Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يسهل سيناريو الاستقالة خروج ترمب من البيت الأبيض؟

قضايا قانونية تنتظر الرئيس الأميركي بعد انتهاء ولايته

هل يعفو بايدن عن ترمب؟ (رويترز)

في الساعة الثانية عشرة من يوم 20 يناير (كانون الثاني) 2021، لن يكون دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. وبعد أسابيع أو أشهر قليلة، قد يصبح الرئيس الأميركي السابق، الأول الذي يواجه لائحة اتهام جنائية فيدرالية أو داخل الولايات. ما يعكس قلق ترمب من إمكانية اعتقاله ومحاكمته، بينما يواجه الرئيس المنتخب جو بايدن أيضاً ما يدعو إلى القلق، إذ كيف سيتعامل مع سوء سلوك الرئيس السابق ويؤكد أن لا أحد فوق القانون، ويتجنب في الوقت نفسه خطر تفسخ وحدة الأمة الأميركية التي تعهد بالعمل للمّ شملها؟ لكن، ماذا لو استقال ترمب ومنحه نائبه مايك بنس عفواً رئاسياً قبل تولي بايدن السلطة مثلما حدث مع ريتشارد نيكسون؟ هل سينجو من القضايا المرفوعة ضده في الولايات؟

معضلة بايدن

ينتظر كثير من الديمقراطيين والمحامين المتحفزين إثبات الولايات المتحدة عقب رحيل ترمب من البيت الأبيض إلى أن لا أحد فوق القانون، وأنه ستكون هناك عواقب لأي شخص بما في ذلك أي رئيس سابق، إذا ما أساء استخدام سلطته. لكن المشكلة الحقيقية التي ستواجه بايدن فور توليه سُدة الحكم تتمثل في أن أي محاكمة لترمب، مهما كانت عادلة، ستثير انتقادات من أنصار الرئيس الخامس والأربعين وهم بعشرات الملايين في دولة منقسمة بالفعل إلى حد الخطر، بل لدى المراقبين غير الحزبيين سبب واضح للقلق من مشهد يرون فيه إدارة رئيس جديد، تحاكم من ترك منصبه للتو، بينما في أي ديمقراطية مستقرة لا يستخدم القادة المنتخبون سلطاتهم الجديدة لمعاقبة خصومهم بعد أن يخسروا الانتخابات. كما أنه لم يفعل ذلك أي رئيس سابق في الولايات المتحدة على مدار التاريخ.

تحت الضغوط المتصاعدة من جانب التيارات المتشددة داخل الحزب الديمقراطي بضرورة ملاحقة ترمب قضائياً، تزايد الحديث عن سيناريوهات قد يجد الرئيس ترمب نفسه مضطراً إلى السير فيها، تجنباً لأي ملاحقات قانونية محتملة في المستقبل، خصوصاً أنه كرئيس يتمتع بصلاحيات إصدار عفو عن أي شخص كان في القضايا الفيدرالية فحسب. فما طبيعة هذه الصلاحيات، وهل يمكن أن يصدر عفواً رئاسياً عن نفسه بما يمنحه حصانة أبدية من ملاحقته مستقبلاً؟

صلاحيات العفو الرئاسية

وفقاً للمادة الثانية القسم الثاني من الدستور الأميركي، فإن الرئيس يملك صلاحية أن يصدر عفواً لأي شخص عن جريمته، أو يخفف عقوبته بعد إدانته، باستثناء حالات الإقالة ولا تستطيع المحاكم أو الكونغرس فعل أي شيء حيال ذلك.

وفي حين أن ترمب حر في العفو عن أي شخص يشاء، كعائلته ودائرته القريبة، عن أي جريمة ارتكبت، فإن هذا ينطبق على الجرائم الفيدرالية فحسب، ولا ينسحب على الجرائم التي تنتهك قوانين الولايات.

يمكن له أن يعفو عن أي شخص بشكل مُسبق حتى قبل تحريك الاتهام ضده، ووفقاً لحكم المحكمة العليا الفيدرالية الأميركية الصادر عام 1866، فإن سلطة العفو الممنوحة للرئيس تمتد لتشمل كل جريمة معروفة للقانون. ويمكن ممارستها في أي وقت بعد ارتكابها، سواء قبل اتخاذ الإجراءات القانونية، أو أثناء فترة سريانها، أو بعد الإدانة وصدور الحكم. وبحسب فقهاء القانون فإن هذا العفو يستمر إلى أجل غير مسمى أي إلى الأبد.

هل يعفو ترمب عن نفسه؟

على الرغم من أن الرئيس يمكنه العفو عن أي شخص بسبب جريمة فيدرالية، من غير الواضح إذا ما كان يمكنه منح العفو لنفسه، إذ لا ينص الدستور بوضوح على ذلك، ولا توجد قضايا سابقة في المحاكم يمكن الاستناد إليها، إذ لم يسبق أن حدث ذلك.

ونظراً لأن ترمب صرح مسبقاً أنه يستطيع أن يعفو عن نفسه، فقد يحاول، غير أنه إن فعل، فمن المرجح أن يتحداه خصومه برفع دعاوى قضائية من شأنها أن تجبر المحكمة العليا الأميركية على إصدار حكم حول مدى دستورية الأمر الذي سيقول خصوم ترمب إنه يتعارض مع المبدأ القانوني الأساسي القائل إنه ينبغي أن لا تكون قاضياً في قضيتك. كما أنه إذا سُمح له بالعفو عن نفسه، فهذا يعني أنه فوق القانون، وهو ما يتعارض مع مبادئ القانون الدستوري بحسب خبراء القانون في الولايات المتحدة.

بنس هو الحل

ووسط التحديات القانونية التي يواجهها ترمب، ذهب البعض إلى التساؤل عما إذا كان يعتزم الاستقالة من منصبه قبل تنصيب بايدن، كي يتمكن نائب الرئيس مايك بنس من العفو عنه. وإذا ما حدث ذلك، فلن تكون تلك المرة الأولى في التاريخ الأميركي التي يعفو فيها نائب الرئيس عن سلفه، إذ أصدر الرئيس جيرالد فورد عفواً شهيراً عن الرئيس السابق ريتشارد نيكسون بعد استقالته بسبب فضيحة ووترغيت عام 1974.

وكان العفو، عن أي جرائم قد يكون نيكسون ارتكبها. فإذا رغب ترمب في تجنب أي تداعيات قانونية بعد فترة حكمه، فسيكون لديه الوقت للاستقالة والتمتع بعفو رئاسي من قبل بنس الذي سيصبح رئيساً في هذه الحالة قبل تنصيب جو بايدن.

هل يعفو بايدن عن ترمب؟

إلى جانب العفو الذي يمكن أن يصدره بنس في اللحظة الأخيرة، إذا ما تولى الرئاسة لفترة وجيزة، يمكن للرئيس المنتخب جو بايدن أن يصدر عفواً عن ترمب على الرغم من الانتقادات الشديدة التي يمكن أن يواجهها من الديمقراطيين الرافضين ومن الجمهوريين الذين سيقولون إن ترمب لم يرتكب خطأً.

لكن رغبة بايدن قد تستهدف تجاوز حالة الانقسام الهائل في المجتمع الأميركي، مثلما عفا فورد عن نيكسون من أجل دفع البلاد إلى الأمام بعيداً عن فضيحة ووترغيت.

لكن، نظراً لتصريحات بايدن السابقة، من غير المتوقع أن يصدر عفواً عن ترمب في ظل تصرفات الرئيس في أعقاب الانتخابات ورفضه قبول النتائج، على الرغم من أن فريقاً من الديمقراطيين يفضلون التوقف عن متابعة التهم القانونية ضد ترمب بعد رئاسته كي يتمكنوا من التركيز على المستقبل ولمنعه من تلقي الدعم من مؤيديه باعتباره ضحية أو تضخيم نظرية المؤامرة المنتشرة في أوساط الجمهوريين.

طرائق بايدن الأخرى

أما إذا اختار بايدن السعي إلى تحقيق العدالة من طريق مختلف حال لم يصدر أي عفو رئاسي، فسوف يحتاج إلى التأكد من أن أي قرار مقاضاة في شأن ترمب سيتم اتخاذه بطريقة تعيد ثقة الناس في وزارة العدل، كي لا تبدو كذراع سياسية للبيت الأبيض كما كان يفعل ترمب طوال سنوات حكمه الأربع، خصوصاً أن بايدن وعد مسبقاً بالابتعاد عن أي قرار بتحريك توجيه اتهامات.

لهذا، سيكون لدى الرئيس المنتخب أداة واحدة تسمح له بتحقيق العدالة بطريقة لا تبدو ملوثة بالسياسة. هي المحقق الخاص الذي يتولى دور الادعاء والتحقيق من دون أن يعينه بايدن، بل المدعي العام الذي يتمتع بقدر من الاستقلال عن إدارة الأخير، بينما يعلن مقدماً أنه لا ينوي وضع أي قيود على المحقق الخاص وأنه سيتبع توصياته.

في حين أن التحقيقات الجنائية الفيدرالية تستغرق وقتاً طويلاً لاستكمالها، فإن سلوك ترمب خلال تحقيق روبرت مولر تم بالفعل التحقيق فيه وتوثيقه من فريق مولر. بالتالي، يمكن لأي مدعٍ عام مراجعة هذه الملفات وتحديد إذا ما كان سيقاضي ترمب بتهمة عرقلة سير العدالة.

شروط التحقيق وتحدياته

ليس هناك من شك حول وجود أدلة كافية لاتهام ترمب بعرقلة سير العدالة، خصوصاً أن تركه المنصب الرئاسي لا يعفيه من المساءلة. لكن، بالنسبة إلى المدعي العام، ليس هذا هو الاعتبار الوحيد، إذ يجب أن يحدد المحقق الخاص أيضاً، وفقاً لسياسة وزارة العدل، إذا كانت هناك مصلحة فيدرالية كبرى في ملاحقة الرئيس السابق قضائياً وإذا ما كانت الأدلة كافية، ليس لتوجيه الاتهام فحسب بل لإدانته أيضاً.

ثمة من يرى أن هناك مصلحة في ردع الرؤساء وجميع المسؤولين الفيدراليين المستقبليين الذين قد يسيئون استخدام سلطاتهم من أجل تقليص التحقيقات معهم أو مع أصدقائهم.

لكن، ومع إمكانية توافر أدلة كافية لإدانة ترمب، فإن المحقق الخاص هو من ينبغي أن يتخذ قرار المقاضاة، مع الاعتبار أن ذلك سيكون المحاكمة الأولى لرئيس سابق على الإطلاق بسبب سلوكه. وهناك تحدٍ آخر يتمثل في أن المحاكمة ستكون أمام هيئة محلفين قد تحتوي على عدد من الأنصار.

على المحقق الخاص النظر في أمور أخرى. فقد أمر ترمب عدداً من الموظفين الفيدراليين لخرق قانون يمنعهم من الانخراط في النشاط السياسي أثناء أدائهم واجبهم. وجادل البعض بأنه يمكن محاكمته جنائياً لذلك.

قضايا فيدرالية مختلفة

قد لا يكون إثبات ترمب أنه أجبر العاملين الفيدراليين على الانخراط في نشاط سياسي أمراً صعباً، لأنه استضاف حشوداً سياسية انتخابية حزبية في البيت الأبيض، وكان على بعض موظفي الحكومة تسهيل تنظيم هذه الحشود. لكن إصداره أمراً كهذا لا يجرّمه القانون الجنائي. مع ذلك يمكن للمحقق الخاص أن ينظر في هذه المسألة ويتخذ قراراً غير سياسي.

يمكن أن ينظر المحقق الخاص أيضاً في محاولة ترمب الضغط على أوكرانيا للتحقيق مع هانتر نجل جو بايدن من خلال حجب المساعدة العسكرية، والذي تم توجيه الاتهام في شأنه في مجلس النواب الأميركي قبل أن يقرر مجلس الشيوخ تبرئته. لكن ما قام به ترمب من سلوك فاسد لا يراه البعض رشوة أو ابتزازاً وانتهاكاً رئاسياً للسلطة. وإذا لم يكن كذلك، فلن يستغرق الأمر وقتاً حتى يتم التحقيق في هذه المسألة، نظراً للتحقيقات السابقة التي قام بها مجلس النواب.

ملف ترمب الضريبي

هناك تحقيقات أخرى يمكن أن تستغرق بعض الوقت، منها ما ذكرته صحيفة "نيويورك تايمز" قبل أسابيع، من أن ترمب دفع 750 دولاراً فقط كضرائب في عامه الأول في البيت الأبيض، ولم يدفع خلال عشر سنوات من بين الأعوام الخمسة عشر الأخيرة. ما قد يحرك دعوات لإجراء تحقيق فيدرالي لتحديد ما إذا كان شارك عمداً في أي تهرب ضريبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد لا تكون المعلومات المتوافرة في شأن الضرائب كافية لإثبات إذا ما كان قد ارتكب جريمة ، لأن التهرب منها ليس جريمة في حد ذاته. مع ذلك، يمكن للمحقق الخاص أن ينظر في الموضوع للتأكد مما إذا كانت هناك أدلة كافية تبرر القيام بمزيد من التحقيقات، خصوصاً أن تدقيقاً ضرائبياً تم بالفعل لضرائب ترمب وحيث يمكن للمدعين الفيدراليين بسهولة الحصول على إقراراته الضريبية.

مع تعهد الرئيس المنتخب قبل الانتخابات وبعدها أن يجمع شمل الأميركيين، فإنه سيكون في وضع صعب، إذ سيجد نفسه بين مطرقة الديمقراطيين الذين يريدون تعزيز الثقة بالمؤسسية الأميركية وأن لا أحد فوق القانون، وبين سندان الجمهوريين الذين لا تريد غالبيتهم ما تعتبره انتقاماً من خصم سياسي قوي قد يرشح نفسه مجدداً للرئاسة بعد أربع سنوات من الآن. ولهذا قد يكتفي بايدن بترك ترمب ليلقى مصيره مع المحاكمات التي تواجهه محلياً في الولايات، خصوصاً نيويورك. فما هي هذه القضايا؟

 قضية مانهاتن

العديد من الدعاوى القضائية والتحقيقات الجنائية التي قد تطارد ترمب عندما يترك منصبه. وعلى رأسها ما يجريه المدعي العام لمنطقة مانهاتن، سايروس فانس، الذي ينفذ قوانين ولاية نيويورك، من تحقيق جنائي في شأن ترمب والمنظمة التي تحمل اسمه منذ أكثر من عامين، إذ ركز التحقيق على المدفوعات المالية من المحامي السابق له والوسيط مايكل كوهين قبل انتخابات 2016 لامرأتين قالتا إنه أقام علاقات جنسية معهما. وهو ما نفاه الرئيس ترمب الذي اعتبر قضية فانس ذات دوافع سياسية.

جذبت هذه القضية انتباه وسائل الإعلام بسبب جهود فانس للحصول على ثماني سنوات من إقرارات ترمب الضريبية، وما رفضت المحكمة العليا الأميركية أخيراً، محاولته إبقاء إقراراته الضريبية طي الكتمان، وقالت إنه ليس في مأمن من التحقيقات الجنائية الحكومية أثناء وجوده في منصبه.

احتيال ضريبي

من القضايا التي اكتسبت زخماً، تلك التي حركها المدعي العام في نيويورك، ليتيسيا جيمس، في شأن الاحتيال الضريبي مع ترمب وشركته العائلية، منظمة ترمب، إذ بدأ التحقيق بعدما أبلغ المحامي السابق للرئيس، كوهين الكونغرس أن الأخير كان يُضخم قيمة أصوله العقارية من أجل تسهيل الحصول على مال وفير عبر القروض، ثم يُخفض قيمتها من أجل خفض مدفوعات الضرائب العقارية.

وبينما وصفت منظمة ترمب القضية بأنها ذات دوافع سياسية، فإن التحقيق يعد مدنياً. ما يعني أنه قد يؤدي إلى عقوبات مالية وليس عقوبة السجن.

جين كارول

جين كارول، كاتبة سابقة في مجلة "إيل"، رفعت دعوى قضائية ضد الرئيس بتهمة التشهير عام 2019 بعدما نفى مزاعمها بأنه اغتصبها في فترة التسعينيات، واتهمها بالكذب بهدف الترويج لكتاب أصدرته، غير أن قاض في الولاية سمح بالمضي قدماً في القضية. ما يعني أن محامي كارول يمكنه طلب عيّنة من الحمض النووي من ترمب لمضاهاتها مع عيّنة على فستان كارول قالت إنها ارتدته في متجر في مدينة نيويورك.

وقد رفض قاض فيدرالي في مانهاتن محاولة من وزارة العدل الأميركية لتدافع الحكومة الفيدرالية عن الرئيس كمدعى عليه في القضية، إذ قال قاضي المحكمة الجزئية الأميركية في مانهاتن إن ترمب لم يدل بتصريحاته في شأن كارول في نطاق عمله كرئيس. وبالتالي، لا يحق للوزارة أن تدافع عنه.

سمر زيرفوس

يواجه ترمب أيضاً دعوى قضائية من سيدة تدعى سمر زيرفوس، التي كانت واحدة من المتسابقات ضمن برنامج ترمب "أبرانتس" التلفزيوني الواقعي عام 2005، وتقول إنه قبلها ضد إرادتها في اجتماع عام 2007 ثم تحسسها لاحقاً في أحد الفنادق.

وبعدما وصف ترمب زيرفوس بأنها كاذبة، رفعت دعوى قضائية ضده بتهمة التشهير. لكن عُلّقت القضية من محكمة الاستئناف في ولاية نيويورك بسبب الحصانة التي يتمتع بها، لكنها ستفقد مفعولها بمجرد تركه منصبه.

المزيد من تقارير