Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب ومؤيدوه يبحثون عما يواسيهم في نظريات المؤامرة

الرئيس الأميركي المنتهية ولايته يستند إلى مزاعم مكائد وينفخ في الانقسامات في حين تنفد منه الخيارات كما يجد ريتشارد هول في العاصمة واشنطن

مؤيدو الرئيس الأميركي دونالد ترمب نظموا مسيرة احتجاج على نتيجة الانتخابات الرئاسية (غيتي)

بالنسبة لرجل غالباً ما يظهر في برنامجه عاري الصدر يصرخ بين فقرات إعلانات حبوب للدماغ، ربما شعر أليكس جونز بأن المسرح الذي يخطب منه بعد ظهر يوم السبت ارتقاءً هائلاً، وإذ وقف حائك نظريات المؤامرة على درجات المحكمة العليا في الولايات المتحدة، وكان أمامه جمهور منفتح عليه، وصرخ بأعلى صوته من المنبر، وسط صيحات وهتافات حشد من آلاف مؤيدي الرئيس في العاصمة واشنطن "فاز الرئيس ترمب في هذه الانتخابات بكل المقاييس!".

وأضاف "ولهذا لا يستقبل الإعلام الرئيس، بما فيه (فوكس نيوز)، أي أحد يبين التزوير المثبت في بنسلفانيا وميشيغان وأريزونا وجورجيا ونيفادا ومينيسوتا"، ثم استفاض في تعداد لائحة المتعاونين لتشمل "أنصار العولمة ممن لديهم انجذاب جنسي للأطفال" و"دوائر كلينتون من المبتزين".

ربما من المناسب حالياً أن أكثر حائكي نظريات المؤامرة شهرة في الولايات المتحدة يخطب في الناس دعماً لدونالد ترمب مجدداً. خلال الأسبوع الذي مر منذ خسارته الانتخابات، يبدو أن الرئيس قد تخلى بشكل شبه كامل عن مهمة الحكم لينصرف إلى نشر الروايات الكاذبة وتلك التي ثبت عدم صحتها بشأن التلاعب بالأصوات الانتخابية من أجل تبرير هزيمته.

ونظمت "مسيرة ماغا المليونية" التي شارك فيها جونز باعتباره أحد المتحدثين الرئيسيين، من أجل مساندة مزاعم الرئيس التي لا أساس لها القائلة بتزوير الانتخابات. وتوافد إلى العاصمة أكثر من 10 آلاف شخص يحملون لافتات كتب عليها "أوقفوا السرقة" و"أوقفوا تزوير الدولة العميقة الآن"، فساروا من ساحة فريدوم بلازا إلى المحكمة العليا. كما لو أن الحياة بثت في صفحة "تويتر" التابعة للرئيس.

ومشت ميليشيات اليمين المتطرف إلى جانب العائلات، في حين هتف المتفرجون تشجيعاً لمنظمة الفاشيين الجدد "براود بويز"Proud Boys التي تعمّد أعضاؤها شق طريقهم وسط الحشود المسالمة خلال فترة بعد ظهر مشمس هادئ، كما لو أنهم يتوجهون نحو معركة عظيمة.

وبدا كما لو أن الحدث استقطب أيضاً نظريات مؤامرة أخرى؛ إذ رفعت لافتات تزعم أن فيروس كورونا كذبة، بينما دعت أخرى إلى اعتقال أنتوني فاوتشي، كبير متخصصي الأمراض المعدية في البلاد.

ومع هبوط الليل، وقعت مشاجرات عند أطراف المسيرة بين معارضين للمتظاهرين من جهة، ومؤيدي ترمب من جهة أخرى. وتوجه الرئيس إلى "تويتر"، حيث ثار ضد "حثالة أنتيفا" وحض شرطة العاصمة ألا "تقف موقف المتفرج".

يجب ألا تشكل نهاية رئاسة ترمب على هذا الشكل أي مفاجأة.

فقد غذت نظريات المؤامرة مسيرته السياسية في بدايتها. وساعدته مزاعمه التي لا أساس لها من الصحة بشأن وثيقة ولادة الرئيس باراك أوباما والخطاب العنصري المبطن الذي رافقها، في شق رحلته غير المتوقعة نحو تبوؤ أعلى المناصب في البلاد. وبدت أكاذيبه عندها كأنها وسيلة لتحقيق غاية محددة. واليوم فيما يقترب من نهاية رئاسته التي دامت ولاية واحدة، هي كل ما تبقى له، لكن ماذا عن مناصريه، وهم متلقو أكاذيبه؟ ماذا ستكون التبعات الطويلة الأمد لقرار الرئيس بقضاء آخر أشهر ولايته في مهاجمة أسس الديمقراطية الأميركية؟

قدم مزاج الحشد الذي أتى من أجله يوم السبت الماضي لمحة عن المكان الذي تتجه نحوه الحركة التي أوصلته إلى سدة الحكم. ولا يظهر أن التسليم بالأمر الحاصل خيار متاح. وكما الرئيس، أراد كثيرون أن يعرفوا إجابات عن الأسئلة التي أجيب عنها بالفعل. ونشروا نظريات مؤامرة ثبت عدم صحتها بالفعل.

وقال بلايك مارنيل الذي ارتدى بذلة طبعت عليها صورة جدار القصد منه تجسيد جدار ترمب الحدودي "أعتقد بلا شك أن بعض النشاطات المريبة وقعت أثناء فرز حصيلة الأصوات، حيث أوقفت ليلة الثلاثاء، ونريد أن نعرف حقيقة الموضوع".

وأضاف "إن لم نتأكد من وجود غش وتزوير نظامي في انتخاباتنا من عدمه، سيفوت الأوان عند الانتخابات المقبلة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حضر مارنيل إلى جانب آلاف الآخرين غيره إلى المكان بسبب اقتناعهم بأن الانتخابات قد سرقت، لكن طريقة سرقتها بالتحديد كانت محط النقاش. ويعتقد البعض بوجود مؤامرة كاملة على نطاق البلاد، في حين يعتبر آخرون أن ما حصل هو تزوير جماعي على مستوى أدنى.

وأظهر معظم الموجودين عدم درايتهم بالآليات الأساسية لسير العملية الانتخابية في عصر الجائحة. بسبب الفيروس، اقترعت أعداد هائلة من الديمقراطيين عبر البريد، ولذلك لم تكن أصواتهم لتحتسب في الفرز الأول بكل الأحوال في الولايات الرئيسة لأن أصوات الناخبين الذين يقترعون شخصياً تحتسب أولاً، لكن لا يظهر أن الجميع تلقوا هذا النبأ، ولذلك عندما لم يعد ترمب يتصدر الانتخابات، اعتبروا أن تزويراً قد وقع.

ولم تثبت الدلائل وجود تلاعب واسع النطاق بالأصوات من النوع الذي ادعاه ترمب ومناصروه. وأعلنت الأجهزة الفيدرالية التي تشرف على أمن الاقتراع أن انتخابات 2020 "الأكثر أمناً في تاريخ الولايات المتحدة"، وأضافت هذا الأسبوع أنه "ما من دليل على أن أي نظام اقتراع قد ألغى، أو فقد أصوات، ولا غير الأصوات ولا تعرض للخرق بأي شكل".

ورفعت حملة ترمب أكثر من 12 دعوى قضائية في محاولة لشطب أصوات أو قلب عد الأصوات، وفشلت معظمها. ومع ذلك، وجد تضخيم الرئيس لنظريات المؤامرة جمهوراً متقبلاً لها ضمن قاعدته الشعبية، ويبدو أن الطرفين غير مستعدين لتقبل الهزيمة.

وقالت دسبينا التي قدمت إلى العاصمة من فيلادلفيا "كان ترمب في الطليعة في بنسلفانيا بـ800 ألف صوت. أقفلوا الفرز ثم تخطاه بايدن. وجدوا صناديق مليئة بالأصوات بسحر ساحر في منتصف الليل".

وقال براندون زيغلر، وهو أيضاً من فيلادلفيا "على الإنترنت عديد من الفيديوهات التي يحظر نشرها على (فيسبوك) و(إنستغرام) تظهر تصويراً حياً لأشخاص داخل قاعات المحاكم ويمكنكم مشاهدة الأفراد مباشرة وهم يصوتون لبايدن واحداً تلو الآخر، هم يرمون الأوراق ببساطة في الجانب المخصص لبايدن بلا تواريخ ولا أسماء".

إن إطلاق ترمب طوال سنوات مزاعم غير مثبتة بوجود تلاعب في أصوات الناخبين، من دون دليل كل مرة، أمر لم يسهم في تخفيف هذا الاعتقاد لدى مناصريه هذه المرة، بل يبدو أن تاريخ مزاعمه عزز شعبية هذا الاعتقاد الآن.

وقال كثير من زملاء ترمب في الحزب الجمهوري في الكواليس إن ادعاءات الرئيس التي لا تقوم على أي أساس لا تعدو كونها "مسرحية"، وإنه سيسلم بالأمر في نهاية المطاف، لكن لا يظهر أنهم فكروا ملياً في أثر هذه المسرحية المحتمل على الأمد البعيد.

وساد الحشد اعتقاد موحد بأن الانتخابات قد سرقت، لكنه كان يضم مجموعات ربطت بينهما صلات تعود إلى ما قبل الإدلاء بأي صوت بكثير؛ إذ جمعها بكل بساطة إعجابها بترمب وخطابه ودعمها له.

وأتت جماعة "براود بويز" من أجل دعم الرئيس. ورفض أعضاؤها التحدث مع الإعلام. كما فعل بعض أفراد بوغالو بويز (Boogaloo Boys)، المجموعة المتطرفة المعادية للحكومة غير المنظمة بشكل جيد. ثم انضم إليهم حافظو القسم (Oath Keepers)، ميليشيات اليمين المتطرف التي تتألف من مسؤولين سابقين في الشرطة وجنود قدامى.

وصدقت هذه المجموعات أيضاً الزعم بسرقة الانتخابات. ولمّح بعضها إلى استخدام العنف لمقاومة أي إدارة لا يقودها ترمب.

وقال ستيوارت رودز، مؤسس Oath Keepers التي تعتبر من أكبر الميليشيات المناوئة للحكومة في البلاد "أعتقد أن نصف هذه البلاد تقريباً لن يعترف بمشروعية بايدن. ولن يعترف بهذه الانتخابات. ما يعنيه هذا هو أن كل ما يخرج من فمه لن يعتبر ذا نفوذ، أو تأثير، وكل القوانين التي يوقع عليها لن تعتبر قانونية. سنكون مثل الآباء المؤسسين بدرجة كبيرة. سيقودنا في النهاية إلى الإلغاء والمقاومة".

عندما يغادر ترمب منصبه في يناير (كانون الثاني)، لن يتبدد أثر ما أججه من غضب وحقد. وسيؤول الخيار إليه إجمالاً بشأن كيفية معالجة هذا الأمر.

© The Independent

المزيد من دوليات