Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا قدم دونالد ترمب حقا لولايات حزام الصدأ؟

هل وفى ترمب بالتزاماته الاقتصادية في مراكز صناعة الصلب تجاه الأيد العاملة التي صوتت لصالحه في انتخابات 2016  خلال السنوات الأربع الماضية من عهده؟

في الصورة الأكثر رسوخاً في الذاكرة ربما عن خطاب التنصيب الذي ألقاه دونالد ترمب في يناير (كانون الثاني) 2017، رثى "المصانع الصدئة المنتشرة كشواهد القبور في أنحاء مدن البلاد".

وتشير عبارة "حزام الصدأ" بعامة إلى الولايات الأميركية المحيطة بمنطقة البحيرات العظمى في الشمال الغربي وتشمل إيلينوي وإنديانا وميتشيغان وأوهايو وبنسلفانيا وويست فيرجينيا وويسكونسن.

وهي كانت مراكز مزدهرة لاستخراج الفحم وإنتاج الصلب والصناعة الثقيلة والتصنيع في أوائل القرن العشرين.

لكن حظوظها انقلبت خلال مراحل الركود المحلية في السبعينيات وصعود المنافسة المحلية والأجنبية. وتسارع التراجع في الثمانينيات مع الأتمتة وإلغاء الوظائف في قسم كبير من قطاع التصنيع، ومع تحويل الولايات المتحدة التمويل من الصناعة إلى الخدمات، ما ترك مصانع غير مستخدمة كثيرة "تصدأ".

ومن ثم ضعف أكثر ما تبقى من الصناعة بسبب "صدمة الصين" China shock في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حين دخلت بكين في الشبكات العالمية لتجارة التصنيع على نطاق واسع وبدأت تفرط في إنتاج الصلب بما يفوق الطلب في أسواق المعمورة.

يضم حزام الصدأ أمكنة مثل سكرانتون (بنسلفانيا) وغاري (إنديانا) وديترويت (ميتشيغان) – وهي أسماء أصبحت تردد صدى التراجع الصناعي الأميركي، وفقدان [هجرة] السكان، والبؤس البشري المصاحب له على مدى نصف القرن الماضي من الزمن.

وجعل ترمب مأساة حزام الصدأ سمة مركزية في حملته لعام 2016، وتقدم بوعود طنانة تناولت إحياء إنتاج الصلب الأميركي، وإعادة تنشيط صناعة الصلب المحلي، واستعادة الوظائف (إلى فئات المجتمع التي فقدتها من العمالة اليدوية).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واندرج ذلك إلى حد كبير في الحسابات الانتخابية. فحزام الصدأ يتألف من بعض "الولايات غير المحسومة [النتائج]" المهمة – أي الولايات التي تتقلب تقليدياً بين الحزبين الرئيسيين – مثل بنسلفانيا وأوهايو وميتشيغان.

واعتقد فريق ترمب بأن الرجل يستطيع انتزاع الناخبين من ذوي الياقات الزرقاء Blue collar (العمالة اليدوية) بعيداً عن ولائهم التقليدي للديمقراطيين.

ونجحت الإستراتيجية. فقد تمكن ترمب من قلب الأصوات في بنسلفانيا وأوهايو وميتشيغان لصالح الجمهوريين بعيداً عن الديمقراطيين، وساهمت أصوات هذه الولايات في المجمع الانتخابي في إيصاله إلى البيت الأبيض.

لكن هل كان ترمب وفياً لهؤلاء الناخبين خلال السنوات الأربع الماضية؟

وماذا بذل دونالد ترمب من أجل حزام الصدأ؟

كانت الحمائية من السياسات الاقتصادية الرئيسية  التي اعتمدها ترمب خلال السنتين الأخيرتين.

فقد فرض عام 2018 رسوماً جمركية بنسبة 25 في المئة على واردات الصلب من الصين وكذلك من أوروبا، زاعماً أن ذلك سيساعد المنتجين المحليين للصلب من خلال خفض المنافسة من الواردات.

وتراجع حجم الصلب المستورد حقاً، لكن الأدلة على حصول صناعة الصلب المحلية وعمالها على مكاسب من ذلك تبقى شحيحة.

فقد ظل التوظيف في صناعة الصلب بولايات حزام الصدأ مستقراً إلى حد كبير قبل أن تضرب جائحة فيروس كورونا الاقتصاد الأميركي.

وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الصلب في مارس (آذار) 2018، ما عزز هوامش الأرباح للمنتجين المحليين، تنخفض الأسعار في معظم الأوقات منذئذ.

ويتدنى الآن سعر سهم "الأميركية للصلب"، وهي واحدة من أكبر الشركات الوطنية توظيفاً وإنتاجاً، عن المستوى الذي كان عليه حين انتخاب ترمب. أما أسعار سائر الأسهم فأعلى.

كذلك يبدو أن القفزة الأولى في الأسعار المحلية للصلب الناتجة من هذه الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات أضرت الصناعات المستهلكة للصلب في حزام الصدأ أكثر مما ساعدت منتجيه (الصلب).

ويشير تحليل إلى أن الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم أدت إلى فقدان 75 ألف وظيفة على الأقل في الصناعات الأميركية المستهلكة للمعادن بحلول نهاية عام 2019.

فقد ارتفعت التكلفة على الشركات المصنعة للسيارات، مثل "فورد" و"جنرال موتورز"، ما دفعها إلى إلغاء وظائف. والعام الماضي، أغلقت "جنرال موتورز" مصنعها لسيارات "شيفروليه" في لوردستاون بأوهايو، وألغت آخر دفعة من الوظائف التي بلغ عددها ألفاً و500 وظيفة.

وتراجع عدد الوظائف في قطاع تصنيع السيارات في ميتشيغان، وهي قلب الصناعة الأميركية، بواقع أربعة آلاف وظيفة تقريباً إلى 36 ألف وظيفة بين بداية عام 2017 وسبتمبر (أيلول) 2020.

واستقرت أيضاً وظائف قطاع التصنيع الأوسع في هذه الولايات بين عامي 2017 و2019.

وبدا أن الدعوات الموجهة إلى الناس لـ"شراء [المنتج] الأميركي" لا تترك أثراً كبيراً. ثم وقعت الجائحة. وقفز معدل البطالة في بعض ولايات حزام الصدأ، مثل ميتشيغان وأوهايو، بوتيرة أسرع مقارنة بسائر الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام.

وتمثلت سياسة أخرى من سياسات ترمب في الضغط على الشركات الأميركية لتزيد الاستثمار محلياً.

وفي وقت مبكر من عهد ترمب صدرت سلسلة إعلانات عن توسيع مصانع أو إعادة شركات عمليات إنتاجية من الخارج إلى الديار. لكن تدفق الإعلانات ما لبث أن توقف.

والعام الماضي أصر المستشار الاقتصادي لترمب، بيتر نافارو، على أن "مليارات الدولارات تُستثمر في مرافق جديدة أو مجددة للتصنيع والسباكة في مختلف أرجاء أميركا".

وزعم ترمب نفسه في يونيو (حزيران) 2019 قائلاً: "ثمة اليوم كثير من مصانع [السيارات] قيد البناء في مختلف أنحاء الولايات المتحدة".

لكن لم تتوفر أدلة إحصائية على طفرة استثمارية في ولايات حزام الصدأ، سواء في مجال تصنيع السيارات أو خلافه، قبل الجائحة، ومن المؤكد أن ذلك لا يحصل الآن.

وتراجعت حقاً معدلات الفقر في ولايات حزام الصدأ بين عامي 2017 و2019، وفق مكتب الإحصاء الأميركي، على الرغم أن هذه التراجعات جاءت متوافقة عموماً مع المتوسط الوطني.

واستفاد الأغنياء، لا العماة اليدوية أو أصحاب الياقات الزرقاء Blue collar في حزام الصدأ، من معظم المكاسب المترتبة على التخفيضات الضريبية التي أقرها ترمب عام 2017.

وجاء أثر سياسات ترمب في حزام الصدأ الأميركي عموماً متوافقاً مع ما توقعه الخبراء الاقتصاديون حين بدأ عام 2016 يتحدث عن المنافع الاقتصادية للحمائية.

خلاصة القول إن هذه السياسات عموماً تسببت بضرر أكثر مما جاءت بنفع. وحتى في القطاعات التي استفادت في البداية، لم يدم الانتعاش.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد