أعلنت فرق الإسعاف وبعثة الأمم المتحدة في ليبيا أن المعارك تواصلت الأحد 7 أبريل (نيسان) 2019 في جنوب العاصمة الليبية طرابلس، على الرغم من دعوة الأمم المتحدة إلى "هدنة إنسانية" لمدة ساعتين للسماح بإجلاء الجرحى والمدنيين. وقال المتحدث باسم البعثة جان علم "لم تحصل هدنة، لكننا لا نزال نأمل بموقف إيجابي" من جانب المعسكرين. كما صرّح المتحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ أسامة علي "حتى الآن، لم تتمكن فرقنا من الدخول إلى مناطق المواجهات".
وكانت القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر أكدت أنّها نفذّت للمرة الأولى، ضربة جوية في إحدى ضواحي طرابلس، كاشفة عن الغارة على صفحتها على فيبسوك. من جهتها أكدت حكومة الوفاق مقتل 21 شخصاً منذ بدء الهجوم، من دون ذكر مزيد من التفاصيل. وذلك بعد اعلان المتحدث باسم القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، العقيد محمد قنونو، انطلاق عملية "بركان الغضب"، والتي تهدف، وفق تعبيره، إلى "تطهير كل المدن" من "المعتدين والخارجين عن الشرعية"، في إشارة إلى القوات المسلحة العربية الليبية بقيادة المشير خليفة حفتر، رجل الشرق القوي.
وتشهد أطراف العاصمة الليبية طرابلس، الأحد، مواجهات مسلحة عنيفة. ويتداول ليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لزورق أميركي يجلي عناصر من الجيش الأميركي من بالم سيتي، في ساحل بلدة جنزور، غرب العاصمة. وتشير المعلومات إلى وصول عدة زوارق، صباح الأحد، تحمل العلم الأميركي إلى البلدة الساحلية.
وأوضحت قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا (أفريكوم)، في بيان الأحد، أنه "بسبب الاضطرابات المتزايدة في ليبيا، تم نقل مجموعة من القوات الأميركية التي تدعم القيادة الأميركية الأفريقية مؤقتاً، استجابة للظروف الأمنية على الأرض". وأضاف البيان "ستواصل القيادة مراقبة الظروف في ليبيا، وتقييم جدوى الوجود العسكري الأميركي".
وقال الجنرال الجنرال توماس فالدهاوزر، قائد القوات، إن "الحقائق الأمنية على الأرض تزداد تعقيداً ولا يمكن التنبؤ بها"، مشيراً إلى أنه "على الرغم من تعديل حجم القوة، سنستمر في الحفاظ على مرونة دعمنا لاستراتيجية الولايات المتحدة الحالية".
يشار إلى أن بالم سيتي هي مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (UNSMIL) وعدد من المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية.
الأميركان على الصبح اخلاء من شواطئ طرابلس#ليبيا#طرابلس pic.twitter.com/7mAKCJdVrK
— طوفان الكرامة (@FCB_libya_) April 7, 2019
وأعلن مالك مرسيط، الناطق باسم المستشفى الميداني في طرابلس، أن الاشتباكات التي دارت في محيط العاصمة، السبت، أسفرت عن سقوط 7 قتلى من القوات العسكرية التابعة لحكومة الوفاق و55 جريحاً.
وكان اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي الذي يقوده خليفة حفتر، أكد أن هدف الجيش الليبي تأمين طرابلس وتجنب توسيع رقعة المعارك، وعرض المسماري خلال الإيجاز اليومي خريطة مجريات العمليات العسكرية في طرابلس مشيراً إلى رصد تقدم أرتال من مصراته صوب طرابلس، وهدد المسماري باستهداف المطارات والطائرات الحربية التي تقلع من غرب ليبيا، وأضاف "نتجنب استخدام القوة الجوية حرصاً على أمن ومصالح المواطنين الليبيين".
وتابع "لم نزج حتى الساعة بقوتنا الجوية وفق تعليمات قائد الجيش الوطني الليبي"، وأوضح أن الغارات الجوية التي تعرض لها الجيش الليبي "لم تتسبب بأي خسائر"، وألمح إلى "رصد طائرات حربية شنت غارات على مواقع للجيش الليبي جنوبي طرابلس".
رصد عناصر تابعة للقاعدة
وتحدث المسماري عن سقوط 14 شهيداً من منتسبي القوات المسلحة منذ بدء العمليات في طرابلس، وقال إن قواتنا استلمت تأمين بعض المناطق في ورشفانة من دون دماء، وهي تتقدم بخطى ثابتة في مناطق عدة وسيطرنا على عدد من المقار العسكرية بها، وتابع أننا نقترب من السيطرة على سجن عين زارة
وأكد المسماري رصد عناصر تابعة للقاعدة في منطقة بوصرة، مشيراً في الوقت عينه إلى وجود مستندات تربط بين جمعات اسلامية متطرفة في سوريا والعراق وبعض القيادات الموجودة في طرابلس متمنياً على المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة الاطلاع عليها، وعلى تقارير مجلس الامن السابقة ليعرف اسماء القيادات المتطرفة والمرتبطة بجماعات متطرفة والمسيطرة على طرابلس في الفترة الماضية.
وأعلن المجلس الاجتماعي في منطقة ورشفانة (غرب طرابلس) عن مقتل عائلة عبد الصمد تنتوش بكاملها جراء الغارات الجوية من مدينة مصراتة.
اجتماع لتأمين طرابلس
في هذا الوقت، عقد القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر اجتماعاً موسعاً بمكتبه في مقر القيادة العامة في الرجمة بحضور رئيس الحكومة الموقتة السيد عبد الله الثني ورئيس الأركان العامة الفريق عبد الرازق الناظوري، ووزير الداخلية المستشار إبراهيم بوشناف، لبحث خطة تأمين طرابلس، والمنطقة الغربية بعد انتهاء العمليات العسكرية، وكذلك لضمان عدم انقطاع الخدمات على المواطنين وتسهيل أمورهم الحياتية والمعيشية.
اتصال روسي بحفتر
ومع تسارع التطورات في ليبيا، اتصل نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف بالمشير خليفة حفتر ليبلغه أن موسكو تدعم إيجاد حلول سياسية لكل النزاعات الدائرة في ليبيا.
هذا ما أجبرنا على إعلان حالة النفير
في هذا الوقت، قال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج إن على المجتمع الدولي ألا يساوي بين المعتدي وبين من يدافع عن نفسه، وبين من يريد الدولة المدنية ومن يسعى إلى عسكرتها بحسب تعبيره. وأوضح السراج في كلمة متلفزة بشأن المعارك التي شهدتها ضواحي العاصمة الليبية طرابلس، بين القوات التابعة للمجلس الرئاسي وقوات الجيش الليبي أن حفتر انقلب على الاتفاق السياسي، والعهود التي اتفقنا عليها، ما أجبرنا على إعلان حالة النفير العام، واستخدام القوة.
وأكد رئيس المجلس الرئاسي أنه سيقدم كل من شارك في هذا الاعتداء على العاصمة طرابلس، إلى القضاء المحلي والدولي. وطالب السراج كل الدول التي قال إنها تغذي القتال الدائر في البلاد بالكف عن ذلك، وشدد على أن الصراع الدائر حالياً ليس قبلياً أو جهوياً داعياً الليبيين إلى تغليب مصلحة الوطن العليا.
استنكار القصف الغاشم
وكانت القيادة العامة للجيش الوطني العربي الليبي استنكرت "القصف الإرهابي الغاشم على المدنيين في منطقة العزيزية" مؤكدة ان القصف جاء من قبل "طائرات المليشيات الإرهابية المسلحة التي انطلقت من مهبط الثانوية الجوية بمصراته" في اشارة الى الطيران التابع لحكومة الوفاق. وأكد الجيش أن "الرد سيكون قاس جداً على هؤلاء الإرهابيون بما يكفل حماية المدنيين ويضمن عدم الاعتداء عليهم مرةً أخرى".
وقصف سلاح الجو التابع لرئاسة أركان الجيش بحكومة الوفاق مواقع تابعة لقوات الجيش الوطني العربي الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في منطقتي مزدة وسوق الخميس جنوب طرابلس، من دون أن يخلف القصف أي أضرار. وأعلن المتحدث باسم غرفة طوارئ القوات الجوية محمد قنونو، عن بدء العمليات الجوية ضد مواقع قوات الجيش الوطني العربي الليبي جنوب طرابلس.
وقال قنونو خلال مؤتمر صحافي من طرابلس السبت السادس من ابريل (نيسان)، "أقلع سلاح الجو من الكلية الجوية في مصراته صباحاً واستهدف مواقع عدة تابعة لقوات عملية الكرامة"، وعن تملك المواقع قال "استهدفت طائراتنا معسكراً في سوق الخميس وتمركزاً في منطقة جندوبة قرب غريان" مضيفاً ان سلاح الجو استهدف رتلا عسكريا تابعاً للجيش في منطقة مزدة. وبحسب معلومات خاصة للـ"اندبندنت عربية" هناك اشتباكات عنيفة تدور في الجفرة، في وقت تحاول قوات حكومة الوفاق قطع خطوط الامداد عن الجيش الوطني العربي الليبي.
تهديدات واشتباكات
هذه التطورات جاءت بعد ساعات من تهديد غرفة عمليات القوات التابعة للجيش الوطني العربي الليبي، بقصف أي قاعدة جوية أو مطار عسكري أو مدني تقلع منه طائرات عسكرية لتنفيذ عمليات ضدها. وقال اللواء محمد المنفور آمر غرفة عمليات القوات الجوية الرئيسية التابعة لقيادة الجيش الوطني العربي الليبي في بيان عاجل نشرته صفحة الغرفة "الجيش يعلن المنطقة الغربية منطقة عسكرية ويمنع الطيران الحربي والتصوير الجوي" مؤكداً أن طيران الجيش سيتعامل مع الأهداف على أنها أهداف عدوة. وسيطرت قوات الجيش الوطني العربي الليبي على منطقة "الساعدية" و"الزهراء" غرب طرابلس، بالتزامن مع اشتباكات عنيفة تدور في منطقة "قصر بن غشير" في محيط العاصمة، كما تمكنت قوات الجيش الوطني من الدخول الى وادي الربيع وتمركزت في سيمافرو.
ردود دولية
نددت الأمم المتحدة والقوى الكبرى بتجدد القتال في ليبيا ودعت مجموعة الدول السبع ومجلس الأمن الدولي إلى "وقف القتال فوراً. وأكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا غسان سلامة على عقد "المؤتمر الوطني" في موعده، وقال خلال مؤتمر صحافي في طرابلس، "البعثة مصرة على عقد الملتقى بين الأطراف الليبية في موعده المقرر بين 14 و 16 أبريل (نيسان) إلا اذا ارغمتنا ظروف قاهرة". وأبلغ سلامة، مجلس الأمن أنه سيحدد موقفه في شأن ما إذا كان سيعلن موعداً لانطلاق مؤتمر الحوار الوطني مطلع الأسبوع المقبل، بناء على التطورات الميدانية وتفاعلات الوضع الأمني.
مجموعة الدول الـ7
اتفقت دول مجموعة السبعة "G7" على فرض ضغوط على المسؤولين عن التصعيد العسكري في ليبيا وخصوصاً قائد الجيش الوطني العربي الليبي المشير خليفة حفتر. وقال وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان عقب اجتماع وزراء خارجية مجموعة "الجي 7" في مدينة دينار الفرنسية إن "هدف الاجتماع خفض التهديدات ومواجهات التحديات، واصفاً اللقاء بالفرصة المميزة للتعامل مع مخاوف الشعوب بشأن السلام والأمن العالميين. من جهته قال وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس "اتفقنا على استخدام الوسائل كافة المتوفرة لدينا لممارسة الضغط على المسؤولين عن الأحداث في ليبيا، وخصوصاً المشير حفتر، لتفادي أي تصعيد عسكري لاحق".