Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

من هي الجهات التي تستدين منها بريطانيا أكثر من تريليوني جنيه إسترليني؟

يُعَد المجموع الإجمالي للدَّين البالغ 2.08 تريليون جنيه إسترليني كبيراً إلى درجة يصعب معها فهمه

بنك إنجلترا يواصل إصدار سندات اقتراض المال لمواجهة العجز المالي الضخم الذي تسببت فيه جائحة كورونا (رويترز)

سجل الدَّين الوطني البريطاني أعلى مستوى له في 60 سنة تقريباً بعدما أنفقت الحكومة 22 مليار جنيه إسترليني (حوالي 29.4 مليار دولار أميركي) لمساعدة البلاد خلال أزمة فيروس كورونا.

يُعَد المجموع الإجمالي للدَّين العام (البريطاني)، البالغ 2.08 تريليون جنيه إسترليني (حوالي 2.75 تريليون دولار أميركي)، كبيراً إلى درجة يصعب معها فهمه. فهو أكبر من الناتج الاقتصادي البريطاني خلال سنة. لكن مع كون الدَّين العام موضوعاً مركزياً في النقاش السياسي لأكثر من عقد من الزمن، لا تزال مفاهيم خاطئة مفهومة وواسعة الانتشار حول ماهية الدَّين الوطني ومستوى القلق الذي يجب أن يعترينا في شأنه.

لأي جهات تدين الحكومة؟

تصدر الحكومة سندات – أي عقود لاقتراض المال تولّد كمية محددة من الفوائد خلال فترة معينة من الوقت – يشتريها مستثمرون من القطاع الخاص. وتقبل على شراء كثير من السندات صناديق التقاعد الحريصة على العوائد المستقرة والبعيدة الأجل التي يرغب فيها المدخرون.

ويصدر بنك إنجلترا أيضاً مالاً لشراء سندات الحكومة، وهي عملية تُسمَّى مجازاً التيسير الكمي. وهو أصدر 450 مليار جنيه إسترليني (حوالي 585 مليار دولار أميركي) حتى الآن هذا العام – أي أكثر من ضعف الكمية التي اقترضتها الحكومة خلال المدة نفسها.

وأصبح العمل بين بنك إنجلترا ووزارة الخزانة أكثر تنسيقاً خلال هذه الأزمة، فقد أعلنت عن خطط للإنفاق بعد ساعات من إعلان البنك أنه سيصدر مليارات إضافية من الجنيهات.

البنك، في شكل غير مباشر على الأقل، يصدر مالاً ليموّل إنفاق الحكومة.

هل الدَّين "أكبر مما ينبغي"؟

لا يبدو الأمر كذلك حالياً.

ففي السنوات التالية للأزمة المالية عام 2008، اعتنقت حكومات كثيرة نظرية تفيد بأن الدَّين الوطني إذ يرتفع إلى أكثر من 90 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي يصبح استنزافاً للاقتصاد ويبطئ النمو. لذلك أضافت النظرية أن الميزانيات يجب أن تبقى خاضعة لضبط صارم.

تفقد النظرية صدقيتها منذئذ ويعبّر الخبراء الاقتصاديون الذين وضعوها عن ندمهم على أخطاء في بحوثهم. فما من رابط مكرّس بين حجم الدَّين الوطني والنمو الاقتصادي. وخلال كثير من المراحل الأكثر ازدهاراً في تاريخ بريطانيا، كان الدَّين الوطني أعلى بكثير مما هو عليه اليوم.

في السنوات التالية للحروب النابليونية، وصل الدين إلى أكثر من 200 في المئة من الناتج ولم يعد إلى المستوى الذي هو عليه اليوم إلا في مرحلة متقدمة من عهد الملكة فيكتوريا.

وسجل (الدين) ذروة أكبر حتى عند نهاية الحرب العالمية الثانية وظل فوق المستوى المسجل اليوم حتى أوائل ستينيات القرن العشرين.

هل علينا "موازنة الحسابات"؟

ينص مفهوم خاطئ يروّج له كثر من السياسيين، لاسيما المؤيدين لدور حكومي أصغر (في إدارة شؤون البلاد)، على أن الشؤون المالية العامة يجب أن تُدَار على غرار نظيرتها الأسرية فتُضبَط النفقات في شكل صارم لتطابق العوائد.

بالنسبة إلى أسرة يكون دخلها الشهري، عموماً، ثابتاً، يمكن لأي زيادة في الدَّين أن تجعل (هذا الدين ينمو) سريعاً وبشكل غير قابل للاستدامة. ولذلك تكون للدَّين في الأغلب دلالات سلبية.

لكن لكل دَين دخلاً موازياً أحد المقرضين، مثل المواطنين في القطاع الخاص من خلال صناديق التقاعد الخاصة بهم.

كذلك ليس دخل الحكومة ثابتاً على غرار الراتب الخاص بأسرة. فهو يرتفع وينخفض اعتماداً على النشاط الجاري في الاقتصاد ككل الذي يولّد عوائد ضريبية. وفي الوقت نفسه، تُعَد الحكومة الجهة المنفقة الأكبر في الاقتصاد، فهي مسؤولة عن حوالى 40 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

من خلال إنفاق المال، لاسيما حين يكون الاقتصاد الأعرض في حال تراجع وجمود، تولّد الحكومة النشاط والطلب، ما يضيف مزيداً من الضرائب.

يؤدي مزيد من الإنفاق الحكومي إلى مزيد من الدخل (على الرغم من أن هذا الإنفاق يجب أن يُستخدَم بالطريقة الأمثل).

وقد يؤدي خفض الإنفاق في الوقت الخطأ إلى الأثر المعاكس، فيعمّق الركود ويطيل أمده.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذاً هل تستطيع المملكة المتحدة أن تقترض أكثر؟

من المقاييس المهمة لاستدامة المالية العامة ما تمثّله المدفوعات الشهرية، بدلاً من الدَّين الإجمالي.

تبيّن الأرقام الرسمية الصادرة مؤخرا أن مدفوعات الفوائد في مقابل الدَّين الحكومي الراهن بلغت ملياري جنيه إسترليني (حوالي 2.6 مليار دولار أميركي) في أكتوبر (تشرين الأول)، بتراجع 4.4 مليار جنيه مقارنة بأكتوبر 2019. وهذا إنفاق شهري متواضع نسبياً بالنسبة إلى الحكومة.

يعود التراجع إلى حد كبير إلى أن كثيراً من الدَّين الحكومي يرتبط بالتضخم، الذي تراجع خلال الجائحة (لأسباب منها أن تراجع الطلب خفض أسعار كثير من البضائع والخدمات).

هذا أحد الأسباب التي تجعل أغلبية الخبراء يشعرون بالاطمئنان إلى احتمال استدانة الحكومة مبالغ إضافية ويعتقدون بأن البديل من عدم القيام بما يكفي لحفز الاقتصاد قد يكون أكثر إضراراً.

مع تسجيل معدلات الفوائد مستويات شديدة الانخفاض واكتناف الغموض الوضع الاقتصادي، يبحث كثر من المدخرين عن عوائد آمنة وبعيدة الأجل. ويبقى الطلب على السندات الحكومية مرتفعاً.

لذلك قد يكون التساؤل حول المجالات التي سيكون فيها الإنفاق أكثر فاعلية أهم منه حول حجم الإنفاق المطلوب من وزير المالية.

أين يمكن إنفاق المال؟

مجالات كثيرة يمكن تحويل المال إليها لإنعاش الاقتصاد. وحين تستطيع الحكومة أن تقترض في مقابل معدل سنوي للفائدة يقل عن واحد في المئة وفترة استحقاق تصل إلى 10 سنوات، كما هي الحال اليوم، عليها أن تجد مشاريع لا تنتج سوى عوائد متوسطة جداً لكي يسدد استثمارها تكلفته.

بعد سنوات من الإنفاق الأقل مما ينبغي، هناك عدد من مشاريع البنية التحتية التي يمكن أن تُعطَى تمويلاً إضافياً. وتشعر المجموعات البيئية بخيبة أمل من التمويل المحدود لـ"الثورة الصناعية الخضراء" التي أطلقها بوريس جونسون هذا الأسبوع.

من المتوقع أن يقفز معدل البطالة في وقت مبكر من العام المقبل، لذلك تستطيع الحكومة المساعدة (والاستثمار) في تدريب كثر من الناس أو توفير وظائف لهم.

ويُعَد فشل العقود بمليارات الجنيهات الإسترلينية التي مُنِحت إلى شركات غير ذات خبرة لتوفير معدات للحماية الشخصية مثالاً على كيفية هدر مبالغ كبيرة من المال العام.

ومع مراجعة مستوى الإنفاق هذا الأسبوع، أمام وزير المالية فرصة للتصرف في شكل أفضل بقليل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد