تتوالى ردود فعل مثقفين تونسيين وعرب، مستنكرين إقدام أشخاص ينتمون إلى فئات متطرفة على حرق مكتبة الكاتبة الباحثة التونسية آمنة الرميلي، مساء أول، بعدما دخلوا خلسة منزلها في صفاقس. وعُلم أن مجهولين خلعوا باب المكتبة، وسطوا على ما فيها من ملفات وعلب أرشيف ورسائل دكتوراة، وأشعلوا فيها النيران.وهذا ما يذكر فعلاً بزمن إحراق الكتب والمكتبات في بعض العصور الظلامية، عربياً وعالمياً.
وكتبت الشاعرة الباحثة آمال موسى: "علمت بحادثة سرقة بيت الروائية والزميلة الصديقة آمنة الرميلي، وحرق مكتبتها منذ سويعات، ولكن من شدة سريالية الخبر ومن فرط طابعه الصادم لم أحرك ساكناً.لن أقول كلنا آمنة الرميلي لأن ذلك لا شك فيه بالمرة، ولكن هذا الاعتداء لا يمكن أن يقوم به إلا الأوغاد…فعلاً دخلنا زمن هيمنة الأوغاد في تونس. لا بد من معرفة المجرمين والقبض عليهم، فقد كان يمكن للنار أن تشتعل أكثر وتذهب بأرواح عائلة، لولا أن النار كانت إنسانة أكثر من الأوغاد. بالمناسبة أصبحت صفة الأوغاد ضمن قاموسي الجديد".
وكتب الروائي الجزائري واسيني الأعرج: "ها هي آلة الموت والحرق والجريمة الموصوفة، تعود من القرون الوسطى محملة بتاريخ من الدم والرماد ضد كل نور يمنح فرصاً جديدة للحياة. فقد تعرض بيت الباحثة الروائية التونسية الدكتورة آمنة الرميلي إلى النهب والإفساد والحرق. في ثانية واحدة تحول ميراث من الكتب والوثائق الثمينة والمخطوطات الإبداعية إلى رماد. عمل جبان جاء بعد نجاح أعمالها الروائية، كان آخرها رواية "شطّ الأرواح" الصادرة منذ فترة قريبة، الذي أثار نقاشات واسعة وجدلاً ثقافياً مهماً". وأضاف: "أشعر بفداحة الخسارة لكني على يقين أيضاً يا آمنة، أنك مبدعة من طراز خاص ومناضلة متجددة وفنانة بكل مقاييس المعرفة، وسيتجدد هذا الميراث الذي لن يموت لأنه فيك. في الشعلة التي في داخلك التي جعلت منك واحدة من أهم الكاتبات العربيات، ومن أكثرهن إصراراً وصراحة وشجاعة، في مقاومة هذا العصر الذي لم يعد قادراً على إخفاء ظلامه وظلاميته".
بيانات جماعية
واصدر المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة بياناً يستنكر فيه الاعتداء، ويدعم الكاتبة، وجاء فيه: "إن الكتب المستنيرة تشكل لدى أحباء الظلام وأعداء الحياة سلاحاً لا يقدرون على مجابهته لما يتضمن من حجج وأدلة علمية تستعصي على فهمهم، وتدحض أيديولوجيتهم وتأويلاتهم السطحية والمتخلفة للدين والمجتمع والحياة". وأصدرت كذلك الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بياناً قوي اللهجة دافعت فيه عن حرية التعبير وتضامنت مع الكاتبة وأفكارها.
آمنة الرميلي روائية وقاصة وباحثة تونسية، تدرّس الأدب والنقد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في سوسة. عضو في هيئة تحرير مجلة "الفكرية" التي تصدر عن دار صامد. متحصلة الشهائد العلمية الآتية، الكفاءة في البحث عن "دراسة الردود على كتاب الطاهر الحداد امرأتنا في الشريعة والمجتمع" سنة 1990، الدراسات المعمقة عن "فن الشعر في ديوان البهاء زهير المصري" سنة 2005، التبريز سنة 2006، الدكتواره في "الحيلة في أدب الهامشيّين" سنة 2010، والتأهيل الجامعي سنة 2018.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تتوزع كتاباتها بين مجالي البحث الأكاديمي والأدبي، ففي المجال الأول لها مؤلفات عديدة، منها: "المرأة والمشروع الحداثي في تفكير الطاهر الحداد"، و"الحيلة في أدب الهامشيين"، و"كتابة القتل في الأدب العربي القديم"، و"الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني مدونة". ومن مؤلفاتها الأدبية في القصة والرواية: "يوميات تلميذ حزين"، و"صخر المرايا"، و"جمر وماء"، و"سيدة العلب"، و"الثور…ة، شطيح ونطيح"، و"الباقي" و"توجان".
حصلت آمنة الرميلي على جوائز عدة ، جائزة الكومار للرواية ، وجائزة نادي القصة أبو القاسم الشابي، وجائزة الكريديف لأدب المرأة، ووصل بحثها "كتابة القتل في الأدب العربي القديم" إلى القائمة القصيرة في جائزة كتاب الشيخ زايد لفرع الفنون والدراسات النقدية، سنة 2019.