في خطوة رمزية على طريق الاتفاق الذي تم بين الدولتين الخليجية والعبرية، علقت عاصمة اللؤلؤ في المشرق العربي "الكريستال" بجوار حلي البحر، الذي اشتهر غواصوها تاريخياً باقتنائه، بعد أن بدأ اتفاق السلام بين البحرين وإسرائيل يظهر انعكاساته الاجتماعية على الأقلية اليهودية في البحرين.
وشهدت المنامة في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني)، إحياء اليهود الذكرى الـ 82 لما يُعرف باسم "ليلة الكريستال"، وهي المناسبة اليهودية التي لم تكن الأقلية الدينية في العاصمة الخليجية معنيّة بها وسط محيطها المسلم قبل اليوم، في ظل الموقف السياسي الرافض لتل أبيب، استناداً إلى الموقف التاريخي العربي.
ليلة الكريستال
"ليلة الكريستال" أو كما تعرف في تسمية رديفة بـ "ليلة البلور"، هي مناسبة يهودية تقام منذ 82 عاماً ضمن طقوس الديانة السماوية في استذكار تضحياتها تحت وطأة النازية التي استهدفت أبناء الديانة ضمن تجليات عدائها للعالم، عندما قررت أن تشعل حربها الكونية الثانية.
ففي عام 1938 نفذ النازيون عمليات منظمة ضد مصالح ودور عبادة يهودية في ألمانيا، بتحريض من الشرطة وقوى الأمن التابعة للحكومة المتطرفة، طال أذاها المحال والمصالح اليهودية والكُنس أيضاً، في ليلة سماها معاصروها بليلة الكريستال (البلور)، نظراً لحجم الزجاج الذي تناثر في أحياء اليهود، نتيجة عملية التدمير التي طالتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقتل في تلك الحادثة أكثر من 90 يهودياً، وتم تدمير أكثر من ألف كنس يهودي، وإتلاف آلاف المنشآت والمصالح التابعة ليهود المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة النازية في حينها.
وتذكر بعض المصادر التي تؤرخ للحركة اليهودية وعداء السامية عبر التاريخ، أن العملية كانت شرارة البداية لما يعرف بـ "الهولوكوست"، أو المحرقة التي شهدت عمليات الإبادة الجماعية التي نفذها الألمان الأوائل، وانتقت ضحاياها على أساس ديني، إذ تم اعتقال أكثر من 30 ألفاً في ليلة الكريستال، قبل نقلهم إلى معسكرات الاحتجاز.
البلور البحريني
في منجم اللؤلؤ البحري في المشرق العربي، البحرين، فتح اتفاق السلام باباً للكريستال أيضاً، ليجد له مكاناً على رفوف الصاغة في الدولة الخليجية، إذ نظم قرابة 70 يهودياً يعيشون في المنامة هذه المناسبة للمرة الأولى بإشعال الشموع ليلاً، من أجل "تسليط الضوء على ظلام الكراهية"، كما قال منظمو المناسبة.
وقال رئيس الجالية اليهودية في البحرين والمشرف على الليلة إبراهيم نونو، إن الكنس الوحيد في المنامة الذي شهد إشعال الشموع لم يعمل منذ عام 1948، لكن "هناك خططاً جارية لتجديده وإعادة فتحه للمصلين العام المقبل".
وأكد النونو، "لدينا تاريخ طويل من العلاقات مع الشعب اليهودي، لكننا بحرينيون أولاً"، مضيفاً أن هناك إيجابيات يمكن أن تنجم عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ومن بينها "السياحة، إذ أعدت البحرين نفسها لاستقبال القادمين من تل أبيب، وحضّرت الفنادق أطعمة الكوشير المطابقة للشريعة اليهودية".
وشدد النونو على أهمية هذه الخطوة في حماية دار العبادة الذي يستعد للعودة، "وتحضير المكان للزوار اليهود يتجاوز فائدته السياحية بالنسبة إلينا كيهود بحرينيين، فوصول السياح الإسرائيليين إلى هنا سيساعد في إبقاء الكنس مفتوحاً لكثرة المرتادين".
وأصبحت مملكة البحرين رابع دولة عربية في الترتيب، تتخذ خطوة جريئة تجاه إسرائيل بإقامة علاقة سلام معها، بعد أن سبقتها في ذلك أبوظبي ومن قبلها القاهرة وعمّان، قبل أن تحذو حذوها الخرطوم خلال أسابيع مضت.