Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأطراف الليبية تستعيد ذاكرة الخلاف بعد أيام من التفاؤل

أعلنت البعثة الأممية بدء حوار تمهيدي وسط جدل واسع بشأن قائمة المشاركين

يشكك مراقبون في ما ستفضي إليه الحوارات بين الأفرقاء الليبيين (رويترز)

قبل أن يجف الحبر الذي وقعت به الأطراف الليبية على اتفاق وصف بـ"التاريخي" لوقف دائم لإطلاق النار، بدأ بعضها التراجع عن نصوص واضحة فيه، والتهرب من تعهداته في شأنها. ما دفع مراقبين إلى التشكيك في ما ستفضي إليه الحوارات بين الأفرقاء الليبيين.

فبعدما عبرت تركيا صراحة عن رفضها الخروج من ليبيا في وقت قريب، بحسب ما ينص اتفاق جنيف، قال رئيس مجلس الدولة الليبي، في طرابلس، عضو جماعة الإخوان المسلمين، خالد المشري، إن اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في العاصمة السويسرية لا يشمل الحليف التركي، وإن اتفاقيات أنقرة الأمنية والاقتصادية مع سلطات طرابلس لا يمكن المساس بها.

نكوص في طرابلس يغضب بنغازي

وقد أثار المشري جدلاً واسعاً في البلاد، بعدما أعلن أن اتفاق وقف إطلاق النار وبنوده المتعلقة بخروج القوات الأجنبية من ليبيا، لا يشمل تركيا.

وأوضح المشري، في بيان عبر الموقع الرسمي للمجلس، أن "هذا الاتفاق لا يشمل ما أبرمته حكومة الوفاق من اتفاقات مع الدولة التركية"، مشدداً على أن "الاتفاق لا يعني بأي شكل من الأشكال، اعترافاً صريحاً أو ضمنياً بشرعية الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر".

هذا النكوص الصريح في المواقف أثار موجةً من الغضب في معسكر الشرق الليبي وعاصمته بنغازي، حيث اعتُبر مراوغة صريحة ومحاولة التفاف من جماعة الإخوان المسلمين، الموالية لتركيا، لإبقاء هذه الأخيرة في ليبيا، ودليلاً جديداً على كونها عقدة العقد في المشهد الليبي والمسار التفاوضي والأزمة برمتها.

ورداً على تصريحات المشري، أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء أحمد المسماري، أن "اتفاق جنيف (5+5) واضح في حسم خروج المرتزقة الأجانب وتفكيك الميليشيات ومحاربة الإرهاب في ليبيا".

وتابع، "هناك ثلاث نقاط رئيسة لا يمكن النقاش فيها، وحتى الأمم المتحدة مقتنعة بذلك، وهي محاربة الإرهاب، ومعالجة ملف الميليشيات، وخروج الأجانب من الأراضي الليبية".

الأذرع العسكرية

الحديث المثير للجدل عن استثناء تركيا من اتفاق جنيف، لم يأت من الجناح السياسي لسلطات العاصمة الليبية فحسب، بل أكدته أذرعها العسكرية، ما يشكل تهديداً حقيقياً للتفاهمات المنجزة في الأسابيع الماضية وعودة الأزمة إلى نقطة الصفر.

وكتب وزير الدفاع المفوض في حكومة الوفاق، صلاح الدين النمروش، في تغريدة على تويتر، أن "توقيع الاتفاق المبدئي للجنتي (5+5)، لا يشمل اتفاقية التعاون العسكري مع دولة تركيا، حليف الحكومة الشرعية".

وأضاف، "اتفاقيات التدريب الأمني والعسكري يجب أن يتم التركيز عليها، اليوم أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً إذا تم الالتزام بوقف إطلاق النار وإحلال السلام في ليبيا".

البحث عن مسار بديل

"دليل جديد على ارتهان قرار الكتلة الأكبر والأبرز في طرابلس لتركيا"، هكذا يصف الصحافي الليبي خالد طلوبة، المواقف المخالفة لما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار الموقع  في جنيف، بالتزامن من أطراف سياسية وعسكرية من العاصمة.

ويعتبر طلوبة أن "هذه المواقف تظهر من جديد الحاجة إلى مسار آخر، غير المسار الذي تقوده البعثة الأممية في ليبيا. ربما أقرب إلى الواقعية الذهاب مباشرة إلى الانتخابات وحل الكيانات الحالية، مع موقف واضح وصريح ورادع للتدخلات الأجنبية".

ويصف طلوبة التصريحات الصادرة من طرابلس بـ"الضربة الحقيقية للتفاهمات، التي توصلت إليها أطراف النزاع، وهي تأكيد على أن انفصال السلطات العاصمة الحالية عن تأثير تركيا وتوجيهات رجب طيب أردوغان، حلم بعيد المنال".

جولة تمهيدية للمسار السياسي

وأعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، انطلاق المشاورات السياسية بين الأفرقاء الليبيين الاثنين عبر الدائرة المغلقة، تمهيداً لملتقى الحوار السياسي الليبي المباشر، مطلع الشهر المقبل في العاصمة التونسية.

وجاء هذا الإعلان بعد ساعات من نشر البعثة 75 اسماً، للأعضاء الذين سيشاركون في الحوار الذي تستضيفه تونس. ما أثار حملة واسعة من الانتقادات، إذ تركزت على الأسماء التي وصفتها مصادر ليبية متطابقة بأنها مشكّلة من أغلبية واضحة لتيارات الإسلام السياسي في ليبيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في حين اعتبرت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، في بيان، أن "اختيار المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي، تم بناءً على مبادئ الشمولية والتمثيل الجغرافي والسياسي والقبلي والاجتماعي العادل".

ولفتت إلى أن "هذه المجموعة تضم ممثلين عن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بالإضافة إلى القوى السياسية الفاعلة، في ظل التزام المشاركة الهادفة للمرأة والشباب والأقليات، وأطياف الشعب الليبي ومكوناته".

هذه المعايير التي كشفت عنها البعثة لاختيار الأسماء التي ستشارك في الحوار السياسي الليبي في تونس، لم تقنع كثيرين في ليبيا، من الطرفين، فقد صدرت بيانات في طرابلس وبنغازي، وتصريحات لشخصيات بارزة في المشهد السياسي، وجهت لها سهام النقد والتشكيك.

احتمالان

وأصدرت كتلتا برقة وفزان النيابيتان، في برلمان طبرق، بيانين منفصلين، انتقدتا فيهما عدم التوازن في التمثيل، بين أقاليم ليبيا الثلاثة، محذرتين من خروجه بنتائج مشابهة لحوارات الصخيرات في المغرب، قبل سنوات، ما يعيد الأزمة إلى المربع الأول.

بينما احتجت جهات عسكرية ومدنية عدة في العاصمة عليه، تتقدمها قوة حماية طرابلس والهيئة الطرابلسية المشكلة من أعيان المدينة، وغرفة عمليات سرت - الجفرة العسكرية، إضافة إلى نشطاء سياسيين وشخصيات عامة في شرق البلاد وغربها. 

ويرى عضو مجلس النواب الليبي سعيد مغيب، أن "منتدى الحوار السياسي الليبي في تونس سيفضي إلى احتمالين لا ثالث لهما، بعدما أعلنت بعثة الأمم المتحدة، الأسماء المشاركة في المنتدى".

والاحتمالان، وفقه، هما، "الأول هو أن مخرجات هذا الحوار جاهزة، بالتالي فإن هؤلاء الأشخاص المدرجة أسماؤهم في الكشف، ما هم إلا كومبارس للتوقيع، بعد حضور المشهد الأخير".

و"الاحتمال الثاني هو أن تتحاور هذه الشخصيات بهذا التمثيل غير المتوازن، ليكون المنتج أسوأ من منتج اتفاق الصخيرات. وفي الاحتمالين، ليس هنالك أي وجود للإرادة الوطنية الحقيقية، ولا مؤشرات أو معطيات لعودة السيادة الليبية قريباً، والخاسر الوحيد هو المواطن".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي