Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل انتهت انتخابات 2020 الأميركية فعلاً؟

يبدو أنه لا يزال هناك مزيد من التحديات المرتقبة

توقعت مؤسسات إعلامية كبيرة يوم السبت الماضي أن يصبح جو بايدن الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأميركية. وقد دفع الإعلان عن هذا التوقع بأنصار بايدن للخروج إلى الشوارع للاحتفال، وأسهم ذلك (بالنسبة إلى البعض) في جعلهم يتنفسون الصعداء بشكل جماعي، تعبيراً عن ارتياحهم لوصول الانتخابات التي دامت خمسة أيام إلى نهايتها أخيراً.

وفي الوقت الذي يُفترض أن تتوقف فيه التغطية الصحافية الماراثونية والتحديث المستمر على محرك "تويتر" والحسابات الرقمية المحمومة، التي يجريها ستيف كورناكي على قناة "إن بي سي" الأميركية، لا تزال مجموعة كبيرة من الأميركيين تعتقد أن الانتخابات لم تصل بعد إلى نهايتها.

ففي الواقع يرى أكثر مؤيدي دونالد ترمب حماسة، أن الرئيس الأميركي الراهن ما زالت أمامه فرصة لتحقيق نصر انتخابي من خلال التحديات القضائية التي تسعى إلى استبعاد أعداد هائلة من الأصوات التي يزعم ترمب أنه تم الإدلاء بها بشكل غير قانوني.

مَن هو إذاً على حق؟ هل انتهت الانتخابات في الولايات المتحدة؟ هل يُعد أنصار الرئيس ترمب في حال إنكار؟ وهل أنصار جو بايدن ساذجون؟

من الناحية الرسمية، ما زالت الانتخابات جارية. ولا يزال فرز بطاقات الاقتراع في ولايات عدة قائماً. وعلى الرغم من أن عدد الأصوات التي تتم معالجتها في الأيام التي تلت الانتخابات قد يكون أعلى من المعتاد، فإن هذا المسار يبقى في أي حال من الأحوال طبيعياً.   

وفي هذا الإطار، حددت معظم المقاطعات في الولايات الأميركية مواعيد نهائية لإصدار النتائج بعد أسابيع من الانتخابات. وسمحت كل من ولايتي كاليفورنيا وويست فيرجينيا لمقاطعات بمواعيد زمنية غير ضاغطة تمتد إلى نحو شهر بعد موعد الانتخابات، لإتاحة المجال لها لإجراء عمليات فرز الأصوات وإصدار النتائج.

ويُفترض بعد المصادقة على الأصوات أن تنعقد الهيئة الانتخابية لكل ولاية (المعروفة باسم المجمع الانتخابي) للإدلاء بأصوات أعضائها لمنصب الرئيس. وسيدلي هؤلاء بأصواتهم وفقاً لإرادة الناخبين في ولايتهم التي عبروا عنها في صناديق الاقتراع. 

لكن الرئيس الأميركي الراهن دونالد ترمب وأنصاره، لا يعطون في الواقع أي دلالات على موعد انتهاء الانتخابات. فحديثهم لا يدور حول مسألة انتهاء هذه الانتخابات، بل يرون أن هذه العملية لم تُجر أبداً في شكل قانوني. ويدّعون أن النتائج قد زُورت، معتبرين أن ترمب هو الفائز الحقيقي، على الرغم من عدم وجود أي دليل حتى الآن يدعم تلك الادعاءات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هل ما زال الفوز بالانتخابات ممكناً بالنسبة إلى ترمب؟

التوقعات الراهنة تشير إلى تحقيق منافسه بايدن فوزاً بما لا يقل عن 290 صوتاً من أصوات المجمع الانتخابي، ما يقلل من فرص ترمب، الذي حصل على 214 فقط.

كي يتمكن (ترمب) من البقاء في البيت الأبيض، سيحتاج الرئيس الراهن إلى قلب المعادلات في ولايات عدة تتجه الآن نحو منح النصر لبايدن.  

الولاية الأكثر أهميةً بالنسبة إلى ترمب التي يتعين عليه قلب نتائجها هي بنسلفانيا، لكن التقدم الذي يحققه بايدن يتنامى بقوة في تلك الولاية الملقبة بـ Keystone State (بسبب موقعها المركزي على طول قوس الولايات الـ13 الأصلية في البلاد). وبعد فرز 99 في المئة من الأصوات فيها، يتقدم بايدن على ترمب بأقل من نقطة مئوية. ومن المتوقع أن تصب بطاقات الاقتراع المتبقية للفرز في مصلحة بايدن، الأمر الذي  يجعل فوز ترمب في اللحظة الأخيرة مستحيلاً.

من هنا فإن الرئيس الراهن لا يمكنه الفوز في هذه الانتخابات. وما يستطيع أن يفعله ترمب فقط هو الطعن في نتائج الانتخابات أمام المحاكم الأميركية والمطالبة بإعادة فرز الأصوات.

إعادة الفرز والعد

أشار دونالد ترمب إلى أنه ينوي المضي في عمليات إعادة الفرز في الولايات، حيث الهوامش الانتخابية ضئيلة. الولايات التي دعا الرئيس الراهن لإعادة فرز الأصوات فيها، (أو من المحتمل أن يطالب بذلك) هي، أريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وويسكونسن. 

يُشار إلى أن الولايات هذه، لديها متطلبات مختلفة يتعين القيام بها قبل بدء إعادة فرز الأصوات. وقد لا يكون لبعض الولايات متطلبات ظرفية صارمة، لكنها ستدعو الحملة التي تريد منها إعادة الفرز، وهي الحزب "الجمهوري"، إلى تحمل كلفة المصاريف المتأتية عن ذلك.

في المقابل، حتى لو سمحت الظروف بإعادة عملية الفرز، فهذا لا يضمن الحصول على نتيجة مختلفة. ونادراً ما تسفر عمليات إعادة الفرز عن تحول كبير بالمقدار الكافي لتغيير نتائج الانتخابات.

حتى حليف دونالد ترمب، الحاكم السابق لولاية ويسكونسن سكوت وُوكر، قال إن إعادة فرز الأصوات من غير المرجح أن تغير النتائج في الولاية. ووصف التفاوت في عدد الأصوات بين ترمب وبايدن البالغ 20 ألف صوت، بأنه "عقبة كبيرة" يصعب تجاوزها.

في بنسلفانيا (وهي ولاية حاسمة بالنسبة إلى ترمب إذا كان ما زال لديه أي أمل في إلحاق الهزيمة ببايدن) يتخلف الرئيس الراهن عن منافسه بأكثر من 40 ألف صوت، ولا يزال تقدم بايدن فيها مستمراً في التزايد. 

قد تكون أفضل فرصة للرئيس الأميركي لقلب نتائج أي ولاية لصالحه من خلال إعادة فرز الأصوات، هي ولاية جورجيا، حيث يتخلف في الوقت الراهن عن جو بايدن بأكثر من 10 آلاف صوت. في حين، أنه في ولاية أريزونا، يعاني من عجز مقداره 17 ألف صوت، وفي نيفادا يواجه فارقاً بنحو 36 ألف صوت. ومن المحتمل أن تجري جورجيا إعادة فرز لأصوات الناخبين فيها.

على الرغم من أن فرص ترمب في ضمان تجديد ولاية رئاسية ثانية من خلال عمليات إعادة الفرز، هي ضئيلة للغاية، إلا أن إستراتيجيته لا تقتصر على ذلك، فهو ما زال يأمل في أن يتم استبعاد أصوات استبعاداً كاملاً، من خلال إقناع القضاة بأن أصحابها أدلوا بها عن طريق الاحتيال.

 

المعارك القانونية أمام المحاكم

يبدو أن الرئيس ترمب مصمم بلا أي خجل على المضي في مباراته النهائية. فهو يريد من "المحكمة العليا الأميركية" أن تصدر حكمها في نتائج الانتخابات. وكان قد عين 3 من 6 قضاة محافظين في المحكمة، وأعرب مستشاروه علانيةً عن توقعهم، بأن يختار هؤلاء القضاة، نتيجةً لذلك، الوقوف إلى جانب الرئيس.  

وفي هذا الإطار قالت المسؤولة في الحزب "الجمهوري هارميت ديلون صراحةً: "إننا ننتظر من "المحكمة العليا للولايات المتحدة" التي عين الرئيس ثلاثة قضاة من أعضائها، التدخل والقيام بشيء ما. ونأمل في أن يكون لإيمي كوني باريت (رئيسة المحكمة التي اختارها ترمب) موقف حيال هذا الأمر".

"المحكمة العليا" يُتوخى منها أن تتخذ قراراتها من دون أن تأخذ بعين الاعتبار أي مصالح حزبية. وحتى إذا اختارت الوقوف إلى جانب ترمب، فلا يزال يتعين عليه أن يرفع دعوى إلى المحكمة، ويتوجب عليه توضيح حيثيات القضية التي سيمنحه بموجبها حكم "المحكمة العليا" فوزاً انتخابياً. ففي الأسبوع الماضي، رفض قضاة في ولايات نيفادا وجورجيا وبنسلفانيا وميتشيغان، دعاوى قضائية تقدم بها ترمب لأنها تفتقر إلى الأدلة اللازمة لتبرير مزيد من التدخل من جانب المحاكم.

وقد أقر لاحقاً محامو ترمب في إحدى الدعاوى المرفوعة (بعدما زعموا أنه لم يُسمح للمراقبين "الجمهوريين" بمتابعة عملية فرز الأصوات) بوجود مراقبين من الحزب "الجمهوري" كانوا في الواقع يرصدون بطاقات الاقتراع. وتوجه إليهم قاضي المحكمة الجزئية الأميركية بول دياموند بالسؤال: "أنا آسف، إذاً ما هي مشكلتكم"؟.

وفي حالات أخرى، رفض القضاة الدعاوى المرفوعة إليهم لأن الأدلة المقدمة تم اعتبارها مجرد ادعاءات شفهية (منقولة عن آخرين) hearsay وأن لا قيمة ثبوتية لها.

ففي ولاية نيفادا، تحجج محامو ترمب، بأنه كان ينبغي السماح للمراقبين بالاقتراب بما يكفي من الموظفين المشرفين على عمليات الاقتراع، لسماع كل ما يقولونه، بغض النظر عن موجبات التباعد الاجتماعي التي تفرضها مواجهة وباء "كورونا" المتفاقم. وقد رد القاضي بالسؤال: "إلى أي درجة من السخافة تودون جعل هذا الأمر"؟.

حتى الآن، تمكن الرئيس الأميركي الراهن من إحالة دعوى واحدة فقط إلى "المحكمة العليا"، وهي قضية من ولاية بنسلفانيا تطالب بإلغاء بطاقات الاقتراع التي تم تسليمها بعد يوم الانتخابات. 

لكن حتى لو فاز محامو ترمب بهذه القضية، فإن من المحتمل ألا تكون هناك أصوات اقتراع كافية لصالحه لإحداث فارق ملموس في السباق. وفي النهاية، من غير المرجح إلى حد بعيد أن تفضي الطعون القانونية التي يقدمها ترمب إلى تغيير نتائج الانتخابات.

يبقى أخيراً أنه ما لم تكن هناك أدلة دامغة لا يمكن دحضها، على وجود مؤامرة كبيرة لتزوير إرادة الناخبين، فمن غير المحتمل أن يقوم أي قاض بإلغاء أصوات تم الإدلاء بها بشكل قانوني. إن القيام بذلك من شأنه أن يقوض جوهر الديمقراطية الأميركية، ومن غير المرجح أن يسلك أي قاض (محافظ كان أم غير محافظ) في هذا الاتجاه. ولا يمكن للرئيس ترمب أن يفوز ما لم يتم استبعاد أصوات أدلى بها أصحابها بصورة قانونية.

© The Independent

المزيد من دوليات