Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يطلق ترمب قناته التلفزيونية أم يمتطي الإعلام المحافظ؟

حرب الرئيس الأميركي ضد "فوكس نيوز" لن تدمرها لكنها تحسن وضعه في السعي إلى صفقة مقبلة

أعلنت شركة تويتر أنها ستسلم حساب @POTUS الخاص بالرئيس الأميركي لبايدن في يوم التنصيب (أ ف ب)

ربما تكون علاقة الحب الطويلة بين شبكة "فوكس نيوز"، الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة، والرئيس الأميركي دونالد ترمب انتهت، لأن الشبكة لم تتبن بشكل قاطع ادعاءاته حول تزوير الانتخابات، على الرغم من أن عدداً من برامج الشبكة يؤكد روايته المزعومة بأن الانتخابات "سرقت"، فشن ترمب حرباً متواصلة ضد "فوكس نيوز"، وطالب مؤيديه بالتحول عنها لقنوات يمينية أخرى، بينما كشفت وسائل إعلام عن رغبته في إطلاق قناة تلفزيونية تحمل اسمه بعد خروجه من البيت الأبيض، فما مستقبل الإعلام اليميني المحافظ بعد زوال سلطة الرئيس الجمهوري، وهل يمكن لقناة ترمب أن تنجح في مواجهة "فوكس نيوز" أم أن قطب العقارات السابق يستهدف الحصول على صفقة مربحة له سياسياً ومالياً؟

في الوقت الذي توقف فيه الرئيس ترمب تقريباً عن وصف الإعلام الليبرالي الأوسع انتشاراً في الولايات المتحدة بأنه إعلام كاذب ومزيف، تراجع اهتمام الشبكات التلفزيونية الرئيسة به نسبياً بعد خسارته الانتخابات وصبت جزءاً كبيراً من اهتمامها على الرئيس المنتخب جو بايدن، فيما بدأت معارك أخرى داخل المعسكر اليميني المحافظ، فكثف ترمب هجماته على الشبكة بعد خسارته الانتخابات ورفضه نتائجها بسبب إعلان "فوكس نيوز" مثل كل وسائل الإعلام الرئيسة، أن جو بايدن هو الفائز بالرئاسة.

فضل الأوزة الذهبية

واعتبر ترمب أن "فوكس نيوز" انهارت تماماً لأنها أنكرت فضل "الأوزة الذهبية" التي جعلتها ناجحة بين عامي 2016 و2020 في إشارة إلى وصوله السلطة وتفضيله لها عن سائر وسائل الإعلام الأخرى. ولم يكتف ترمب بذلك، بل كرر تغريدات من مستخدمين آخرين ينتقدون "فوكس نيوز" باعتبارها غير موالية بشكل كاف للرئيس، كما حض المنتمين للتيار المحافظ على التحول إلى قنوات منافسة يمينية مثل "نيوز ماكس"، مما أدى إلى تراجع قيمة أسهم الشركة المالكة لـ"فوكس نيوز" بأكثر من 6 في المئة، وسط تكهنات بأن ترمب قد يدعم أو يطلق قناة إخبارية تلفزيونية جديدة منافسة تحمل اسمه.

وتواجه "فوكس" مجموعة تحديات بعد مغادرة ترمب منصبه، منها انخفاض محتمل في تصنيفات المشاهدة، إضافة إلى تغريدات ترمب التي تهاجم الشبكة، والتهديد بأنه قد يدشن وسيلة إعلامية منافسة، وهي جميعها علامات مقلقة على الطريق.

 مستقبل الإعلام المحافظ

كانت قناة "فوكس نيوز" مركز عالم الإعلام اليميني في الولايات المتحدة لسنوات طويلة، ومن الصعب تخيل أن ذلك سيتغير في وقت قريب، ولكن هناك إشارات مبكرة إلى تغيير نسبي في الطريق، سببه نتائج الانتخابات الرئاسية وتحول عدد من المشاهدين عن القناة.

وإذا كانت حصة كبيرة من جمهور "فوكس"، التي هي أساس قاعدة ترمب في هذه المرحلة، في طريقها للتمرد على الشبكة، فأين سيذهبون، وما الشبكات الأخرى التي قد تتحدى "فوكس" من أجل إثبات الذات والتميز داخل تيار اليمين المحافظ؟

هل غيّر ترمب الإعلام اليميني؟

لم تكن هناك وسائل إعلام مؤيدة لترمب قبل ترشحه لمنصب الرئاسة عام 2016، أما الآن فتوجد وسائل إعلام حيوية مؤيدة له تتعارض في توجهاتها وخطاباتها بقوة، مع بقية وسائل الإعلام الرئيسة الليبرالية المسيطرة تقليدياً على المشهد الإعلامي الأميركي. وتطورت وسائل الإعلام اليمينية المحافظة على مدى السنوات القليلة الماضية، واشتد عودها وأصبحت أكثر ولاءً لترمب.

وفي حين تستند وسائل الإعلام المحافظ ومنها "فوكس نيوز" التي تعد بمثابة القلب، إلى الواقعية في معالجتها للقضايا، إلا أنه بالنسبة إلى بعضها يشكل الاستياء مما يجري في الولايات المتحدة دافعه الأول، بينما تسيطر على البعض الآخر نظرية المؤامرة بالكامل. وتطور الإعلام اليميني المحافظ خلال العامين الأخيرين بشكل واسع، إلى تصنيف الإعلاميين والصحافيين إذا كانوا مع ترمب أو ضده، وفي المقابل أصبح الجمهور متطرفاً، ولأن الأمر يتعلق بنسب المشاهدة ومن ثم بالإعلانات، فقد فعل مقدمو البرامج كل ما في وسعهم لمواكبة مطالب مشاهديهم.

وعلى الرغم من وجود استثناءات لهذه القاعدة، فإنه من الواضح أن جمهور شبكة "فوكس"، لم يعد يتسامح مع أي معارضة، إذ تحول إلى التطرف أكثر بكثير خلال سنوات حكم ترمب الأربع.

أزمة "فوكس نيوز"

وبينما ارتفعت نسب مشاهدة برامج شبكة "نيوز ماكس" اليمينية المحافظة من 500 إلى ألف في المئة خلال الأيام الأخيرة، بسبب تحول عدد من مشاهدي "فوكس" إليها، إلا أن هذه الشبكات اليمينية في مجملها لا تزال صغيرة مقارنة بشبكة "فوكس"، وهي ليست على مسافة متقاربة معها من حيث الحجم أو الشكل، ولا من حيث النفقات أو الإيرادات الإعلانية أو الانتشار أو المهنية، ومع ذلك فإن هناك بذور تحول حقيقي لدى الجمهور.

لكن الفرق الآن في عالم ما بعد انتخاب بايدن رئيساً، أن بعض مشاهدي قناة "فوكس" يشعرون أن الشبكة خانتهم من خلال تقارير وتغطيات إعلامية تستند إلى منطق واقعي، وهو أن بايدن هو الرئيس المنتخب، وبالتالي سينتقل بعض مشاهدي "فوكس" ربما للمرة الأولى إلى متابعة قنوات أخرى.

ولأن "فوكس نيوز" تضم مجموعات مختلفة، من بينهم صحافيون شعروا بالاختناق بسبب سنوات حكم ترمب، ومديرون تنفيذيون يركزون فقط على الأرباح، إضافة إلى مقدمي برامج ومعلقين ومنتجين يركزون على النهوض ببرامج القناة ومضمونها، فمن الطبيعي أن تكون هناك مناوشات داخلية بين المتشددين المناصرين لترمب، والصحافيين المهنيين الراغبين في إحداث التوازن والتعبير عن الواقع.

ضغوط الواقع

ولكن "فوكس" في النهاية شركة تجارية تحقق أرباحاً بمليارات الدولارات، ويجب أن تستند إلى الواقع إلى حد ما، فمن أجل التواصل مع المعلنين، وإبرام صفقات مع شركات تشغيل وتوصيل إشارات البث عبر الكابلات، سيكون من الصعب على "فوكس" القول، إن بايدن خسر الانتخابات، لأنه واقع لا يمكن إنكاره، ولكن هذا الوضع يخلق توتراً مع بعض المعلقين اليمينيين الذين يتعرضون لضغوط من جمهورهم من أجل إنكار هذا الواقع.

ونظراً إلى أن 70 في المئة من الجمهوريين يعتقدون أن الانتخابات مزورة، بحسب استطلاع أخير للرأي، فإن ذلك سيؤثر على كيفية تغطية "فوكس نيوز"، مما يبرر أنهم حالياً يغطون أنشطة بايدن كرئيس منتخب، ثم يتحدثون في اللحظة التالية عن تزوير الانتخابات. ولعل السبب في ذلك هو أن قناة "فوكس" عبارة عن مجموعة برامج تتمتع بقدر واسع من الاستقلالية عن بعضها البعض، لذا سيستمر مذيعو الأخبار مثل نيل كافوتو في ممارسة مهنة الصحافة القائمة على الواقع، وسيواصل شون هانيتي ومارك ليفين مواصلة الحديث حول تزوير الانتخابات، ولا غرابة في ذلك.

صوت المعارضة

من ناحية أخرى، اكتسبت علامة "فوكس" التجارية سمعتها وشعبيتها في السنوات التي كانت فيها ضد الديمقراطيين. ويعترف القائمون على الشبكة بذلك للمعلنين بلا مواربة، فهذا شيء يبيعونه لمشغلي الكابلات باعتبارهم صوت المعارضة ضد الليبراليين والديمقراطيين، وبالتالي لا يمكن إسقاط فوكس من قائمة القنوات التلفزيونية لأن الجمهور سيثور ويعترض، على اعتبار أن "فوكس" هي الصوت الوحيد للمعارضة.

ولهذا السبب سيكون أمام "فوكس" أربع سنوات مربحة للغاية باعتبارها قناة بارزة مناهضة للرئيس الديمقراطي جو بايدن، لكن السؤال الذي تواجهه الشبكة الآن هو، هل سيشعر عدد كاف من مشاهدي "فوكس" بالخيانة ويبحثون في مكان آخر؟

وتعلم إدارة شبكة "فوكس نيوز" بالضبط ما يريده جمهورها، وهذا هو السبب في مواصلتهم الدفاع بشراسة عن ترمب، ولا يوجد سبب سياسي أو اقتصادي يدعو للاعتقاد أن هذا الاتجاه سيتغير.

هل سيطلق ترمب قناته التلفزيونية؟

ولا يعتقد خبراء الإعلام بجدية احتمال أن يطلق ترمب قناة خاصة به، كما ذكرت بعض المواقع، نظراً لقناعتهم بأن شبكة "فوكس" أكبر من دونالد ترمب، ولأن إطلاق شبكة من الصفر أمر صعب للغاية، ويكاد يكون مستحيلاً، على الأقل في الفترة الحالية التي تسيطر خلالها "فوكس" على جمهور ترمب. لذلك ربما ينتهي الأمر بأن يحصل ترمب على برنامج متميز في وقت ذروة المشاهدة على قناة "فوكس".

ولكن إذا أراد ترمب إنشاء شركته الإعلامية الخاصة، فيمكنه اتباع نفس المسار الذي سلكه نجم "فوكس نيوز" السابق غلين بيك، معتمداً على قاعدة مؤيديه الشعبية الكبيرة لدفع اشتراكات شهرية له، غير أن ذلك الخيار ليس مضموناً بنسبة مؤكدة، فبينما تمكن بيك من اجتذاب عشرات آلاف المشتركين، أغلقت سارة بالين المرشحة الجمهورية السابقة لمنصب نائب الرئيس، قناتها التلفزيونية على الإنترنت بعد عام واحد فقط من إطلاقها.

ومن المحتمل أن تقدم إحدى قناتي "نيوز ماكس"، أو "وان أميركا نيوز" ذات الاتجاهات اليمينية الواضحة للرئيس ترمب ما يشتهيه، ويضعون اسمه على الشبكة، لكن توزيع وحجم مشاهدة هذه القنوات أقل بكثير من قناة "فوكس نيوز". فعلى الرغم من أن "نيوز ماكس" تكتسب أرضية وشعبية بين أنصار ترمب بشكل جيد في الوقت الحالي، فإنها غير متوفرة في منازل عدة، ما يفسر صعوبة بدء تشغيل شبكة تحمل أفكار ترمب ورؤاه.

هل ستكون قناة ترمب جذابة؟

إذا ما غامر ترمب بتدشين قناة تحمل اسمه، فقد تكون جذابة فقط بالنسبة إلى عدد من شركات نقل إشارات البث، عبر الكايبل أو بالأقمار الصناعية في بعض الولايات الجمهورية، لكن خبراء الإعلام يعتقدون أنه سيكون من الصعب للغاية تحميل قناة جديدة تحمل علامة ترمب التجارية، على شبكات شركات الكايبل مثل "كومكاست" أو "أيه تي آند تي" وغيرها، نظراً إلى رد الفعل السلبي المتوقع من نصف البلاد على وجود تلك القناة.

والأهم من ذلك، أن الأمر سيكلف مبلغاً هائلاً من المال، إذ يتعين على القناة الجديدة أن تقدم برامج، وسيحتاج الأمر إلى منتجين ومخرجين وفنيين وغيرهم، ولذلك فإن هناك تحديات عدة مرتبطة بإطلاق قناة جديدة من الصفر، ولكن وضع اسم ترمب على قناة موجودة بالفعل سيكون أسهل بكثير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


نتفليكس

يمكن لترمب أيضاً تحويل البث الحالي لحملته الانتخابية عبر الإنترنت إلى منصة بث دائمة تصل إلى هواتف الناس ويطلب منهم التسجيل بدفع اشتراك بسيط، كما يمكن له أن يسلك طريق شبكة "نتفليكس" ويجني في الواقع أموالاً أكثر بكثير من محاولة حث الأشخاص على الاشتراك في منصة البث الخاصة به.

ولكن كل هذه الأفكار تتطلب قدراً هائلاً من العمل، في وقت لاحظ فيه الأميركيون انعزال ترمب النسبي بعد الانتخابات وتقليص نشاطاته وتغريداته.

رقم واحد

وفي مواجهة ما يعتزمه ترمب وحربه المستمرة ضدها، بدت قناة "فوكس نيوز" غير عابئة بحملات الرئيس حيث واجهت عقبات عدة خلال 18 سنة من عملها كشبكة إخبارية رائدة، واستطاعت أن تحافظ على مكانتها باعتبارها الأكثر مشاهدة في الولايات المتحدة على الرغم من فضيحة تحرش جنسي طالت أحد كبار إعلامييها، ووفاة مؤسسها روجر آيلز، ومغادرة بعض نجومها الكبار مثل "غلين بيك، وبيل أورايلي، وميغين كيلي"، وصعود شبكات تلفزيونية منافسة ذات ميول يمينية مثل "نيوز ماكس" و"وان أميركا نيوز".

وفيما يتوقع عدد قليل من المراقبين أن يؤدي وابل الهجمات التي يشنها ترمب إلى إزاحة "فوكس نيوز" عن عرشها في وقت قريب، إلا أن آخرين يستبعدون ذلك استناداً إلى تمتعها بمميزات عدة تضمن نجاحها كالتوزيع والموهبة والموارد بغض النظر عمن هو الرئيس.

ومع ذلك، يمكن اختبار كفاءة شبكة فوكس وقدرتها على التعايش مع منافس جديد يشكل تحدياً غير مسبوق، إذا صدقت التقارير التي نشرها موقع "أكسيوس" نقلاً عن مصادر خاصة، والتي تقول، إن ترمب يخطط لإطلاق منصة بث جديدة، باشتراك قدره 6 دولارات شهرياً، مثل محطة "فوكس نيشن" التي انطلقت قبل سنتين.

مكاسب "نيوز ماكس"

في المقابل، شهدت شبكة "نيوز ماكس" التي أسسها كريستوفر رودي حليف ترمب، ولم تعلن حتى الآن بايدن فائزاً بالانتخابات، ارتفاعاً في نسبة مشاهديها خلال الأيام الأخيرة، واستخدمت موقفها المشكك في نزاهة الانتخابات لكسب دعم مؤيدي ترمب الغاضبين من أن "فوكس نيوز" أعلنت مبكراً فوز بايدن بولاية أريزونا.

وكانت علاقة ترمب بـ"فوكس نيوز" شهدت طلعات ونزلات على مر السنين، فكان ضيفاً متكرراً على القناة قبل فترة طويلة من قراره الترشح للرئاسة، وكان المعلقون الرئيسون للشبكة من المؤيدين المتحمسين له طوال فترة وجوده في البيت الأبيض.

"فوكس" قادرة

ولأن غالبية مشاهدي "فوكس نيوز" يحبون الرئيس ترمب، يخشى مراقبون من أن استمرار هجوم الرئيس ضد الشبكة، سيكون له تأثير حقيقي على نسب مشاهدتها، وأنه قد يستخدم ذلك كأداة للمساومة بهدف عقد أفضل صفقة ممكنة، سواء كان ذلك عبر إنشاء قناته الإخبارية الخاصة أو الحصول على أموال طائلة مقابل الظهور على الهواء في شبكة أخرى.

وفي حين واصل ترمب الإشادة بمقدمي برامج "فوكس نيوز" في أوقات الذروة، الذين يراهم أكثر تعاطفاً مع قضيته مثل شون هانيتي وتاكر كارلسون، لا تزال إدارة "فوكس" متفائلة بأنها قادرة على مواجهة الاضطرابات الأخيرة، حيث أشار الرئيس التنفيذي للشبكة لاتشلان مردوخ قبل أيام إلى أن الشبكة قادت صناعة الأخبار عبر عدد من إداراتها وحققت أكثر من 14 مليون مشاهد في ليلة الانتخابات وارتفعت مشاهداتها بنسبة 62 في المئة، أخيراً.

المزيد من تقارير