Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أنا لورد لكنني أعرف حقيقة فقر الغذاء التي يجهلها جونسون

رؤية ماركوس راشفورد يساعد في العمل في مركز لتوزيع الغذاء، أيقظ في نفسي ذكريات تعود إلى أيام طفولتي، ما حملني على إلقاء خطابي في مجلس اللوردات

أثارت المبادرات ضد قرار الحكومة بوقف وجبة مدرسية مجانية، ردود فعل متنوعة (أ ف ب)

أشعر بحيرة تامة لأنني عاجز عن فهم سبب تشبث الحكومة برفض تحمل نفقات توفير وجبات طعام لطلاب المدارس خلال موسم العطلة. حين تراجعت الحكومة في الاتجاه المعاكس حول هذه المسألة بالذات في الصيف الماضي، لابد شعرت بأن قرارها ذاك موضع استحسان شعبي واسع. فقد أعطاها شهرة سياسية كما ضمن تلبية الاحتياجات الأساسية للمحرومين والضعفاء.

أدرك بفضل تجربتي الخاصة مدى أهمية سياسة كتلك. فقد ترعرعت في جنوب "ويلز" بُعيد الحرب العالمية الثانية مباشرة. وآنذاك، طلق والداي بعضهما بعضاً، وأُجبرت والدتي على النزول الى الشارع مع طفليها الصغيرين. وفي نهاية المطاف استقر بنا المقام في غرفة قدمها لنا جدي وجدتي. واعتادت والدتي الذهاب إلى العمل في مصنع محلي للصفيح، وسرعان ما ساهم العمل الشاق بانهيار صحتها في أزمة لم تشفَ منها تماماً.

لم يقدم والدي أي دعم مادي لنا، وتمثّل دخل والدتي الوحيد في ما تلقته من برنامج "المساعدة الوطنية"، وبالكاد بدا كافياً في سد حاجاتنا.

وآنذاك، حصلتُ على وجبات مجانية طيلة وجودي في المدرسة. وبذا، تغذينا جيداً خلال الفصل الدراسي. بيد أن أوقات العطل كانت مختلفة. ولا أزال قادراً على تذوق الذعر المتنامي الذي شعرنا به مع اقتراب العطلة (المدرسية)، وشم رائحته أيضاً.

ببساطة، لم تكن النقود التي في حوزتنا، تكفي لإطعام ثغرين إضافيين. وتوجّب على والدتي أن تتصرف بحنكة في المال الذي بين يديها، بيد أن احتمال الفشل ظل موجوداً على الدوام. وبدءاً من سن الخامسة عشرة، واظبتُ على قضاء كل عطلة في العمل، في مهنة أو أخرى، كساعي بريد، ومع لجنة الأحراج، ولدى بائع لحوم محلي بالجملة، وفي فريق هدم معمل الذخيرة المحلي وأعمال كثيرة أخرى.

كانت الأيام صعبة. إذ يشكّل فقر الغذاء بكل تأكيد أبشع أنوع الفقر. وبالنسبة للأطفال، يعتبر الأشد سوءاً من كل ما عداه.

أنا معجب للغاية بماركوس راشفورد نظراً للطريقة التي يلفت فيها الأنظار إلى هذه المخاوف. وإنّ رؤيته مع والدته وهما يساعدان في العمل في مركز لتوزيع الغذاء، قد أيقظت في نفسي ذكريات تجارب تعود إلى أيام طفولتي. وهذا ما حملني على إلقاء خطابي في مجلس اللوردات الثلاثاء الماضي. ومنذئذ، أخبرني كثيرون أنهم لم يتوقعوا سماع أن اللوردات قد مرّوا في تجارب من هذا النوع. وفي المقابل، من المثير للاهتمام أن إثنين من أعضاء مجلس اللوردات قد جاءا إليّ بعد مداخلتي ليقولا أنهما عاشا تجاربي نفسها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا تشعر الطبقة الحاكمة لدينا - هذه هي الكلمة الصحيحة الجديرة بالاستعمال هنا - بهذه المشكلة. وأنا متأكد من أن خريج مدرسة "إيتون" Old Etonian - التي يتعلم بها الميسورون وأبناء الطبقة الأرستقراطية - الذي يرأس حكومتنا، رجل يحب كثيراً تهيئة الفرص (والمناسبات) لالتقاط صور له في المدارس والمخابر والمصانع مرتدياً معطفه الأبيض أو قبعته الخشنة؛ لكن ليس لديه أدنى فكرة عن المشاعر التي تنتاب الفقراء.

تُحدّثنا الحكومة عن مبالغ هائلة، إذ يخبرونا بأن ملايين الجنيهات الإسترلينية قد أعطيت للسلطات المحلية المؤهلة أكثر من غيرها، وفق رأيهم، لإنفاق بعض هذه الأموال على الاستجابة للاحتياجات الغذائية لدى الأطفال الفقراء. تفعل بعض السلطات ذلك بالضبط، لكن سلطات أخرى لا تفعل.

لقد جاءت استجابة رائعة من مجتمعاتنا حيال موقف الحكومة بشأن هذه القضية. فقد بذل المجتمع المدني جهداً كبيراً في تلبية الاحتياجات الراهنة. ويبذل الأفراد، وبنوك الطعام، والمطاعم، ما في وسعهم. وسيُحدث ذلك فارقاً كبيراً في بعض المجتمعات، لكنه سيؤثر بقدر أقل في مجتمعات أخرى.

إن المطلوب اليوم يتمثّل في مبادرة وطنية ينهض بها الجميع. ومن دونها، سيكون لزاماً علينا رؤية استجابة مختلفة من منطقة إلى أخرى في أنحاء البلاد، تجري على أساس يانصيب الرمز البريدي. سيفيد بعض الأطفال الذين يعيشون في الأمكنة الصحيحة من الأولويات التي تضعها سلطاتهم المحلية (والبلديات) أو من حسن نية مجتمعهم المحلي، أو من كليهما معاً. في المقابل، لن يستفيد آخرون من ذلك. لايحتاج الأمر إلى مزيد من الجهد والتخمين لاستنتاج الأمكنة التي لن ينال فيها الناس أي مساعدة. ومن الأرجح أن هؤلاء الذين يعتبرون سلفاً من الأكثر فقراً سيعانون أكثر من سواهم. لقد كان ذلك هو الوضع دائماً. وعلى الرغم من ذلك، من الممكن تفادي تلك الحالة كلياً.

(ليزلي غريفيث هو اللورد غريفيث أوف باري بورت Burry Port)

© The Independent

المزيد من آراء