Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفارقات انتخابية أميركية: طعنة ميردوخ وتعزيزات "روحية"

لم تخل المعركة الانتخابية من الإشاعات وكان أبرزها ما ذكرته محطة "إن بي سي" من أن مارك إسبر وزير الدفاع جهز خطاب استقالته

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع روبرت ميردوخ (غيتي)

لم تحظ الانتخابات الرئاسية الأميركية بمثل الجدل والاحتقان والمفارقات الذي حفلت به في دورتها الأخيرة. فلقد تراشق الرئيس الأميركى دونالد ترمب الطامع في ولاية ثانية، ومنافسه المرشح الديمقراطي جو بايدن بمختلف أنواع الانتقادات التي وصلت حد التجريح الشخصي. فلقد شكك ترمب في تمتع منافسه "بالذكاء اللازم لتولي منصب الرئاسة"، وصرح في مقابلة تلفزيونية أن على بايدن "أن يخضع لاختبار معرفي لأن قيادة الولايات المتحدة تحتاج إلى شخص حاد الذكاء".

بالمقابل سارع بايدن إلى الرد على منافسه ووصفه بأنه أول رئيس عنصري يحكم الولايات المتحدة. وقال إن الطريقة التى يتعامل بها ترمب مع مواطنيه "تعتمد على لون البشرة، ومنشأهم، ومن أين جاءوا" معتبراً ذلك أمراً مثيراً للاشمئزاز. وأضاف المرشح الديمقراطي، "لم يفعل ذلك من قبل أي رئيس حكم الولايات المتحدة. لم يفعل ذلك أبداً أي رئيس سابق، سواء أكان جمهورياً أم ديمقراطياً. لقد أصبح ترمب أول رئيس عنصري".

طعنة ميردوخ

لكن المعركة الرئاسية لم تدر رحاها بين المرشحين فحسب. إذ تشعبت جذورها وتشابكت أغصانها مع اقتراب اللحظة الحاسمة لإعلان الفائز، وتحول السباق الرئاسي إلى ساحة لتصفية الحسابات الخاصة والحزبية. ولعل أبرز الطعنات التي حدثت عشية إغلاق صناديق الاقتراع، كانت تلك التي سددها روبرت ميردوخ، القطب الإعلامي الدولي. فقد تردد في كواليس العاصمة واشنطن أن خلافاً شخصياً عميقاً حدث بين ترمب وميردوخ قبيل الانتخابات، وأن الأخير حسم أمره ووجه قناة "فوكس نيوز" الإخبارية التي يمتلكها بالتزام الحياد في تغطية نتائج الانتخابات، على رغم أنها محسوبة على الجمهوريين.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن كلاً من جاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي ومستشاره، إضافة إلى جيسون ميلر كبير مستشاري حملة ترمب الانتخابية، اتصلا بميردوخ عشية إغلاق صناديق الاقتراع وتمنيا عليه توجيه "فوكس نيوز" بعدم إعلان فوز بايدن المبكر في ولاية أريزونا. لكن ميردوخ رفض طلبهما، ما يُفسر سبب إصرار القناة على احتساب أصوات أريزونا لبايدن رغم عدم اكتمال عملية فرز الأصوات. لا بل ذهب كريس والاس، الصحافي المخضرم مذيع برنامج "فوكس نيوز صنداي" أبعد من ذلك، إذ قال إن فريق تحديد الفائزين في القناة لن يتراجع عن احتساب أصوات أريزونا لبايدن. وقد دفع هذا الإعلان حملة ترمب إلى اتهام جون روبرتس المحرر المسؤول عن أخبار نتائج الانتخابات في القناة بالانضواء في صفوف "طابور ديمقراطي خامس"، واتهمته بأنه من أنصار جو بايدن، بعدما نشر حساب مؤيد للحملة ما قال إنه وثيقة تشير إلى تبرعه لحملة هيلاري كلينتون الرئاسية عام 2016.

فيديو مزيف

وفي ظهيرة يوم الانتخاب، انتشر على الإنترنت مقطع فيديو يظهر حرق نحو 80 بطاقة اقتراع تحمل اسم الرئيس ترمب. وظهر في المقطع رجل يحمل كيساً بلاستيكياً مليئاً بأوراق تشبه بطاقات الاقتراع قبل أن يشعل فيها النيران. وادعى الشخص الذي لم يظهر وجهه أن البطاقات الثمانين هي كلها لصالح ترمب.

وقد سارع مسؤولون في مدينة "فيرجينيا بيتش" حيث يفترض أن الحادثة وقعت فيها، إلى دحض هذه الشائعة وأكدوا أن أوراق الاقتراع غير حقيقية، وأنها تفتقر إلى "الرمز الشريطي الموجود على كافة بطاقات الاقتراع الرسمية". وأرفق بيان المدينة الرسمي صورة لبطاقة اقتراع حقيقية وقارنها بلقطة الفيديو المزعوم. وعلى رغم التأكيدات الحكومية بأن الفيديو مزيف، إلا أن تداوله استمر على وسائط التواصل الاجتماعي، وروجت له تحديداً صفحات إعلامية يمينية مثل "غيتواي بونديت"، قبل أن يقوم إريك نجل الرئيس ترمب بمشاركة المقطع على صفحته الشخصية ليحظى المقطع الذي شاركه على نحو 1.2 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة.

إحباط هجوم مسلح

ومن ضمن أخطر الأحداث التي جرت خلال الأيام التي تلت الانتخابات، تمكن شرطة فيلادلفيا من إحباط هجوم مسلح على "مركز مؤتمرات بنسلفانيا" حيث يتم فرز وعد أصوات الناخبين. ووفقاً لوسائل إعلام أميركية أبلغ واحد من أفراد عائلة أحد المهاجمين المفترضَين الشرطة بالنوايا العدوانية لقريبه الذي قطع مسافة 450 كيلو متراً، انطلاقاً من فيرجينيا بسيارته لتنفيذ هجوم على المركز بمعية شخص آخر. وقد تمكنت الشرطة من احتجاز الرجلين وصادرت أسلحتهما الأوتوماتيكية. ولم يعلم حتى الساعة هوية الجهة التي حرضت على هذا الهجوم، لكنه أصابع الاتهام وجهت إلى ميليشيات متطرفة مسلحة في أميركا (مثل، "براود بويز" و"بوغالو" و"كلوكس كلان") التي سبق لترمب أن أظهر تعاطفه معها في أكثر من مناسبة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعم الملائكة

ومن بين أكثر الأمور إثارة للسخرية، فيديو للقسيسة بولا وايت-كاين مستشارة ترمب للشؤون الروحية، وهي تتضرع إلى الله لكي "ينصر ترمب على أعدائه" خلال بث مباشر عبر صفحتها على "فيسبوك"، تزامناً مع بدء إعلان نتائج الانتخابات. وقد تبادل مستخدمون على مواقع التواصل مقتطفات من الصلاة، وعبروا عن ذهولهم من أسلوب كاين ومضمون صلاتها، إذ ظهرت وهي تردد بصوت عال وبإيقاع متسارع وحازم، "أسمع صوت هطول المطر، أسمع صوت النصر، أسمع صوت صراخ وغناء، أسمع صوت النصر، النصر، النصر، النصر الآن في زوايا الجنة، الله يقول إن الأمر قد تم".

كما دعت كاين الله لحماية ترمب من "المؤامرات والأجندات الشيطانية" و"كل روح شيطانية"، وطلبت من القدير أن "يضرب ويضرب ويضرب ويضرب" (وهي تؤدي بيدها حركة تشبه الجلد)، قبل أن تضيف أن "الملائكة آتية إلينا من أفريقيا ومن أميركا الجنوبية" واصفةً الأمر بأنه "تعزيزات ملائكية" فيما كان التصفيق يعلو من حولها. وكان أكثر ما أثار الصدمة في البث المباشر الذي شوهد ملايين المرات، استخدام القسيسة الإنجيلية عبارات غير مفهومة ضمن تقليد يسمى "النطق بالألسن"، الذي يعتقد من يؤدونه أن الروح القدس يحل عليهم، فيصبحون قادرين على التحدث بلغات قديمة لا يعرفونها.

 وتلك ليست المرة الأولى، التي تثير فيها طريقة صلاة كاين الذهول، إذ تُظهر تسجيلات قديمة تأديتها الصلاة بطريقة مماثلة. وقد ظهرت القسيسة في عدة صور بجانب ترمب في البيت الأبيض مع عدد آخر من القساوسة، وهم يؤدون ما يُسمى "طقس وضع الأيدي" عبر وضع اليد على مسافة قريبة من جسد ورأس الشخص المعني لمده بالطاقة، وتوجيه رأفة الله نحوه.

ومن بين الطرائف أيضاً ما أوردته وكالة "بلومبيرغ" من أن ترمب سيعود إلى مرتبة المستخدم العادي على تطبيق "تويتر" بعد يناير 2021، ما يعني إلغاء تغريداته المخالفة بدل تقييد الوصول إليها، وإلغاء حسابه في حال تكرار انتهاكاته لعدد محدود من المرات. ومعلوم أن إدارة "تويتر" حجبت أخيراً 4 تغريدات واقتباسات نشرها ترمب على حسابه بحجة احتوائها معلومات مضللة تشكك في إجراءات فرز أصوات ولاية ميشيغان.

ولم تخل المعركة الانتخابية من الإشاعات، وكان أبرزها ما ذكرته محطة "إن بي سي" من أن مارك إسبر، وزير الدفاع الأميركي، جهز خطاب استقالته. فيما ذكر موقع "بوليتيكو" أن ترمب يعتزم إنهاء خدمات وزير الدفاع ومدير مكتب التحقيقات الاتحادي وعدد آخر من مسؤولي الأمن والاستخبارات خلال الأسبوع الأول من إعلان فوزه. لكن مجلة "تايم" نفت على لسان وزارة الدفاع الأميركية صحة هذه التقارير وقالت إنها غير دقيقة. وكان ترمب صرح سابقاً أنه سيقيل إسبر في ولايته الثانية على خلفية تباعد وجهات نظر الرجلين، بعدما أيد الأخير مشروع إزالة أسماء قادة أميركا العنصريين من النصب التذكارية وهو أمر عارضه الرئيس.

نسخة مماثلة في 2024؟

ويبدو أن المعركة الرئاسية لم تنتهِ فصولها بالنسبة إلى ترمب، حتى لو خسر هذه الدورة. إذ قال براين لانزا، نائب مدير الاتصالات في حملة ترمب لعام 2016، إن الرئيس لا يزال يتمتع بدعم واسع النطاق بين الجمهوريين، وإنه لن يواجه معارضة داخل الحزب في ما لو قرر الترشح عام 2024 في حال خسارته الانتخابات الحالية. وأضاف "إذا ترشح مرة أخرى فسيكون أصغر من بايدن في محاولته الحالية للرئاسة، وبالتالي فإن سنه لا يمثل مشكلة". ويبدو أن هذه الخطوة موجهة للحزب الجمهوري أكثر منها إلى نظيره الديمقراطي، وهو ما لمح إليه نجل ترمب إيريك، عندما أطلق تغريدته التي غمز فيها من قناة قادة الحزب الجمهوري الذين تخلوا عن والده في عز المعركة الانتخابية، قائلاً، "أين الحزب الجمهوري مما يجري؟ ناخبونا لن ينسوا أبداً (الخيانة)". فهل سيحارب ترمب في الانتخابات المقبلة على جبهتين جمهورية وديمقراطية؟ فلننتظر الإجابة في نوفمبر 2024.

المزيد من متابعات