Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يعيد الاعتبار لـ "مجموعة العشرين"

بعد تفشي الوباء بات ما يتناوله المجتمعون بالغ الأهمية والالتزام بالمخرجات أكثر إلحاحا

منذ أنشئت مجموعة العشرين في 2008 لرفع القمة إلى مستوى القادة بدعوة من الرئيس الأميركي جورج بوش، على أمل منع انهيار النظام المالي العالمي، بعد أن كانت تنحصر منذ 1999 على وزراء المالية وحدهم، تحت مسمى "مجموعة السبع"، باتت طاولة المجموعة الوجهة الأهم التي يجتمع حولها قادة الدول الاقتصادية الكبرى، لمناقشة ملفات الاقتصاد والسياسة التي تؤثر في العالم.

وعلى مدى السنوات الأخيرة الماضية، تعلو أصوات في كل مرة يأتي فيها الذكر على "العشرين" لتناقش جدوى إقامتها، إذ تنتقد دائماً مدى التزامها وجدوى مخرجاتها لبقية دول العالم. وما شهدته ولاية هامبورغ الألمانية في 2017 من تظاهرات صاحبتها حالات فوضى، وبوينس آيرس في 2018، وقبل ذلك في لندن خلال النسخة الثانية للقمة عام 2009، يؤكد مدى سهام النقد التي وُجهت إلى المجموعة. 

"العشرين" في عام كورونا

غير أن الأمر تغير هذا العام، فقد بات كل اجتماع ذا أهمية، وكل فرصة حل مهمة بحد ذاتها، وأصبح ما يطرح على طاولة القمة الأشهر يترتب عليه سلامة الاقتصاد العالمي.

إذ وضع كورونا العالم في مواجهة مع مسؤولياته، تجلى ذلك في مبادرة بسد الفجوة التمويلية في الصحة العالمية وجهود البحث عن لقاح بمساهمة بـ21 مليار دولار، كما ضخت نحو 11 تريليون دولار، لحماية الاقتصاد العالمي، وأسهمت الدول في مبادرة لتعليق مدفوعات الديون بقيمة 14 مليار دولار التي استفادت منها 73 دولة.

ويقيم محمد القحطاني، أستاذ التكتلات الاقتصادية الدولية بجامعة الملك فيصل، هذا التحول في فاعلية المجموعة، قائلاً "لم تتجاوز المجموعة في كثير من النسخ الماضية أدوار العلاقات العامة للدولة المستضيفة، إلا أن الأمر اختلف في النسخة الحالية الأكثر ثقلاً، لأنها عولمت الأزمة الاقتصادية، ووسعت دائرة المتضررين".
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذ تظل الأزمة المطلة حالياً هي نقطة التلاقي بين طرفي النقيض اللذين يختلفان في مدى جدوى المجموعة خلال السنوات الماضية، فعلى الرغم من اختلاف عبد الله العساف، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود مع نظيره القحطاني، حول تأثير المجموعة في السنوات الماضية الذي ينظر لها بعين أكثر إيجابية، فإنه يتوافق في أهمية هذه النسخة مقارنة بسابقاتها، نظراً إلى حجم التحدي "بعد مرور 13 سنة على اندلاع الأزمة المالية ما زال الاقتصاد العالمي يعاني الخلل الذي أحدثته، حيث إن هناك جهوداً كبيرة يجري بذلها من أجل أن يتعافى الاقتصاد العالمي، ويعود إلى قوته مرة أخرى، الأمر الذي يجعل الأزمة المتشكلة هذا العام أكثر حدة، وتشدد على أهمية الالتزام بالمخرجات".

أولويات جديدة

أحد أوجه تأثير كورونا في سير أعمال المجموعة، هو إعادة ترتيب الأولويات على قائمة المهام، فبعد أن كانت النظرة إلى مشكلات العالم لا تتجاوز المنظور المحلي لكل دولة، أضحت هذه الدول تنظر إلى الاقتصاد العالمي ككل واحتياجاته شرطاً أساسياً لسلامة الاقتصادات المحلية، الأمر الذي يعد تحولاً مهماً في التعاون الدولي ولو كان تحت تهديد مطرقة الوباء.

ومن أوجه التحول التي يراها محمد القحطاني، "كان للأزمة دور في ترسيخ أهمية النفط كمحرك أساسي لاقتصاد العالم بعد أن كان يعامل على أنه جزء من المشكلة"، الأمر الذي يراه تحولاً في الوعي الدولي "تبدو الدول بهذا أكثر وعياً وتغليباً لمصلحة الاقتصاد العالمي على الخلافات بين الدول، ما أسهم في تذليل سبل طريق التنسيق لامتصاص أضعاف الصدمة التي يعيشها العالم اليوم".

وأضاف في ذات الصدد "بعد أن كانت الاجتماعات تدرس التقليل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية صارت اليوم تناقش كيفية دعم استقرار أسعار النفط، وأن حماية عمليات النقل الجوي والبحري دولياً جزء من معززات الاقتصاد، ولم تعد سياسات الانكفاء الاقتصادي كافية لحماية الاقتصاد المحلي".

إعادة صياغة الأجندة

وعلى الرغم من أن الرياض أعدت أجندتها قبل أشهر من بدء أعمال المجموعة في ديسمبر (كانون الأول) 2019، فإنها وجدت نفسها تعيد صياغة الخطة والملفات التي يجري التباحث حولها. وهذا التحول الذي أطاح تحضيرات طويلة، أعاد الاعتبار إلى مركزية المجموعة التي فاقت أهميتها منظمة التجارة العالمية من خلال الدور الذي لعبته لاحتواء تبعات كورونا الاقتصادية.

الأمر الذي أكده فضل البوعينين المحلل الاقتصادي، عندما قال "القمة الحالية أعادت النظر إلى القضايا الملحة بالتركيز على مواجهة الجائحة ودعم الاقتصاد العالمي ووضع خطط تحويطية للجوائح المستقبلية، وهذا ما جعل مجموعة العشرين محط أنظار العالم"، الذي كان يبحث عن فرص للنجاة حتى لو كانت هذه الفرصة تتمثل في المجموعة التي طالما شُكك في جدواها، بحسب البوعينين.

وأضاف "أظنها تمكنت من تحقيق نتائج إيجابية ومؤثرة لمواجهة الجائحة أعاد إليها الاعتبار بعد سنوات طويلة من آخر اختبار مرت به في أول أيامها عام 2008".

وقال، في تعليقه على مدى جدية المجموعة تحت هذا الضغط، "الظرف الراهن أثبت ألا قدرة لأي دولة للقيام بدورها بمعزل عن جهود الدول الأخرى، وهو ما يستوجب ضرورة التعاون تحت هذه القبة أو غيرها مع الأخذ في الاعتبار وجهات نظر الدول المختلف، إذ يصعب الخروج بقرار ملزم دون توافق".

وعلى الرغم من أن الظروف الاقتصادية الحالية ليست مناسبة تستحق الاحتفاء، فإنها بالنسبة إلى المؤمنين بضرورة استمرار المجموعة والتعامل معها بشكل جدي، كانت طوق نجاة لاعتباراتهم وقناعاتهم التي لطالما نظرت للمجموعة على أنها فرصة قابلة للتطوير، وإن تفاوتت نسب الالتزام بالمخرجات.

المزيد من تقارير