في كل يوم، ترسل ملايين "رسائل البريد الإلكتروني غير الضرورية" من وإلى المستخدمين في أرجاء المملكة المتحدة، مثلاً، لقول "شكراً" أو "هاها" بشكل سريع.
في المقابل، ربما تخضع الرسائل من هذا النوع لقيود جديدة يفرضها المسؤولون البريطانيون بسبب المخاوف من أن هذه المراسلات تزيد انبعاثات الكربون في البلاد، وفق تقرير جديد.
وبحسب صحيفة "فاينانشال تايمز"، فإن المسؤولين المشاركين في التحضيرات لمؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ للعام المقبل، المعروف اختصاراً بـ"كوب 26" COP26، "يتدارسون بحثاً يشير إلى أن تقليل رسائل البريد الإلكتروني غير الضرورية بمجرّد رسالة واحدة يومياً، يوفّر كمية كبيرة من انبعاثات الكربون".
أياً كان الأمر، يرى العلماء أنه من غير المرجح أن يكون هناك تأثير ملحوظ لخياراتنا الفردية المتعلقة بإرسال البريد الإلكتروني غير الضروري من عدمه، في بصماتنا الكربونية، إذ يورد البروفيسور كريس بريست، الباحث في الاستدامة وأنظمة الكمبيوتر في جامعة بريستول، في حديث لـ"اندبندنت"، أنه "ينبغي ألا يقلق الناس كثيراً حيال بصمتهم الخاصة بالرسائل الإلكترونية لأن تأثيرها ضئيل جداً وتشكّل جزءًا صغيراً نسبياً من بصمتهم الكربونية. في المقابل، يجب على الشركات أن تقلق بشأن ذلك، لأننا عندما نحسب إجمالي البصمات الصغيرة الناجمة عن رسائلنا الإلكترونية تكون النتيجة كبيرة. ويمكن للشركات اتخاذ بعض التدابير حيال ذلك، من خلال تصميم الخدمات بطريقة أكثر فعالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في ذلك الصدد، يذكر أن هناك كلفة كربونية صغيرة لجميع أنشطتنا التي نقوم بها عبر الإنترنت، من إرسال بريد إلكتروني إلى المشاهدة عبر منصات البث التدفقي. يعود هذا إلى أن تشغيل أجهزتنا والشبكات اللاسلكية المتصلة بها يتطلب طاقة كهربائية. وكذلك تحظى جميع أنشطتنا الإلكترونية بدعم من قبل مراكز ضخمة للبيانات، تديرها شركات تقنية.
واستطراداً، ورد في تحليل أجرته شركة "أوفو إنيرجي" Ovo Energy للطاقة نُشر العام الماضي، أنه إذا خفّض كل بريطاني رسائله الإلكترونية اليومية رسالة واحدة يومياً، يمكن أن نوفّر 16433 طناً من الكربون سنوياً. (ولتوضيح هذه النسبة، فقد بلغ إجمالي الانبعاثات الناجم عن المركبات في طرقات المملكة المتحدة 118 مليون طن في 2017).
وسيان جاءت الأحوال، تأخذ تلك الحسابات في الاعتبار كل البنية التحتية للطاقة التي تسهم في إرسال بريد إلكتروني واحد، وفقاً للبروفيسور بريست الذي أوضح أن هذا يجعل خيار إرسال البريد الإلكتروني أو لا غير مهم نسبياً. وأضاف، "سيظل كمبيوترك مشغّلاً، والطاقة اللازمة لتشغيل الإنترنت لديك ستبقى بالمقدار ذاته، بالتالي لن يحدث فرق كبير في الاستخدام الفعلي للطاقة في نهاية المطاف، سواء أرسلت هذا البريد الإلكتروني أو لا".
في جهة أخرى، ذكر البروفيسور مايك بيرنرز لي، الذي أجرى الحسابات لشركة "أوفو إنيرجي" في 2019، عبر تغريدة له على "تويتر" أن "الحكومة قد فهمت المغزى الخاطئ" من بحثه على ما يبدو.
وفي ذلك الصدد، يضيف البروفيسور مايك هازاس، باحث في التقنيات الرقمية في "جامعة أوبسالا" في السويد، أن رسائل البريد الإلكتروني الفردية تتطلب كمّية من البيانات أقل بكثير من البث التدفقي. وصرح إلى "اندبندنت" أن "البث التدفقي للفيديو يشكّل ما يتراوح بين 50 و80 في المئة من حركة المرور الإلكتروني على الإنترنت، ويعتمد ذلك على الجهة التي تستقصيها".
وعلى الرغم من ذلك، يفيد علماء بأنه من غير المرجح أن يحدث تأثير كبير في انبعاثات الكربون، حتى في الخيارات المتعلقة بمشاهدة عمل مصّور أو لا، إذ تمثّل مراكز البيانات التي تدعم أنشطتنا عبر الإنترنت حوالى 0.3 في المئة من إجمالي انبعاثات الكربون في العالم، وفق بعض التقديرات.
واستطراداً، يضيف البروفيسور بريست أنه من الأفضل التوجه إلى شركات التكنولوجيا التي تشغّل مراكز البيانات لتقليل الانبعاثات عبر الإنترنت بدلاً من التوجه إلى المستخدمين. ويمكن الوصول إلى ذلك عبر إدخال تحسينات على كفاءة الطاقة أو من طريق تزويد تلك المراكز بكهرباء تنتجها مراكز الطاقة المتجددة كطاقتي الرياح والشمس.
وكذلك لاحظ بريست أن المستهلكين الحريصين جداً على تقليل البصمة الكربونية المتصلة برسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم، يمكنهم محاولة التحقّق من بيانات الاعتماد البيئية لدى مزوّدي خدمة البريد الإلكتروني التي يستخدمونها. وأضاف "إذا ساورنا القلق حيال تغيّر المناخ، فيجب علينا التركيز على الأشياء الكبيرة. ركّزوا على السفر وطرق تدفئة منازلنا والطعام الذي نأكله. إنها الأشياء الثلاثة الكبيرة فعلاً".
تواصلت "اندبندنت" مع الحكومة بهدف التعليق على الموضوع
© The Independent