Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يحدث الدستور الجديد تحولات اجتماعية في الجزائر؟

هو الأرضية التي يُعتمد عليها في بناء المؤسسات ثم الانطلاق في الإصلاحات المطلوبة سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية

الدستور الجديد سيلبّي مطالب الحراك الشعبي في الجزائر (اندبندنت عربية)

منحت السلطة في الجزائر مشروع تعديل الدستور حيزاً كبيراً من الأهمية والاهتمام، جعله يظهر وكأنه سبب الوضعية الاقتصادية والاجتماعية الكارثية التي تعيشها البلاد، في حين لا يزال الشعب ينتظر حلولاً ملموسة لمشكلاته اليومية.

إجماع على أهمية الحدث

واعتبر الرئيس عبدالمجيد تبون أن الدستور الجديد سيلبي مطالب الحراك الشعبي الذي أطاح الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة العام الماضي، مؤكداً أنه ينسجم مع متطلبات بناء الدولة العصرية. وقال إن "تطبيق هذا التعديل الدستوري، إذا ما وافق عليه الشعب، يستلزم تكييف عدد من القوانين مع المرحلة الجديدة ضمن منظور الإصلاح الشامل للدولة ومؤسساتها واستعادة هيبتها"، لافتاً إلى أن "عدد قضايا الفساد التي نظرتها المحاكم، كشف عن درجة الانحلال الأخلاقي وعمق الضرر الذي لحق بمؤسسات الأمة وثرواتها"، ويشير في الوقت ذاته إلى حدة أزمة الثقة القائمة بين الحاكم والمحكوم، معتبراً أن زوال هذه الأزمة شرط أساسي لبناء الجزائر الجديدة التي لن يكون فيها أحد محمياً بحصانته ونفوذه.

كما أوضح الوزير الأول عبدالعزيز جراد أن مشروع تعديل الدستور يمثل تصالح الجزائر مع ذاتها وتاريخها، وإعادة البلاد إلى المسار الصحيح عقب ما عرفته من انحرافات خلال السنوات الأخيرة، في حين رأى رئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة، أن وضع البلاد على السكة الصحيحة يستوجب تحديد الأولويات، والتي تكمن في المرحلة الحاسمة التي تمر بها البلاد والمتمثلة في التعديل الدستوري.

الدستور هو أرضية بناء المؤسسات

تصريحات جعلت همسات الشارع الجزائري تتساءل، هل الدستور الجديد هو المنقذ؟ وهل الشعب سيستيقظ يوم الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على صفر مشكلات؟

يرى عضو مجلس الأمة عبدالوهاب بن زعيم، أنه "قبل تشييد أي بناء وجب إجراء دراسة هندسية وترابية ووضع التصاميم واختيار الموقع المناسب ومعرفة وقت الإنجاز وكلفته، ومن هذا المبدأ أعتقد أنه لا يمكن الانطلاق في إقامة مؤسسات جمهورية منتخبة من دون أرضية صلبة ينطلق منها البناء المؤسساتي". وقال إن الدستور هو هذه الأرضية التي يعتمد عليها في بناء المؤسسات، ثم الانطلاق في الإصلاحات المطلوبة سواء كانت اقتصادية أم سياسية أم اجتماعية، مشيراً إلى أن ذلك لن يتأتى إلا بمؤسسات شرعية منتخبة يختارها الشعب بعيداً من كل ضغط خارجي أو داخلي. وأردف أنه "حينما يختار الشعب حكامه بقوانين وبرامج واضحة، حينها فقط نستطيع التقدم شيئاً فشيئاً نحو التطور والازدهار والرقي".

التنمية تلقى حلاً لها في الدستور الجديد

وبينما ارتكزت تدخلات منشطي الحملة الاستفتائية من معارضة وموالاة وسلطة، على مواضيع الهوية والحريات والسياسة، الأمر الذي أسهم في ضعف التجاوب الشعبي، خرج مستشار الرئيس المكلف بالشؤون الاقتصادية والمالية عبدالعزيز خلاف، ليؤكد أن القضايا المتعلقة بالتنمية "ستلقى حلاً لها في الدستور الجديد"، موضحاً أن كثيراً من القضايا الغامضة أو تلك التي تنحصر ضمن "مركزية مفرطة"، وُجدت لها الحلول في مشروع التعديل الدستوري المعروض للتصويت، كاشفاً أن ذلك سيفتح صفحة جديدة على التنمية الاقتصادية في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وطمأن مستشار الرئيس إلى أن "الحكومة تولي اهتماماً خاصاً بقضية العقار بصفة عامة، سواء تعلق الأمر بالعقار الصناعي أو الفلاحي أو الموجه للبناء"، مؤكداً أن "العمل جار لإيجاد حلول للمشكلات المطروحة في هذا الشأن". وفي ما يخص تمويل المشاريع والاستثمارات من قبل المؤسسات المصرفية، أعلن أن الحكومة تسعى حالياً لفتح القنوات التي تسمح بجمع الإدخار الموجود محلياً، على غرار الأساليب التمويلية الإسلامية التي اعتمدها البنك الوطني الجزائري، وستلتحق البنوك الأخرى بها بهدف جمع الإدخار غير المستغل اقتصادياً حتى تتمكن المصارف من توظيف هذه الأموال لمصلحة المستثمرين.

العودة الحقيقية إلى الشعب

في السياق نفسه، يوضح أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بريك الله حبيب، أن الحديث عن التعديل الدستوري هو العودة الحقيقية إلى الشعب الجزائري ليعبّر عن قناعته بكل حرية وسيادة وأريحية، وهو ما يؤسس لبناء وتشييد صرح الجزائر الجديدة، التي أساسها السيادة والتجسيد الحقيقي للعدالة الاجتماعية، لافتاً إلى أن مواد الدستور كلها وجدت لتحرر العقول والأفكار، وتضمن الحقوق والحريات في ممارسة ديمقراطية تعددية تشاركية يشارك فيها الجميع. وختم أنه "ليس لدينا أدنى شك في أن كل الهواجس والعراقيل والمحاولات المغرضة من داخل البلاد وخارجها، والتي تحاول أن تقف في طريق استمرار بناء وتشييد دولة الحق والقانون، ستزول وتختفي بعد أن تكتمل فرحة الشعب الجزائري بممارسة حقه في الاستفتاء".

تحولات اجتماعية عميقة

ويؤكد مشروع تعديل الدستور في ديباجته على حرص الشعب الجزائري على ترجمة طموحاته من خلال إحداث "تحولات اجتماعية عميقة لبناء جزائر جديدة، عبر عنها سلمياً منذ الحركة الشعبية التي انطلقت في 22 فبراير (شباط) 2019 في تلاحم تام مع جيشه"، مشدداً على أن الشعب الجزائري "ناضل ويناضل دوماً في سبيل الحرية والديمقراطية، وهو متمسك بسيادته واستقلاله الوطنيين، ويعتزم أن يبني بهذا الدستور مؤسسات أساسها مشاركة كل جزائري وجزائرية في تسيير الشؤون العمومية، والقدرة على تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة، وضمان الحرية لكل فرد في إطار دولة ديمقراطية وجمهورية، ويتطلع أن يكون الدستور الإطار الملائم لتعزيز الروابط وضمان الحريات الديمقراطية للمواطن".

وفيما تُبرز الديباجة تمسك الشعب بخياراته من أجل الحد من الفوارق الاجتماعية، والقضاء على أوجه التفاوت الجهوي، والعمل على بناء اقتصاد منتج وتنافسي في إطار التنمية المستدامة، فإنها تنوّه بالطاقة الهائلة التي يشكلها الشباب الجزائري، وبتطلعاته وإصراره على رفع التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للبلاد، وأنه "أصبح من الضروري إشراكه في بناء ذلك، والمحافظة على مصالح الأجيال القادمة، وضمان تربية نوعية له تتولاها كل من الأسرة والمدرسة".

المزيد من متابعات