Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

موريتانيا تغلق جمعيات محسوبة على التيار الإسلامي

"هناك منحى جديد من التضييق على العمل الخيري والثقافي لدى الإسلاميين ولدى كل من له علاقة بالمعارضة ورفض أجندات العسكريين"

أحد أنشطة جمعية "يداً بيد" التي اغلقتها الحكومة الموريتانية وتلاحقت عمليات الاغلاق وسحب التراخيص (صفحة الجمعية)

أعاد اغلاق السلطات الموريتانية ست جمعيات محسوبة على التيار الاسلامي  الحديث مجدداً عن عمل هذه الجمعيات، وتعددت المؤسسات التي تعرضت لسحب الرخص أو الاغلاق ما بين جامعة خاصة ومنظمة ناشطة في المجتمع المدني ومركز لتكوين العلماء. وسبق أن ربط مسؤولون موريتانيون هذه القرارات بمحاربة ما سموه "التطرف"، كما تزامن هذا الاغلاق مع تهجم رسمي موريتاني على جماعة "الإخوان المسلمين" التي يربط البعض بينها وبين القائمين على هذه الجمعيات في الوقت الذي ينفي فيه أصحاب هذه المؤسسات أية علاقة بهذا التنظيم.

بوادر تصعيد
بدأت بوادر التصعيد بين السلطات الموريتانية ومنظمات محسوبة على التيار الاسلامي حين أقدمت وزارة الداخلية الموريتانية في سبتمبر (أيلول) الماضي على إغلاق مركز تكوين العلماء الذي يترأسه الشيخ محمد الحسن ولد الددو. وبحسب مراقبين موريتانيين، فإن هذه الخطوة تأتي في اطار حرب تشنها حكومة موريتانيا على ما تسميه محاربة التطرف الذي تتهم فيه بعض المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، وفي مقدمهم الشيخ محمد الحسن ولد الددو.

ولم تتوقف معركة الحكومة الموريتانية مع من تعتبرهم ناشطين في حركات الاسلام السياسي عند هذه الخطوة، إذ أتبعتها بسحب ترخيص جامعة عبد الله بن ياسين الخاصة، التي يترأس مجلسها العلمي الشيخ محمد الحسن ولد الددو نفسه، وأبلغت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الموريتانية، من خلال خطاب رسمي إدارة الجامعة بسحب ترخيصها.

وبحسب تعريف الجامعة لمهماتها فإنها "تستند إلى الماضي، وتعايش الحاضر، وتستشرف المستقبل في عملية مركبة تحافظ على الثوابت وتستجيب المتغيرات وتصل حاضر البلد بماضيه لتصنع زاهر مستقبله". وتلاحقت عمليات الاغلاق وسحب التراخيص من قبل الحكومة الموريتانية، وكان آخرها قبل أيام إذ أغلقت الشرطة جمعية "يداً بيد للثقافة والعمل الاجتماعي"، وقبلها جمعية "الخير" وجمعية "الإصلاح"، وجمعية "المستقبل".

أسباب الإغلاق
في ردها على أسباب اغلاق الجمعيات المحسوبة على التيار الاسلامي، تباينت ردود أعضاء الحكومة، إذ اعتبر الناطق باسم الحكومة السابق (أيام اغلاق الجمعية) الوزير محمد الامين الشيخ إن هذه المؤسسات "كان مرخصاً لها ولكنها كانت محل متابعة من الجهات الأمنية طوال مسيرتها، وظل هناك تقويم مستمر لعملها ". وأشار إلى أنه قبل عام "كان هناك تفتيش ومتابعة"، مؤكداً أن متابعة المؤسسات العلمية طويلة الأمد لمعرفة مناهجها وطرق تمويلها وتوجهاتها، وأكد أن الجهات الأمنية "سجلت بعض الملاحظات، منها شبهات خلط أو تماهٍ مع حزب سياسي معين، والقياديون في هذا الحزب هم من يقودون هذه المؤسسات، وهناك شبه خلط تام".

وأوضح الوزير الشيخ أن هناك تياراً سياسياً متشعباً، كما ان "المرابطين" وهي قناة تلفزيونية خاصة، بمنزلة الذراع الإعلامية لهذا التيار، والحزب هو الذراع السياسية، مشيراً إلى أن المؤسسات كانت تمثل الذراع العلمية، وأضاف أن التحقيقات قادت إلى "شبهات في ما يتعلق بتمويل المركز والجامعة، وشبهات في أوجه الصرف"، بحسب تعبيره.

مسار جديد من التضييق
وبحسب الصحفي الموريتاني محمد يحي أبيه، فإن الحكومة الموريتانية لا تتفق في الاسباب التي أدت بها لإغلاق هذه الجمعيات، إذ أغلقت السلطات في سبعة أشهر ست مؤسسات خيرية وتعليمية واجتماعية في مسار جديد من التضييق على العمل الخيري والاجتماعي لم تبرر السلطات الأمر سوى بعد إغلاق مركز تكوين العلماء، وتضاربت الأسباب، فبحسب الناطق باسم الحكومة حينذاك فإن السبب هو المناهج التعليمية، اما بالنسبة إلى وزير الشؤون الإسلامية، الجهة الوصية، فلا مشكلة في المناهج والوزارة تفتش بشكل دائم، ولكن المشكلة في التمويل، وما عدا ذلك، تكتفي وزارة الداخلية بورقة سحب الترخيص من دون توضيح الأسباب على الرغم من أن بعض الأوراق جاء فيها أن السبب هو القيام بتظاهرات مخلة بالأمن والمشاركة في التظاهر ودعمه".

يضيف أبيه "اللافت أن كل الجمعيات التي سحب ترخيصها مشهود لها بالتميز، ومن بينها من أخذت شهادة الجودة العالمية، أو لديها الصفة الاستشارية في مجلس الأمن، أو لديها تبادل للتعليم مع جامعات في أوروبا، أما الحديث عن ارتباطها كلها بالإسلاميين فيفتقر للأدلة".

وعلق وزير الثقافة الموريتاني الناطق باسم الحكومة سيد محمد ولد محم على قرار اغلاق الجمعيات كما ورد في هذا الفيديو الخاص بالـ "اندبندنت عربية"


شبهات أمنية
ويذهب بعض المراقبين الى تفسيرات أخرى لتكرار اغلاق هذه الجمعيات. الصحفي أبي زيدان لديه قراءة مختلفة. يقول "بحسب بعض المصادر من داخل وزارة الداخلية، تتخذ هذه الجمعيات من العمل الخيري واجهة لتمويل تيار سياسي هو الاخوان المسلمون، وربما هناك شبهات امنية تتعلق بعملها، وفي الحقيقة ان هذه الجمعيات هي أذرع للعمل السياسي لجماعة الاخوان المسلمين ". وسبق ان وجه الرئيس محمد ولد عبد العزيز خلال الحملة الانتخابية العام الماضي انتقادات لاذعة لجماعات الإسلام السياسي، وخصوصاً حزب "تواصل" المعارض الذي حلّ في المرتبة الثانية خلال الانتخابات الأخيرة 2018.

تضييق ام تنظيم؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تنوعت القراءات للقرارات الحكومية الاخيرة بشأن عمل هذه المنظمات، بين من اعتبر ان الخطوة من صميم عمل السلطات لإعادة تنظيم عمل المجتمع المدني، ومن رأى انه عمل لتضييق نشاط هذه المنظمات. الصحفي ابي زيدان لا يرى في الاغلاق تضييقاً، يقول "انما هو رفض للعمل خارج الاطر والقوانين المعمول بها، وضبط لحركة الاموال في المنطقة التي تواجه تحديات امنية متزايدة".

أما يحي ابيه فلا يوافق على هذا الطرح ويضيف "بكل تأكيد هذا تضييق على العمل الخيري والثقافي والاجتماعي، فهناك مئات الأطفال يتظاهرون بشكل أسبوعي لأنهم يريدون فتح مركز تكوين العلماء بعدما انقطعت بهم سبل الدراسة في منتصف الطريق".

انعكاسات اجتماعية
ويشير الى الانعكاسات الاجتماعية لقرارات الاغلاق قائلاً "هناك خمسة آلاف شخص تركهم قرار الاغلاق فريسة للفقر والمرض"، ويستغرب سحب ترخيص جمعية "يداً بيد" التي تحارب الكراهية والعنصرية والفئوية بحسب رأيه، ويضيف أن هذه الجمعية عانت من الحرب الأهلية وأحداث 1989 بين موريتانيا والسينغال، وكانت تحض في أنشطتها الموسمية على التآخي والألفة ونبذ الفرقة، ويخلص الى أن "هناك منحى جديداً من التضييق على العمل الخيري والثقافي لدى الإسلاميين ولدى كل من له علاقة بالمعارضة ورفض أجندات العسكريين".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي