Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مركز تأهيل الأحداث في فلسطين: هنا تبدأ رحلة الطموح

يستقبل المركز الوحيد في الضفة الغربية نحو 250 حالة سنوياً في قضايا جنائية وجنح ويؤهلهم للاندماج في المجتمع

 توفر دار الأمل رعاية نفسية وأكاديمية (اندبندنت عربية)

داخل مشتل هادئ مليء بالورد النضر، يتفقد علاء (17 سنة) زهرة الكاميليا التي زرعها مع بداية فصل الشتاء الماضي. هنا يتمتع براحة وطمأنينة وبراءة كما لم يشعر قبل.

فدار الأمل (مركز إصلاح وتأهيل أطفال الأحداث) التي كرهها في البداية وحاول الهروب منها، حوّلته من طفل عنيف ومؤذ ومرتكب جناية (محاولة قتل)، لآخر هادئ ووديع وطموح، ومع اقتراب انتهاء مدة حكمه داخل الدار، يعد علاء أزهاره بالعودة قريباً، ليس كطفل أحداث، بل كمهندس زراعي كما يحلم.

يقول إن المشتل الذي زرعته الدار عام 2019 "أعاد إليّ روحي التي فقدتها قبل عامين، عندما طعنت أحد أقربائي في شجار حتى كاد يموت، خفت ولا أزال من وصمة عار ستلاحقني وعائلتي إلى الأبد، وما إن حكم علّي بقضاء محكوميتي داخل دار للرعاية والتأهيل حتى فتحت أبواب الأمل من جديد لأكون ناجحاً. زهرة الكاميليا التي أعشق زراعتها تعني الشوق، وبالفعل أنا مشتاق لما سأصبح عليه في المستقبل".

 تعتبر "دار الأمل للملاحظة والرعاية الاجتماعية" الملجأ الوحيد في الضفة الغربية لأطفال الأحداث والجنحات (القصّر الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة ويقومون بسلوكيات مخالفة للقانون) في فلسطين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتسعى الدار منذ تأسيسها عام 1954 إلى حماية الأطفال الأحداث من الانحراف والتشّرد وإعادة التوازن النفسي والاجتماعي إلى حياتهم ودمجهم، باعتبارهم ضحايا لواقع اجتماعي واقتصادي صعب، مع معالجة مشكلاتهم التربوية والسلوكية التي يواجهونها، بتأهيلهم وتعليمهم وصقل مهاراتهم المختلفة مهنياً وثقافياً واجتماعياً.

العلاج بالحب

يوضح مدير المؤسسة مالك أبو خليل "يعتقد الجميع أن دار الرعاية والتأهيل ليست إلا سجناً للقاصرين، وتحكم عليهم كما المجرمين، وما يجري عكس ذلك تماماً، فداخل دار الأمل التي تتبع لوزارة التنمية الاجتماعية الفلسطينية، لا يوجد حراس ولا أبواب مغلقة، لأن الحدث ليس مجرماً، بل ضحية ظروف بيئة خاصة، والهدف الأساسي في إعادة التأهيل والإصلاح لدينا أن يشعر الطفل بأنه مع عائلة جديدة، تمنحه العطف والحنان الذي حرم منه، وأجبر لسبب ما على ارتكاب جنحة أو جناية. لا نسعى فقط إلى تعديل سلوك الطفل من الناحية التربوية، بل نأمل في تحويله إلى طفل طموح محب للحياة والعمل والعطاء".

ويضيف "بعد تقديم الدعم النفسي اللازم للطفل فور وصوله إلى الدار، حتى نأخذ بيده رويداً رويداً لما يحب، نتلمّس أحلامه وكيف يفكر وما الذي يريده. مع نهاية عام 2018، افتتحنا مدرسة نظامية داخل الدار بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم، نعمل من خلالها على تشخيص وتحديد قدرات الأطفال الأحداث في المستوى الأكاديمي، وإعداد مَن هم بحاجة إلى تدخلات أكاديمية أخرى مثل التعليم الموازي أو محو الأمية، كما أنشأنا مكتبة خاصة داخل المؤسسة تتوافر فيها كتب ومجلات عدة تخدم هذه المرحلة العمرية، وتسهم في رفع درجة الوعي الثقافي للأحداث".

نقطة تحوّل

مع افتتاح المشتل عام 2019، باتت البستنة محبّبة لدى كثير من الأطفال الأحداث، لإدراكهم بأن الزراعة تحسّن من السلوك النفسي للطفل، فزراعة الأزهار مثلاً تحتاج إلى صبر وعطف وحرص في التعامل معها، فيما توفر الدار صالة رياضية كبيرة بمعدات وآليات مختلفة لتفريغ طاقاتهم وغضبهم الداخلي، وحظي معظمهم بتدريب خاص على رياضة الباركور (مجموعة حركات من الوثب الحر) والتسلّق، إضافة إلى تدريبات في الموسيقى والعزف والرسم بالشراكة مع مؤسسات متخصصة.

ولمحبي الطعام، أسّس داخل الدار نادياً يعلّم مهنة الطبخ وكيفية تقديم الأطباق المختلفة وتزيينها، لحثهم على اختيار مستقبل أفضل وأجمل.

وأصدرت السلطة الفلسطينية عام 2016 قانوناً جديداً لحماية الأحداث رقم 4، ينسجم مع أهمّ الخطوط الأساسية العريضة للسياسة الجنائية المعاصرة لعدالة الأحداث.

وتقول المديرة العامة للشؤون القانونية في وزارة التنمية الاجتماعية خلود عبد الخالق إن "قانون حماية الأطفال الأحداث الجديد، يعتبر نقلة نوعية في مجال التشريعات المحلية  الفلسطينية، التي تتواءم مع المعايير الدولية، بخاصة اتفاقية حقوق الطفل. فسابقاً، كان يطبّق في فلسطين قانون الأحداث الأردني رقم 16 لسنة 1954 الذي ينص على بعض الإجراءات التي تحمي الحدث، ولكن لم تكن هذه الضمانات موجودة فيه بمقدار الضمانات الموجودة في قرار القانون الذي  صدر عام 2016، أهمها تخصيص أجهزة عدالة رسمية للتعامل مع الأطفال الأحداث "كشرطة الأحداث"، كما ضمن القانون وجود نيابة خاصة بهم وقضاة ومحاكم معيّنين للتعامل معهم".

بدائل الاحتجاز

وتضيف عبد الخالق أن "أساس التعامل مع أطفال الأحداث أصبح حمايتهم وإصلاحهم وليس عقابهم، واعتبارهم ضحايا وليسوا مجرمين، إذ لم يرد لفظ عقوبة في القانون المذكور، إلا في ما يتعلق بمن يتعرّض للحدث أو يقصّر في واجبات مفروضة عليه تجاهه، واستُعيض عنها بجملة من التدابير الإصلاحية البديلة كالتوبيخ أو التسليم، أو إلحاقه بالتدريب المهني وإلزامه بواجبات معينة، أو الاختبار القضائي مع أمر المراقبة الاجتماعية وآخرها الإيداع في إحدى دور الرعاية الاجتماعية، أو أحد المستشفيات المتخصصة".

تكاتف مجتمعي

من جهة ثانية، تعمل الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين مع وزارة التنمية الاجتماعية وبالشراكة مع "يونيسف" منذ إقرار قانون حماية الأحداث لعام 2016، على مأسسة بدائل الاحتجاز للأطفال في خلاف مع القانون بالضفة الغربية، من خلال تحليل واقع المؤسسات وبناء قدراتها في حماية الطفل وعدالة الأحداث وتطوير مذكرات تفاهم مشتركة بين وزارة التنمية والمؤسسات الأخرى، إضافةً إلى بناء سياسات حماية طفولة.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات