Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيمي كوني باريت في المحكمة العليا الأميركية وعواقب انضمامها ستكون وخيمة

وجود الفرسان الخمسة لنهاية العالم الجديدة القضاة باريت وأليتو وتوماس وغورساش وكافانو– في المحكمة العليا الأميركية يُؤذن بسنوات من القرارات الرجعية

تسلمت إيمي كوني باريت أخيراً مقعدها في المحكمة العليا للولايات المتحدة. بالتالي حتى لو فرضنا جدلاً أن جو بايدن سيفوز بالرئاسة في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)، وأن الديمقراطيين سيُسيطرون على الكونغرس في المرحلة القادمة، ستظل لدى الولايات المتحدة محكمة عليا، ربما تكون الأخطر على الحقوق المدنية منذ "قضية دريد سكوت"، حينما رفضت المحكمة العليا منح الأميركيين من أصل أفريقي حقوق المواطنة في خمسينيات القرن التاسع عشر، أو على الأقل منذ "قضية بليسي ضد فيرغيسون" التي صانت التفرقة العنصرية وفقاً لمبدأ "الفصل مع المساواة" في تسعينيات القرن التاسع عشر.

وما لم يكن الرئيس والكونغرس القادمان مهيأين ليضربا بيد من حديد في حدود ما ينص عليه القانون، فستكون الأبواب مشرعة أمام الفرسان الخمسة لنهاية العالم الجديدة – أي القضاة باريت وأليتو وتوماس وغورساش وكافانو– لاتخاذ قرارات رجعية، يمكن أن تغير وجه الولايات المتحدة بشكل جذري، ويستمر تأثيرها لسنوات وربما لعقود. ففيما يميل غروساش وكافانو أحياناً نحو الاعتدال المؤسسي (وروبرتس نحو اليمين)، يعدُ الثلاثي باريت - أليتو- توماس بأن يكون كتلة تصويتية موثوقة بقدر المكتب السياسي (بوليتبورو).

وتعد إعادة صياغة التعديل الأول (للدستور الأميركي) في ما يتعلق بالحقوق الدينية، على رأس جدول أعمال القضاة (الخمسة). وهذا يعني إعادة النظر في اجتهادات سابقة قامت بها المحكمة العليا بشأن عديد من القضايا المثيرة للجدل، مثل زواج المثليين والإجهاض وموانع الحمل، وحتى حقوق المساهمين في الشركات على موظفيهم. 

وينص التعديل الأول للدستور الأميركي على أنه لا يجوز للكونغرس إصدار أي قانون "ينظم تأسيس الدين" أو "من شأنه أن يحظر الممارسة الحرة للدين". وعلى الرغم من وجود تعارض ما بين المادتين، حاولت المحكمة العليا على مر التاريخ اتباع نهج حيادي، عن طريق حماية معظم قوانين التطبيق العام والسماح بممارسات دينية فردية لا تُثقل كاهل الدولة أو تُعرقل عملها من دون مسوغ. وهكذا استطاعت المحكمة التعامل بشكل عملي إن لم يكن بطريقة ثابتة، مع عدد من القضايا الشائكة منها، فرض قسم الولاء، وارتداء الرموز الدينية وإقامة الصلوات في المدراس، ومراعاة الممارسات الدينية في السجون، ودعم الدولة للمدارس الدينية.

لكن الفرسان الخمسة يتوافقون على رأي يُعطي الأفضلية للدين ويضعونه إلى حد ما، فوق أي حق دستوري آخر، ربما عدا التعديل الثاني (للدستور)، الذي يمنح المواطنين الأميركيين حق حمل السلاح (حيث ترى القاضية باريت أنه لا بأس من حرمان المجرمين السابقين من حقهم في التصويت، لكن لا يمكن حرمانهم من حقهم في شراء أسلحة أوتوماتيكية). ومما لا شك فيه أن القاضية باريت ستدفع بهذا الرأي المطلق إلى أبعد مدى.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كتب القاضي توماس، ومعه القاضي أليتو، رأياً يتعلق برفض المحكمة الاستماع إلى "قضية ديفيس ضد إرنولد"، حيث رفضت كاتبة إحدى المقاطعات في ولاية كنتاكي– موظفة حكومية – إصدار رخصة زواج لثنائي مثلي، انطلاقاً من "معتقداتها الدينية المشروعة" التي تعتبر أن الزواج لا يتم إلا بين رجل واحد وامرأة واحدة. الظاهر أن معتقداتها تضاربت مع قرار المحكمة في قضية "أوبرفيل" التي أُعلن فيها أن الزواج المثلي هو حق دستوري. وعلى حد تعبير القاضي توماس، فإن المحكمة "باختيارها إعلاء شأن حق دستوري جديد على مصالح الحرية الدينية التي يحميها التعديل الأول، وباختيارها القيام بهذه الخطوة بطريقة غير ديمقراطية، خلقت (المحكمة) مشكلة لا يمكن أن يحلها أي طرف سواها. وحتى ذلك الحين، ستستمر "عواقب (أوبرفيل) وخيمة على الحريات الدينية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وليس المطلوب من كيم ديفيس، أن تتقبل زواج المثليين أو تدعمه بشكل شخصي، إنما المطلوب منها تأدية العمل الحكومي المتوجب عليها حسب القانون. لكن القاضي توماس يرى أن الحق الدستوي للزواج المثلي غير وارد في نص الدستور، فالآباء المؤسسون لم يؤكدوه، وهو بالتالي ليس حقاً مشروعاً على الإطلاق. وهذا ليس رأي القاضي توماس وحده، فقد سبق للقاضية باريت التي تنتمي إلى منظمة "أهل الحمد" (People of Praise) الرافضة للمثليين جنسياً أن عبرت عن رأي مماثل في مناسبات عدة، ومن خلال تأييدها للرسالة التي أصدرها "صندوق بيكيت" (Beckett Fund) الديني، ودعا من خلالها شركات التأمين إلى وقف تغطيتها لموانع الحمل لانتهاكها المعتقدات الدينية للمساهمين. فبحسب القاضية باريت، حياة الإنسان تبدأ بالحمل وتنتهي بالوفاة الطبيعية (ما لم تُصدر الدولة بحقه عقوبة الإعدام)، (وتضيف باريت) ليست هناك خصوصيات تُقيد حق الدولة للحد من عمليات الإجهاض، و"قضية رو ضد وايد"، ليست "سابقة خارقة للعادة". في ضوء هذه المعطيات فإن الأصوات موجودة الآن لإبطال (حق) الإجهاض.

وعليه، يرى الجناح اليميني، تحت لواء الحرية الدينية، أن القوانين الحيادية ظاهرياً تنتهك الحقوق الدينية، بما فيها حق موظفة حكومية في رفض تنفيذ القوانين لعدم إيمانها بزواج المثليين. ويمكننا أن نتوقع أن الأكثرية ستكتشف عما قريب أن الحق في الزواج المثلي، لم يكن سوى خطأ عابر في الخارطة الدستورية وسيتخلص منه محللو نصوص الدستور، منعاً لحدوث "السابقة" الحقيقية المتمثلة في حق الأشخاص المتدينين برفض الإذعان للقوانين التي تُخالف قناعاتهم.

وبالتأكيد، كانت تسري اعتقادات بأن القوانين المتعلقة بالعنصرية مستوحاة من الله، والزواج بين الأعراق ممنوع لأسباب سماوية. وقد استمرت الأمور على هذه الحال حتى قامت المحكمة العليا بإلغاء هذه القوانين في "قضية لوفينغ ضد فيرجينيا" عام 1967، أي بعد مرور قرن على نهاية الحرب الأهلية. وكان قد ورد في نص محاكمة فيرجينيا الكلام الآتي، "خلق الله القدير أجناس البشر بيضاء وسوداء وصفراء وملاوية وحمراء ووضعهم في قارات مختلفة. ولولا التدخل في ترتيبه، لما كان هناك مثل هذا الزواج. والحقيقة أن فصل الله بين الأعراق يعني بوضوح أنه لم يكن يريد لهذه الأعراق أن تختلط".

وبعدما ألغت المحكمة العليا الحظر على الزواج بين الأعراق، احتجت "جامعة بوب جونز" (Bob Jones University) على قرار الإلغاء قائلةً إن أحكام حرية المعتقد في التعديل الأول، هي التي سمحت لها بمنع المواعدة بين الأعراق على اعتبار أن "القاعدة المُعارضة لذلك هي مسألة معتقد وممارسة دينية". وهذا بالضبط ما عول عليه معارضو الزواج المثلي لدحضه. فميتشيغان مثلاً، "عرفت الزواج على أنه اتحاد بين رجل وامرأة قَبل بناء الدولة". أما كنتاكي، فادعت بأن الزواج المثلي "لم يكن متجذراً في تاريخ الأمة". لكن العبودية كانت متجذرة فيه، وما كل الجذور تُفضي إلى حياة صحية.

من وجهة نظر محللي النصوص الدستورية، لا شك بأن الآباء المؤسسين لم يتوخوا الزواج المثلي أو الزواج بين الأعراق في ثمانينيات القرن الثامن عشر. ولا داعي لمناقشة مواقف المعارضين لأي الزواجين، لأنها غير صحيحة وأفكارهم المستوحاة من عند الله غير صادقة. فكما أن حريتك تنتهي عند حدود حرية الآخر، ينتهي حقك باعتناق أي معتقد تشاء باسم الدين، عند ما يبدأ حق الآخر في عيش حياة على أساس المساواة في الكرامة. والحقيقة أن ما تسمى "الحرب على الدين" هي محاولة لإعلاء معتقدات إحدى الجماعات على معتقدات (أو غير معتقدات) جماعات أخرى في الميدان العام.

نحن الآن عند مفترق طرق خطير. فبعد الاستيلاء على مقعدين في المحكمة العليا، باتت السياسات الاجتماعية في أيدي أكثرية أصحاب الرؤى المتطرفة وغير المسبوقة. والمعروف عن المؤسسة القانونية للجناح اليميني أنها ذكية بما يكفي لمتابعة القضايا، وما لم تكن الإدارة الجديدة تنوي النظر في كيفية منع ما اعتُبر "الفرع الأقل خطورة" لاستخدام رؤية متطرفة للدستور، ومحاولة رجعية لإعادة إحياء ذهنية أواخر القرن الثامن عشر، فسيكون أي انتصار في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) باهظ الثمن.

(إريك لويس هو محامي متخصص بقضايا حقوق الإنسان في مدينة نيويورك ومدير في شركة "الإعلام والأخبار الرقمية المستقلة" Independent Digital News and Media المسؤولة عن إصدار صحيفة "اندبندنت")

© The Independent

المزيد من تحلیل