Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ألبوم "رسالة لك" يلامس حماسة العروض الحية

المجموعة العشرون لبروس سبرينغستين تولد إحساساً مجتمعياً إلى حد اعتقاد من يستمعون إليها أنهم ينتهكون قواعد التباعد

علاقة سحرية بين موسيقى البوب والحشود، حتى في أغانٍ مسجلة بالاستوديو كـ"رسالة لك" لـ بروس سبرينغستين ("تويتر")

عقب وفاة عازف الساكسوفون الأسطوري في فريقه "كلارنس كليمونز"  Clarence Clemons عام 2011، وجّه بروس سبرينغستين دعوة إلى جيك، ابن شقيق كليمونز، كي يُقدم تجربة أداء بهدف الانضمام إلى الفرقة. وصل جيك حينها متأخراً ساعة على الموعد، وذكر إنه "نوعاً ما" يعرف الأغنيات الخمس التي طُلب منه التدرب عليها. وآنذاك، أوضح له المغني [سبرينغستين] الملقب بـ"ذا بوس"، أن "الدرس الأول في فرقة "إي ستريت" E Street. نحن لا نعترف بـ"نوعاً ما" على الإطلاق. أنت هنا في معقل موسيقى الروك آند رول. لا يمكنك التجرؤ على المجيء إلى هنا وعزف هذه الموسيقى أمام بروس سبرينغستين من دون أن تكون متمكناً من أدائك".

في سيرته الذاتية الصادرة عام 2016 تحت عنوان "وُلد ليهرب" Born to Run، يشير سبرينغستين المعروف بتواضعه مازحاً إلى أنه عادة لا يتحدث عن نفسه بصيغة الغائب، ويعترف أنه بالغ في رد فعله بعض الشيء. لكن، قليلاً فحسب. إذ تشكل فرقة "إي ستريت" بالنسبة له "أخوية مقدسة، ولأن درجة استيعابك العاطفي للألحان التي نعزفها مهمة جداً!".

سيتمكن أي شخص حضر أداءً مباشراً لأفضل فرقة حانات في العالم من إدراك الحقيقة المبهجة لهذا التصريح. وقد تبينَ أيضاً أن البرهان على ذلك جاء في الألبوم العشرين المثير لسبرينغستين، الذي يحمل عنوان "رسالة لك" Letter to You. وعلى الرغم من أن أعضاء فرقة "إي ستريت" يعزفون معاً منذ عام 1972، لكنها المرة الأولى التي يسجلون فيها ألبوماً، بأداء مباشر حي، مع وجودهم في المكان نفسه. بناءً على طلب عازف الغيتار ستيفي فان زانت، لم تُجر الفرقة أية تجارب. إذ لم يزد الأمر عن عزف سبرينغستين الأغاني أمام الفرقة ثم تركهم ينطلقون في أدائهم. وفيما استغرقت جلسات التسجيل المبكرة أشهراً مضنية، فقد باتوا الآن متمكنين من أدائهم لدرجة أنهم أنهوا التسجيل في أربعة أيام فحسب. وقبل ذلك، حجزوا الاستوديو لمدة خمسة أيام، بالتالي، وفق فان زانت، فقد أمضوا اليوم الخامس مسترخين ومنصتين إلى الألبوم بصوت عال.

تبدأ التشكيلة مع أداء صوتي منفرد حميمي لسبرينغسيتن في أغنية "في لحظة أنت هنا" One Minute You are Here الجميلة. ستشعرون بدفء صوته يلفكم كسترة جلدية قديمة، برثاثتها وتحملها ونعومتها، بمعنى أن الأغنية متوازنة بتركيبتها التي تجمع بين الفتى الكادح المولود في نيوجيرسي ونجم موسيقى الروك الذي يملأ صوته المسارح. ويشكل الفناء الموضوع الذي تتناوله كلمات الأغاني على امتداد الألبوم. يرد في كلمات إحدى الأغنيات، "قطار أسود كبير مقبل على السكة/ أضع قطعة النقود التي بحوزتي عليها/ بينما ينشد الصيف آخر أغنياته/ في لحظة ما أنت هنا / وفي اللحظة التالية لن تعودي موجودة".

وبلغ سبرينغستين عامه الحادي والسبعين هذه السنة. وفقد عضوين من فرقة "إي ستريت" (هما كليمونز وعازف الأورغن دان فيديريتشي). وفي عام 2018، بات العضو الوحيد الباقي على قيد الحياة من فرقته الأولى "ذا كاستيلز" The Castiles. وفي المقابل، تتواصل الأغنية الافتتاحية للألبوم، وبينما يشتكي المغني من أنه "وحيد جداً" تنضم إليه بكل لطف أنغام البيانو والطبل الخافتة والترددات الإلكترونية. وعندما يدخل الدف على الخط، يمكنكم سماع أعضاء الفرقة أثناء شروعهم في مواجهة مخاوفهم والشعور بتضامنهم في تلك اللحظة.

وبكلمات أخرى، تشبه هذه الأغنية "الصلاة" التي يتلوها أعضاء الفريق مع إمساكهم بأيدي بعضهم بعضاً قبل أداء العروض الحية. وبمجرد انتهائهم من ذلك، يصدحون بموسيقى الروك أند رول الأميركية من دون تردد، في الأغنية التي تحمل عنوان الألبوم ["رسالة لك"] التي يصف فيها سبرينغستين الجهد والألم اللذين يبذلهما في كتابة أغنياته. ويرد في كلماتها، "أركع على ركبتي/ ممسكاً قلمي وحانياً رأسي/ محاولاً استجماع كل الأمور التي يؤمن قلبي بصحتها/ وأبعثها في رسالتي إليك".

وعلى الرغم من أنني نشأتُ على حب ألبومات سبرينغستين الأقل تكلفاً كـ"نبراسكا" Nebraska 1982 وأصبحتُ لاحقاً مهووسة بالموسيقى التصويرية الساحرة التي ألفها لفيلمي "فيلادلفيا" Philadelphia 1992 و"شبح توم جود" The Ghost of Tom Joad  1995، فقد استغرقتُ وقتاً طويلاً كي "أستوعب" الأغنيات الضخمة الطنانة للفرقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستطراداً، لقد بدت أغنية "مولود في الولايات المتحدة" Born in the USA الحماسية، صادمة بالنسبة لي باعتبارها ذكورية بطريقة ممجوجة في المرحلة التي انتشرت فيها. لكنني لم أصل إلى لب الموضوع. لقد احتجتُ إلى زمن طويل كي أدرك أنك تحتاج إلى مجرد تشغيل مسجل السيارة بصوت مرتفع جداً أثناء رحلة طويلة وسريعة خلال ليلة صيفية حزينة، كي تتمكن من سماع سبرينغستين على حقيقته كبطل محطم.

في المقابل، تتمثل أفضل طريقة للاستماع إلى تلك الأغنيات التي تثير النشوة في العروض الحية المباشرة، عندما يتخلل صوت آلة الباص الضخمة، دماء وعظام مئات البشر المتجمهرين. لقد أدى اتباع أسلوب التسجيل الحي في هذا الألبوم ["رسالة لك"] دوراً فعلياً في إيصال ذلك الشعور الجماعي. إذ يبدو أعضاء الفرقة حاضرين وقريبين لدرجة أن المستمعين قد يظنون أنهم ينتهكون قواعد التباعد المصاحبة لوباء كورونا.

وكذلك تقدم الفرقة أداء مرحاً في أغنيتي "جيني بحاجة إلى رامٍ" Janey Needs a Shooter  و"أغنية لليتامى" Song for Orphans الشبيهة بأغنيات بوب ديلان، وقد كتب سبرينغستين هاتين الأغنيتين في 1973. في المقابل، يكمن الألق فعلاً في الأعمال الجديدة. إذ تتوهج الفرقة في أداء أغنيتي "أشباح" Ghosts و"آخر الرجال الصامدين" Last Man Standing، بينما تتفوق في أداء أغنية "منزل الألف غيتار" House of a Thousand Guitars.

استطراداً، تُحرك تلك الأغنية ألحان البيانو الصاعدة والهابطة اللطيفة الشبيهة بالترانيم، وتشكل تعليقاً على كتابة الأغاني. إذ يعبر سبرينغستين، الذي بدا صريحاً بشكل رائع بخصوص صراعه المستمر مع الاكتئاب، عن تضامنه مع الكتاب الآخرين "الذين بالمرارة والملل" و"يستيقظون بحثاً عن النغمة الضائعة".

في منحىً موازٍ، وبصفته بطل الأميركيين العاملين الذين تخلت عنهم رئاسة ترمب، يقدم سبرينغستين مقطعاً عن "المهرج المجرم" الذي "سرق العرش". لكنه يقترح التواصل الموسيقي كطريقة للارتقاء فوق البؤس المادي. وكذلك يغني بأسلوب يجعلك تشعر كأنه يربت على كتفك، "أخي وأختي أينما كنتم/ سننهض معاً إلى أن نجد الشرارة/ سنذهب إلى مكان لا تتوقف فيه الموسيقى أبداً/ من الملاعب إلى البارات الصغيرة في البلدة/ سنضيء منزل الألف غيتار".

في وقت سابق، اعتزم سبرينغستين الانطلاق في جولة بعد إصدار هذا الألبوم مباشرة. من الواضح أن هذه الخطط وُضعت على الرف الآن. لكن بالنسبة لأولئك الذين يفتقدون حماسة الموسيقى الحية، فإن حالة الترابط الآسرة التي يقدمها ألبوم "رسالة لك"، قريبة جداً من ذلك. أجل، يعزف جيك كليمونز هنا أيضاً، بعدما امتلك مفاتيح معقل موسيقى الروك آند رول. إذ تُحمَلُ أنغامه الصاخبة على أكتاف مجموعة من الفنانين في عقدهم السابع لكنهم الآن مصممون أكثر من أي وقت مضى، على إثبات أن عبارة "نوعاً ما" غير موجودة في قاموسهم بالنسبة "لأي شيء" يقدمونه. وجب التذكير بذلك مرة ثانية!

© The Independent

المزيد من ثقافة