Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل سيحد اغتيال فخري زادة خيارات بايدن في التعامل مع إيران؟

"إذا انتقم الإيرانيون وأعطوا ترمب ذريعة لشن ضربة قبل ترك منصبه فإن الرئيس الجديد سيرث مشكلات أكبر من مجرد حطام وثيقة دبلوماسية عمرها خمس سنوات"

إيرانيون غاضبون يحرقون صور ترمب وبايدن خلال احتجاج على مقتل فخري زادة (رويترز)

بعد اغتيال العالم الإيراني محسن فخري زادة، الذي قاد سعي بلاده لامتلاك سلاح نووي على مدى العقدين الماضيين، يبدو أن نوايا الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن لإحياء الاتفاق النووي الإيراني أصبحت مهددة قبل أن يتمكّن حتى من بدء دبلوماسيته مع طهران. ولكن هل كان هذا هو الهدف الرئيس للعملية؟

يقول مسؤولو الاستخبارات الأميركية، بحسب مقال كتبه ديفيد سانغر في صحيفة "نيويورك تايمز"، إن هناك قليلاً من الشك في أن إسرائيل تقف خلف عملية الاغتيال، إذ لديها كل السمات المميزة لعملية حُدّد توقيتها بدقّة من قبل الموساد، ولم يفعل الإسرائيليون شيئاً للدفاع عن موقفهم أمام هذا الرأي. ولطالما اعتبر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إيران تهديداً وجودياً، ووصف العالم المقتول فخري زادة، بأنه "العدو القومي رقم 1" لإسرائيل، لأنه قادر على صنع سلاح يمكن أن يهدد بلداً يبلغ عدد سكانه 8 ملايين نسمة في انفجار واحد.

وعلّق نتنياهو بعد فترة وجيزة على اتضاح نيّة بايدن العودة إلى الاتفاق النووي، بالقول إنه "يجب ألا تكون هناك عودة إلى الاتفاق النووي". ويعتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن البرنامج النووي السري كان مستمراً حتى الأمس القريب تحت قيادة فخري زادة، وسيكون غير محدود بعد عام 2030، عندما تنتهي مفاعيل قيود الاتفاق النووي على طهران.

وكتب مارك فيتزباتريك، وهو مسؤول سابق في مجال حظر الانتشار النووي في وزارة الخارجية الأميركية على تويتر أن "سبب اغتيال فخري زادة لم يكن إعاقة إمكانات الحرب الإيرانية، بل إعاقة الدبلوماسية".

مهما كانت الدوافع، يجب على بايدن أن يصلح الأمر في سبعة أسابيع فقط. والسؤال المطروح حالياً هو ما إذا كانت الصفقة التي أوجزها الرئيس الأميركي المنتخب بإسقاط العقوبات النووية التي فرضها الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب على مدار السنتين الماضيتين والعودة إلى الاتفاق النووي، قد ماتت مع فخري زادة في بلدة أبسارد الجبلية، شرق طهران.

وتكمن الإجابة إلى حد كبير في كيفية ردّ إيران في الأسابيع القليلة المقبلة، إذ وجدت نفسها في الطرف المتلقي لهجمات شديدة الوضوح ومدمرة للغاية، في ثلاث مناسبات منذ بداية العام الحالي. أولاً، جاء مقتل قاسم سليماني، القائد السابق لـ"فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني، في ضربة بطائرة مسيّرة في العراق، وقالت إدارة ترمب حينها إنه كان يخطط لشنّ هجمات على القوات الأميركية. وبعد ذلك، في أوائل شهر يوليو (تموز) الماضي، حدث الانفجار الغامض في مركز أبحاث وتطوير أجهزة الطرد المركزي في نطنز، على بعد مئات الأمتار من مركز إنتاج الوقود الذي هاجمته الولايات المتحدة وإسرائيل منذ أكثر من عقد بسلاح إلكتروني متطور. والآن، مقتل فخري زادة، وهو شخصية غامضة غالباً ما توصَف بأنها "المكافئ الإيراني لروبرت أوبنهايمر"، العالم الذي أشرف على مشروع مانهاتن منذ أكثر من 75 عاماً في سباق الولايات المتحدة لتطوير أول سلاح نووي في العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ووصف رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية محمد باقري، مقتل فخري زادة بأنه "ضربة مريرة وثقيلة لنظام الدفاع في البلاد"، قائلاً إنه سيكون هناك "انتقام شديد". وصرّح القائد العام لـ"الحرس الثوري" حسين سلامي "إن اغتيال علمائنا النوويين هو حرب واضحة ضد قدرتنا على تحقيق العلم الحديث".

من جهة أخرى، إذا انتقم الإيرانيون، وأعطوا ترمب ذريعة لشنّ ضربة قبل أن يترك منصبه في يناير، فإن بايدن سيرث مشكلات أكبر من مجرد حطام وثيقة دبلوماسية عمرها خمس سنوات، بينما يحاول فريق السياسة الخارجية لدى الرئيس المنتهية ولايته، الحفاظ على السياسة الجذرية في التعاطي مع إيران، المتّبعة على مدى السنوات الأربع الماضية.

وأوضح بايدن أن العودة إلى الصفقة التي انسحب منها ترمب هي أحد أهدافه الأولى في الشرق الأوسط. وقبل الاغتيال، كان هناك دليل كبير على أن الإيرانيين يتخبطون، متجنّبين الاستفزازات التي قد تعطي ترمب دافعاً لتوجيه ضربة قبل أن يترك منصبه. وأوضح قادة طهران أن بقاء النظام هو هدفهم الرئيس، وكانوا حريصين على عدم المخاطرة بشكل يمكن أن يقلب آمالهم في رفع العقوبات واستعادة الاتفاقية بعد انتهاء ولاية ترمب. ويعتبر خبراء أن الخسائر المتراكمة من اغتيال سليماني إلى فخري زادة، مروراً بالتفجيرات الغامضة، باتت تشكّل خطراً كبيراً على النظام الإيراني، فيما يتزايد الضغط عليه من أجل الرد. وقد يكون هذا بالضبط ما يراهن عليه نتنياهو إلى جانب ترمب ومستشاريه، إذ قال مسؤولون عسكريون أميركيون السبت الماضي، إنهم كانوا يراقبون عن كثب قوات الأمن الإيرانية بعد تعهّد طهران بالانتقام لمقتل فخري زادة، لكنهم لم يلحظوا أي تحركات عسكرية أو أسلحة إيرانية غير معتادة.

يمكن لجولة من الأعمال العسكرية أن تجعل إعادة تشكيل الاتفاق النووي الإيراني شبه مستحيلة، ناهيك عن التفاوض على ترتيب دبلوماسي أكبر وأطول أمداً. وإذا كان الردّ على مقتل فخري زادة عبارة عن حلقة من الانتقام والردّ الانتقامي المضاد، فإن البرنامج النووي سيتعمّق أكثر تحت الأرض، حيث لا يمكن للقنابل والمخرّبين الوصول إليه، وقد تكون الضربات الإلكترونية حينها غير فعّالة.

المزيد من الشرق الأوسط