"الحساب موقوف، تويتر يوقف الحسابات التي تنتهك قوانين وشروط خدمته"، هذا نص الرسالة التي استلمها الناشط على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" من قطاع غزة مؤمن فرحات بعد كتابته تغريدة عن الآثار التي سببها الحصار الإسرائيلي على القطاع، وهذه هي المرة الثالثة التي يتعرض فيها مؤمن لإيقاف حسابه على المنصة نفسها في أقل من أسبوع.
مؤمن ليس وحده الذي أغلق "تويتر" حسابه، وبحسب مركز "صدى سوشال" (غير حكومي، متخصص في توثيق الانتهاكات للمحتوى الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي)، فإنه منذ أسبوع تزايدت شكاوى النشطاء على "تويتر" من إغلاق حساباتهم، ووصلت إلى إغلاق 250 حساباً على المنصة، معظمها يعود لكتاب وصحافيين، وغالبيتهم من سكان غزة، وبين هذه الحسابات 25 من الصفحات الفلسطينية التابعة لمؤسسات إعلامية، وذلك من دون إرسال إشعار تحذيري أو تبرير أسباب الإغلاق، وفقاً لحديث عز الدين الأخرس مدير شبكة "قدس" الإخبارية.
سياسة الحذف
يقول الأخرس، "للمرة الرابعة فور وصول صفحتنا إلى مليون متابع على تويتر، أغلقت إدارة المنصة حسابنا، ولم نستلم إشعاراً تحذيرياً، ولا رسالة توضح أسباب الإغلاق، ما نقوم بنشره روابط إخبارية لمجريات الأحداث على الساحة الفلسطينية، ونعتقد أن ذلك تضييق على الرواية الفلسطينية، وانتهاك لحرية الرأي والتعبير".
وموضوع حذف المحتوى، أو إغلاق صفحات فلسطينيين ليس جديداً، إذ بدأ قبل سنتين على منصة "تويتر"، وقبل ست سنوات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وبحسب إحصاءات مركز "صدى سوشال" (غير حكومي) الذي يعمل على توثيق الانتهاكات التي يتعرض لها المحتوى الفلسطيني والتضييق عليه، فإنه منذ بداية العام وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) المنصرم، سجل أكثر من 680 انتهاكاً للمحتوى الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويضيف الناشط على "تويتر" مؤمن فرحات، "قبل أسبوع غردت مناهضاً السلام مع إسرائيل، وقامت إدارة "تويتر" بحذف التغريدة، وبعد أيام حذفت حسابي، ما دفعني لفتح حساب جديد، وغردت منه عن آثار الحصار على غزة، وما أن مرت ساعات توقف حسابي عن العمل، من وجهة نظري لا يوجد شيء اسمه حرية تعبير، وكل ما في الأمر تضييق على نشر المحتوى الفلسطيني بطلب إسرائيلي، هذا باختصار".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مخالفة للقوانين!
ويقول مدير مركز "صدى سوشال" إياد الرفاعي، إن ملاحقة المحتوى الفلسطيني يخالف المواثيق والقوانين الدولية، استناداً للمادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 10 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تحمي حرية التعبير على قاعدة أن لكل إنسان حقاً في اعتناق آراء من دون مضايقة.
فكرة حذف المحتوى أو إغلاق الحسابات لا تقتصر على تويتر، فموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أيضاً يعمل على إغلاق حسابات نشطاء فلسطينيين، ففي عام 2019 سجل 950 حالة انتهاك للمحتوى الفلسطيني، بين إغلاق وإزالة وتجميد وحظر صفحات وحسابات شخصية، نشرت عن القضية الفلسطينية.
في الحقيقة، لم يقف الفلسطينيون مكتوفي الأيدي بعد إغلاق حساباتهم على تويتر، وقدموا شكاوى إلى إدارة المنصة مضمونها أن "إغلاق الصفحات وحذف المضمون لا يأتي وفق معايير واضحة"، إلا أنهم لم يحصلوا على رد.
ثمة وعود
وليس النشطاء وحدهم من تواصلوا مع إدارة مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول مدير مركز "صدى سوشال" إن اجتماعات متكررة جمعتهم مع إدارتي "تويتر" و"فيسبوك" ناقشوا خلالها تطبيق سياسة عادلة في التعامل مع المحتوى الفلسطيني، وإعادة نشاط صفحات أغلقت، لافتاً إلى أنهم تلقوا وعوداً من دون تطبيق.
سرعة تجاوب
ويتهم الفلسطينيون إدارة "تويتر" بأنها تتماشى مع الطلبات الإسرائيلية في ملاحقة المحتوى الفلسطيني، خصوصاً أنه قبل أسبوع تقريباً، طلبت وزيرة الشؤون الإستراتيجية في الحكومة الإسرائيلية أوريت كوهين من إدارة تويتر حذف 250 حساباً فلسطينياً معظمها من قطاع غزة، بسبب التلاعب في نشر الأخبار وتزوير الحقائق. ووفقاً لبيانات مركز "صدى سوشال"، فإن تويتر استجاب بالفعل لذلك، وحذفت إدارة المنصة الرقم نفسه الذي تقدمت به الوزيرة الإسرائيلية.
وعن ذلك، يرى الرفاعي أن هذ الخطوة مؤشر خطير لسرعة تجاوب إدارة منصة "تويتر" مع الطلبات الرسمية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والذي يمثل خرقاً واضحاً للقانون الدولي والمبادئ التي من المفترض أن منصة "تويتر" تتبناها.
كلمات مفتاحية
وفي سياق متصل، يقول مدير المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي "حملة" نديم ناشف، إن "اتفاقاً جرى بين الحكومة الإسرائيلية وفيسبوك وتوتير عام 2016 مبني على ملاحقة المحتوى الفلسطيني أو كما يسمونه المحتوى الذي يشجع الإرهاب أو ينتقد إسرائيل، وبالتحديد تويتر لديه قوانين لها علاقة بالقانون الأميركي والأوروبي في ما يتعلق بمحاربة الإرهاب والمصنفين على قوائمه، لذلك نجد إغلاقاً لحسابات الفلسطينيين، ويظهر ذلك واضحاً بإغلاق توتير حسابات الشخصيات الفلسطينية المصنفة على قوائم الإرهاب في الحكومة الأميركية".
وحول خوارزميات حذف المحتوى وإغلاق الصفحات، يشير ناشف إلى أن المعايير غير واضحة لدى "تويتر" و"فيسبوك"، وفي السياق الفلسطيني أن ذلك مبني على عدد البلاغات المقدمة ضد المحتوى، في ظل وجود تعاون بين الحكومة الإسرائيلية وشعبها، في تقديم بلاغات ضد المحتوى الفلسطيني، إضافة إلى وجود كلمات مفتاحية إذ تزال أي تغريدة أو منشور يحتويها ومن بينها "استشهاد" و"عملية استشهادية" و"صهيوني" و"احتلال" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي".
وبحسب معلومات مركزي "صدى سوشال" و"حملة"، فإن إسرائيل في عام 2019 قدمت 12 ألف طلب إزالة محتوى وإغلاق صفحات، لشركتي "فيسبوك" و"تويتر"، واستجابت الشركتان لنحو 85 في المئة منها.