Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صدمة في فرنسا بعد اعتداء نيس ومساع رسمية لاحتواء تداعياته

عاصفة من المواقف المنددة والمطالبة بحماية الديمقراطية والحضارة الوطنية

عمّت فرنسا أجواء التأثر والصدمة بعد حادثة الطعن التي شهدتها مدينة نيس (جنوب) وأدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص، دافعة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى رفع حالة الطوارئ المطبّقة في البلاد إلى الدرجة القصوى.

وما فاقم الوطأة السلبية لهذا العمل الإرهابي، الثالث من نوعه في غضون شهر، هو أن البلاد على عتبة فترة جديدة من الحجر الصحي لمواجهة فيروس كورونا، ستمتد لشهر، ما أدى إلى اختلاط الإرباك المعيشي بالإرباك الأمني.

وبدا الوجوم واضحاً على وجوه كثيرين من الذين تهافتوا إلى المتاجر للتبضع تحسباً لأي نقص في المواد الأساسية يمكن أن يطرأ خلال فترة الحجر. وترافقت حركتهم مع ريبة كبيرة جراء الاعتداءات الدامية المتكررة التي تستهدفهم، فأمضوا يومهم بين تأمين حاجات الانكفاء في منازلهم ومتابعة تفاصيل العمل الإرهابي الجديد والتعليقات المنددة بهذه الحادثة المروّعة.

ولم تتوفر معلومات رسمية حول منفّذ الاعتداء، لكن ما تم تداوله من معلومات غير مؤكدة هو أنه يدعى إبراهيم العويساوي عمره 21 سنة، وصل إلى فرنسا مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، آتياً من مدينة لامبيدودزا الإيطالية.

في المقابل، أفادت معلومات رسمية بأنه أصيب بجروح من قبل الشرطة البلدية في مدينة نيس التي تمكّنت من اعتقاله واقتياده إلى مكان لم يكشف عنه.

وكان المعتدي أقدم على ذبح امرأة في السبعين من العمر داخل كاتدرائية نيس بواسطة سكين، كما ذبح حارس الكاتدرائية وامرأة أخرى ذُكر أنها في الأربعينيات من عمرها.

وجاءت هذه العملية بعد أيام معدودة على مقتل المدرس صامويل باتي في بلدة كونفلان سانت أونورين، وقبلها إصابة شخصين بجروح في باريس أمام المقر السابق لصحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة.


ماكرون لن يتراجع

وفور وقوع الاعتداء، انتقل ماكرون إلى نيس حيث تحدث مطولاً مع أفراد في شرطة البلدية ثم وجّه كلمة إلى الفرنسيين قال فيها أن "بلادنا عرضة للاعتداء" وأن هذا الاعتداء مردّه إلى "ميلنا للحرية وعدم رضوخنا للترهيب"، مكرراً "لن نتراجع".

وأكد ماكرون حرصه على صيانة حق الفرنسيين في ممارسة أديانهم، موضحاً أن إجراءات أمنية ستتّخذ حول مختلف أماكن العبادة وسترفع حالة الطوارئ إلى درجتها القصوى وسيصبح عدد عناصر الجيش الذين يساندون الشرطة 7 آلاف عنصر، بدلاً من ثلاثة آلاف.

وحضّ ماكرون على ضرورة اعتماد القوة مع منفّذي الأعمال الإرهابية لحماية المواطنين. كما شدد على الوحدة الوطنية، داعياً الفرنسيين إلى رص الصفوف والامتناع عن تقديم أي تنازل.

وبدا واضحاً من لهجة الكلمة التي ألقاها ماكرون أنه يسعى إلى احتواء الاحتقان البالغ الذي باتت تعيشه فرنسا نتيجة الاعتداءات الإرهابية، والذي ظهر من خلال التصريحات الصادرة عن مسؤولين عدة، ومفادها بأن الفرنسيين بدأوا يضيقون ذرعاً بهذه الأوضاع.

 ومعروف أن نيس سبق أن شهدت اعتداءات إرهابية، أبرزها الاعتداء الذي وقع خلال احتفال لمناسبة العيد الوطني الفرنسي عام 2016 وأدى إلى سقوط 86 قتيلاً.

وصرّح رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه "إن الكلام لم يعد يكفي وعلينا أن نقدم على ردّ فعل قوي ونؤكد هويتنا".

لكن النائب عن حزب الجمهوريين اليميني إريك سيوتي ذهب إلى أبعد من الحديث عن أن الهوية الفرنسية مهددة ليؤكد أنها المرة الأولى منذ الاحتلال النازي التي "لم تعد فرنسا حرة. وبلدنا في حرب ونحن في حرب".

وفيما اكتفت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن بالدعوة إلى "الحؤول دون تمكين الأيديولوجيا الإسلامية من إيذائنا بفضل وسائل تشريعية"، حذرت النائب السابقة، ابنة شقيقة لوبن، ماريون مارشال من أن "الاضطهاد بات معلناً ضد فرنسا".
في السياق ذاته، ومن منطلق الإمعان في شحن النفوس، قال النائب عن حزب الجمهوريين غيوم بيلتييه "إنها الحرب لنسحق العدو ونحمي شعبنا وحضارتنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


سلاح الديمقراطية

أما الرئيس السابق فرانسوا هولاند، الاشتراكي الذي خبر شخصياً اعتداءات عنيفة وقعت في عهده، فصرّح "إن الديمقراطية سلاحنا وستكون الأقوى في وجه المعتدين"، كونه من السياسيين الذين يدركون مخاطر وعبثية بث روح الانقسام وشقّ الصفوف.

ويبدو واضحاً أن على ماكرون وحكومته النهوض في الأيام المقبلة بعبء عملاق، إذ يتوجب عليهما معالجة الوضع الصحي المأساوي الذي تعيشه البلاد والوضع الأمني والسعي إلى صيانة وحدة وطنية تبدو مهتزة.

في الوقت ذاته، يجب أن يبدّد ماكرون الحملة التي تستهدف فرنسا في عدد من الدول على خلفية ما نُقل عنه من كلام حول أن الإسلام دين يمر بأزمة، تسبب في إطلاق دعوات إلى مقاطعة البضائع الفرنسية.

في هذا السياق، تحرص أوساط فرنسية على القول إن ما قصده ماكرون كان عرضةً للتحريف من قبل البعض وأن ليس في ذهنه أي خلط وهو عازم على مكافحة التطرف والعنف الأصولي لأنهما عدوّا الإسلام والمسلمين.

المزيد من دوليات