Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما اقتحمت "الترمبية" معسكر جو بايدن في ديلاوير

الرئيس المنتخب أمام معضلة اليسار و"الجمهوري" ضحية تصرفاته التي أقلقت الديمقراطيين

خارج مركز تشيس في مدينة ويلمينغتون بولاية ديلاوير الأميركية، انتخب جو بايدن للمرة الأولى في مجلس الشيوخ، وبالقرب من المكان نفسه ألقى خطاب النصر معلناً فوزه بالانتخابات الرئاسية، أمام غريمه الجمهوري دونالد ترمب، الذي ما زال يشكك في نزاهة صناديق الاقتراع، ويصعد قانونياً بشأن مخالفات تزوير وتلاعب.

في الساحة الخارجية التي تبعد أقداماً قليلة عن المنصة التي أعلن منها بايدن انتصاره، تجمع المئات يوم الجمعة الماضي، متفاعلين مع أنباء تصدر مرشحهم ولاية بنسلفانيا الحاسمة. وتنوع الحضور بين عائلات، وأفراد، وكبار بالسن، وأقليات وبيض وسود، وفتيات محجبات، وشابات أجبرهن فيروس كورونا على لبس القناع. اختلفت الألوان والوجوه، لكنها وجدت تحت راية واحدة لإطاحة ترمب سيد البيت الأبيض المنتهية ولايته.

قالت سليكة، التي أحضرت معها طفليها، وهي امرأة من بورتريكو، إقليم تابع للولايات المتحدة، إن "ترمب لا يساعد الفقراء"، وإنها اختارت التصويت لبايدن لأنه يهتم بالأقليات، متهمة الرئيس الجمهوري بممارسة التمييز على أساس العرق، وتبني سياسات متشددة بشأن الهجرة أدت إلى تفريق الأطفال عن آبائهم.

زاكر زدي، أميركي أبيض، أشار إلى أنه أتى من سكرانترون، بنسلفانيا، ليدعم ابن بلدته جو بايدن، معرباً عن فخره واعتزازه بأن بايدن يقترب من الفوز ليتوج مسيرته السياسية برئاسة الولايات المتحدة وخدمة شعبها وحماية أراضيها بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعبر مواطن آخر من سكان ديلاوير عن ابتهاجه بالمشاركة في التجمع الداعم للمرشح الديمقراطي، لكنه في الوقت نفسه أعرب عن أسفه للانقسام الذي تعيشه البلاد، والترويج لنظرية المؤامرة، مبدياً سعادته بالحضور، ولقرب المكان من بلدته.

في المقابل، اعتبر أوين، جمهوري مناصر لترمب، أن التزوير خيم على الانتخابات، وقال "لقد عايشت كينيدي وجونسون ونيكسون وفورد وكارتر وريغان وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن وأوباما وترمب، وعديداً من الحملات والدورات الانتخابية، لكني لم أرَ أبداً مثل هذا الاحتيال المتفشي والواضح في حياتي".

أضاف "أدرك أن ترمب قد يبدو متغطرساً ومتعجرفاً لكثيرين، قد لا تحبه شخصياً، ولا بأس بذلك، حتى أنا مشاعري محايدة، لا أشعر بالإعجاب أو الكراهية تجاهه شخصياً، لكن أريد أن أخبرك أنه كرئيس قام بالكثير وحافظ على وعوده، وحسّن معيشتنا أكثر من أي رئيس في حياتي".

أنتيفا حاضرة

في الليل، تدفقت التعزيزات الأمنية مصحوبة بتوقعات إلقاء المرشح الديمقراطي خطاباً قيل إنه قد يعلن النصر من خلاله. قبل وصول بايدن بدأت هتافات أنتيفا المناهضة للفاشية بالتصاعد، ولم تُبدِ صرخات تلك الجماعة التي توعد ترمب بأن يصنفها كمنظمة إرهابية مماثلة للشعارات التي تصدرت قبل غروب الشمس، بل كانت لغة أنتيفا الحادة تحيل إلى التفكير عما إذا كان بمقدور الرئيس المنتخب الجمع بين التصدي للحركات اليسارية المتطرفة، ورد الجميل إلى اليسار الذي مهد له الطريق للفوز بترشيح الحزب عقب تنازل بيرني ساندرز وإليزابيث وارين.

وفي وقت سابق، اتهم الجمهوريون الرئيس المنتخب بتساهله مع العنف، وتغاضيه عن أفعال أنتيفا، فضلاً عن تداول وسائل إعلام أميركية رابطاً لموقع الجماعة على الإنترنت، ينقل المستخدمين إلى موقع حملة جو بايدن بعد النقر عليه، لكن بالنسبة لأليكس شميدت من "رويترز"، هذا ليس دليلاً على صلات بينهما، ولا يعني أن المرشح الديمقراطي داعم لأفكار الجماعة أو مدعوم منها.

الترمبية لم تغب أيضاً

وفي أقل من ساعتين على هتافات أنتيفا، اقتحم أنصار ترمب معقل الديمقراطيين، وتحلقت كاميرات القنوات والصحافيين من مختلف الدول، على دائرة واحدة وقفت في وسطها فتاة تندد بنتيجة الانتخابات. أقام رجال الأمن طوقا بأجسادهم، وتبادل الطرفان الحجج، من دون اشتباك جسدي. قالت الفتاة التي تحمل علم ترمب، نحن نستحق انتخابات عادلة ونزيهة، فردت إحدى السيدات "ما تحتاجين إليه هو يسوع يا حبيبتي".

بعد دقائق من اشتباكات كلامية، بدأ أنصار الحزب الديمقراطي بالغناء "لا لا. جو بايدن"، مؤكدين المضي قدماً، ورافضين بشكل قاطع مطالب الرئيس الأميركي ومؤيديه بإيقاف عد الأصوات وإعادة الفرز في بعض الولايات، لكن ترمب سيد البيت الأبيض المنتهية ولايته ما زال يصر على حقه، الذي يكفله القانون، وفي حال أثبت وجود التزوير والتلاعب، سيبقى فترة ثانية في أروقة الجناح الغربي، وإذا خسر أمام القضاء، فسيكون ألم الهزيمة مضاعفاً. حقيقة موجعة يعرفها الأنصار قبل الأعداء.

ترمب وحروب كثيرة

في تجمع الديمقراطيين، ستدرك لماذا بلغ الاقتراع المبكر لهذا العام مستويات تاريخية. لقد عبر الديمقراطيون عن قلقهم من ترمب الذي لم تمثل لهم تصرفاته غير خطر يتهدد قيم البلاد التي عرفوها، لذا كانت الدعوة إلى الخروج للتصويت حاضرة في كل مكان، بدءاً من وسائل الإعلام الليبرالية وتطبيقات التواصل الاجتماعي، وصولاً إلى الجامعات معلمين وطلاباً.

لم يخرج الديمقراطيون، ومعتنقو المسيحية، والأقليات من سود ولاتينيين وآسيويين ويهود ومسلمين، ليصوتوا لبايدن فحسب، بل ليضعوا حداً للرئيس الذي استفزهم بأسلوبه قبل توجهاته؛ إذ يرى مراقبون أن ترمب لم يتعامل مع حادثة مقتل جورج فلويد بطريقة جيدة تمكنه من الحفاظ على أصوات السود، ولم يتبن استراتيجية ثابتة لمكافحة الوباء أو يظهر تعاطفاً كافياً لذوي الضحايا، وبدلاً من ذلك، كان سيد البيت الأبيض، ميالاً إلى جذب العالم ومؤيديه بعبارات على غرار "الفيروس الصيني"، دون أن يدري أنه كان يدق المسمار تلو الآخر في نعش حملته الانتخابية.

وهكذا، جاءت نتائج صناديق الاقتراع متوقعة، إذ صوت الأميركيون الأفارقة لبايدن بواقع 87 في المئة، مقابل 12 في المئة لخصمه، وانحاز اللاتينيون بنسبة 66 في المئة للمرشح الديمقراطي، كما منحه الآسيويون أصواتهم بنسبة 63 في المئة، في حين ذهبت 64 في المئة من أصوات المسلمين للديمقراطيين، و35 في المئة للجمهوريين، والمفاجأة أن اليهود فضلوا بايدن بنسبة 68 في المئة، على الرغم من أن ولاية ترمب شهدت مكاسب إسرائيلية كبيرة، وهو ما يجدد الفكرة القائلة إن أسلوب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته نفّر بعض الحلفاء، وعمّق الهوة مع أطراف كان قادراً على كسبها إلى جانبه.

المزيد من متابعات