Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانسحاب الأميركي والإرهاب: الخطأ هو الغزو

يدمّر محادثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية

في أميركا وأوروبا والشرق الأوسط نقاش لا ينتهي: ما هي حدود النجاح والفشل في الحرب على الإرهاب؟ إلى أي درجة تمكن التحالف الدولي الذي يقاتل في أفغانستان والعراق وسوريا والصومال ومالي من إضعاف داعش والقاعدة؟

وما الذي يسهم أكثر في تقوية التنظيمات الإرهابية: وجود القوات الأجنبية على الأرض في هذه البلدان أم انسحابها؟ لا أجوبة بسيطة. وفي المرحلة الانتقالية بين إدارتين في أميركا ازداد النقاش حدة حول أمرين متناقضين، أقله في الشكل، طلبهما الرئيس دونالد ترمب من أركان إدارته: أولهما تحضير خيارات عسكرية ضد إيران بينها مفاعل نطنز النووي.

وثانيهما سحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق قبل عيد الميلاد والإبقاء على 2500 في كل منهما حتى الربيع المقبل، والانسحاب الكامل من الصومال إلى قواعد في بلدان أفريقية مجاورة. وما أعطى النقاش حيوية أكثر هو أن الرئيس المنتخب جو بايدن تحدث في برنامجه عن "سحب أكثرية قواتنا من أفغانستان والشرق الأوسط، وتحديد مهمتنا بهزيمة داعش والقاعدة".

قبل طلب ترمب وحديث بايدن، قدّم مارك إسبر وزير الدفاع الذي أقاله ترمب مذكرة إلى البيت الأبيض حذّر فيها من الإسراع في الانسحاب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان منطقه أن العديد القليل الباقي بعد الانسحاب سيتعرض لخطر العنف أكثر، ومع هؤلاء 7000 جندي من حلفاء أميركا ، كما أن الانسحاب يدمّر محادثات السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية. قبل ذلك، جاء في تقرير "معهد دراسات الحرب" أن "داعش عائد بقوة" إذا انسحبت القوات الأميركية من الشرق الأوسط.

وقال الجنرال العراقي إسماعيل المحلاوي الذي قاتل داعش، "إن مقتل البغدادي ليس النهاية بل بداية نوع جديد من الإرهاب". وكتب ستيفن كوك من "مجلس العلاقات الخارجية " في  "فورين أفيرز" مقالاً تحت عنوان "لا مخرج من الشرق الأوسط لأنه لا يزال مهماً لأميركا".

أما الردود في الولايات المتحدة على طلب ترمب، فأتت بين بين. صقور الإدارة أنفسهم حذروا من أن ضربة عسكرية لإيران قد تقود إلى حرب شاملة ليس هذا وقتها. ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين صاحب كتاب "عندما كانت أميركا نائمة" والذي اعتبر أوباما "كارثة على الأمن القومي"، هو من أعلن قرار ترمب. لكن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل وهو من كبار داعمي ترمب، وقف ضد الانسحاب السريع من أفغانستان لأنه "يؤذي حلفاءنا ويُسرّ القوى التي تريد إيذاءنا، وسيكون أسوأ من الانسحاب الذي أمر به أوباما من العراق وأعطى وقوداً لصعود داعش وجولة جديدة من الإرهاب العالمي".

وليس هناك عملياً جواب واحد وعملي عن مشكلة الإرهاب: أين يبدأ دور الاعتراض على الغزو الأميركي للعراق في خلق داعش وينتهي دور الانسحاب الأميركي في تقويتها؟ ماذا عن الإرهاب الراديكالي في الصومال قبل وجود قوات أجنبية، وفي نيجيريا حيث لا قوات أجنبية، وفي العالم العربي حيث الإرهاب رد على قمع الأنظمة السلطوية، وفي أوروبا حيث الإرهابيون يتعلمون في الجامعات ويعيشون في بلدان ديمقراطية؟

جواب فرنسيس فوكوياما هو "أن الإسلام السياسي الراديكالي نشأ من فقدان الهوية الذي يرافق الانتقال إلى مجتمع حديث وتعددي". وهذا تقريباً ما يراه الخبير الفرنسي جيل كيبل في كتاب "إرهاب في فرنسا: صعود الجهاد في الغرب"، إذ يقول "إن التطرف الأصولي جزء من صعود أكبر لسياسة الهوية".

لكن الخبير الفرنسي الآخر أوليفييه روا يرى "أن الجيل الجديد من المتطرفين ليس مهتماً بالدين وهو يعرف القليل عن الدين، وليس له مكان في المجتمعات الإسلامية التي يدعى الدفاع عنها".

والواقع أن الخطأ هو الغزو الأميركي لأفغانستان والعراق، قبل الأخطاء في إدارة الأوضاع بعد الغزو. فالرابح الأول من الغزو كان إيران التي تصف أميركا بأنها "الشيطان الأكبر".

وشعار "بناء الأمم والديمقراطية" قاد إلى انهيار السلطات والغرق في الفوضى والحرب الأهلية. وما دفعته أميركا من "مال في حدود 7 تريليونات دولار ودم" انتهى إلى اتفاق أميركا مع طالبان العائدة إلى حكم أفغانستان بعد 18 سنة من الغزو الأميركي وإخراجها من السلطة. ذلك أن الرد العسكري والأمني على الإرهاب بالقوات المحلية والخارجية يحتاج رداً فكرياً وثقافياً واجتماعياً. والدور المهم هو للمؤسسات والمجتمعات ومراكز الفكر في المنطقة. والحرب طويلة.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل