة، قائلاً "التماسك داخل التحالف سيكون مستحيلاً، إذا واصلت أنقرة نهجها المخالف لمصالح أعضاء كثر بالحلف".

موضحةً أنه في نهاية الاجتماع، بدت تركيا معزولة فعلياً بين أعضاء التحالف الـ30، الذين رفضوا دعوة جديدة من أوغلو لحلف شمال الأطلسي، للقيام بدور في الحرب في ليبيا، واتهموها بتأجيج الصراع فيها، بإرسال أسلحة ومرتزقة لدعم حكومة "الوفاق" غرب البلاد .

أنقرة تواصل التعنت

وجدد أوغلو رفض بلاده الخروج من ليبيا، في حديث تلفزيوني الأربعاء على القناة الرسمية التركية، اتهم فيه الاتحاد الأوروبي باستخدام العملية البحرية الأوروبية في البحر المتوسط "إيريني" كأداة ضد مصالح بلاده.

وقال إن "إيريني أمرت في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بتنفيذ عملية إنزال على سفينة تجارية، ترفع العلم التركي، من دون إذن مسبق من أنقرة"، مدعياً أن "ذلك السلوك انتهاك واضح للقانون الدولي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلق تشاويش أوغلو، على العملية قائلاً، "نحتج بشدة على هذا العمل غير القانوني، ونحتفظ بحق الرجوع إلى أي وسيلة قانونية وشرعية متاحة من أجل الرد"، واعتبر أن "قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن حظر الأسلحة على ليبيا، لا تلغي حرية الملاحة".

وبيّن رفض بلاده تجميد اتفاقياتها العسكرية مع  حكومة "الوفاق"، الموقعة بين الطرفين نهاية العام الماضي، معتبراً أن "علميات التدريب والدعم الاستشاري التي قدمتها تركيا لطرابلس، منعت اندلاع حرب أهلية، ومهدت الطريق أمام العملية السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة حالياً".

نفاد الصبر في الشرق الليبي

في المقابل، بدأت أطراف تمثل الشرق الليبي، المعارض لتركيا، تفقد صبرها تجاه تجاوزات الأخيرة، التي تعتبرها مخالفة للقرارات الدولية، والاتفاقات الموقعة مع اللجان العسكرية في غرب البلاد، وهو ما ظهر في بيان مقتضب للجنة الدفاع بمجلس النواب، في طبرق، أرسل فيه تحذيراً أخيراً للبعثة الأممية في ليبيا، احتجاجاً على ما وصفته بـ"صمتها المريب تجاه الخرق التركي لاتفاق جنيف، الذي رعته البعثة، ومن أبرز بنوده خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، في أقرب وقت ممكن".

وكانت مصادر ليبية عدة، مقربة من معسكر الشرق، تحدثت عن وصول أكثر من ست شحنات عسكرية إلى قاعدة الوطية الجوية جنوب طرابلس، في الأيام الماضية، آتية من تركيا، محذرةً من نية الأخيرة في إشعال فتيل حرب جديدة بالبلاد بناءً على هذه التحركات .

تهديد خطير لمشروع السلام

وفي السياق، لمّحت مبعوثة الأمم المتحدة إلى ليبيا بالإنابة ستيفانى وليامز، إلى خطورة الوجود الأجنبي في ليبيا عموماً، والتركي خصوصاً، في كلمة عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، وجهتها للمشاركين في الحوار السياسي في تونس.

وقالت في كلمة افتتاحية لها، في الاجتماع الافتراضي الثالث، للجولة الثانية لملتقى الحوار السياسي الليبي، "توجد في أنحاء ليبيا كافة الآن عشر قواعد عسكرية، وهذه القواعد تشغلها بشكل جزئي أو كلي قوات أجنبية".

وأشارت وليامز إلى "وجود 20 ألفاً، من القوات الأجنبية والمرتزقة الآن على الأراضي الليبية"، معتبرة هذا الأمر "انتهاكاً مروّعاً للسيادة الليبية، وقد يرى بعض الليبيين أن هؤلاء الأجانب موجودون هنا كضيوف، لكنهم الآن يحتلون بلادهم".

وأضافت أن "هؤلاء القوات الأجنبية والمرتزقة يتسببون في تدفق السلاح إلى ليبيا، ووجود القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا ليست لمصلحة الشعب الليبي"، قائلة إن "ليبيا تمر بأزمة خطيرة بشأن ما يتعلق بالوجود الأجنبي".

عرقلة للسلام و"احتلال صريح"

واعتبر رئيس مجموعة العمل الوطني خالد الترجمان، أن "المغزى من التحركات السريعة والمتطورة لتركيا خلال الأيام الماضية في ليبيا، لترسيم قاعدة الوطية قاعدة تركية رسمية".

قائلاً إن "أنقرة لن تسمح بتوصل اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، إلى تفاهمات من شأنها إخراج تركيا والمرتزقة الذين جلبتهم إلى ليبيا، وتفكيك الميليشيات المسلحة وجمع السلاح، والذهاب إلى دولة مدنية حقيقية".

وشدد على أن "تركيا لن تسمح باستقرار في ليبيا، فهي ما زالت تطمح في أن تصبح الفاعل الأول والأساسي فيها، والمسيطر على ثروات الليبيين ومواردهم من نفط وغاز ويورانيوم وغيرها"، مبدياً استغرابه من صمت البعثة الأممية تجاه تركيا، وعجزها عن استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي، يلزمها باحترام اتفاقية اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا.

من جانبه، وصف الإعلامي الليبي أحمد فتحي، الممارسات التركية بـ"الاحتلال الصريح لبلد مستقل وعضو بالأمم المتحدة".

معتبراً أنه "على بعثة الأمم المتحدة التحرك بسرعة، لوقف تلك التجاوزات، وإلا سيفقد مشروعها للحل السلمي صدقيته وزخمه الحالي، وتعود الأزمة الليبية لنقطة الصفر، لأن ما تقوم به تركيا تجاوز كل الحدود، والغريب أنه يحدث يومياً أمام أعين العالم، الذي يلح على الأطراف الليبية لإنجاز خريطة طريق للحل السلمي، ويغمض عينه عن ممارسات أنقرة الخطيرة في ليبيا، التي تعرقل هذه المساعي".

المزيد من تقارير