اجتمعت، صباح الأحد 7 أبريل (نيسان)، اللجنة البرلمانية المشتركة المكلفة بإعداد مشروع النظام الداخلي لدورة البرلمان بغرفتيه المقررة الثلثاء 9 أبريل. والجلسة مخصصة للإقرار النهائي لشغور منصب الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، تزامناً وتلويح عدد من الأحزاب الممثَلة في البرلمان، بمقاطعة الجلسة. فجددت الجهات التي تدافع عن خيار الجيش اتهاماتها إلى تلك الأحزاب بمحاولة "تعطيل المسار الدستوري".
وأفاد بيان لمجلس الأمة، نشر صباح الأحد، بأن "غرفتَي البرلمان ستجتمعان، بناء على المادة 102 من الدستور دورة الثلثاء 9 أبريل، في قصر الأمم في نادي الصنوبر بالجزائر العاصمة".
تابع البيان الذي حصلت "اندبندت عربية" على نسخة منه "عقدت اللجنة البرلمانية المشتركة، اجتماعاً الأحد 7 أبريل 2019 في مقر مجلس الأمة، برئاسة صالح قوجيل بصفته العضو الأكبر سناً، وذلك طبقاً لأحكام المادة 101 من القانون العضوي رقم 16-12 المؤرخ في 22 ذي القعدة عام 1437 الموافق 25 أوت (أغسطس- آب) سنة 2016، الذي يُحدِّد تنظيم المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمّـة، وعملهما، والعلاقات الوظيفية بينهما وبين الحكومة".
وأعلن مجلس الأمة أن الاجتماع خصص "لدراسة مشروع النظام الداخلي لسير أشغال دورة البرلمان والمخصصة لأخذ العلم بتصريح المجلس الدستوري المتعلق بالشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وتفعيل المادة 102 من الدستور".
وأوضح أن "هذه اللجنة قد تم تنصيبها من جانب عبد القادر بن صالح، رئيس البرلمان خلال اجتماع مكتبي غرفتيه الخميس 4 أبريل 2019".
قانونياً، يقتضي عقد جلسة البرلمان حضور ثلثي النواب وتصويتهم. واستقالة بوتفليقة، وفق اختصاصيين في القانون الدستوري، باتت سارية، بمجرد إقرارها من المجلس الدستوري. أما البرلمان فـ"يُبلغ" لا أكثر.
المعارضة ترفض المشاركة
بمجرد إعلان إجراءات المادة 102 من الدستور، أصدرت أحزاب معارضة بيانات تعلن مقاطعة جلسة الثلثاء. وأعلنت اللجنة المركزية لحزب العمال "استقالة الكتلة البرلمانية للحزب بصفة لا رجعة فيها". وحزب العمال أحد التشكيلات السياسية المعارضة، التي تلوح بمقاطعة جلسة الثلثاء، وللحزب 11 نائباً في الغرفة الثانية (المجلس الشعبي الوطني) من أصل 462.
ورفضت اللجنة المركزية للحزب "محاولة الالتفاف على الثورة الشعبية والانقلاب على السيادة الشعبية من طريق البرلمان الفاقد للشرعية".
بيد أن موقف حزب العمال، لم يحقق "الإجماع" داخل الكتلة البرلمانية، إذ تفاقم خلاف غير معلن بين الأمينة العامة للحزب، لويزة حنون (وهي نائب في البرلمان) وعدد من نواب الحزب، بسبب إصرار حنون على منع حضورهم جلسة البرلمان الثلثاء. وتتطلب الجلسة تصويت الثلثين على الأقل، من مجموع نواب البرلمان بغرفتيه، أي (462 نائباً+ 144).
وعلمت "اندبندت عربية" أن سبعة نواب في حزب العمال رفضوا الاستقالة قبل الثلثاء، فيما وافق أربعة أخرون. ويخفي حزب العمال هذه الوضعية، إذ اتهم أحد النواب حنون بـ"التصرف تحت أوامر توفيق" (الجنرال محمد الأمين مدين، الرئيس السابق للاستخبارات). وقال النائب الذي رفض الكشف عن هويته إن "الأمر لا يتعلق بامتيازات البرلمان بقدر ما هو لعبة لمنع الخطة الدستورية التي يقترحها الجيش"، مضيفاً أن "البرلمان سيُحل آجلاً أم عاجلاً، والمهم الآن هو إنقاذ الجزائر من التعطل الدستوري ثم حل البرلمان".
لكن موقف حنون ليس الوحيد ضمن المعارضة. ما ينفي تهمة خصومها في الحزب بـ"محاولة تعطيل الحل الدستوري". فقد قال لخضر بن خلاف، رئيس المجموعة البرلمانية لتحالف النهضة والعدالة والبناء (ثلاثة أحزاب إسلامية)، إن "نواب التحالف لن يشاركوا في الجلسة، انسجاماً مع مواقف الشارع... ولا يمكن حضور جلسة يتم فيها تنصيب رئيس لتسيير شؤون الدولة على الرغم من أنه مرفوض من الشعب".
أما حركة مجتمع السلم، فقدمت شروطاً مسبقة للمؤسسة العسكرية. وقال رئيسها عبد الرزاق مقري إن "سطت على السلطة بشكل مباشر أو عادت بنا إلى عادة صناعة الرؤساء وتشكيل الطبقة السياسية بالمكر والدسائس وتسخير وسائل الدولة لمصلحة وسائطها السياسية والتحكم في قوى المجتمع بالتخويف والتطميع، وقهر المخالفين وتشويه المعارضين، فستكون- أي المؤسسة العسكرية- كجيش الحدود". وقصد جيش الرئيس السابق هواري بومدين الذي كان متمركزاً في وجدة المغربية، لكنه اجتاح الجزائر ما بعد الاستقلال واحتكر السلطة.
هل تستقيل الـ"باءات" الأربع؟
بعيداً من خلافات السياسيين، تتوقع مصادر مأذونة استقالة عبد القادر بن صالح من رئاسة مجلس الأمة، قبل الجلسة الثلثاء. هذا السيناريو قد يتيح للمدافعين عنه الدفع بشخصية توافقية من داخل نواب مجلس الأمة، ويتيح الاستمرار في المسار الدستوري، على أساس المادة 102 من الدستور. ما يحيل على المادتين 7 و8 بتصور المؤسسة العسكرية.
إلا أن إقناع الشارع بهذا السيناريو، يبدو ضرباً من الخيال في الفترة الحالية، إذ يرتفع سقف المطالب إلى رحيل مباشر لأربع "باءات" في أن واحد، ثم مواصلة الضغط على الشخصيات الأخرى من رموز النظام. والمعنيون بالرحيل في الصف الأول، عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة، نور الدين بدوي الوزير الأول، الطيب بلعيز رئيس المجلس الدستوري، ومعاذ بوشارب رئيس المجلس الشعبي الوطني.
استقالة هؤلاء معاً، قد تفضي إلى فراغ دستوري غير منصوص عليه في الدستور، إذ يفترض الدستور أن تؤول رئاسة الدولة إلى رئيس مجلس الأمة، في حال استقالة رئيس الجمهورية، ثم تنتقل تلقائياً إلى رئيس المجلس الدستوري.
الفقرة الأخيرة من نص المادة 102 من دستور البلاد، لا تشير إلى مرحلة ما بعد رئيس المجلس الدستوري، "إذا اقترنت استقالة رئيس الجمهوريّة أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمّة لأيّ سبب كان، يجتمع المجلس الدستوري وجوباً". وتضيف "يثبت بالإجماع الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية وحصول المانع لرئيس مجلس الأمّة. وفي هذه الحالة، يتولّى رئيس المجلس الدستوري مهمات رئيس الدولة".
أخيراً، "يضطلع رئيس الدولة المعين حسب الشروط المبينة أعلاه بمهمة رئيس الدولة طبقاً للشروط المحددة في الفقرات السابقة وفي المادة 104من الدّستور. ولا يمكنه أن يترشح لرئاسة الجمهورية".
إعلان دستوري مكمل لسد الفراغ
وفي سياق بحث المؤسسة العسكرية، التي تصر على المسار الدستوري، عن توافق على أساس هذه الخطة، يجري تسويق فكرة الإعلان الدستوري المكمل، للنقاش أملاً في كسب تأييد شعبي. وهي فكرة قد تتيح منح رئاسة الدولة لهيئة توافقية على أساس "نص دستوري"، بمعنى تقديم "حل سياسي في ثوب قانوني دستوري".