Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستمر واشنطن بعد الانتخابات في إبقاء بكين تحت الضغوط؟

التحديات التي تواجه الصين في ظل رئاسة بايدن قد تكون أكثر خطورة من حقبة ترمب 

ستواصل واشنطن تعزيز العلاقات مع حلفائها الآسيويين لإبقاء بكين تحت السيطرة (أ ب)

من غير المرجح أن تعني رئاسة جو بايدن للولايات المتحدة، في حال فاز في الانتخابات على منافسه الشرس الرئيس دونالد ترمب، انخفاضاً في جهود بلاده لاحتواء الصين. فبغض النظر عن من سيتولى قيادة البيت الأبيض، ستواصل واشنطن تعزيز العلاقات مع حلفائها الآسيويين لإبقاء بكين تحت السيطرة، كما يقول المراقبون. وقد يتطلب ذلك الاستمرار في تبني نهج ترمب الصارم في تحجيم بكين ربما أكثر مما يود عديد من الديمقراطيين الاعتراف به.

لا يخفى على أحد تدهور العلاقات الأميركية مع شركائها التقليديين، مثل كوريا الجنوبية والفليبين، نظراً لافتقار الولايات المتحدة إلى أي شيء يقترب من أجندة اقتصادية، من شأنها أن تسمح لها ببناء علاقات أعمق مع مجموعة أوسع من الدول الآسيوية، بما يتجاوز المخاوف الأمنية الضيقة. كتب روبرت زوليك، الممثل التجاري الأميركي السابق، نائب وزير الخارجية مؤلف كتاب "أميركا في العالم، تاريخ الدبلوماسية الأميركية والسياسة الخارجية"، مقالاً لصحيفة واشنطن بوست في أكتوبر (تشرين الأول)، جاء فيه، "خوف الإدارة من الصين دفعها لتقليد بكين، وتخريب القوة الأولى لأميركا، أسواق عادلة ومبتكرة وتنافسية تحكمها سيادة القانون".

وروى زوليك، "عندما توليت منصبي، أعلن ترمب أنه سينهي العجز التجاري الأميركي مع الصين. لكن العجز لعام 2019، وهو 346 مليار دولار، يطابق العجز لعام 2016 بشكل دقيق تقريباً. علاوة على ذلك، فإن الاتجاه يسير في مصلحة الصين، بالنسبة إلى هذا العام حتى أغسطس (آب) ارتفعت الصادرات الأميركية إلى الصين بنسبة 1.8 في المئة فقط، بينما قفزت مبيعات الصين إلى أميركا بنسبة 20 في المئة. والأسوأ من ذلك، ارتفع عجز ترمب العالمي في التجارة والخدمات من 481 مليار دولار في عام 2016 إلى 577 مليار دولار في 2019. ويرجع ذلك جزئياً إلى أن بعض صادرات الصين تحولت للتو إلى دول أخرى، وليس إلى المنتجين الأميركيين".

صفقة فاشلة 

ووصف زوليك صفقة ترمب التجارية مع الصين بالفاشلة، قائلاً، "بدلاً من إجراء تغييرات في حواجز الصين وقواعدها، اختارت الإدارة التجارة الموجهة من الدولة. ولكن، مع انتهاء ثلاثة أرباع عام 2020، أوفت الصين بأقل من ثلث عقد ترمب الوهمي. علاوة على ذلك، استبعدت صفقة ترمب نحو 40 في المئة من الصادرات الأميركية، وانخفضت مشتريات الصين من هذه السلع في الواقع بنسبة 30 في المئة. وكشف مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، تخلي ترمب عن العقوبات المفروضة على شركات التكنولوجيا الصينية، عندما عرضت الصين استئناف عمليات الشراء الزراعية الحساسة سياسياً، حتى في ضوء ذلك، أجبرته صراعات ترمب التجارية على إنفاق 28 مليار دولار لتعويض المزارعين الأميركيين. كما أنه ألصق الأميركيين بفاتورة سنوية لضرائب أعلى على مشتريات بقيمة 350 مليار دولار من الصين. وفي العام الماضي، قدرت "موديز أنالاتيكس"، أن الحرب التجارية التي شنها ترمب على الصين أدت إلى تقليل فرص العمل في الولايات المتحدة بنحو 300 ألف وظيفة.

ماذا يعني فوز بايدن لآسيا؟

ولكن، ماذا يعني فوز الرئيس بايدن لآسيا؟ هل سيكون بايدن صورة أخرى من رئيسه السابق أو صورة مخففة من الرئيس ترمب؟ أسئلة مشروعة يطرحها صانعو السياسة على جانبي المحيط الهادئ. في مقال نشر على موقع "نيكاي آسيا" في أكتوبر، قالت فيه إن إدارة ترمب اتخذت موقفاً تصادمياً ضد الصين في كل شيء بدءاً من التجارة والتكنولوجيا ووباء فيروس كورونا إلى بحر الصين الجنوبي وتايوان. وتسبب ترمب في توترات مع الحلفاء الآسيويين من خلال التهديد بتخفيض قواته في اليابان وكوريا الجنوبية، وبناء علاقات مباشرة مع كيم جونغ أون في كوريا الشمالية وتهديد الهند بفرض رسوم كبيرة على صادراتها إلى الولايات المتحدة.

الفوز بالمنافسة من أجل المستقبل ضد الصين 

حملة الرئيس بايدن كانت قد روجت "الفوز بالمنافسة من أجل المستقبل ضد الصين"، تعهد خلالها بالاستثمار بكثافة في التقنيات الجديدة في إطار أجندته الاقتصادية "اشتر المنتجات الأميركية"، وتتضمن خطته 300 مليار دولار لتقنيات جديدة تراوح من السيارات الكهربائية والمواد خفيفة الوزن إلى تقنية الجيل الخامس- 5G والذكاء الاصطناعي، وهي مناطق تكتسب فيها الصين مكانة سريعة، وعرضت حملته القليل من التفاصيل في ذلك الوقت حول الإجراءات التي سيتخذها ضد شركات التكنولوجيا الصينية، أو حتى حول إذا ما كان سيُبقي على عقوبات ترمب المتشددة على الكيانات المدرجة في القائمة السوداء مثل هواوي. لكن مستشاريه أسقطوا القرائن. 

سواء فاز بايدن بالرئاسة الأميركية أو أعيد انتخاب ترمب لولاية ثانية، فقد اتخذت المؤسسة الأميركية منعطفاً نهائياً ضد التكنولوجيا الصينية، فقد أظهر استطلاع نشره مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقره واشنطن، في أكتوبر، أن 71 في المئة من قادة الفكر في الولايات المتحدة يعتقدون أنه يجب منع هواوي والشركات الصينية الأخرى من المشاركة في سوق الجيل الخامس- G5 في الولايات المتحدة، في حين قال أكثر من نصفهم إن واشنطن يجب أن تحظر جميع الصادرات إليهم.

سكوت كينيدي، كبير المستشارين والرئيس الوصي في إدارة الأعمال والاقتصاد الصينية في CSIS، توقع "مزيجاً من التعاون والضغط... ولكن تنسيقاً أكبر بكثير مع" الحكومات الأخرى في ظل إدارة بايدن.

وقال كينيدي إن بايدن قد يستخدم بعض الأساليب التي تتبعها إدارة ترمب (مثل ضوابط التصدير وقيود الاستثمار)، لكن التنفيذ سيكون مختلفاً تماماً.

فوز بايدن ليس بالضرورة خبراً جيداً للصين 

يتوقع الخبراء أن نشهد إعادة تعامل الولايات المتحدة مع العالم، بعد أربع سنوات من التراجع في عهد ترمب، لكن هذا ليس بالضرورة خبراً جيداً للصين على حد قول ساوث تشاينا مورننغ بوست.

ويقول بانج تشونغ ينغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوشن في تشينغداو، إن التنافس مع الصين، الذي يشمل مجموعة من القضايا، قد يصبح أكثر حدة في عهد بايدن المتقدم حتى الآن في الانتخابات الأميركية. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في عهد باراك أوباما، سعت الولايات المتحدة إلى احتواء الصين من خلال محورها في سياسة آسيا والتجمعات الدولية مثل الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP).

لكن في عهد ترمب، انسحبت الولايات المتحدة من الشراكة عبر المحيط الهادئ، تاركة الشركاء للتفاوض على الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادئ كبديل.

وأضاف "قد تكون التحديات التي تواجه الصين في ظل رئاسة بايدن أكثر خطورة".

في حين كانت هناك مخاوف بشأن التزام واشنطن تجاه آسيا في عهد ترمب، ففي الأسابيع الماضية التي سبقت الحملات الانتخابية الأميركية، زار كل من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ووزير الدفاع مارك إسبر المنطقة، حيث تصاعدت التوترات بين الصين وأميركا في شأن قضايا مثل بحر الصين الجنوبي.

وتوقع ريتشارد هيدريان، الأكاديمي والمستشار السياسي المقيم في مانيلا، أن يكون بايدن أكثر حزماً تجاه الصين، ولكنه عملي في القضايا العالمية.

وأضاف "أعتقد أنه سيتعامل مع الشؤون الدولية على أنه براغماتي، وسيحرص على أن تكون سياسة الولايات المتحدة في المنطقة متعددة الأطراف قدر الإمكان".

ويعتقد هيدريان أن بايدن سيواجه كثيراً من التحديات الداخلية، فمن وجهة نظره سيكون رئيساً متضائلاً، وفي الوقت نفسه رئيس أزمة. ومن الأرجح أن يتعامل مع أزمة صحية عامة، حيث ترتفع حالات كوفيد إلى مستوى جديد. وتواجه الولايات المتحدة أسوأ انكماش اقتصادي منذ سنوات.

واشنطن ستحتاج إلى طوكيو  

ويقول كونيهيكو مياكي، مستشار السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا، إن الخلاف بين الولايات المتحدة والصين يعني أن واشنطن ستحتاج إلى طوكيو أكثر من أي وقت مضى، بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الرئاسية.

وأضاف "من المرجح أن تصبح علاقات الولايات المتحدة مع اليابان وسياسات شرق آسيا أكثر أهمية نسبياً" مع ازدياد قوة الصين. ويرى مياكي أن الخلاف بين بكين وواشنطن لن يتبدد في ظل الرئيس الجديد، لأن الديمقراطيين والجمهوريين اتفقوا على أن الصين هي المنافس الإستراتيجي الرئيس لأميركا.

ورجح شي ينهونغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة رينمين في بكين، أن تتعامل الولايات المتحدة مع حلفائها في عهد بايدن. وأضاف "سيشكل ذلك ضغوطاً على الصين من حيث الاحتواء والعزل". وستكون الإدارة الجديدة وحلفاء أميركا متحمسين لسد الفجوة، التي نمت بينهم على مدى السنوات الأربع الماضية.

ووفقاً للعديد من الدبلوماسيين الآسيويين المقيمين في بكين، فإن معظم دول المنطقة حريصة على عدم إثارة غضب الصين أو الولايات المتحدة، لذلك تراقب الانتخابات الرئاسية عن كثب. 

وقال دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه "نريد أن نكون قادرين على التوافق مع الاثنين".

وقال آخر، رفض ذكر اسمه، "بغض النظر عمن يفوز في الانتخابات، فإن آخر شيء نريده (للإدارة الأميركية المقبلة)، هو أن تخوض القوتان العظميان حرباً على تايوان أو بحر الصين الجنوبي". وأضاف "نحن بالتأكيد لا نريد الوقوع في مرمى النيران، أو إجبارنا على اختيار جانب دون الآخر".

تفاؤل أسواق آسيا بفوز بايدن  

ويبدو أن آسيا وأسواقها تترقب بكثير من التفاؤل فوز بايدن بزعامة البيت الأبيض، مع تقدمه في حصد أصوات الناخبين الأميركيين، على أمل بناء صفحة أكثر إشراقاً مع واشنطن، وربما انعكس هذا التفاؤل في أسواق الأسهم الآسيوية، فقد ارتفع متوسط مؤشر نيكاي المؤلف من 225 إصداراً الجمعة، ليغلق عند أعلى مستوى له منذ انهيار الاقتصاد الفقاعي الياباني في أوائل التسعينيات. وذلك بفضل ارتفاع وول ستريت خلال الليل والأرباح القوية التي أعلنتها الشركات اليابانية. وقفز مؤشر نيكي 219.95 نقطة أو ما يعادل 0.91 في المئة، ليغلق عند 24,325.23 نقطة، وهو مستوى لم يشهده منذ 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1991 بحسب صحيفة التايمز اليابانية. وارتفع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.80 في المئة، كذلك مؤشر هانغ سينغ بنسبة 0.67 في المئة، ومؤشر إيه أس إكس بنسبة 0.15 في المئة بحسب  آي سي ماركتس.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد