Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"وادي السلام" وسواحل دجلة العباسية تقترب من لائحة التراث العالمي

العراق يطمح بإدراج مواقعه التاريخية على الخريطة السياحية العالمية

المدرسة المستنصرية في بغداد (اندبندنت عربية)

بعد نجاحها في ضم كل من الأهوار وبابل إلى لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في عامي 2016 و2019، تطمح الجهات الحكومية العراقية المختصة بإدخال مواقع جديدة ذات أهمية كبرى على هذه اللائحة خلال الفترة المقبلة، بهدف جذب الأنظار إليها وإعادة تأهيلها وفق أسس صحيحة.

ومن بين هذه المواقع، ترى السلطات العراقية أن ضم "مقبرة وادي السلام النجف" إلى لائحة التراث العالمي التي تتجاوز مساحتها 10 كيلو مترات مربعة، أمر مهم، كونها أكبر مقبرة في العالم، ويمتد تاريخها إلى عدة قرون خلت، وتقع بالقرب منها سلسلة مراقد ومزارات دينية، لعل أبرزها مرقد الإمام علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين.
وفي بغداد ترغب الجهات المختصة بضم سلسة مواقع أثرية تقع على ساحة دجلة الشمالي، بدءاً من المدرسة المستنصرية التي بناها الخليفة العباسي "المستنصر بالله" في عام 1233، لما لها من أثر مهم في التاريخ الإسلامي، سواء من الناحية السياسية، أو العلمية؛ إذ مثلت أول تجمع للعلماء ونتاجاتهم في الدولة الإسلامية الحديثة.
 



وسيسهم ضم المدرسة المستنصرية إلى لائحة التراث العالمي، في جذب الاهتمام إلى سوق تراثية تعد من أقدم أسواق العاصمة، لكنها تعاني حالياً من إهمال شديد بعدت أن كانت زاخرة بالحرف اليدوية والشعبية العراقية القديمة.
وعند التقدم مئات الأمتار بعيداً عن المدرسة المستنصرية يقع القصر الذي بناه الخلفية العباسي الناصر لدين الله في عام 1181، وترغب بغداد بضمه أيضاً إلى اللائحة، كونه آخر ما تبقى من القصور الشاخصة والعامرة التي تؤرخ لحقبة مهمة من التاريخ الإسلامي استمرت خمسة قرون.
ويبدو أن ملف الساحل الشمالي لا يضم مباني تاريخية عباسية فقط، بل مواقع أخرى تم إنشاؤها خلال حكم الدولة العثمانية للعراق، مثل بناية القشلة وساعتها المميزة التي أنشئت في منتصف القرن الـ19، واستخدمت مقراً للوالي العثماني، ومن ثم كإدارات تابعة لحكومات العهد الملكي.
وبحسب مسؤول الثقافة في منظمة اليونسكو، برندان كسار، فإن المنظمة تدرس ملفات 12 موقعاً في العراق، قدمت من قبل السلطات العراقية منذ عام 2000؛ لترشيحها ضمن لائحة التراث العالمي.
وأبرز المواقع التي ضمتها اللائحة، مدينة العمادية، ومستوطنة بيستانسور من العصر الحجري الحديث، وملامح تاريخية لنهر دجلة في بغداد الرصافة الممتدة من المدرسة المستنصرية إلى القصر العباسي، ومعبد لالش، ونمرود، ونيبور، ومدينة الموصل القديمة، ومدينة نينوى القديمة، وحصن الأخيضر، وموقع النبي ذي الكفل، ومقبرة وادي السلام في النجف.


وادي السلام وساحل دجلة

لكن أولوية وزارة الثقافة العراقية محددة حالياً ببعض الملفات، أهمها "مقبرة وادي السلام"، و"ساحل دجلة"، إذ إن بعض المواقع المرشحة الأخرى معرقلة بسبب الأضرار التي ألحقها بها تنظيم "داعش"، أو بسبب عدم اكتمال ملفاتها.
وقال مدير عام دائرة التراث في الوزارة الثقافة إياد كاظم إن "منطقة ساحل دجلة تضم بين 12 و16 موقعاً أثرياً وتراثياً تمت الموافقة على ضمها من قبل اليونسكو، وإدراجها ضمن لائحة التراث العالمي"، مبيناً أن الدائرة بحاجة إلى أموال لإكمال ملف هذه المنطقة. وأضاف كاظم أن "الدائرة قدمت قبل ست سنوات ملفاً إلى اليونسكو يتضمن المواقع الأثرية والتراثية، وكان يفترض أن نشكل فريقاً لإكمال متطلبات المنظمة الدولية بشأنه"، مشيراً إلى أن دخول "داعش" وظروف عام 2014 أوقف العمل.
ولدى دائرة التراث العراقي خياران للتقديم إلى المنظمة الدولية لإدراجهما على لائحة التراث العالمية، فإما البدء بملف "مقبرة وادي السلام"، وهو شبه مكتمل، أو العمل على "ملف معالم بغداد"، الذي أكد كاظم وجود رخصة من المنظمة بقبوله، وأنه من الممكن إكماله خلال سنتين في أبعد تقدير، إذا ما توفرت الأموال، وأجيزت التصاميم والخرائط الخاصة به.

وتوقع مدير دائرة التراث أن يؤدي وضع ساحل بغداد الشمالي على لائحة اليونسكو إلى جذب السياح وتوفير المتخصصين الذين سيتولون صيانة تلك المواقع التي ستكون وفق معايير منظمة "الأيكوموس" المختصة بأعمال الصيانة.

يستغرق سنوات

في السياق ذاته، أكدت لجنة السياحة والآثار في البرلمان العراقي ضرورة توفر الشروط في المواقع المختارة لوضعها ضمن لائحة التراث العالمي. وقال عضو اللجنة بشار الكيكي، إن "وضع المعالم الأثرية على لائحة التراث يتطلب توفر شروط معينة وإرسال لجان مختصة من المنظمة، وقد يستغرق ذلك سنوات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أثر إيجابي

من جهة أخرى، شدد باحثون ومتخصصون في مجال الآثار والتراث، على أهمية وضع هذه المعالم على لائحة التراث العالمي؛ لما لها من أثر إيجابي في تحسين السياحة بالعراق، وإعادة صيانة تلك المواقع من قبل المنظمات الدولية، فضلاً عن المنح التي ستقدمها تلك المنظمات بعد وضعها على اللائحة الدولية.
ورأى الباحث العراقي علي النشمي، أن "وضع هذه المعالم ضمن لائحة التراث العالمي سيكون له أثر إيجابي على تنمية السياحة، حيث سيتم وضع هذه المعالم ضمن النشرات التي ستصدرها شركات السياحة حول العالم". وأضاف أن "تاريخ بناء المدرسة المستنصرية يعود إلى ما يقارب 800 سنة والقشلة إلى 150 سنة تقريباً، وهذه المنطقة فيها معالم أثرية مهمة وتراثية مثل جامع الوزير، ومبنى وسوق السراي، فضلاً عن القصر العباسي. وعند وضعها ضمن لائحة التراث العالمي ستكون محمية في جوانب كثيرة، ولا يمكن تحويلها إلى موقع غير تراثي إلا بموافقة اليونسكو".
وأشار النشمي إلى وجود عدد كبير من المناطق الأثرية والتراثية على ضفاف نهر دجلة يمكن أن توضع أيضاً ضمن لائحة التراث العالمي.


توفير الحماية والصيانة

أما الباحث التراثي عادل العرداوي فأمل أن يستفيد العراق من قرار اليونسكو المرتقب، والذي بموجبه سيتمكن من صيانة هذه المعالم المهمة في بغداد، مشيراً في الوقت ذاته إلى توقف التمويل الحكومي لهذه المعالم منذ عام 2014.
واعتبر العرداوي أن "وضع معالم أثرية تقع على ساحل دجلة في بغداد ضمن لائحة التراث، من شأنه أن يعمل على حماية الآثار التراثية في عموم العراق". ويعني ضم هذه المناطق إلى لائحة اليونسكو توفير الحماية لهذه المباني وصيانتها بعد سنوات من تركها، وتحويلها إلى "مزارات سياحية"، وفق العرداوي.
ورأى العرداوي "إمكانية الاستفادة من ساحل دجلة من خلال مشروع كبير لتحويل منطقة بغداد القديمة من جانب الرصافة إلى محمية أثرية وسياحية، كما هو حال في مدن الإسكندرية القديمة ودمشق وإسطنبول التي تحولت إلى مدن سياحية مهمة".

المزيد من منوعات