Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كورونا يفقد حي الأعمال الفرنسي لا ديفانس ضجيجه

الفيروس تسبب في هروب الشركات و40 في المئة انخفاضاً بأعداد الموظفين

يضمّ الحي 500 شركة لكن غالبيتها خاوية بعدما هجرها الموظفون بسبب كورونا (أ ف ب)

كشف تقرير حديث أن حي لا ديفانس، الواقع عند مدخل العاصمة الفرنسية باريس، "لم يعد خلية نحل" كما عهده الفرنسيون، إذ إن جائحة كورونا أحدثت تحوّلاً في طبيعة نشاط أكبر منطقة للأعمال في أوروبا، كانت بالأمس القريب تضجّ بحركة لا تهدأ.

وتبدو مكاتب شركة "فريلانس. كوم"، التي تبلغ مساحتها نحو 1200 متر مربع، شبه مهجورة، وفي حالة اشتياق إلى الموظفين الذين يشغلونها في مبنى "لا غراند آرش" الشهير بـ "لا ديفانس"، إذ طبّقت الشركة تدابير الحجر منذ اكتُشفت إصابة أحد فرق عملها بكورونا. وفي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، قال المدير العام للشركة لوران ليفي، "الأفق ليس واضحاً بالنسبة إلى أثر الجائحة في الأعمال خلال 2021".

وتبلغ مساحة الحي، الذي شُيّد في ستينيات القرن العشرين، 564 هكتاراً، ويضمّ 500 شركة، تبلغ مساحة مكاتبها نحو 3.7 مليون متر مربع.

انخفاض أعداد الموظفين

في الوقت ذاته، أشارت مؤسسة "باريس لا ديفانس" العامة، التي تعمل على إدارة الحي قبل إعادة تدابير الإغلاق في فرنسا أخيراً، إلى أن حضور الموظفين الـ180 ألفاً العاملين فيه، انخفض 40 في المئة، منذ انتهاء الحجر في مايو (أيار) الماضي.

ويقول رباح قِدري، وهو مسؤول عن قسم في أحد المصارف الكبرى، إن "ما بقي ليس كثيراً من هذا الحي الذي يضم مصارف ومقرات لأكبر أربعين شركة فرنسية، إضافة إلى أخرى عالمية".

ومع اعتماد العمل عن بُعد والإجراءات الوقائية واتجاهات السير المفروضة، لم يعد الموظفون "يوجدون بمكان واحد في الوقت ذاته"، مما يؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية وإبطاء وتيرة الإنتاج.

ويشرح محمد، وهو شاب ثلاثيني يداوم يومين أو ثلاثة أسبوعياً هناك، "إذا أردت أن أذهب لرؤية زميلي أنطوان الذي يقع على بعد ثلاثة كراسٍ ورائي، عليّ أن أجتاز مسافة صالتين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي برج آخر من هذا الحي تتخذه شركة عملاقة في قطاع الطاقة مقراً، يلاحظ محمد أن المناخ تغيّر جذرياً في "لا ديفانس"، حيث يعمل منذ 17 سنة في تنظيف المكاتب. ويوضح "قبل الجائحة، كان الموظفون يرتشفون القهوة معنا، وكانوا يضحكون. أما الآن، فلا شيء سوى العمل ثم العمل ثم العمل. لقد أصبح الناس حذرين".

وألقت الجائحة بحمل ثقيل على العاملين في مجال الصيانة، ويضيف محمد "نحن في خط الدفاع الأول. ممنوع أن نخطئ. إذا نسينا أن نضع صابوناً في دورات المياه، يعلم بالمسألة كبار المسؤولين". وكزملائه، يخشى أن يُصاب بالعدوى، لكنه يقول "لا خيار لدينا. علينا أن نواصل".

وتتمثل مهمة محمد ورفاقه في "تطمين" العاملين في الشارع. ويشرح "يجب أن يرى الناس أننا في كل مكان، وأن نعقّم المصاعد والمكاتب". وعند استراحة الغداء، يسارع إلى تعقيم كل شيء، كلوحة مفاتيح الكمبيوتر والطاولات والفواصل الزجاجية بين المكاتب.

كان نابضاً بالحياة

وبينما يفضّل رباح قدري تجنّب المطعم الذي لم يعد مكاناً للقاء كما كان، إذ بات يتطلّب حجزاً قبل أسبوع، لوقت يقتصر على نصف ساعة. لكنه يقصد مع زملائه بين الحين والآخر مطعماً قريباً لتناول طعام الغداء. ويقول "نحاول أن نأكل معاً في المطاعم، لكي لا نضطر إلى وضع الكمامات".

أما مدير المطعم جوزيه لوك، فيذكّر أن الشارع "كان نابضاً بالحياة، لكن كل ذلك انتهى". وأدرك الموظفون أن عهد الحضور في المكتب بات قريباً من نهايته. ويلاحظ قدري أن "الجائحة أظهرت احتمالية العمل بالفعالية ذاتها من أي مكان"، مؤكداً جاهزيته "لأداء مهماته من مكان آخر غير المكتب براتب أقل، لكن بنوعية حياة أفضل".

ويشكّل ذلك فرصة أمام الشركات لخفض نفقاتها، إذ قد يجعلها تستأجر مكاتب ذات مساحات أصغر كما فعلت بعض الكبرى منها في حيّي الأعمال في لندن ومانهاتن. أمّا في لا ديفانس، فثمة أربعة أبراج جديدة قيد البناء، أحدها يبلغ ارتفاعه أكثر من 200 متر.

وتعتقد شانتال ريسغييه، وهي مديرة شركة استشارات عقارية متخصصة في المجال الفندقي، أن "من الضروري إعادة تصميم المكاتب"، لكي تتلاءم مع الواقع الجديد. وحول إمكانية أن يعود لا ديفانس إلى سابق عهده من الحركة والنشاط، تقول إن هذا الأمر "ليس مؤكداً"، بينما يتجه العالم إلى إجراءات أكثر فأكثر تشدداً مع العودة إلى تطبيق الحجر مجدداً.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات