توجهت اثنتان وعشرون شخصية فرنسية بارزة برسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الحكومة جان كاستيكس، ووزير الداخلية جيرالد دارمانين، للمطالبة بحظر تنظيم "مسلمو فرنسا"، الذي يعد الفرع الفرنسي لجماعة الإخوان المسلمين.
وتنوعت مشارب موقّعي الرسالة بين عدد من نواب البرلمان ومجلس الشيوخ (جوليان أوبير، وجاكلين أوستاش- وبرينيو، ولويس دي برواسيا، وبرينو روتايو، وفاليري بوير)، والباحثين (رزيقة عدناني، وغيوم بيغو، جيلان ودي كاستلباجاك، وجان- ميشال نوغيرول، وسيلين بينا، وألكسندر ديل فال، ورولان لومباردي) ونشطاء المجتمع المدني (محمد لويزي، وآن فورنييه، وزينب الغزوي، وجورج كوزمانوفيتش، وإدوار أمياش، ومنال مسالمي، وغيلان شوفرييه، وفتيحة بوير، وسيبيستيان لاي)، فضلاً عن اللواء الركن برتران سوبوليه، نائب رئيس جميعة "فرنسا المنشودة" Objectif France.
وطالب موقّعو الرسالة بـ"توجيه ضربة إلى قلب المرجعية الأيديولوجية للتنّين الإسلاموي"، معتبرين أن "الحكومة تريد التصدي للإسلاموية التي قتلت مزيداً في بلادنا أخيراً. والتصدي للإسلاموية يعني محاربة الشبكات الإرهابية، لكن ذلك يتطلب أيضاً محاربة الأيديولوجيا التي تغذي تلك الشبكات. ومن المعروف أن هذه الأيديولوجيا تضم فرعين، السلفية وتيار الإخوان المسلمين. وإذا كانت السلفية معروفة ومرصودة، ويتم تقفي تأثيراتها، خصوصاً عبر الإنترنت، فماذا عن التيار الآخر للأيديولوجيا الإسلامية، أي الإخوان المسلمين"؟.
ولفتت الرسالة إلى أن الإخوان المسلمين هم "جماعة سرية تأسست في مصر، تنادي بإسلام سياسي وشمولي، وهدفها فرض الهمينة الإسلامية"، مضيفة أن "مفكري هذه الجماعة أعداء للغرب، وقد أيدوا النظام النازي، وهم ملهمو الجهاد العالمي. وقد أسست الجماعة تنظيماً دولياً له فرع في فرنسا، وهو "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا"، الذي قام بتغيير اسمه إلى "مسلمو فرنسا"، عام 2017، بدافع حسابات سياسية".
وعن خلفيات تنظيم "اتحاد المنظات الإسلامية/ مسلمو فرنسا"، قالت الرسالة إن "هذا التنظيم، الذي يمثل الإخوان المسلمين تاريخياً، تجذر في فرنسا منذ 1980، على أيدي نشطاء إسلامويين أجانب، ونجح في فرض نفسه على الحكومات المتعاقبة. ويهدف إلى دفع عموم المسلمين في فرنسا إلى الانغلاق في هوية طائفية، ساعياً إلى جرهم نحو إسلام أصولي لبسط هيمنته على الهيئات الممثلة للمسلمين، وليصبح المحاوِر الأبرز للسلطات العمومية على الصعيد الوطني وفي المحافظات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبرت الرسالة أن قرار الحكومة الفرنسية حظر "لجنة مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا" كان ضرورياً، لأن هذا التنظيم كان بمثابة "واجهة نضالية نشطة وشعبوية للتيار الإسلاموي في فرنسا"، مضيفة أنه "من الضروري حظر التنظيم التاريخي لهذا التيار، وهو اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، بكل ما يتبع له من دعاة وعلماء دين وقنوات دعائية، مثل المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية في شاتو شينو وسان دونيه، وجمعية هافر دو بي، والمدارس القرآنية، والمساجد، والجمعيات المختلفة. فكل هذه التفرعات، المعروفة من جانب المصالح الحكومية، تابعة بشكل مباشر لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا".
وفي خصوص "المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية"، اعتبرت الرسالة أن الشيخ يوسف القرضاوي عضو في المجلس العلمي لهذا المعهد، وأنه "يعد مرجعية روحية للمعهد ولاتحاد التنظيمات الإسلامية في فرنسا"، مشيرة إلى أن القرضاوي "ممنوع من دخول فرنسا، من 2012 وكان لفترة طويلة مطلوباً من الإنتربول".
وسألت الرسالة "هل من المقبول أن يكون أعداء الجمهورية ممثلين في هيئات مثل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية المكلف (بالتعاون مع الجمعية الإسلامية من أجل إسلام فرنسي) تكوين أئمة المستقبل؟ وهل من المقبول أن تتلقى التنظيمات الإسلاموية المنضوية في اتحاد التنظيمات الإسلامية في فرنسا تمويلات من دول أجنبية، مثل قطر التي تقوم حالياً بحملة للمطالبة بمقاطعة السلع الفرنسية"؟.
وخلصت إلى القول إن "فرنسا، بلد الأنوار وموطن فولتير، هي المستهدفة في المنزلة الأولى من جانب الإخوان المسلمين، سواء منهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أو الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، الذي يدعي أن اغتيال سامويل باتي مؤامرة مدبرة من قبل مصالح الاستخبارات الفرنسية"، مضيفة أن "أجدادنا تصدوا للأيديولوجيا النازية. ومن واجبنا اليوم أن نحارب بلا هوادة الأيديولوجيا الإسلاموية التي تقوم بتسليح من لا يتورعون عن ارتكاب هجمات دموية في بلادنا".
وتتوجه الرسالة في الختام إلى السلطات الفرنسية، قائلة إن "فرنسا تعيش حالياً لحظة تاريخية، فالأمر يتعلق الآن بالحفاظ على السلم المدني. والفرنسيون ينتظرون من السلطات العمومية وضع حد للمنظرين والنشطاء الإسلامويين الذين يهددون بلادهم. يجب وقف أذى التنظيم التاريخي للإخوان المسلمين في فرنسا. السيد رئيس الجمهورية، السيد رئيس الحكومة، السيد وزير الداخلية، نطالبكم بحظر فيدرالية "مسلمو فرنسا"، التي هي التسمية الجديدة لاتحاد التنظيمات الإسلامية في فرنسا".
ولم تصدر، حتى الساعة، أي ردة فعل على هذه الرسالة من قبل الحكومة الفرنسية، ولا من الفرع الفرنسي للإخوان المسلمين، أي تنظيم "مسلمو فرنسا"، الذي تطالب الرسالة بحظره. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الفرنسية كانت قد اتخذت، في منتصف الشهر الماضي، قراراً بحظر جمعيتين إخوانيتين منضويتين في تنظيم "مسلمو فرنسا"، وهما "لجنة مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا" و"جمعية الشيخ ياسين"، وذلك بعدما بينت التحقيقات تورطهما في خطاب الحقد والتحريض ضد أستاذ التاريخ سامويل باتي، الذي اغتاله متطرف شيشاني. ما دفع جماعة الإخوان المسلمين إلى الرد على قررات الحظر تلك، في بيان حمل توقيع المرشد العام للجماعة بالإنابة، إبراهيم منير، الذي تمت تزكيته لهذا المنصب في الرابع من سبتمبر (أيلول) الماضي، على إثر اعتقال مرشد الجماعة، محمود عزت، في مصر.
وخاطب المرشد في بيانه الرئيس ماكرون بنبرة التحدي، قائلاً، "نود أن نؤكد لكم وللشعب الفرنسي ولكل شعوب الأرض أن فكر جماعة الإخوان المسلمين النابع من دينها الذي يلتزمه أصحابه، قد انتصر على تجاوزات بعض الأنظمة التي تتعمد دفعها إلى التخلي عنه بتجاوزات غير قانونية وغير إنسانية بغية تشويهه".