بدأت المخاوف من انتشار فيروس كورونا تزداد في السودان مع الارتفاع المستمر لعدد الإصابات اليومية، إذ بلغت بحسب التقرير الأخير الصادر عن وزارة الصحة، الأربعاء 18 نوفمبر (تشرين الثاني)، 231 حالة جديدة. بيد أن هذا الرقم قد يتخطى الضعف، لعدم الإبلاغ عن كثير من الحالات التي التزم مصابوها الحجر المنزلي في ظل عدم توفر مراكز حكومية مجانية للعزل، وارتفاع أسعار العلاج في المستشفيات الخاصة بشكل كبير، ما يضعه خارج مقدرة السواد الأعظم من المواطنين.
أوضح رئيس نقابة أطباء السودان الشرعية، البروفيسور أحمد عبد الله الشيخ، أن "الموجة الحالية لكورونا شرسة جداً وأصعب من الموجة الأولى"، مشيراً إلى أن "الخطورة تكمن في تغير أعراض الإصابة وتبدلها بسبب تحور الفيروس، إذ بات يصيب الجهاز الهضمي والعصبي والتنفسي والدورة الدموية، ولم يعد ارتفاع درجة حرارة جسم الإنسان المعيار المهم، إذ إن أعراض غالبية الحالات في الموجة الثانية تمثلت في الإسهال من دون حمى كما في السابق".
ورأى الشيخ أن تخفيف معدلات الإصابة يعتمد على الخبرة التي اكتسبها الناس في التعامل مع هذا الفيروس خلال الفترة السابقة، وذلك بالالتزام بطرق الوقاية باعتبارها طوق النجاة الوحيد للحد من زيادة انتشار الوباء، من خلال تطبيق الإرشادات الصحية، خصوصاً التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات في الأماكن العامة والطرقات، وغيرها من الإجراءات.
تغير الأعراض
وعلى الرغم من شراسة الفيروس وتبدل أعراضه واعتدال المناخ وبرودته بعد انقضاء موجة الحر، اعتبر رئيس نقابة أطباء السودان أن الموجة الثانية لكورونا تختلف عن الأولى، "إذ زادت قناعة كثيرين بوجود هذا الوباء، ولم يعد هناك إنكار لهذا الفيروس، وهذا عامل إيجابي يزيد من حرص المواطنين على الالتزام بقواعد الوقاية".
لكن في حال استمرار معدلات الإصابة بالارتفاع، قال الشيخ إنه "لا بد أن تتخذ الدولة قرارات بإعلان الحظر التدريجي، فضلاً عن منع التجمعات وإغلاق صالات الأفراح وسرادق العزاء، وتخفيض عدد الموظفين في المؤسسات والدوائر الحكومية أثناء فترة العمل، حتى تتمكن من محاصرة الفيروس وتقليل عدد الإصابات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح أن المؤشرات تشير إلى أن الوضع يتجه نحو ازدياد عدد المصابين، ما يتطلب منع دخول الوافدين من الدول التي تشهد معدلات تفش كبيرة مثل الدول الأوروبية، لأن التساهل في هذا الإجراء سيكلف البلاد كثيراً لناحية ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، وصعوبة السيطرة على الفيروس والقضاء عليه. وفي هذا السياق، ثمن الشيخ الجهود المبذولة لفحص المسافرين والداخلين إلى السودان عبر المطارات والموانئ والمعابر البرية، قائلاً إنه "إجراء مهم للغاية لأن معظم الإصابات جاءت عن طريق الاختلاط بمصابين أتوا من الخارج، ولم يلتزموا بعزل أنفسهم لمدة أسبوعين".
وأمل رئيس نقابة أطباء السودان في أن تقوم الحكومة، ممثلةً في وزارة الصحة الاتحادية، بإيجاد مستشفيات وأماكن لحجر المصابين وأولئك الذين يشتبه في إصابتهم. وأشار إلى أنه بحسب الباحثين، من المتوقع أن يستمر الفيروس في التفشي خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، على أن تتراجع حدة شراسته وانتشاره بداية يناير (كانون الثاني)، مما يستدعي تقيداً والتزاماً بالضوابط الوقائية، فضلاً عن تقوية مناعة الجسم عبر تناول الفيتامينات والسوائل الدافئة، بحسب الشيخ.
إلزامية القانون
وفي وقت سابق من الخميس الماضي، استمع مجلس الوزراء السوداني لإفادة من وزير الصحة الدكتور أسامة أحمد عبد الرحيم، حول الموجة الثانية من جائحة كورونا، حيث أشار إلى أن ما يعقد الوضع هو انشغال الوزارة بمشاكل صحية أخرى، منها انتشار أمراض الملاريا والشلل، ونقص الكوادر الصحية، وتزايد أعداد اللاجئين الإثيوبيين في البلاد بسبب الحرب المشتعلة حالياً في إقليم تيغراي الإثيوبي، فضلاً عن التحديات التي تواجه الوزارة ومشكلة الديون التي تفوق 500 مليار جنيه سوداني، أي ما يعادل ملياري دولار، في ظل تركيز الجهود على العاصمة الخرطوم وتهميش الولايات السودانية الـ17 الأخرى.
لكن وزير الصحة لفت إلى الفرص المتاحة للتخفيف من انتشار الوباء، مشيراً إلى تجربة سابقة يمكن البناء عليها، وأهمية تطبيق القانون، وضرورة توفير خدمات صحية بما يتناسب وكرامة الإنسان. وأكد عبد الرحيم أهمية العمل على فتح المستشفيات ووضع نظام تصنيف للمرضى للانتقال بين المراكز الصحية ومعالجة إشكالات الفرق العاملة، فضلاً عن أهمية الالتزام بالاشتراطات الصحية ومنع التجمعات وتحديد الإرشادات للمؤسسات التي تظهر فيها إصابات بكورونا.
ووجه مجلس الوزراء بتكثيف التوعية الإعلامية لمواجهة الموجة الثانية لهذه الجائحة، بالتنسيق مع اللجنة العليا للطوارئ الصحية، مع ضرورة منع التجمعات واتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، من خلال اتباع إستراتيجية واضحة تأخذ في الاعتبار رؤية وزارتي الصحة، والشؤون الدينية في البلاد.
تأجيل المدارس
ودفع الوباء اللجنة العليا للطوارئ الصحية في السودان إلى تأجيل فتح المدارس في البلاد لمدة أسبوعين، إذ كانت بداية العام الدراسي الجديد، لمرحلتي الإعدادي والثانوي، مقررةً السبت 21 نوفمبر.
وذكرت اللجنة، في بيان صحافي، أن قرارها هذا جاء لضمان تطبيق المؤسسات التعليمية للاشتراطات الصحية وتوفير الحاجيات اللازمة لإيجاد بيئة مدرسية صحية آمنة ومعافاة.
وشددت وكيل وزارة التربية والتعليم السودانية، تماضر الطريفي، على ضرورة التزام المؤسسات التعليمية بتطبيق الاشتراطات الصحية لمواجهة جائحة كورونا. وقالت إن وزارتها واجهت تحديات كبيرة بالنسبة للعام الدراسي الجديد، لافتةً إلى أنه كان من المفترض فتح المدارس في موعدها، لكن اللجنة العليا للطوارئ الصحية قررت تأجيل ذلك بسبب زيادة عدد الإصابات بكورونا.
ولمحت الطريفي إلى أن الصفين الثامن والثالث الثانوي فتحا منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسيستمران في الدراسة مع الالتزام في التدابير والإجراءات الصحية وارتداء الكمامات. وأضافت أن الوزارة ستعمل على توفير معقمات للمدارس وستقوم بزيارات ميدانية في الخرطوم والولايات الأخرى للتأكد من الالتزام بالاحترازات الصحية وتطبيق التباعد داخل الصفوف.
231 إصابة
وأعلنت وزارة الصحة السودانية، في أحدث تقرير لها، الأربعاء، تسجيل 231 إصابة جديدة بفيروس كورونا، ما يشكل 10 في المئة من جملة العينات المفحوصة البالغة 2398 عينة، فيما سجلت 6 وفيات، و12 حالة شفاء. ومن بين الحالات الجديدة، رصدت 203 إصابات في الخرطوم، و28 إصابة توزعت على سبع ولايات، 16 إصابة في ولاية البحر الأحمر، و6 إصابات في ولاية الجزيرة، واثنتان في كل من، ولايتي النيل الأبيض وسنار، وإصابة واحدة في كل من، ولايتي النيل الأزرق ونهر النيل.
وبذلك، ارتفع العدد الكلي للمصابين بفيروس كورونا في السودان إلى 15530، توفي منهم 1185 مصاباً وشفي 9682 آخرون.