Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رابحون وخاسرون في مصر بعد مرور 4 سنوات على "التعويم" 

يتفق المتخصصون على صعوبة القرار ويختلفون حول المستفيدين

يعني تحرير سعر الصرف أن يُترَك السعر ليتحدد وفق آليات العرض والطلب (أ ف ب)

صادف أمس مرور أربع سنوات على تحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، أو ما يعرف بـ"التعويم"، حين منح البنك المركزي المصري، الحرية للجنيه في مواجهة العملة الخضراء وفقاً لآليات العرض والطلب، في السوق الرسمية بالبنوك العاملة في السوق المحلية.

ليلة 3 نوفمبر 

وكانت الحكومة المصرية قررت في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، تحرير سعر الصرف في خطوة ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وقّعته مع صندوق النقد الدولي لمدة ثلاث سنوات انتهت في نهاية العام الماضي، وحصلت القاهرة بمقتضاه على نحو 12 مليار دولار أميركي على ستّ شرائح متساوية، قيمة كل شريحة ملياري دولار (حصلت على الشريحة الأخيرة نهاية العام الماضي).
"التعويم" 

ويعني تحرير سعر الصرف أن يترك السعر في السوق الرسمية لدى البنوك العاملة في السوق المحلية، ليتحدد وفق آليات العرض والطلب (قوى السوق) من دون تدخل البنك المركزي المصري في تحديد السعر.
وكان سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الجنيه المصري ارتفع إلى مستويات قياسية، عندما تجاوز حدود 19 جنيهاً، قبل أن يتراجع تدريجاً إلى مستوى 16.19 جنيه في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2018، ويواصل الانخفاض التدريجي على مدار عام 2019، حتى بات يسجّل حالياً 15.66 جنيه مقابل الدولار.

سلبيات وإيجابيات 

وعادة ما تعقب القرارات الاقتصادية، خصوصاً ذات الحساسية منها مثل "التعويم"، سلبيات وإيجابيات، تلقي بظلالها على الأسعار والأسواق وشرائح المجتمع. ويمكن القول إن بينهم رابحين وخاسرين، ما يسهم في تحديد المؤشرات الاقتصادية.

واختلف المتخصصون والمحللون الاقتصاديون والمعنيون حول تأثير قرار "التعويم" في الاقتصاد المصري، فبعضهم أكد أنه كان قراراً إيجابياً على الرغم من مرارة التنفيذ، بينما رأى آخرون أنه أثّر على نحو سلبي في المواطن، خصوصاً محدودي الدخل.
الآثار السلبية تلاشت بعد سنتين 

وقال محمد ماهر، الباحث في الشؤون الاقتصادية، إن "قرار التعويم كانت له مثل أي قرار اقتصادي، سلبيات وإيجابيات وخاسرون ومستفيدون"، لافتاً إلى أن "الخسائر لم تدم لأكثر من سنتين".

وأكد أن "التأثير السلبي للتعويم كان صادماً فعلاً لفئات محددة بعد التنفيذ مباشرة ثم تلاشت الآثار السلبية تدريجاً بعد نوفمبر 2016 حتى عام 2018 تقريباً"، مشيراً إلى أن "مؤشرات الاقتصاد الكلي شهدت تحسّناً تدريجياً أيضاً، وارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.5 في المئة على مدار السنتين الماضيين".
20 مليار دولار زيادة خلال 4 سنوات

وحول أموال المودعين في البنوك المصرية المحلية، قال ماهر إن أصحاب الودائع بالعملة الأجنبية استفادوا عقب قرار "التعويم" مباشرةً، إذ حققوا أرباحاً قياسية مستفيدين من الفرق في سعر صرف الدولار الأميركي قبل القرار وبعده، مشيراً إلى أن أصحاب الودائع بالعملة المحلية استفادوا أيضاً من أسعار الفائدة التي ارتفعت خلال تلك الفترة إلى أكثر من 15 في المئة، فعوّضوا خسائرهم.

وأوضح أن البنك المركزي المصري اتخذ قرار "التعويم" في أوقات عصيبة كان يمرّ بها الاقتصاد الوطني، لافتاً إلى أن القرار "وضع حدّاً لاضطرابات اقتصادية بدأت منذ ثورة يناير ودامت لأكثر من خمس سنوات، متسببةً بضياع جزء كبير من الاحتياطي النقدي الأجنبي وهروب الاستثمارات الأجنبية وتوحّش السوق السوداء للدولار وعدم ثقة المؤسسات الدولية بالاقتصاد المصري".
الاحتياطيات الأجنبية حتى أكتوبر 

وأعلن المركزي المصري، يوم الثلاثاء 3 نوفمبر الحالي، ارتفاع صافي الاحتياطيات الأجنبية إلى 39.22 مليار دولار أميركي في نهاية شهر أكتوبر الماضي، مقارنةً بـ38.425 مليار دولار في نهاية سبتمبر (أيلول) السابق، بارتفاع قدره نحو 790 مليون دولار.

وسجّل صافي الاحتياطيات الأجنبية في العام المالي 2015-2016 نحو 17 مليار دولار أميركي، قبل أن يرتفع إلى 21.8 مليار دولار في يونيو (حزيران) 2017، وقفزت لتسجل 26.39 مليار دولار بنهاية يونيو 2018، ثم 25.15 مليار دولار بنهاية يونيو 2019 لتصل إلى 39.3 مليار دولار، في نهاية أكتوبر الماضي.
ارتفاع الأسعار بنسبة 150 في المئة

من جهة أخرى، أشار أحمد شيحة، الرئيس السابق لشعبة المستوردين في الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، إلى أن قرار تحرير سعر الصرف كان صادماً في الأشهر الأولى من التطبيق، عندما ارتفعت أسعار السلع بنحو 150 في المئة. وأضاف أن تلك الفترة أثّرت فقط في المستهلكين بعد ارتفاع أسعار السلع محلياً وصعود سعر صرف الدولار كأحد المحددات الرئيسة للأسعار، مؤكداً أنه "بعد مرور عام فقط، بدأت الأمور تعود إلى طبيعتها تدريجاً عندما تأقلم المستهلكون مع سخونة الأسعار ثم عاود سعر صرف الدولار الانخفاض مقابل الجنيه خلال السنوات الأربع الماضية". ولفت إلى أن "القرار على الرغم من مرارته إلا أنه كان صائباً، خصوصاً في ظل ندرة الدولار قبل 2016". وقال "كنا نعاني من ترتيب الصفقات الاستيرادية المعتمدة على العملة الصعبة بسبب السوق الموازية (السوق السوداء) في ذلك الوقت"، مذكّراً بـ"سيطرة السوق السوداء للدولار في تلك الفترة".

أفضل قرار في 40 عاماً 

أما عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب المصري بسنت فهمي، فاعتبرت أن "قرار التعويم على الرغم من قساوته، إلا أنه أفضل القرارات الاقتصادية خلال الـسنوات الـ40 الماضية". وأضافت أن "الحكومة عالجت الآثار السلبية لقرار التعويم وفق خطة انتهجها البنك المركزي المصري والمجموعة الوزارية الاقتصادية، اعتمدت على ترشيد استخدامات العملة الصعبة والاستيراد من الخارج وزيادة آجال الدين الخارجي وتنويع مصادر العملة الأجنبية من القروض الدولية بدعم مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إلى جانب إصدار سندات دولية لمصر في الأسواق العالمية".
ولفتت فهمي إلى أن "الحكومة تمكّنت من تغطية الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر حاجة، وتراجع معدل التضخم ومستوى أسعار السلع والخدمات في مصر ونسبة البطالة، وسط استمرار في الإصلاحات الهيكلية وخلق فرص عمل ودعم دور القطاع الخاص وتعزيز الحوكمة والشفافية في المؤسسات العامة".

تراجع معدل التضخم إلى 4.3 في المئة

 وأكدت عضو البرلمان المصري أن القاهرة احتفظت بثقة جميع مؤسسات التقييم العالمية الثلاثة "ستاندرد أند بورز" و"موديز" و"فيتش" خلال فترة من أصعب الفترات التي شهدها الاقتصاد العالمي فى ظل جائحة كورونا.

كما تراجع معدل التضخم على أساس سنوي، خلال الأعوام الأربعة الماضية بشكل كبير وفقاً لبيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء عندما انخفض من 33 في المئة منتصف عام 2017 إلى 4.3 في المئة خلال العام الحالي.

صافي الأصول الأجنبية سجل عجزاً

من ناحية أخرى، كشف المتخصص في شؤون أسواق المال وائل النحاس عن أن "القطاع المصرفي كان أحد أكبر المستفيدين من قرار التعويم استناداً إلى مؤشراته التي تحسّنت بشكل كبير طوال السنوات الأربع الماضية، خصوصاً على مستوى المراكز الدولارية وحجم السيولة الأجنبية المتاحة". وأضاف أن "القطاع المصرفي عانى كثيراً طوال الأشهر السابقة في ظل عدم تدفق استثمارات أجنبية توفر له السيولة واتجاه المصريين إلى بيع مدخراتهم من الدولار في السوق السوداء والمضاربة المستمرة على سعر العملة الخضراء محلياً".

وأوضح أن "صافي الأصول الأجنبية في البنوك الخاصة والبنك المركزي سجّل عجزاً قدره 10.65 مليار دولار أميركي في نوفمبر 2016، ثم ارتفع إلى نحو 10.48 مليار دولار في نهاية نوفمبر 2017، ليصل إلى 21.8 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي وهو أعلى مستوى على الإطلاق".

ويُعدّ صافي الأصول الأجنبية لدى كل من البنوك والبنك المركزي، هو إجمالي الأصول المستحقة للجانبين تجاه غير المقيمين في الاقتصاد المصري، مقابل التزاماتهم تجاه غير المقيمين أيضاً. ويعكس هذا البند قوة السيولة الأجنبية لدى القطاع المصرفي.

البورصة هبطت إلى نحو 8000 نقطة

وحول أوضاع البورصة المصرية خلال السنوات الأربع الماضية، قال النحاس إن "مستثمري البورصة كانوا من بين المتضررين من قرار التعويم"، لافتاً إلى أن "غالبية المستثمرين المصريين لم يعوّضوا خسائرهم بعد القرار". وأوضح أن "المستثمرين الأجانب في البورصة كانوا أكثر الرابحين"، مشيراً إلى أنه "خلال العامين الماضيين، تكبّدت البورصة المصرية خسائر فادحة في أسهمها، وعمقتها التداعيات السلبية لجائحة كورونا حتى هبطت إلى نحو 8000 نقطة".

البورصة صعدت إلى مستويات قياسية بعد القرار 

في المقابل، قال المحلل في أسواق المال سعيد الفقي إن "قرار تحرير سعر الصرف كان صائباً وإيجابياً، خصوصاً مع الاستثمار غير المباشر (البورصة)". وأوضح أن "البورصة صعدت إلى مستويات قياسية عند 18400 نقطة تأثراً بحجم الاستثمارات الكبيرة التي دخلت السوق، بخاصة الاستثمارات الأجنبية التي تسارعت للاستفادة من تدنّي سعر الجنيه المصري وتراجع أسعار الأسهم ووصولها إلى مستويات قياسية منخفضة للغاية. واستمر الأمر في تصاعد مستمر وسُجّل انتعاش قوي، دفع رأس المال السوقي للوصول إلى تريليون جنيه (62.5 مليار دولار أميركي) للمرة الأولى في تاريخه. وحققت الشركات أرباحاً بلغت 100 في المئة في بعض الأحيان". وأضاف أنه "بعد الارتفاع في المؤشرات الذي استمر نحو عام ونصف العام، عادت المؤشرات إلى التراجع نتيجة جني الأرباح وخروج الأجانب وانخفضت أحجام التداول ووصل المؤشر إلى 12000 نقطة، ثم إلى ما دون 9000 نقطة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تضاعف أسعار مستلزمات الإنتاج

من جانب آخر، أشار محمد جنيدي، نقيب المستثمرين الصناعيين إلى أن "المصنعين، هم من بين أكبر الخاسرين من قرار التعويم على الرغم من قناعاتهم بصحة قرار البنك المركزي المصري". وأضاف أنه "عقب القرار مباشرةً، تضاعفت أسعار مستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج، مما أثر سلباً في الصناعة خلال تلك الفترة، خصوصاً الصناعات التي تعتمد على نسبة كبيرة من المكوّن الأجنبي في الإنتاج"، مؤكداً أن "الآثار السلبية بدأت بالتراجع بشكل تدريجي خلال السنوات التالية للقرار وأن أبرز القطاعات التي استفادت من التعويم، قطاع التصدير".

30.3 مليار دولار عام 2019

على صعيد آخر، قال علي عيسى، عضو شعبة الحاصلات الزراعية المصرية إن "المصدرين استفادوا بالفعل من فارق العملة عند التصدير الخارجي"، مشيراً إلى أن "قيمة الصادرات ارتفعت من 21.7 مليار دولار أميركي عام 2016 إلى 26.3 مليار دولار في عام 2017 ". ولفت إلى "ارتفاع القيمة عام 2018 إلى 29.2 مليار دولار، قبل أن تسجّل 30.3 مليار دولار عام 2019".

7.9 في المئة انخفاض العجز الكلي في العام المالي الماضي

وكشف وزير المالية المصري محمد معيط عن أن "بلاده نجحت في الحفاظ على معدل نمو 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في ظل أزمة كورونا، بينما تراجعت غالبية مستويات النمو لمعظم الدول، ولم يتجاوز معدل البطالة المستوى الذي كان عليه في العام المالي 2017 – 2018، عندما سجل 9.6 في المئة نهاية يونيو الماضي".
ولفت إلى أن "مصر استطاعت خفض العجز الكلي للناتج المحلي إلى 7.9 في المئة خلال العام المالي الماضي مقارنة بـ 8.2 في المئة عام 2018-2019".

كما أشار إلى خفض نسبة الدين للناتج المحلي لتصل إلى 87 في المئة في نهاية يونيو الماضي، مقارنةً بـ90.4 في المئة في يونيو 2019، وكذلك 108 في المئة في يونيو 2017.

المزيد من اقتصاد