Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحوار الليبي في تونس قد يصطدم بالواقع الصعب على الأرض

سعيد اعتبر أنه "خطوة مهمة لتخرج إرادة الشعب الليبي من صناديق الاقتراع حرة وتنهي صوت الرصاص"

الرئيس التونسي قيس سعيد ملقياً كلمته في افتتاح مؤتمر الحوار الليبي (صفحة الرئاسة التونسية)

وسط إجراءات أمنية خاصة ومشددة، انطلقت يوم الاثنين 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في ضاحية قمرت بالعاصمة التونسية، فعاليات ملتقى الحوار السياسي الليبي، تحت شعار "ليبيا أولاً"، بمشاركة 75 شخصية تمثل مختلف الأطياف الليبية.


على موعد مع التاريخ

حضر الرئيس التونسي قيس سعيد، اللقاء، وألقى كلمة في حفل الافتتاح، أكد فيها أن الليبيين قادرون على تجاوز كل الصعوبات والعراقيل. وأضاف أن "ليبيا اليوم على موعد مع التاريخ؛ إذ إن الحوار خطوة مهمة لوضع دستور مؤقت ورزنامة محددة للانتخابات، حتى تخرج إرادة الشعب الليبي من صناديق الاقتراع حرة، وتنهي صوت الرصاص".


ثقة دولية في التوصل إلى اتفاق

من جهة أخرى، أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، أن الأمم المتحدة لقيت من تونس كل الدعم من أجل عقد هذا اللقاء، وأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مهد لهذه الخطوة المهمة، مشددة على ثقتها بقدرة الأفرقاء الليبيين على التوصل إلى حلول توافقية.

واستمع المشاركون في الملتقى إلى كلمة مسجلة للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، طالب فيها المشاركون بتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى حلول تنهي الأزمة في ليبيا.
 


"لقاء تونس" يتوج مساراً كاملاً

يعد هذا الملتقى تتويجاً لمسار الحوار الليبي، الذي بدأ في الصخيرات المغربية، ثم تلته محطات أخرى في المغرب ومصر، من دون ترجمة الاتفاقات الموقعة إلى واقع جديد في ليبيا، يقطع مع حالة الانقسام والتدهور الأمني الذي تعانيه البلاد منذ 10 سنوات تقريباً. فهل ينجح "لقاء تونس" في تغيير الحال في ليبيا، بعد عدم تحول كل التفاهمات السابقة إلى أمر واقع سياسياً وعسكرياً على الأرض، حيث بقيت محكومة بالمجموعات المسلحة، وتعاني الانقسامات الفئوية والقبلية والأجندات السياسية ذات الارتباطات الخارجية؟

وأكد الباحث في الشأن الليبي خليفة حداد أن "أهمية الحوار التونسي، تكمن في أنه ملتقى جامع يشمل كل الملفات التي تم تدارسها خلال اللقاءات السابقة، إذ بحث لقاء بوزنيقة الذي عقد أخيراً في المغرب، تسمية الشخصيات الكبرى في مؤسسات الدولة الليبية، كالبنك المركزي ومؤسسة النفط وغيرهما، بينما تمحور مسار الحوار في مصر حول الملفين الأمني والعسكري.
 

تمثيلية الشخصيات المشاركة

أشار حداد إلى أن "لقاء تونس" كان مسبوقاً بجدل واسع لدى الرأي العام والنخب السياسية في ليبيا، حول مدى تمثيلية الشخصيات المشاركة لكل مكونات المشهد السياسي والقبلي في ليبيا.

وأكد أن قسماً كبيراً من الليبيين يعتبر أن المشاركين في حوار تونس هم من الوجوه المساهمة في الأزمة الليبية الراهنة، مضيفاً أن "خصوصية الوضع في ليبيا تكشف بوناً شاسعاً بين ما يجب أن يكون من اتفاقات سياسية وحقائق الواقع على الأرض"، مشدداً على أنه "تم تحميل بعثة الأمم المتحدة، مسؤولية تغليب فريق على آخر في لقاء تونس، ما قد يؤثر على مخرجات هذا اللقاء".

ولئن توقع حداد توقيع مذكرة تفاهم بين المشاركين في "لقاء تونس"، من أجل إضفاء شرعية على مسودة الاتفاق، إلا أنه عبر عن تخوفه من أن يظل الاتفاق شكلياً من دون أن يتلاءم مع تفاصيل الواقع الأمني والعسكري على الأرض.


تعقيدات الأزمة الليبية

شدد خليفة حداد على أن "الأزمة الليبية محكومة بتفاصيل اجتماعية وقبلية وعسكرية ومناطقية (مناطق النفوذ) تتعلق بالثروة وبالسيادة وبالسلاح وبالتدخل الإقليمي في الشأن الليبي، وهي مكونات يصعب تفكيكها من دون آليات قوية".

وتبقى أسئلة عالقة حول آليات تنفيذ الاتفاق على أرض مشحونة بالانقسامات ومدججة بالسلاح، وهي مسؤولية كبرى ملقاة على عاتق الليبيين أولاً، ثم على الأمم المتحدة المدعوة إلى إيجاد الأدوات الملائمة لوضع المؤسسات، ونزع السلاح، والدخول في مرحلة سياسية انتقالية للإعداد لمرحلة الاستقرار السياسي والأمني في ليبيا.
وحددت مسودة الاتفاق المرحلة المقبلة، كتمهيد لإنهاء الصراع المسلح وتحقيق الأمن، وتوحيد مؤسسات الدولة لوضع حد لتدهور الخدمات والاقتصاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


اعتراف دولي بحياد تونس

من جهة أخرى، اعتبر متابعون أن دور تونس في هذه المرحلة هو تذليل الصعوبات السابقة ووضع خريطة طريق واضحة المعالم، محددة في الزمن وملزمة لكل الأطراف الموقعة من أجل تمهيد الطريق أمام مرحلة سياسية جديدة في ليبيا.

ورأى الأكاديمي التونسي كمال بن يونس، أن "استضافة تونس للمؤتمر هو اعتراف دولي بحيادها الكامل لمدة عشر سنوات، وبمثابة تقدير لها لأنها تستضيف كل الأطراف الليبية والبعثات الأممية والدولية المعتمدة في ليبيا، من دون أن تتدخل في المسار السياسي الليبي".


آليات تنفيذ الاتفاق

ورجح بن يونس نجاح المؤتمر، إلا أنه لفت إلى أن "التحدي الأكبر هو في كيفية إيجاد آلية لفرض تنفيذ الاتفاقيات والقرارات، وخاصةً جمع الأسلحة وتفكيك الميليشيات وطرد المرتزقة الأجانب". وأكد بن يونس أن "الفصل السابع من قانون الأمم المتحدة لا يزال ساري المفعول، ويمكن توظيفه لفرض آلية عسكرية أممية يدعمها مجلس الأمن الدولي لمعاقبة الأطراف التي لا تسلم سلاحها أو تحاول عرقلة تنفيذ الاتفاق".

وعن آفاق انفراج الأزمة في ليبيا، قال بن يونس "إن آفاقاً اقتصادية رحبة تتكشف بفتح المعابر التجارية البرية، في ظل انفراج اقتصادي في الداخل الليبي، بعد عودة إنتاج النفط وتصديره، وتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار".

وتزامن المؤتمر السياسي حول ليبيا المنعقد في تونس، مع الإعلان عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ما قد يفتح الطريق أمام سياسة خارجية أميركية أكثر عقلانية وتوازناً في ليبيا، بينما ينتظر أن تلعب الدبلوماسية التونسية أيضاً دوراً ريادياً في نحت مشروع ليبيا المستقبل، حتى لا تبقى دولة مستضيفة للحوارات من دون أن تسهم في تنفيذها ومتابعة ثمارها.

المزيد من العالم العربي