Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وفد سعودي إلى بغداد تمهيدا لقمة مرتقبة بين البلدين

عقد الطرفان الدورة الرابعة للمجلس التنسيقي بينهما بهدف "الارتقاء بالعلاقات الثنائية"

زيارة الوفد تأتي تمهيداً للاجتماع المرتقب بين القيادة السعودية ورئيس الوزراء العراقي (واس)

بعد مرور ما يزيد على ثلاثة أشهر على إعلان تأجيل زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الرياض، للقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، استأنف الطرفان الاجتماعات الثنائية للمجلس التنسيقي، يوم الأحد، في العاصمة العراقية بغداد.

وأعلنت السعودية في بيان مقتضب عن وصول وفدها الوزاري العراق للقاء الكاظمي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وذلك وفقاً لوكالة الأنباء الرسمية في البلاد "واس" التي أشارت إلى أن الوفد سيعقد خلال الزيارة اجتماعات لبحث "تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات، إلى جانب عقد عدد من اللجان المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي العراقي، لمناقشة التقدم في الموضوعات والأنشطة المرتبطة بأعماله وأبرز ما تم إنجازه، والاتفاقيات الموقعة بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية كافة، بما يسهم في الارتقاء بالعلاقات الثنائية". ولفت البيان إلى أن الزيارة تأتي تمهيداً للاجتماع المرتقب بين القيادة السعودية والكاظمي.

الكاظمي: الفرص الاستثمارية متاحة أمام الشركات السعودية

 استقبل الكاظمي، الأحد، أعضاء المجلس التنسيقي العراقي - السعودي لمناقشة الخطط التنفيذية للاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين. وأكد الكاظمي في بيان على "أهمية عقد هذه الاجتماعات، التي تفضي إلى تطوير العلاقات الثنائية بين بغداد والرياض، وتعزز آفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات، بما يحقق مصالح شعبي البلدين". 

وبين الكاظمي أن "الفرص الاستثمارية متاحة أمام الشركات السعودية، مؤكداً سعي الحكومة إلى تذليل كل العقبات أمام الشركات التي ترغب بالاستثمار في العراق"، مشدداً على "أهمية تفعيل بعض المشاريع المشتركة بين البلدين ضمن إطار الجامعة العربية، فضلاً عن تطوير العمل في السوق  النفطية".

في المقابل، بحث رئيس البرلمان مع أعضاء المجلس التنسيقي العراقي - السعودي المذكرات الموقعة بين البلدين، تمهيداً لسلسلة زيارات قادمة. واستقبل الحلبوسي أعضاء المجلس بحضور عدد من ممثلي اللجان البرلمانية والأمين العام لمجلس الوزراء العراقي حميد الغزي. 

وذكر الحلبوسي في بيان أن "اللقاء ناقش اتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين، وتوسيع آفاق التعاون المشترك في مختلف المجالات"، مؤكداً دعم السلطة التشريعية تعزيز عمل المجلس التنسيقي بما يسهم في تنفيذ خططه على أرض الواقع. 

تفعيل مذكرات التفاهم

 على هامش اجتماعات اللجنة، قال وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار في بيان، إن "هذا الاجتماع يأتي تواصلاً مع الاجتماعات السابقة بين الأشقاء، نهدف من خلالها إلى تفعيل مذكرات التفاهم على أرض الواقع، فضلاً عن تعزيز ذلك بمشاريع جديدة في مجال الربط الثنائي للكهرباء وصناعة البتروكيماويات واستثمار الغاز وغيرها، وقد لمسنا من الجانب السعودي رغبة حقيقية للتعاون وتقديم الدعم اللازم".

من جانبه، أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الذي حضر الاجتماعات عبر دائرة تلفزيونية بحسب البيان، "حرص المملكة على تطوير العلاقات واستدامتها مع الأشقاء في العراق والعمل على الإسراع في تنفيذ مشاريع التعاون الثنائي في جميع المجالات".

فيما أشار رئيس الوفد السعودي وزير الصناعة بندر الخريف وفق البيان، "إلى أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين"، معبراً عن أمله في أن "تفضي النقاشات إلى مشاريع استثمارية مشتركة واعدة، في المجالات كافة".

مراحل متقدمة

وسبقت تلك الزيارة، توجيه الأمين العام لمجلس الوزراء العراقي بتخصيص 150 ألف دونم في صحراء السماوة في محافظة المثنى، بغرض إنشاء استثمارات زراعية عليها. ويشير متخصصون في الاقتصاد إلى أن السعودية عازمة على تطبيق الاتفاقات المبرمة بين البلدين، فضلاً عن عزمها تفعيل مشروع ربط الطاقة. 

ويقول أستاذ الاقتصاد السياسي عبد الرحمن المشهداني إن "ما يجري هو مواصلة أعمال المجلس التنسيقي العراقي - السعودي واجتماعاته الدورية، لكن الأكثر أهمية هو أن الوفد يمهد لزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي بالإمكان أن تفتح آفاقاً جديدة للعلاقة بين البلدين".

ويضيف أن "السعودية لا تسعى فقط إلى صياغة التفاهمات مع العراق، بل تطويرها وتطبيقها على أرض الواقع"، لافتاً إلى أن "مشروع الربط الكهربائي بين العراق ودول الخليج أحد أهم الملفات التي يحملها الوفد السعودي، وهناك نية للتعجيل بتنفيذه".

ويشدد المشهداني على ضرورة "استغلال العراق هذه الفرصة، خصوصاً كون السعودية واحدة من دول العشرين التي تقود الاقتصاد العالمي"، مرجحاً "مضي الكاظمي باستكمال الانفتاح نحو الاستثمارات السعودية على الرغم من قصر مدة حكمه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير إلى أن "تفعيل الاستثمارات السعودية المقترحة لن يوفر فائدة اقتصادية فحسب، بل قد يوفر للعراق خبرة في إدارة عديد من المجالات الاقتصادية في إطار الزراعة والطاقة وغيرها من القطاعات".

وبشأن الاعتراضات التي تطلقها قوى سياسية عراقية على الاستثمارات السعودية، يعتقد المشهداني أن "محرك تلك الاعتراضات ليست المصالح العراقية، بل مصالح دول أخرى"، مشيراً إلى أنها " لن تعرقل مسار الاستثمارات السعودية التي يبدو أن التفاهمات بشأنها وصلت إلى مراحل متقدمة".

مخاوف وعراقيل

 لعل اللافت في هذه الزيارة أنها تأتي بعد أيام قليلة من هجوم إعلامي شنه بعض القادة السياسيين وزعماء فصائل مسلحة موالين لإيران على توجيه العراق تخصيص أراض للاستثمارات الزراعية السعودية.

ويرى مراقبون أن الهدف من الهجوم المستمر على الاستثمارات السعودية في العراق، هو إبقاء طهران مسيطرة على الاقتصاد العراقي، وعدم السماح بأي استثمارات في البلاد ربما تسهم إلى حد ما في التقليل من حجم الاستيراد الهائل من إيران الذي يصل إلى حدود 13 مليار دولار سنوياً.

وعلى الرغم من التصعيد الذي شنته الأذرع الموالية لإيران، لا تبدو السعودية مكترثة، فزيارة وفد المملكة تعطي انطباعاً بأنها ماضية في تدعيم العلاقات الإستراتيجية مع العراق وتفعيل التفاهمات الاستثمارية والاقتصادية بين البلدين.

في المقابل، يرى الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي، أن "الانفتاح على العمق العربي بات يمثل استحقاقاً وطنياً"، مشيراً إلى أن التساؤل المهم في الوقت الراهن يتعلق "بمدى إمكانية صمود الحكومة العراقية أمام الضغوط بشأن الاستثمارات الخليجية".

ويعتقد الشريفي أن "العراق بات بحاجة ماسة لإعادة الإعمار، لا سيما في المدن المحررة من تنظيم داعش، وهذا الأمر لا يمكن تحقيقه في ظل الأزمة الاقتصادية العراقية إلا من خلال دخول مشاريع وافدة إقليمية منها الخليجية والمصرية"، مشيراً إلى أن أحد أبرز المخاوف التي ربما تعرقل الاستثمارات العربية في العراق ترتبط بـ"بوادر نشوء استقطاب طائفي قبيل الانتخابات المبكرة". 

وتعد البيئة الاستثمارية العراقية غير آمنة نتيجة التوترات الأمنية التي تعيشها البلاد، فضلاً عن التصعيد المستمر الذي تقوده الجماعات المسلحة الموالية لإيران إزاء أي استثمارات أجنبية، ويرجح مراقبون أن ما يدفع تلك الجماعات للتصعيد هو محاولة احتكار السوق العراقية التي باتت محكومة بالهيمنة الإيرانية.

ويستبعد الشريفي أن تقوم الفصائل المسلحة بالتصعيد في الفترة الحالية، لأنها "تعتقد أن الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن سيعيد بناء العلاقات مع إيران".

ولعل ما يعزز هذا التصور، بحسب الشريفي هو أن "التصريحات الهجومية التي صدرت من الفصائل سبقت إعلان فوز بايدن بالانتخابات الأميركية"، مبيناً أنها "ستدخل في الظل لعدم عرقلة أي انفتاح أميركي محتمل على طهران".

اجتماعات سابقة

 شهد شهر يوليو (تموز) الماضي اجتماعات مشابهة بين أعضاء المجلس التنسيقي بين البلدين ضمن أعمال دورته الثالثة، إذ أنشئ قبل أربع سنوات بهدف "تعزيز التواصل بين الدولتين على المستوى الإستراتيجي، والتعاون في مختلف المجالات، وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين، وفتح آفاق جديدة من التعاون في المجالات الاقتصادية، والتنموية، والأمنية والاستثمارية، والسياحية، والثقافية، والإعلامية، وتعميق التعاون المشترك".

وكان وفد عراقي برئاسة نائب رئيس الحكومة علي عبد الأمير علاوي، زار الرياض في 19 يوليو الماضي، تمهيداً للقمة المرتقبة بين رئيس مجلس الوزراء العراقي وولي العهد السعودي، التي كان من المقرر انطلاقها في 20 من الشهر نفسه.

وقال الكاظمي في تصريحات سابقة تزامنت مع تأجيل زيارته إلى الرياض بسبب إجراء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عملية جراحية "إن ولي العهد السعودي أدرك مبكراً أن المنطقة بحاجة ماسة للسلام ومشروع التنمية، فأطلق رؤيته المستقبلية"، مشدداً على عمق وإستراتيجية العلاقة بين الرياض وبغداد". مؤكداً في تصريحات لصحيفة "عكاظ" السعودية، عزم بلاده على إطلاق مرحلة جديدة من التعاون والتضامن والتكامل مع الرياض، وحذر من أن "الإرهاب والتأجيج الطائفي زادا الأوضاع سوءاً في المنطقة، داعياً إلى الخروج من هذه الحلقة المفرغة التي كانت منطقتنا ضحيتها الكبرى".

تعزيز الاستثمارات السعودية

وفيما يبحث العراق عن حلول للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد على إثر تقلبات أسعار النفط بسبب تفشي فيروس كورونا، اتجهت الحكومة الجديدة إلى استقطاب الاستثمار الخليجي، وجسدت زيارة وزير المالية العراقي إلى الرياض في شهر مايو (أيار) الماضي، مساعي بلاده الواضحة لتعزيز الاستثمارات السعودية في بغداد.

وتولى الكاظمي منصب رئيس الوزراء في مايو الماضي، بعد أن ترأس جهاز المخابرات لنحو أربع سنوات، وحظيت حكومته الجديدة بترحيب سعودي رافقته دعوة رسمية لزيارة البلد المجاور، في إطار الرغبة بتقوية العلاقات بين البلدين.

المزيد من العالم العربي