Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المرأة الموريتانية وزن ديمغرافي كبير وحضور سياسي ضعيف

يرى البعض أن تمثيل المرأة الموريتانية "مجرد ديكور يراد منه إرضاء الجهات المانحة"

تحظى خمس نساء بالعضوية في الحكومة الموريتانية الحالية (غيتي)

لم تكن المواطنة الموريتانية، عائشة كان، التي نشأت في أحضان أسرة متوسطة الحال، تتصور أنها ستصبح أول امرأة تتولى منصب وزاري في بلادها، خصوصاً في ظل مجتمع ذكوري تقضي تقاليده وقيمه الاجتماعية بعدم إشراك المرأة في تدبير الشؤون السياسية. لكن الفتاة التي أنهت دراستها الجامعية بتفوق كانت طموحة وكانت مهتمة بضرورة إشراك المرأة في الشأن العام، واستطاعت كسب صداقة زوجة الرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد داداه، السيدة مريم داداه، كما كانت تحظى بثقة رئيسة "المجلس الأعلى للنساء" في بلادها، السيدة فيفي منت أفيجي. وفي إحدى المناسبات لفتت انتباه الرئيس المختار ولد داداه بكلمة ألقتها في تظاهرة سياسية لـ"المجلس الأعلى للنساء" الذي كانت ناشطة فيه آنذاك، فقرر تعيينها وزيرة في عام 1975 أي قبل 45 سنة؛ ومن هنا، بدأت رحلة المرأة الموريتانية مع التمثيل السياسي في دوائر الدولة.
وتقول رئيسة مصلحة الإعلام بوزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة مريم محمد موسى، إنه "على الرغم من أن المرحومة عائشة كان، كانت مناضلة من الطراز الأول، حيث قادت الحركة النضالية النسوية في فترة تأسيس الدولة، وعلى الرغم من كفاءتها العالية، فإن النظام لم يشركها يومئذٍ في إدارة الشأن السياسي، وإنما كانت صداقتها لزوجة الرئيس العامل الأساسي في تعيينها وزيرةً في الحكومة. إلا أن موقع عائشة كان، شكّل دعامةً معنوية مهمة للمرأة الموريتانية".

نسب تمثيل محل نقاش

تحظى خمس نساء بالعضوية في الحكومة الموريتانية الحالية، كما تشغل نساء أخريات وظائف إدارية مهمة في الإدارة الإقليمية. ويضم البرلمان الموريتاني 33 امرأة، أي بنسبة تمثيل قدرها 19 في المئة. أما في المجالس البلدية فتحظى المرأة بنسبة تمثيل قدرها 30 في المئة. وللمرأة الموريتانية ممثلات في جلّ المنظمات الفاعلة مثل "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان"، و"المجلس الأعلى للسمعيات البصرية"، و"الآلية الموريتانية لمكافحة التعذيب" التي ترأسها سيدة.
وعلّقت مريم محمد موسى على هذا الحصاد الإحصائي لتمثيل المرأة الموريتانية فقالت إنه "لا شك أن المرأة الموريتانية قطعت خطوات لا بأس بها وتجاوزت مطبات حرجة، وذلك لأسباب عدة، أبرزها ما بذلته من تضحيات ونضال، كما أن المجتمع الدولي قدم الدعم الكبير  للشرائح الاجتماعية الهشة، مثل المرأة والطفل، وفرض على الدول أن تمكّنهما من خلال ما يُسمى بالتمييز الإيجابي. كما أن للدولة مساهمتها التي لا يمكن أن تنكَر". وأضافت أنه "على الرغم من ذلك فإن حضور المرأة الموريتانية السياسي ما زال ناقصاً بالنسبة لي، وذلك بسبب عوامل أخرى، منها عدم ولوجها عالم الملكية العقارية وإدارة الأعمال، إذ إن لهذا العامل الاقتصادي، دوراً كبيراً في إضعاف موقعها السياسي بحسب رأيي. فإن مجتمعنا مثل المجتمعات العربية والأفريقية، مجتمع ذكوري يعتبر المرأة تابعاً لا فاعلاً. وعلى كل حال فإنني أثمّن ما تحقق من دعم للمرأة الموريتانية، وأطالب رئيس الجمهورية (محمد ولد الغزواني) بالمزيد من الدعم وخصوصاً في المجال السياسي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تحسين مظهر

في سياق متصل، قالت الناشطة السياسية، عضو "الآلية الوطنية لمكافحة التعذيب" الطاهرة حنباره إنه "في عام 1967 تم تعيين السيدة فيفي منت أفيجي رئيسةً لأول مجلس وطني للنساء وفي عام 1975 عُينت أول امرأة موريتانية في منصب وزير وهي السيدة عائشة كان. ولم يكن تعيين هاتين السيدتين نابعاً بحسب رأيي، من إرادة حقيقية لدى النظام لإشراك المرأة في الشأن السياسي، وإنما كان بهدف تحسين المظهر الخارجي للحكومة، وتصدير صورة تقول للشركاء الغربيين، خصوصاً فرنسا، إن موريتانيا لم تعد تلك الصحارى البدوية، وناسها لم يعودوا أولئك الناس الذين يعيشون في مرحلة ما قبل التاريخ، وإنما هي أمة استيقظت وقررت أن تنتقل من عصر العصبية القبلية إلى عصر الدولة الحديثة التي تمثل كل الموريتانيين، وتضمن المساواة التامة لكل مواطنيها. هذه الصورة الشكلية لتمثيل المرأة، ظلت مهيمنة في أذهان صناع القرار، لذلك فإنني أطلب من الرئيس الحالي، إنصاف المرأة وإشراكها في إدارة شؤون البلد بصفة فعلية وليس شكلياً". وأضافت الطاهرة حنباره "منذ انطلاق قاطرة الديمقراطية في موريتانيا عام 1992 أصبح تمثيل المرأة وإشراكها في تدبير الشأن العام عنصراً مهماً من عناصر الديمقراطية وشرطاً أساسياً لتحسين صورة النظام عند القوى الغربية، التي تعتبر حصول المرأة على حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، شرطاً للشراكة مع الدول الفقيرة. هذا العامل هو الذي ظل يوجه الأنظمة السابقة في تعاملها مع المرأة".


المرأة مضطهدة

أما رئيسة "لجنة التضامن مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان" غير الحكومية، لاله عيشه فتعتقد أن المرأة في بلادها "ما زالت مضطهَدة، تُنتهك حقوقها وتُقصى بطريقة ممنهجة من الشأن العام". وقالت لاله عيشه إن "غالبية ضحايا انتهاك حقوق الإنسان في موريتانيا هن نساء". وتابعت "يرى البعض أن الرئيس السابق معاويه ولد الطايع الذي حكم البلاد 20 سنة، أولى شؤون المرأة اهتماماً كبيراً، وأعطاها حيزاً هاماً في التمثيل السياسي، لكن ذلك غير صحيح إذ كان إشراك المرأة في عهده شكلياً، حيث ظلت الوظائف المهمة حكراً على الرجال. وهذه السياسة هي التي اعتمدتها جميع الأنظمة وما زالت المنهج المتبَع مع المرأة حتى اليوم. كما أن حرمان النساء من الملكية العقارية أسهم في تهميشهن سياسياً، ذلك أن المستوى الاقتصادي يوثر في مستوى الأداء السياسي".
واعتبرت لاله عيشه أن "خير برهان على التهميش السياسي للمرأة الموريتانية اليوم هو حضورها في الأحزاب السياسية الموريتانية، التي كان عددها يزيد على المئة خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، من بينها حزب واحد تتولى رئاسته امرأة، وهو حزب ضعيف محدود التأثير. فهل يمكن أن نقول بعد كل هذا أن المرأة الموريتانية تشارك بفعالية في الشأن السياسي الوطني؟".

المزيد من العالم العربي