Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ملف الضباط والعقارات في لبنان هل سيصيب برذاذه الرئيس عون؟

هناك من يعتبر أن توقيت فتح هذه المسألة يستهدف أيضاً قائد الجيش الحالي لإبعاده عن السبق الرئاسي

فتح هذه المحاكمة العسكرية هل يجر أسماء سياسية؟ (غيتي)

في التوقيت والمضمون معاً، شكّل خبر الادعاء على 7 ضباط متقاعدين في الجيش اللبناني، وضابط متقاعد في الأمن العام بجرم الإثراء غير المشروع، مفاجأة بمعانٍ مختلفة. استند النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر على إخبار مقدم من المحامي وديع عقل، عضو المجلس السياسي للتيار الوطني الحر، للادعاء على الضباط وهم: قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، مدير المخابرات الأسبق كميل ضاهر، مدير المخابرات الأسبق العميد إدمون فاضل، مدير عام الإدارة اللواء عبد الرحمن شحيتلي، مدير فرع مخابرات بيروت العميد جورج خميس، مدير فرع مخابرات الشمال العميد عامر عبد الهادي الحسن، مدير مكتب قائد الجيش السابق العميد محمد جعفر الحسيني والرائد في الأمن العام أحمد الجمل. القاضي أبو حيدر أحال الملف إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة القاضي شربل أبو سمرا، الذي حدد جلسة تعقد في الرابع عشر من ديسمبر (كانون الأول) الحالي للتحقيق معهم.

وأرفق الملف بلائحة من العقارات التي يملكها الضباط المتهمون بالفساد، تفاوت حجمها بين ضابط وآخر، وتصدّر اللائحة مدير عام الإدارة السابق المقرب من رئيس مجلس النواب نبيه بري اللواء عبد الرحمن شحيتلي عبر امتلاكه 123 عقاراً، فيما بلغ الرقم الأدنى عقارين يملكهما مدير المخابرات الأسبق العميد المتقاعد ضاهر، وتظهر اللائحة امتلاك قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي 38 عقاراً.

فضيحة المدرسة الحربية هي الشرارة

كانت فضيحة المدرسة الحربية التي أثيرت عام 2017، والرشاوى التي تدفع من أجل التطوع في المؤسسة العسكرية، الشرارة التي انطلق منها ملف ما يُعرف اليوم بملف الفساد في صفوف ضباط متقاعدين. ملف المدرسة الحربية خرج إلى العلن حينها إثر توقيف الضابط المتقاعد في الأمن العام أحمد الجمل و6 مدنيين، إلا أن القضية لم تصل إلى خواتيمها على الرغم من استمرار المحاكمة ولكن ببطء شديد. وتكشف مصادر مطلعة على الملف أن قائد الجيش العماد جوزيف عون اهتم بالملف شخصياً منذ توليه قيادة الجيش وفتح تحقيقاً داخل المؤسسة، فيما تذكر مصادر أن التحقيق توقف عندما وصل إلى أماكن محددة، وبعد تدخل جهات سياسية ارتبط بعض أسماء الضباط المتورطين في القضية بها.

14 ديسمبر الحالي

بعد قرار المحكمة العسكرية المفاجئ  التوسع في التحقيق، كل الأنظار ستكون مشدودة إلى الجلسة المقررة في الرابع عشر من الحالي في ترقب لمدى تجاوب الضباط مع دعوى رئيس المحكمة العسكرية، بحضور الجلسة، وربما لما سيكشفه بعضهم من أسرار كبيرة  تطال رؤوساً كبيرة، لا سيما أن الجامع المشترك بين عدد منهم هو أنهم خدموا مع رئيس الجمهورية ميشال عون وكان بعضهم يعدّ من المقربين منه قبل أن يصبح من المبعدين. يقول أحد الضباط المتهمين لـ"اندبندنت عربية"، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إنه لو فضح كل ما يعرفه، فقد يضطر الرئيس عون إلى مغادرة القصر، والعودة مجدداً إلى المنفى في فرنسا.

شحيتلي: "يا ريت يرفعوا السرية المصرفية عن حساباتي"

يتصدر اسم اللواء شحيتلي المدير السابق للإدارة في عهد العماد جان قهوجي، لائحة الضباط المتقاعدين في الجيش اللبناني الأكثر تملكاً للعقارات. ويكشف شحيتلي أنه مستعد مع محاميه لمتابعة القضية إلى الآخر، وهو أعد ملفاً كاملاً ليثبت براءته، شارحاً أن عدد العقارات التي يملكها ليس 123 بل أقل من مئة، وهي كلها في قريته في شمسطار البقاعية، حيث لا يتعدى متر الأرض هناك الـ2000 ليرة لبنانية (أقل من دولار أميركي)، علماً بأن عدداً من عقاراته الموروثة من والده كما يقول لا يتعدى مساحتها الـ60 متراً، وهي لا تتسع حتى لمولد كهربائي.
يتمنى شحيتلي أن يرفعوا السرية المصرفية عن حساباته، ويقول إنه مدين لبنك البحر المتوسط بمبلغ قدره 340 مليون ليرة (زهاء 80 ألف دولار على سعر الصرف 3900 ليرة)، وهو قرض زراعي حصل عليه لاستصلاح أراضيه في قريته، ولديه حساب آخر في الدولار في بنك لبنان والمهجر قيمته 20 ألف دولار فقط. شحيتلي يتوعد بالرد عبر القضاء ورفع دعوى ضد من شهّر باسمه وأدخله زوراً كما يقول في ملف الفساد، وهو مقتنع بأن زج اسمه في الملف كان لتحقيق توازن طائفي، بصفته الضابط الشيعي الأعلى رتبة، بهدف إسقاط ذريعة قد يتحجج بها العماد قهوجي ليقول بأن الاستهداف هو فقط لكبار الضباط الموارنة، فلا يمثل أمام المحكمة.

باسيل لن يقبل أن يغرق وحده  

على الرغم من اقتناع ضباط متقاعدين من المؤسسة العسكرية بأن بعض الأسماء الواردة على لائحة الضباط الفاسدين، تسود حولها شبهات وشكوك وأيضاً معلومات، حول ارتباط اسمها بتقاضي رشاوى مقابل تسهيل مخالفات، كما كان يفعل مثلاً وفق المعلومات، العميد عامر الحسن المدير السابق لفرع مخابرات الشمال، المتهم بتقاضي أموال مقابل تسهيل البناء داخل مخيم الفلسطينيين ولقاء تراخيص المقالع وغيره، فإن المطلوب أن لا يكون الفساد انتقائياً، وأن يشمل كل الأسماء التي ارتبطت أيضاً بمرحلة الوصاية السورية على لبنان، ومن بينهم ضباط كبار، ويسأل آخرون أين رجال السياسة من هذه الملفات، ألم يجدوا عندهم عقارات وأموال؟

استهداف سياسي؟

التوقيت يأخذ أيضاً، أبعاداً سياسية تتعلق باستهداف مؤسسة الجيش اللبناني وقائدها العماد جوزيف عون. فللمفارقة مثلاً أن الإخبار الذي استند إليه قاضي التحقيق الأول للادعاء على الضباط مقدم من المحامي عقل، وهو من الحلقة الضيقة القريبة إلى رئيس التيار الوطني الحر، كما أن تحديد الجلسة تم في إحدى وسائل الإعلام التي تدور في فلك التيار الوطني، قبل حتى أن يُعلن من مكتب القاضي نفسه. وبحسب العميد المتقاعد خليل الحلو إن قرار تشويه صورة الجيش وقائده اتخذ بعد صدور العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتهمة الفساد، وبعد تصريح لافت لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، اعتبر فيه أن الجيش اللبناني هو المؤسسة الوحيدة في لبنان التي لا فساد فيها. وتحريك ملف الضباط الآن الذي ترافق مع حملة إعلامية على ميشال سليمان قائد الجيش الأسبق ورئيس الجمهورية السابق هو للقول أن قائد الجيش، المرشح الأقوى للرئاسة، يمكن أن يكون فاسداً، ولا يصلح ليكون رئيساً. بالتالي فإن رئيس التيار الوطني الحر الذي أُقفلت أمامه الطريق إلى بعبدا، يسعى إلى إقفالها أمام كل مرشح محتمل وفي مقدمهم قائد الجيش. يؤكد الحلو أن المؤسسة العسكرية هي أقل مؤسسة يمكن أن يحصل فيها سرقة من أموال الدولة والأكثر توفيراً على الخزينة اللبنانية على حد قوله، إن في عقود الدواء أو الطعام. ويسأل ماذا عن تقاضي الأموال من إيران أليس أيضاً فساداً؟

في أي حال وبانتظار أن يظهر القضاء حقيقة الاتهامات الموجهة ضد الضباط، من الواضح أنه وبحجج مكافحة الفساد التي أتت متأخرة، فإن القاعدة السائدة حالياً هي في الاختباء وراء نصوص قانونية لتصفية حسابات سياسية. وتكشف مصادر لـ"اندبندنت عربية" أن الانتقاء في اختيار الملفات سيستمر، تحت عنوان الكيدية السياسية، وعلى قاعدة يعتمدها التيار السياسي الحاكم، وهي "لن أغرق وحدي".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي