اعتبر محمد موسوي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المحاور الرئيسي للسلطات الفرنسية العامة، اليوم الإثنين أن المسلمين "ليسوا مضطهدين" في فرنسا، في وقت تتكثّف التظاهرات، والدعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية في الشرق الأوسط. وقال موسوي لوكالة الصحافة الفرنسية إن "فرنسا دولة كبيرة والمواطنين المسلمين ليسوا مضطهدين، يبنون مساجدهم بحريّة ويمارسون ديانتهم بحريّة".
وأضاف "ندرك أن مروّجي هذه الحملات يقولون إنهم يدافعون عن الإسلام ومسلمي فرنسا، ندعوهم إلى التحلي بالحكمة (...) كل حملات التشهير بحق فرنسا تأتي بنتائج عكسية وتتسبب بالانقسام"، داعياً المسلمين إلى "الدفاع عن مصالح البلد" في مواجهة الدعوة لمقاطعة المنتجات الفرنسية.
وفي ما يخصّ الرسوم الكاريكاتيرية، أوضح رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أن القانون "لا يجبر على الاشادة بهذه الرسوم، إنما يعطي الحق في كرهها". وقال إنه يدعم موقف الرئيس الفرنسي الذي وفق قوله "يدعو إلى عدم التخلي عن الرسوم الكاريكاتيرية، كافة الرسوم الكاريكاتيرية، تحت ضغط إرهابيين".
وبينما من المنتظر عقد اجتماع بين ماكرون والمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بعد اليوم في قصر الإليزيه، أطلقت الشرطة الفرنسية تحذيراً حول تهديد "إرهابي" عالي المستوى.
من جهته واصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتقاده لماكرون اليوم الإثنين، ودعا الأتراك إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية، متّهماً نظيره الفرنسي بشنّ "حملة كراهية" ضد المسلمين، في تصريحات جديدة تهدّد بتأجيج التوتر بين أنقرة وباريس.
وقال أردوغان في خطاب عنيف في أنقرة، "كما يقول البعض في فرنسا "لا تشتروا العلامات التجارية التركية"، أتوجه هنا إلى أمّتي: لا تولوا اهتماماً للعلامات التجارية الفرنسية، لا تشتروها". ولم يُعرف عن أي دعوات لمقاطعة المنتجات التركية تحدّث أردوغان، إذ إن باريس لم تقل شيئاً بشكل علني في هذا الاتجاه.
وتأتي تصريحات أردوغان في ظل أجواء توتر شديد بين تركيا وفرنسا، الحليفتين في حلف شمال الأطلسي اللتين تدهورت علاقاتهما جراء خلافات حول سوريا وليبيا وشرق المتوسط.
ميركل تساند ماكرون
ألمانيا لم تتأخر بالرد على أردوغان، إذ نددت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بهجمات الرئيس التركي على نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقال المتحدث باسم ميركل شتيفن زايبرت "إنها تصريحات تشهيرية وغير مقبولة إطلاقاً"، خصوصاً في سياق "القتل المروّع للأستاذ الفرنسي صامويل باتي من جانب متعصب إسلامي". كذلك في وقت لاحق ندّد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي بتصريحات "غير مقبولة" من جانب الرئيس التركي، وكتب كونتي في تغريدة باللغة الفرنسية "التصريحات التي وجّهها الرئيس إردوغان إلى الرئيس ماكرون غير مقبولة".
وتعالت أصوات في فرنسا اليوم ضد الدعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية والتظاهرات في عدد من دول الشرق الأوسط، مؤكدة تمسك فرنسا بمبدأ الحرية في نشر الرسوم الكاريكاتيرية.
وقال جوفروا رو-دي-بيزيو، رئيس أبرز نقابات أصحاب العمل "ميديف"، "لن نرضخ للابتزاز"، داعياً الشركات الفرنسية إلى تفضيل "مبادئها" على الأعمال.
تصريحات ماكرون أدلى بها، خلال مراسم تكريم المدرس صامويل باتي الذي قتل في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على يد شاب روسي شيشاني.
محاولة التهدئة
وفي محاولة لاحتواء الموقف، دعت وزيرة الثقافة الفرنسية روزلين باشلو إلى "التهدئة"، موضحة أن فرنسا لا تُعادي "مسلمي فرنسا"، بل تحارب "الإسلام المتطرف والإرهاب". وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان أمس الأحد أن "الدعوات الى المقاطعة (المنتجات) عبثية ويجب أن تتوقف فوراً، وكذلك كل الهجمات التي تتعرض إليها بلادنا والتي تقف وراءها أقلية راديكالية".
وكتب ماكرون بعد فترة وجيزة في تغريدة "الحرية، نحن نعتز بها؛ المساواة، نحن نضمنها؛ الأخوة، نعيشها بقوة. لا شيء سيجعلنا نتراجع أبداً".
غضب عربي وإسلامي
كما تصاعد الغضب في الأردن حيث أظهرت مقاطع فيديو نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي رفوف متاجر خالية من السلع الفرنسية، أو استبدالت بمنتجات من دول أخرى.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وسم #مقاطعة_فرنسا أو "#نبينا_خط_أحمر.
وبعث رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق إلى السفيرة الفرنسية في الأردن، رسالة يطلب فيها من إيمانويل ماكرون تقديم اعتذار فوري.
كما انطلقت دعوات للتظاهر اليوم في قطاع غزة والثلاثاء في عمان.
وحصلت في اليومين الأخيرين تجمعات احتجاجية في تونس، وفي بعض المناطق السورية.
وفي باكستان، اتهم رئيس الوزراء عمران خان ماكرون بـ "مهاجمة الإسلام". ودانت وزارة الخارجية المغربية من جهتها "بشدة استمرار نشر الرسوم المسيئة للإسلام والنبي".
ونددت حركة طالبان بـ "تصريحات الرئيس الفرنسي" في بيان ووصفتها بـ "الجاهلة والمعادية للإسلام".
وقد تتضرر شركات الأغذية والسلع الفاخرة ومستحضرات التجميل بشكل خاص بهذه المقاطعة في بلدان المغرب العربي والخليج والشرق الأدنى والشرق الأوسط.
وردا على سؤال حول احتمال المقاطعة المتبادلة، رفض جوفروا رو-دي-بيزيو النظر في الأمر.
وقال "لا نرد على الغباء بالغباء (...) لا ننوي مقاطعة أحد، إنها مسألة تتعلق بالتمسك بقيم الجمهورية"، مضيفاً أن المقاطعة في الوقت الحالي "محدودة نوعا ما". واستدعت باكستان السفير الفرنسي في إسلام اباد اليوم في أحدث تعبير عن الغضب في العالم الإسلامي من عرض الرسوم الكاريكاتيرية. وفي بنغلادش، رفع المتظاهرون لافتات عليها رسم كاريكاتيري للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتحته عبارة "ماكرون عدو السلام". وأعلن اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بالكويت مقاطعة المنتجات الفرنسية، وقال رئيسه فهد الكشتي لرويترز "تم رفع جميع المنتجات الفرنسية من جميع الجمعيات".